خبراء: الخطاب السامي يُضيء معالم المسارات الاقتصادية المستقبلية.. و"الرقمنة" و"التنويع" بالصدارة
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
◄ أدهم بن تركي: الاهتمام السامي بالاقتصاد الرقمي يخدم خطط وأهداف "التنويع" والنمو
◄ الوردي: جلالة السلطان يُولي حرصًا كبيرًا ومتابعة حثيثة لمختلف مناحي الحياة
◄ الشيذاني: النظرة الشمولية لقطاع الطاقة المتجددة تسهم في توسعة القاعدة الصناعية
الرؤية- مريم البادية
أجمع خبراء اقتصاديون على أن الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي تفضل بإلقائه بمناسبة افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عمان، يُضيء معالم المسارات الاقتصادية المستقبلية، مشيرين إلى أن التحول الرقمي ومواصلة تعزيز التنويع الاقتصادي وتوظيف التقنيات الحديثة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تندرج ضمن قائمة الأولويات الوطنية الاقتصادية خلال المرحلة المُقبلة من مسيرة النهضة المتجددة.
وقال صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد أستاذ مساعد في الاقتصاد بجامعة السلطان قابوس إن الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تضمن ركائز ومضامين جمعت بين الجوانب التشريعية والنظام الأساسي للدولة، والتوجهات الاقتصادية ومساعي تنفيذ رؤية "عُمان 2040"، مع التعريج على التعليم والصحة وغيرها من القطاعات الفاعلة في مسيرة التنمية.
وأضاف سُّموه- في تصريح خاص لـ"الرؤية"- أن الخطاب السامي اشتمل على عدد من الجوانب وارتياح جلالته لما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من دورة مجلس عُمان والتطورات الأخيرة التي قامت بها السلطنة في مجال تدعيم الموازنة العامة للدولة، والتوازن المالي والجوانب الاجتماعية وإطلاق منظومة الحماية الاجتماعية، وتطوير عدد من الجوانب الاقتصادية والاستمرار في مسيرة تنويع مصادر الدخل والتنويع الاقتصادي. وأشار إلى أن جلالته- أيده الله- تفضل وذكر الاهتمام باللامركزية، وإدارة المحافظات والمجالس البلدية، وتحفيز جلالته لهذه المجالس للعمل بصورة أفضل، وكذلك مجلس عُمان بالأخذ بالمساحات الواسعة التي طرحها القانون للعمل الوطني والتشابك بين هذه المجالس في مختلف أدوارها.
الاقتصاد الرقمي
وأضاف سُّموه أن جلالته ربط في خطابه السامي بين الاقتصاد الرقمي والإبداع والذكاء الاصطناعي وإطلاق البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي؛ لتكون ركائز رئيسية تعتمد عليها السلطنة في المرحلة المقبلة لتعزيز دور التكنولوجيا والتصنيع في تطوير الأعمال. وأوضح أن جلالته شدَّد على أهمية التركيز على المؤسسات التعليمية والبحثية لكونها معززةً لهذه الجوانب، من خلال التعريف بهذه الأدوات التكنولوجية وكيفية استخدامها بشكل أخلاقي ومهني، والاستفادة منها. ويمضي سموه قائلًا إن ذكر المناهج والنمو الاقتصادي في الخطاب السامي يترجم حرص جلالته على تطوير سوق العمل وكذلك القطاعات الإنتاجية والخدمية والسلعية؛ حيث ركّز الخطاب السامي على البحث العلمي كركيزة مهمة جدًا في التعامل مع المُعطيات الحالية والمستقبلية، واستخدام هذا التفكير في الابتكار والإبداع، من منطلق أن الابتكار والإبداع يواكبان حاجة النمو الاقتصادي.
وأشار سموه إلى أن التحول الرقمي الذي تنفذه الحكومة والقطاع الخاص وكذلك الأفراد، يعني تغيير طريقة تعاملنا مع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، فمن الضروري أن يكون الاقتصاد الرقمي موازيًا لما يحدث على أرض الواقع، باعتباره أداة مُمَكِّنة ويفتح فرصًا جديدة ويطرح منتجات جديدة قابلة للابتكار والتطوير والمنافسة، والاتساع خارج رقعة الوطن، لتقديم خدمات قادرة على المنافسة، وهو ما يسمح للتوسع والنمو الاقتصادي، وذلك لأن الاقتصاد الرقمي يعتمد كثيرًا على الخدمات.
