وجاء في نص البيان الختامي مجموعة من المقررات التي تتناول مخالفة إسرائيل للقوانين الدولية، ورفعت توصيات إلى الأمم المتحدة وإلى المحكمة الجنائية الدولية، وكانت المطالبات القانونية أمام مخالفات الجيش الإسرائيلي للقوانين والمواثيق الدولية نفسها على مجمل البيان الختامي للقمتين المشتركتين.

وقد يكون هذا البيان من بين الأهم عالمياً التي صدرت بحق الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن معظم المنظمات الدولية العاملة في الحقول الإنسانية والحقوقية أشارت إلى هذه المخالفات الفاضحة للنظم التي أرساها المجتمع الدولي لقواعد الحروب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ودعت هذه المنظمات المستقلة أو التابعة للأمم المتحدة والبيان الختامي للقمة العربية والإسلامية المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

ماذا خالفت إسرائيل في حرب غزة؟

بحسب تقارير صادرة عن مجموعة من المنظمات الدولية المستقلة كمنظمة "أطباء بلا حدود" و"هيومن رايتس ووتش" أو التابعة للأمم المتحدة كالـ"أونروا" العاملة في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية وفي مخيمات الشتات وبلسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فإن إسرائيل انتهكت في الحرب الدائرة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وقد ترافقت هذه المطالبات مع استنكار الرأي العام العالمي ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، هذه الازدواجية التي تقوض صدقية تطبيق القوانين الدولية وتضع تصرفات الدولة الإسرائيلية فوقه، وتظهر انتقائية تطبيق منظومة القيم الإنسانية، هذا عدا عن أن عملية التهجير التي تطاول مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه تصنف كجريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وملحقها لعام 1977.

وبالطبع فإن قتل المدنيين واستهدافهم وقصف المستشفيات ومراكز الأمم المتحدة ومراكز إيواء النازحين هي نفسها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

يضاف إلى هذه الجرائم المصنفة بحسب القوانين الدولية والإنسانية قضايا الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وإرهاب المستوطنين وجرائمهم في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، عدا الاعتداءات على المسجد الأقصى والمقدسات الدينية في مدينة القدس، بخاصة أن الحكومة الإسرائيلية تخالف الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات والتي تصنف المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 ألف متر مربع كمكان عبادة للمسلمين فقط بحسب المندرجات الأممية المثبتة في هذا الموضوع بأرشيف عصبة الأمم ومن بعدها الأمم المتحدة. 

وأضافت القمة العربية- الإسلامية التي عقدت قبل أسبوع في مدينة الرياض إدانة أفعال وتصريحات الكراهية المتطرفة والعنصرية لوزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بعد صدور تهديد أحد الوزراء باستخدام السلاح النووي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واعتباره هؤلاء الأشخاص فرادى أو كجماعة صاحبة سلطة كخطر على الأمن والسلم الدوليين بعد تأكيد استعمال الفوسفور الأبيض المحرم دولياً في الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، وتكرار التصريحات والتهديدات الإسرائيلية بإعادة لبنان إلى "العصر الحجري".

أما قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالصراع العربي- الإسرائيلي والتي تخالفها إسرائيل فتبدأ من قرارات مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973) و497 (1981) و1515 (2003) و2334 (2016)، وتنص في مجملها على إنهاء احتلال إسرائيل لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة وفق قرار الجمعية العامة الأمم المتحدة رقم 1994 لعام 1948.

المحكمة الجنائية الدولية على الخط

قبل أسبوعين قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال زيارة لمعبر رفح إن عرقلة إمدادات الإغاثة لسكان غزة يشكل جريمة بموجب اختصاص المحكمة. واعتبر المدعي العام أنه يجب ألا يكون هناك أي عوائق أمام وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية للأطفال والنساء والرجال المدنيين. وأعلن خان أن المحكمة تحقق في مجموعة من الوقائع منذ عام 2021، لتصنيفها في حال كانت تدخل في إطار جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية.

