تدرُّج في السياسات والقرارات.. ومواصلة تحفيز النمو الاقتصادي
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
◄ جلالة السلطان: لن نتوانى عن تحقيق أهداف وتطلعات "عُمان 2040"
◄ نُشيد بنضج تجربة مجلس عُمان وتكاملها مع أجهزة الدولة تعزيزًا لفاعلية العمل الوطني
◄ جلالته لأعضاء مجلس عُمان: كونوا على قدر المسؤولية واضعين مصلحة البلاد نصب أعينكم
◄ دور أساسي لأبناء عُمان فيما تحقق من إنجازات متواصلة في مسار التنمية الشاملة
◄ حققنا نتائج طيبة اجتماعيًا واقتصاديًا رغم تحديات الاقتصاد العالمي وانعكاساتها السلبية علينا
◄ أثر بالغ لخطة الاستدامة المالية في المحافظة على المركز المالي للبلاد
◄ نؤكد عزمنا على الاستمرار في بذل المزيد من الجهود لتنويع مصادر الدخل الوطني
◄ نظام الحماية الاجتماعية شامل لكافة فئات المجتمع لينعم الجميع بالعيش الكريم
◄ إعادة هيكلة الجهاز الإداري أسهمت في زيادة فاعلية الأداء الحكومي وكفاءته
◄ تطوير مرفق القضاء لتحقيق العدالة الناجزة بكفاءة واقتدار
◄ تنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهج أسسنا قواعده
◄ اختصاصات وأدوار عديدة للمجالس البلدية لتحقيق رفاهية المواطنين
◄ عاقدون العزم على توسيع نطاق اللامركزية وتكريس دور المجتمع المحلي في التنمية
◄ ضرورة التصدي للتأثيرات غير المقبولة على المنظومة الأخلاقية والثقافية للمجتمع
◄ أهمية ترسيخ الهوية الوطنية والقيم والمبادئ الأصيلة والاهتمام بالأسرة
◄ نؤكد ربط مناهج التعليم بمتطلبات النمو الاقتصادي والانفتاح على الآفاق الرحبة للعلوم والمعارف
◄ عازمون على جعل الاقتصاد الرقمي أولويةً ورافدًا للاقتصاد الوطني
◄ توجيهات سامية بضرورة إعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطينها
◄ تسريع إجراءات قطاع الطاقة المتجددة ووضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لنموه
◄ نتابع بكل أسى ما يتعرض له الأشقاء في فلسطين المحتلة من عدوانٍ إسرائيلي غاشمٍ
◄ ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية
◄ شكر وتقدير للقطاعات المدنية والعسكرية والأمنية في الدولة
.المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أهل الشمال بين الدور الوطني والاتهامات الجائرة
دراسة تحليلية على ضوء توثيق د. حياة عبد الملك
مقدمة:
في ظل الانهيار الوطني الشامل، تتصاعد أصوات تُحمّل أهل الشمال مسؤولية فشل الدولة السودانية، وتتهمهم بالهيمنة على السلطة والثروة، وكأنهم ظلوا وحدهم يحكمون السودان منذ الاستقلال. هذا الخطاب العاطفي، المحمّل بالكراهية والتعميم، يتغافل عن حقائق موضوعية موثقة، من أبرزها ما سجلته الدكتورة حياة عبد الملك في أبحاثها، التي كشفت الدور الجوهري لأبناء الشمال في تأسيس مؤسسات الدولة، والظروف التاريخية التي أفرزت تفاوتات في التعليم والوظائف، كما وثّقت الصدام بين مفاهيم الدولة الحديثة وبين الذهنية القبلية التي ترى الأرض حقاً قبلياً لا عاماً.
أولاً: دور أبناء الشمال في بناء الدولة السودانية
منذ الحقبة الاستعمارية، وُجد أبناء الشمال في تماس مباشر مع أدوات الحكم والإدارة، لا بحكم الامتياز بل بسبب القرب الجغرافي من المركز. نالوا القدر الأكبر من التعليم ولكنهم لم يتقوقعوا في مناطقهم ولا المركز، بل انطلقوا إلى جميع أقاليم السودان – خاصة دارفور وكردفان والجنوب – موظفين في جهاز الدولة: معلمين، أطباء بيطريين وبشريين، مهندسين، قضاة، ضباطاً إداريين، زراعيين ومهنيين في كل القطاعات. قدموا الخدمات في ظروف قاسية وبعيداً عن أسرهم ومجتمعاتهم، بدوافع وطنية لا سلطوية، وبمرتبات تكفل العيش الكفاف، ولم يحصوا على أي إمتيازات خاصة، من سكان تلك المناطق، بل كانوا نموذجاً لنكران الذات في سبيل بناء دولة حديثة تسع الجميع وتحيل الثروات الطبيعة لرخاء ونعيم.