مُنجزات ومُتغيرات
من جهته، قال المكرم الدكتور محمد الوردي الخبير الاقتصادي، إن الإشادة السامية بالإنجازات التي تحققت في عُمان على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والمالية، تعكس الحرص السامي على متابعة كافة المنجزات والمتغيرات في أنحاء البلاد. وأضاف الوردي- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أن الخطاب السامي رسم معالم التوجهات المستقبلية التي ستسير عليها السلطنة خلال المرحلة المقبلة، وهي مواصلة جهود السلطنة لتنويع مصادر الدخل من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، مما سيشكل عاملًا مهما لدرء أية إشكاليات مستقبلية أمام الدين العام، كما حصل في السابق، والتأكيد على شمولية التنمية في السلطنة؛ لتغطِّي كافة فئات المجتمع من خلال نظام الحماية الاجتماعية، والذي سيبدأ تطبيقه العام المقبل، لتوفير متطلبات العيش الكريم للمجتمع.
وأبرز الوردي الاهتمام السامي بمواصلة جهود إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتي انطلقت منذ عام 2020، والاستمرار في تقييم الأداء والعمل على تبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية؛ مما يُسهم في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأشار الوردي إلى تأكيد جلالته على حرص الدولة على اتباع سياسة التدرج في السياسات والقرارات، ومنها تنمية المحافظات، من خلال تعزيز اللامركزية، بحيث يتم تمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه بطريقة مُتدرِّجة ومتوازية مع السياسات الحكومية العامة، والعمل على تمكين قطاع التعليم ومراكز البحث العلمي من خلال ربط المناهج بمتطلبات النمو الاقتصادي والتركيز على الابداع والتطوير والابتكار، وكذلك إعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطينها وإعداد التشريعات لجعل هذه التقنية ممكنة ورافدة للاقتصاد الوطني لتعزيز وتمكين الاقتصاد الرقمي؛ باعتباره أحد قاطرات النمو الاقتصادي، وكذلك مواصلة الاهتمام بالطاقة المتجددة لتحقيق الحياد الصفري في عام 2050.
ولفت الوردي إلى جانب آخر تطرق إليه جلالة السلطان- أيده الله- والمتمثل في العمل على المحافظة على القيم الأصيلة للأسرة العُمانية؛ بما يتناسب مع السمت العُماني، وصونها من الأفكار الهدّامة الدخيلة على المجتمع.
وقال الوردي إن جلالته استفتح حديثه بالإنجازات المحققة على أرض السلطنة وخصوصا في الجانب الاقتصادي والمالي، لا سيما تقليل الدين العام؛ باعتباره هاجسًا مؤرقًا للجميع. وأوضح أن ارتفاع الدين العام خلال السنوات الماضية، تسبب في تخفيض التصنيف الائتماني لعُمان، لكن في المقابل، أولى جلالته هذا الملف عناية خاصة، ووجه الحكومة الرشيدة لمُعالجة التحديات الاقتصادية والمالية من خلال استحداث مبادرات الاستدامة المالية والتي تعمل على ترشيد الإنفاق وتحقيق فوائض مالية عامة للدولة من أجل استغلالها في خفض الدين العام. وقال إن هذه الإجراءات لاقت الإشادة السامية خاصة بعدما نجحت السلطنة في خفض الدين العام؛ حيث بلغ الدين العام في مطلع العام المنصرم قرابة 20.8 مليار ريال عُماني مُشكلًا 67% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن انخفض في الوقت الراهن إلى 16.3 مليار ريال عُماني وهو ما يمثل 37% من الناتج المحلي، ويقترب من مُستهدفات وزارة المالية بتحديد النسبة الآمنة للدين العام إلى الناتج المحلي.