وخلال هذه الحرب تقدمت نحو مئة منظمة من المجتمع المدني ونحو 300 محام في فرنسا إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بملف يطالب بفتح تحقيق في شأن "إبادة جماعية" في قطاع غزة خلال الحرب بين إسرائيل و"حماس" منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وطالب موقعو البيان بالنظر في الرد الإسرائيلي على عملية حركة "حماس" من زاوية جريمة إبادة جماعية المنصوص عليها في نظام روما الأساسي الذي أنشئت المحكمة الجنائية الدولية بناء عليه.

وأجاب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان على هذه العريضة الفرنسية بأن تفويضه سيطبق على الجرائم المفترضة التي ارتكبت خلال الحرب الحالية. ولا بد من الإشارة إلى أنه بإمكان أي فرد أو مجموعة من الأشخاص رفع ملف إلى المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، لكن للمحكمة أن تقرر النظر فيه أو عدمه. وفتحت المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت عام 2002 تحقيقاً عام 2021 في جرائم حرب مفترضة بالأراضي الفلسطينية.

الجملة الأكثر شهرة والتي تم تداولها على نطاق واسع حول العالم هي "حتى الحرب لها قواعد" التي قالها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وقد أطلق جملته في اجتماع لمجلس الأمن لبحث الحرب. تلزم اتفاقيات جنيف لعام 1949، إلى جانب اتفاقيات أخرى، وفقاً لخبراء في القانون الدولي جميع الدول والمنظمات المسلحة أيضاً، هذا عدا عن أن مجموعة القوانين المكونة للقانون الإنساني الدولي، تنطوي أيضاً على القوانين التي تحكم سلطة دولة تحتل دولة أخرى، وتنص هذه القوانين على أن دولة الاحتلال، لا تكتسب السيادة على الأراضي المحتلة، وأن سلطة الاحتلال يجب أن تعامل السكان بشكل إنساني، وأن توفر لهم الحاجات الغذائية والرعاية الطبية.

وقد اعتبر مدير البرامج في منظمة "هيومن رايتس ووتش" توم بورتييوس في مداخلة طويلة له حول الحرب في غزة أن "النفاق والمعايير المزدوجة للدول الغربية صارخة وواضحة. وهي تخاطر بتقويض سنوات من العمل المضني الذي قامت به الجماعات الإنسانية والحقوقية، إلى جانب بعض الدول، لتعزيز وتوحيد المعايير المصممة لحماية المدنيين المحاصرين في النزاعات حول العالم

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الأراضی الفلسطینیة الأمم المتحدة للأمم المتحدة المدعی العام مجموعة من قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مهاجرون إثيوبيون يتهمون حرس الحدود السعودي بارتكاب انتهاكات مروعة

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا يتضمن شهادات لمهاجرين إثيوبيين اتهموا قوات حرس الحدود السعودي بإطلاق النار عليهم عشوائيا أثناء محاولتهم عبور الحدود اليمنية إلى السعودية، إضافة إلى تعرض بعض النساء للاغتصاب ورؤيتهم جثثا متحللة.

ونقلت الصحيفة عن مهاجرين إثيوبيين قولهم إنهم تعرضوا لإطلاق نار من قبل حرس الحدود السعودي أثناء محاولتهم العبور إلى محافظة نجران السعودية بين عامي 2019 و2024.

وتحدث أحد المهاجرين قائلا "رأيت شخصيا ثلاثة أشخاص يموتون بجانبي. لقد فجرت النيران السعودية إحدى ساقي، وكانت هناك أشلاء من الجرحى والقتلى من حولي".


وقال مهاجر آخر إنه أصيب بشظايا في ساقه وظهره، بينما زعم ثالث أنه شهد "اغتصاب ثلاث نساء إثيوبيات من قبل رجال يرتدون زي حرس الحدود السعودي".

وأضاف مهاجرون آخرون أنهم تعرضوا للضرب والاعتداء الجنسي أثناء محاولتهم العبور إلى الأراضي السعودية.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنها لم تتمكن من الحصول على تعليق من السلطات السعودية بشأن هذه الادعاءات.