ثانيًا: فشل الدولة السودانية والتصادم مع التعدد
لم يكن فشل الدولة نتاج فساد فقط، بل نتيجة غياب مشروع وطني جامع يعترف بالتنوع، ويؤسس لوحدة طوعية. لقد حاولت النخب فرض مركزية سلطوية، على نمط بريطانيا، على مجتمعات لا تزال تقيس الشرعية بمدى الالتزام بالانتماء القبلي، فكانت النتيجة فقدان الثقة وتمدد الفوضى. الدولة لم تدمج هذه المجتمعات، وهي مجتمعات، حتى هذه اللحظة، لا تعترف بجدوى الولاء القومي.
ثالثاً: العشوائيات كنتاج للقطيعة بين الدولة والمجتمع
توثّق أبحاث د. حياة أن مفاهيم مثل “ملكية الدولة للأرض” لم تجد طريقها إلى الوعي الجمعي في مجتمعات تعيش على إرث تقليدي قبلي، خاصة في دارفور، حيث زعماء القبائل هم يملكون الأرض، يمنحون ويحرمون كيفما يشاؤون، وبسبب غياب الاعتراف بهذه الملكية للدولة المدنية، حُرم كثيرون، من مواطني دارفور على وجه الخصوص، من التملك وفرص العيش الكريم، ولم يكن أمامهم سوى العمل بالسخرة أو نزوحهم للمدن الكبرى، في الشريط النيلي وخاصة العاصمة حيث أقاموا في أطرافها، ليصبحوا عالة على نظام خدمي هش. الدولة لا تستطيع أن تقدم خدمات لمجتمعات لا تدفع الضرائب، ولذا لن يكون لها وجود في سجلات الصحة والتعليم. وهكذا نشأت أحياء هشة، خارج السيطرة، بيئات خصبة للجريمة والتطرف، والإستقطاب للحروب تحت ذريعة الظلم والتهميش ومع ذلك يُحمّل سكان تلك المدن، وهم أهل الشمال تلك المسؤولية!
رابعاً: الهجوم على قبائل الشمال
تشويه متعمد للتاريخ
الدناقلة، المحس، الحلفاويون، السكوت الجعليون، الشايقية هي قبائل أصبحت تتعرض لحملات منظمة من التشكيك والتشويه. لكن التاريخ يشهد بأنهم كانوا في طليعة مناضلي الاستقلال، ورواد الخدمة المدنية، وروح الثورات. اتهموهم بالهيمنة، ونسوا أنهم كافحوا وتعلموا ليس من أجل مجتمعاتهم فقط بل الهجرة من اقصى الشمال ليخدموا في أقصى الجنوب، وبهذا لا يعقل أن نسميهم مستعمرين بل وطنيين حتى النخاع.
خامساً: أبناء الشمال والتعليم، رهانات لا امتيازات
لم يكن التعليم حكراً على أحد، لكن أهل الشمال آمنوا به، وضحوا من أجله، راهنوا عليه كمصعد اجتماعي ولم يرثوه جاهزًا. واليوم، أصبح ما كان بالأمس تضحية، يُقدَّم على أنه جريمة امتياز وهيمنة.
سادساً: نحو حل عادل
تفكيك المركزية وإعادة هيكلة الدولة
المركزية فشلت.
والمطلوب الآن نموذج كونفدرالي مرن يمنح كل إقليم سلطة ذاتية، ويقرّ بحق تقرير المصير، ولكن داخل عقد أخلاقي ووحدوي. العودة إلى الأصول، وعودة كل مكون إلى موطنه، هو الخيار الأمثل لتحقيق الاستقرار، وتعزيز الثقة، وإنهاء حالة الاستقطاب والعداء.
خاتمة:
الخطاب الذي يُحمّل الشمال كل أوجاع السودان، هو خطاب ظلامي إرهابي لن يعيد الحقوق ويضمن العدالة ولن يبني وطناً. آن الأوان لعقد اجتماعي جديد، قوامه الشراكة والاعتراف والعدالة، لا الدماء والكراهية. من حلفا إلى الفاشر، ومن بورتسودان إلى الجبلين، يمكن أن ينشأ سودان جديد، كونفدرالي، يعترف بالتنوع ويحتفي بالاختلاف، ويضمن الحقوق للجميع، بشرط أن يرضى الجميع بالعودة لأصولهم، والتحرر من أحقاد الماضي.
المرجع:
أبحاث ومقالات الدكتورة حياة عبد الملك حول موظفي الشمال، وتاريخ الخدمة المدنية، وسوسيولوجيا العلاقة بين الدولة والقبيلة في السودان.
٦ أبريل ٢٠٢٥
sfmtaha@msn.com