إجراءات ناجعة
وأوضح أن هذا التطور اللافت تحقق بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة، من خلال إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وزيادة كفاءته، عبر مبادرات متنوعة أسهمت في زيادة الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى استغلال الطفرة النفطية والتي تولدت نتيجة الارتفاعات الكبيرة لأسعار النفط والغاز في العامين المنصرمين. ومضى الوردي قائلًا: "لقد أكد جلالته أن الفوائض التي تحققها السلطنة تُستَخدَم في 3 محاور رئيسية؛ أهمها: الدين العام باعتباره الشغل الشاغل، إضافة إلى دعم القطاعات الحكومية خصوصًا في مجالات التعليم والصحة وتطبيق نظام الحماية الاجتماعية الذي سينطلق في العام المقبل، وكذلك تحفيز النمو الاقتصادي؛ حيث إن الاقتصاد العُماني عانى الكثير، لا سيما أثناء وبعد جائحة كورونا. وذكر الوردي أن سلطنة عُمان تبنت العديد من المبادرات من ضمنها زيادة التوسع في الموازنة الإنمائية رغبة في تحسين النمو الاقتصادي.
وتابع الوردي قائلًا إن جلالته وجّه إلى ضرورة مواصلة العمل لتنويع مصادر الدخل من خلال العديد من الإجراءات، والتوسع في المصادر غير النفطية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في عدد من المجالات؛ وأهمها الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن عُمان خلالا الفترة الماضية أحرزت قصب السبق في هذا الجانب، من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات أجنبية؛ بهدف الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وتوليد الهيدروجين الأخضر.
مشروعات الطاقة المُتجددة
ومن جانبه، قال المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني مدير عام شركة هيدروجين عُمان، رئيس مجلس إدارة شركة نماء لشراء الطاقة والمياه، إن تضمين الطاقة المتجددة في النطق السامي يحمل دلالة كبيرة على ما يوليه جلالته- رعاه الله- من اهتمام بهذا القطاع، ويبرهن على الأهمية الكبرى لهذا المورد المتجدد والمستدام، توظيفًا لما تزخر به سلطنة عُمان من موارد وإمكانات عالية تُعزز مساعيها لمواكبة التحولات العالمية فيما يتعلق بقضايا المناخ وأمن إمدادات الطاقة واستدامتها. وأضاف الشيذاني- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن حكومة صاحب الجلالة تحرص على وضع السياسات الملائمة والنُظُم لإطلاق هذه الإمكانات وتوجيهها بما يُحقق مُستهدفات وأولويات رؤية "عُمان 2040" المتعلقة بالاستدامة البيئية والتنويع الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخفض الاعتماد على موارد الطاقة الناضبة وما تتعرض له من تقلبات في أسعارها.
وتابع الشيذاني بالقول إن مضامين النطق السامي أكدت على النظرة الشمولية لهذا المورد بحيث لا يقتصر الأمر على توليد الطاقة المتجددة، وإنما توظيف هذا المورد في خلق فرص اقتصادية مصاحبة منها ما هو مرتبط بتوطين التقنيات المتعلقة به ومنها في تعزيز جهود توسعة قاعدة الصناعات المحلية، كون توفر مصادر الطاقة وتنافسيتها مرتكز أساس في تنافسية هذه الصناعات، كما أشارت إليه التوجيهات السامية في شأن تقديم الحوافز والتسهيلات اللازمة؛ حيث تستهدف رؤية "عُمان 2040" الوصول إلى مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 30% بحلول العام 2030، وتبذل القطاعات المختلفة جهودا متواصلة ومتضافرة لتحقيق ذلك. وذكر الشيذاني أن من أبرز هذه الجهود: التوقيع بداية العام الجاري على مشروعي منح 1 ومنح 2 بمحافظة الداخلية، واللذان يضيفان معًا سعة جديدة تقدر بـ1000 ميجاواط تضاف إلى المشاريع السابقة، مشيرًا إلى ما شهده قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان من حراك نتج عنه التوقيع على اتفاقيات لتطوير 5 مشاريع لانتاج الهيدروجين الأخضر بسعة انتاج طاقة متجددة تقدر بنحو 18 ألف ميجا واط بحلول العام 2030.
وأكد الشيذاني أن العمل متواصل في التعاقد على سعات إضافية من طاقتي الشمس والرياح في السنوات المقبلة، وكذلك الحال بالنسبة لمشاريع الهيدروجين الأخضر، جنبًا إلى جنب مع مساعي الجهات المختلفة في استقطاب الصناعات للسلطنة استفادة من الفرص المصاحية لهذه المشاريع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مكتوم بن محمد يترأس اجتماع المجلس القضائي في دبي ويعتمد مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة”
ترأس سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية رئيس المجلس القضائي في إمارة دبي، اجتماع المجلس وذلك في إطار متابعة سموه الدورية لشؤون السلطة القضائية وأعضائها، والوقوف على مستجدات أعمالها وخططها الإستراتيجية.