ونقل التقرير شهادة أحد الناجين، الذي حاول العبور إلى السعودية في كانون الثاني /يناير 2023، حيث قال "كانت الرحلة مرعبة بشكل خاص. على طول الطريق، واجهنا العديد من الجثث المتحللة التي أكلتها الحيوانات. واصل حرس الحدود إطلاق النار علينا بينما كنا نسير عبر تضاريس غادرة".

وأضاف أن الرصاص أصاب امرأتين شابتين، مردفا "أصيبت إحداهما في الصدر، والأخرى في مؤخرة رقبتها. ماتت الفتاتان على الفور. سقط العديد من المهاجرين من على جرف أثناء محاولتهم الفرار، بينما تم القبض على آخرين أو أصيبوا بطلقات نارية. لا نعرف ما إذا كانت الفتاتان قد دُفنتا على الإطلاق".

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنها لم تتمكن من الحصول على تعليق من السلطات السعودية بشأن هذه الادعاءات.

وبحسب التقرير، فإن المملكة العربية السعودية تستضيف حوالي 750 ألف مهاجر إثيوبي، أكثر من نصفهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني.


ويوضح التقرير هؤلاء المهاجرين يتحملون "رحلات صحراوية محفوفة بالمخاطر وعبور البحر والانتهاكات المتفشية من قبل مهربي البشر والعصابات المسلحة والجماعات المتمردة اليمنية، قبل أن يصلوا إلى الحدود السعودية".

وذكرت الصحيفة البريطانية  أن السلطات السعودية شنت في السنوات الأخيرة عمليات أمنية واسعة لاحتجاز عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين وترحيلهم إلى إثيوبيا، لافتى إلى  أن "المملكة تتعرض لتدقيق متزايد بشأن ظروف العمال المهاجرين، خاصة مع اقتراب استضافتها لكأس العالم 2034 وبناء 11 ملعبا جديدا".

ونقلت الصحيفة شهادة لمهاجر إثيوبي تمكن من دخول السعودية بعد أربع محاولات، قال فيها "لا أستطيع أن أقول إنني أعيش حقا، لأنه في أي لحظة، قد تأتي السلطات السعودية وتعتقلني أو حتى تقتلني. لا أستطيع النوم بسلام. أعيش في خوف دائم".


وأشارت "الغارديان" إلى أن الشهادات التي جمعتها تعكس ما ورد في تقرير نشرته "هيومن رايتس ووتش" آب /أغسطس عام 2023، وخلص إلى أن "حرس الحدود السعوديين قتلوا مئات المهاجرين الإثيوبيين وطالبي اللجوء" على الحدود الجنوبية مع اليمن، وذلك بين آذار /مارس 2022 وحزيران /يونيو 2023.

آنذاك، نفت السلطات السعودية في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "واس" صحة ما أورده تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" بشأن الانتهاكات بحق المهاجرين الإثيوبيين.

وقال مصدر مسؤول في السعودية لـ"واس"، إن ما ورد في التقرير من معلومات "لا أساس لها من الصحة وتستند إلى مصادر غير موثوقة".

واستنكر المصدر، حسب الوكالة، ما سماه "إثارة بعض المنظمات ادعاءات كاذبة عن المملكة"، معتبرا أن ذلك يندرج في سياق "حملات إعلامية مغرضة يتم إثارتها بشكل متكرر لأهداف وغايات مشبوهة".

مقالات مشابهة

  • تحرك عربي جديد ضد إسرائيل أمام الجنائية الدولية
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • نزعة إسرائيل التوسعية تضع دول الإقليم على المحك
  • بِحُجة الظلم الذي تتعرض له إسرائيل .. تل أبيب وواشنطن تدرسان رسميًا الانسحاب من محكمة العدل الدولية
  • دولة الاحتلال وأمريكا تدرسان الانسحاب من الجنائية الدولية
  • قطر تقدم مذكرة لمحكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل
  • «التعاون الإسلامي» تقدم مرافعة للعدل الدولية حول عدم التزام إسرائيل تجاه المنظمات الأممية
  • مهاجرون إثيوبيون يتهمون حرس الحدود السعودي بارتكاب انتهاكات مروعة
  • الجنائية الدولية ترفع اسم الضيف من قائمة الملاحقين بعد التأكد من استشهاده