واعتمد سموه خلال الاجتماع مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة” الذي يهدف إلى تطوير الكفاءات القضائية، مما يسهم في تحسين جودة الأحكام وزيادة كفاءة العمل القضائي، كما اعتمد سموه تشكيل فريق عمل لدراسة إنشاء منصة تقنية موحدة لجهات السلطة القضائية والجهات الداعمة لها في دبي، وأطلق سموه المنصة الرقمية لجهاز التفتيش القضائي التي تتضمن مجموعة من الخدمات التفاعلية لأعضاء السلطة القضائية، كما تم اعتماد إلحاق 36 متدرباً قضائياً من الكوادر الوطنية ببرنامج الدراسات القضائية والقانونية في معهد دبي القضائي تمهيداً لتعيينهم قضاة في محاكم دبي.
– منظومة قضائية متكاملة.
وقال سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم: “إن مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة” يترجم الرؤية الطموحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، الرامية إلى تطوير الجهاز القضائي، وإعداد قضاة متخصصين ومؤهلين، بما يسهم في بناء منظومة قضائية متكاملة وترسيخ ريادة دبي عالمياً.
وأكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم أهمية رفد السلك القضائي بالكفاءات القانونية الوطنية، وتزويدهم بالمعارف والخبرات اللازمة للقيام بدور محوري في الارتقاء بقطاع القضاء، وتوفير خدمات قانونية وقضائية مبتكرة تواكب أفضل الممارسات العالمية.
وثمّن سموه جهود أعضاء المجلس القضائي في دبي في ترسيخ ركائز المنظومة القضائية، وإسهاماتهم في تعزيز سيادة القانون وتوفير أعلى مستويات العدل لكل من يعيش على أرض إمارة دبي.
وأضاف سموه: “مستمرون في توفير كل المقومات التي تصل بالمنظومة القضائية إلى أعلى مستويات كفاءة الأداء، وتطوير بيئة قانونية متميزة تحقق العدالة الناجزة بدقة وسرعة ويسر، وتعزز ثقة المتقاضين بالقطاع القضائي في الإمارة، لترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي رائد للأعمال والاستثمار، ودعم طموحاتها التنموية المستقبلية”.
– خطط تطويرية.
واطلع سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال الاجتماع على الخطط التطويرية والمشاريع المستحدثة للجهات القضائية، واعتمد سموه مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة”، والذي يأتي كخطوة إستراتيجية نحو تطوير الجهاز القضائي، وإعداد قضاة متخصصين وقادة مؤهلين.
وتعرف سموه خلال الاجتماع على دور مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة” في تطوير الكفاءات القضائية، حيث تسعى محاكم دبي من خلاله إلى ترسيخ مفهوم القضاء المتخصص ليكون قادراً على مواكبة التحولات القانونية والاجتماعية، وبما يتماشى مع أجندة دبي الاقتصادية D33 وأجندة دبي الاجتماعية 33، كما يسهم المشروع في تعزيز سيادة القانون ورفع كفاءة الجهاز القضائي، وترسيخ ريادة دبي العالمية، من خلال ضمان تقديم عدالة ناجزة وأحكام قضائية دقيقة.
ويعتمد المشروع على ثقافة التركيز على التخصص وتحقيق الدقة في الأداء القضائي، مما سيساهم في تعزيز الكفاءة والاحترافية القضائية والقانونية.
– أهداف المشروع.
واطلع سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال الاجتماع على أهداف المشروع، الرامية إلى تحقيق مسار التعاقب الوظيفي التخصصي لوظائف القضاة منذ ما قبل مرحلة التعيين وحتى تاريخ انتهاء فترة عمل القاضي في السلطة القضائية، وبما يضمن معه استمرارية الكفاءة وتعزيز التخصص وتكوين مرجعيات فنية قضائية تعزز من جودة الأداء الفنية، كما يسعى المشروع إلى توفير كوادر قضائية قيادية قادرة على سد شواغر المناصب القيادية في المحاكم أو أية جهة قانونية في إمارة دبي.
– 3 مسارات رئيسية.
كما اطلع سموه على مسارات المشروع، حيث يتضمن 3 مسارات وظيفية رئيسية تهدف إلى تطوير الكفاءات القضائية وتلبية احتياجات محاكم دبي في مجالي التخصص والقيادة، وهي المسار التخصصي، ومسار النخبة، والمسار القيادي.
ويبدأ المسار التخصصي مع بداية إلحاق القاضي بالسلطة القضائية ويهدف إلى تمكين القضاة من التخصص في المجالات القانونية النوعية وفقاً لطبيعة عمل المحاكم التي يلحق بها القاضي لغايات صقل وتطوير مهاراتهم الفنية، كما يسهم هذا المسار في وجود منهجية واضحة لتحليل وإعداد وتحديث وتقييم الوظائف القضائية وتطوير مهارات التميز القضائي، حيث يتم تحديد احتياجات التدريب والتأهيل التخصصي بناء على ما سلف عبر معايير دقيقة واكتساب المهارات الفنية المستجدة، كما يتضمن المشروع منهجية الانتقال بين الدرجات القضائية والمسارات النوعية.
ويركز مسار النخبة على الاستثمار في تطوير القضاة المتميزين ليكونوا مراجع قضائية وفنية داخل المحاكم ويتطلب الانضمام إلى هذا المسار توافر عدة شروط، منها أن يكون القاضي مواطناً وأن يثبت كفاءته الفنية من خلال تقييمات دورية.
ويسعى المسار القيادي إلى إعداد القيادات لتولي المناصب القضائية من خلال تطوير مهاراتهم الإدارية والقيادية، ويتطلب الاستقطاب للمسار القيادي توفر شروط معينة، حيث يجب أن يكون القاضي مواطناً، وأن يكون تقديره لا يقل عن “جيد جداً” من خلال تقييمات قياس مؤشرات أدائه الفنية والقيادية.
– إشراف وتنفيذ عالي الجودة.
ويشرف مجلس شؤون التنسيق القضائي على تنفيذ مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة”، لضمان توافق المشروع مع الأهداف الاستراتيجية لإمارة دبي، ويُعنى المجلس بتطوير البرامج التدريبية والقيادية وفقاً لأحدث المعايير العالمية لضمان تحقيق أعلى مستويات الجودة في الأداء القضائي وفعالية التخصص، ويسعى المجلس أيضاً لتعزيز الكفاءات القضائية وبناء جيل جديد من القضاة يتمتع بمهارات تخصصية وقدرات قيادية تلبي تطلعات محاكم دبي.
ويمثل نجاح محاكم دبي في تنفيذ مشروع “المسارات الوظيفية للقضاة” إنجازاً كبيراً يسهم في بناء مستقبل قضائي متين يضمن تحقيق العدالة وفق أرقى المعايير العالمية، ويعكس هذا المشروع الطموحات المستقبلية لدبي في بناء مجتمع آمن وعادل، ويعزز مكانة الإمارة كمركز عالمي للعدالة المتطورة والفعّالة.
– منصة رقمية.
كما اعتمد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم خلال ترؤسه اجتماع المجلس القضائي في إمارة دبي تشكيل فريق عمل لدراسة إنشاء منصة تقنية موحدة لجهات السلطة القضائية والجهات الداعمة لها في إمارة دبي، بهدف تسهيل الربط بين هذه الجهات، وتحقيق التكامل بين عملياتها.
وأطلق سموه المنصة الرقمية لجهاز التفتيش القضائي التي تتضمن مجموعة من الخدمات التفاعلية لأعضاء السلطة القضائية بما يمكنهم من الاطلاع على مؤشرات أدائهم بشكل دوري، كما تسمح المنصة الرقمية بتتبع سرعة البت في القضايا ودقة وجودة الأحكام الصادرة بما يخدم الخطط التطويرية للسلطة القضائية.
– كفاءات قانونية وطنية.
وجرى خلال الاجتماع مناقشة عدد من المواضيع المتعلقة بشؤون أعضاء السلطة القضائية، حيث اعتمد المجلس القضائي في دبي إلحاق 36 متدرباً قضائياً من الكوادر الوطنية ببرنامج الدراسات القضائية والقانونية في معهد دبي القضائي تمهيداً لتعيينهم قضاة في محاكم دبي، وذلك من منطلق أهمية تدريب وتأهيل الكفاءات القانونية الإماراتية المتخصصة في النظر والفصل في كافة أنواع الدعاوى القضائية، تنفيذاً لرؤية إمارة دبي وأهدافها الاستراتيجية المتعلقة بتطوير القطاع القضائي.
كما أقر المجلس القضائي في دبي مجموعة من التوصيات الخاصة بترقيات أعضاء السلطة القضائية، وناقش واتخذ مجموعة من القرارات بشأن ما تم عرضه عليه من طلبات.
وصادق المجلس خلال الاجتماع على مجموعة من القرارات التنظيمية الخاصة بتنظيم أقدميات أعضاء السلطة القضائية وترقياتهم وغيرها من الموضوعات المتعلقة بشؤون السلطة القضائية وأعضائها.
– جودة الأحكام.
وقال سعادة الأستاذ الدكتور سيف غانم السويدي مدير محاكم دبي: “إن الدقة في اختيار السلك القضائي هي الأساس لتحقيق عدالة نزيهة وفعّالة، ونحن في محاكم دبي ملتزمون بضمان أعلى المعايير في تعيين القضاة، مما ينعكس إيجاباً على جودة الأحكام وكفاءة النظام القضائي بشكل عام”.
وأكد السويدي أن وجود قضاة مؤهلين يمتلكون المهارات والخبرات اللازمة يعزز من مصداقية الجهاز القضائي، ويعكس التزام محاكم دبي بتوفير بيئة قضائية تتسم بالاحترافية والنزاهة.
وأضاف السويدي: “يعتبر مشروع المسارات الوظيفية خطوة محورية في بناء جهاز قضائي قادر على تحقيق طموحات إمارة دبي في أن تكون نموذجاً عالمياً للعدالة المتطورة”.
وأوضح أن المشروع لا يقتصر فقط على تطوير القضاة، بل يهدف أيضاً إلى إعدادهم ليكونوا مرجعاً قانونياً وقادة في مجالاتهم، حيث يتطلب النجاح في هذا المشروع توافر التخصص والاحتراف التخصصي، مما يسهم في تقديم خدمات قضائية متميزة، وفي إطار هذا المشروع، وبالتنسيق مع معهد دبي القضائي يتم تقديم برامج تدريبية شاملة ومكثفة تشمل أحدث البرامج التأهيلية ووفق المعايير العالمية، مما يضمن أن يكون القضاة على أتم الاستعداد لمواجهة التحديات المعاصرة وتقديم أحكام عادلة وناجزة، معربًا عن أمله في أن يسهم هذا المشروع في تعزيز مكانة دبي كوجهة مثالية للعدالة وتكون المحاكم مرجعية معيارية في تطوير العمل العمل القضائي على المستوى الدولي ، ويعزز من قدرتها على تقديم خدمات قضائية تتسم بالشفافية والدقة والفعالية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
– تعاون متعدد الجهات.
بدوره أكد سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله سيف السبوسي، الأمين العام للمجلس القضائي في إمارة دبي أن مشروع المسارات الوظيفية للقضاة يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز فعالية النظام القضائي في دبي، ونهدف من خلال هذا المشروع إلى وضع إطار شامل لتطوير الكفاءات القضائية، مما يسهم في تحسين جودة الأحكام وزيادة كفاءة العمل القضائي، علاوة على ذلك، فإن العمل المشترك بين مختلف الجهات المعنية في هذا المشروع يسهم في تكامل الجهود ويعزز من نتائجها، ونحن نؤكد التزامنا بتحقيق الفوائد المرجوة من هذا المشروع، والتي ستنعكس إيجاباً على بيئة الأعمال والمجتمع ككل.
يذكر أن المجلس القضائي في دبي يهدف إلى ترسيخ مبادئ العدالة والمُساواة وسيادة القانون، والمساهمة في تحقيق التنمية المُستدامة في الإمارة، من خلال توفير قضاء عادل ونزيه، مُتطوّر وفاعل، كما يهدف إلى تنفيذ رؤية الإمارة وأهدافها الاستراتيجية المُتعلّقة بتطوير قطاع العدل، وضمان استقلال القضاء، وتطويره، إضافة إلى ترسيخ قِيَم ومُثل وأخلاقيات العمل القضائي.