كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": منذ التفاهم السعودي - الإيراني، ولبنان غائب عن مفكرة الطرفين في تسهيل أوضاعه، وإخراجه من مأزق سياسي واقتصادي متواصل. لكن ما بعد غزة، تغيّرت مقاربة الرياض وطهران لما يجري في المنطقة. ولأن لبنان جزء أساسي من مندرجات غزة، يصبح التفاهم على ترتيب فيه أقرب الى الواقع، ولا سيما أن ما يجري في عُمان فتح باب تسهيل معالجات ملفات عالقة، منذ ما قبل غزة وما بعدها.

ووجود لبنان في اللقاء يعني حكماً معالجة ملف الرئاسة، عدا عن تقاطعه مع حرب غزة. لكن الكلام الرئاسي لا يزال في بداياته، من دون استعجال أيٍّ من الأطراف المعنيين استثماره مبكراً. فالسعودية لا يمكن أن تنظر إليه مع إيران، منفردة، من دون العودة الى واشنطن. وهذا تماماً ما يعيد الى النقطة الأولى المتعلقة بمقاربة واشنطن للبنان.
فاللقاء السعودي - الإيراني لا يبتعد عن مشهد إقليمي تنعكس تبعاته على لبنان في صورة متدرجة، علماً أن أول انعكاسات حرب غزة أنها أعادت تفعيل الحضور الأميركي في المنطقة بعد مرحلة انكفاء. فمنذ أشهر طويلة والوجود الأميركي في المنطقة معلّق على تقاطعات إقليمية، قد يكون أبرزها خطوات التطبيع التي انطلقت واثقة بين دول عربية وإسرائيل. كانت واشنطن منشغلة بساحات أخرى، وليس أوكرانيا وحدها التي كانت تستحوذ على اهتمامها، ما أدّى إلى تراجع تورطها في المنطقة ولبنان. وعلى أبواب انتخابات رئاسية، كان الانطباع هو انشغال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عنها وإعطاء الأولوية لملفات غير إقليمية.
7 تشرين الأول، بغضّ النظر عن تعامل حماس وحزب الله وإيران مع واشنطن وتحميلها مسؤولية زيادة منسوب الاعتداءات الإسرائيلية، أحيا دور الولايات المتحدة في المنطقة، فارتفع مستوى الحضور الأميركي بزيارة بايدن لإسرائيل، ومن ثم توافد مندوبيه الكبار، عدا عن الحضور العسكري الميداني والمساعدات الأميركية المباشرة لإسرائيل، لتفرض واشنطن إيقاعاً متعلقاً بدورها لاعباً وحيداً في المنطقة، يتدخل في كل تفاصيل المفاوضات والحوارات الجارية على كل المستويات. يضاف الى ذلك تسليط الضوء على القواعد الأميركية في المنطقة وسوريا والعراق. أما لبنانياً، ومع زيارة هوكشتين، فقد زاد الاهتمام من مجرد تنبيه ديبلوماسي الى مستوى أرفع من المعاينة الأميركية برسالة واضحة في الشكل والمضمون. وتأتي أهمية ما ينقل عن تفعيل ملف لبنان أنه في وقت لا يترك فيه الدور الفرنسي أي تأثير، ولو غاب لبنان عن مؤتمر باريس، كما لم يدعَ لبنان الى قمة القاهرة، فإن الرسائل الأميركية تصل عبر مصر والأردن تحديداً، وخصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن للمنطقة، معززة بتواصل صار واضحاً لوضع لبنان على سكة التهدئة.
لكن، بقدر ما قد يستفيد لبنان من عودة ملفه الى طاولة إقليمية ودولية، فإن التسرع في استخلاص حلول نهائية لا يعكس حقيقة الواقع. فالمنطقة لا تزال في قلب الحرب، ولا يمكن بعد الكلام عن مرحلة مختلفة للبناء عليها، لأن المعالادت الميدانية قابلة للتبدّل بين يوم وآخر، وعلى مصيرها يمكن الرهان على تحوّل سياسي قابل للاستثمار. وواشنطن مستمرة في الوقت نفسه في الدفع نحو تثبيت الوقائع السياسية التي سبقت الحرب، لجهة علاقات الدول العربية بإسرائيل، مهما كانت اتجاهات الحرب الحالية قاسية. لكن يمكن للبنان الإفادة من فترة السماح التي أعطيت له، لأن معطيات المتصلين بالإدارة الأميركية تتحدث عن أهمية دخول هذه الإدارة، من رأس الهرم، في ضبط الوضع اللبناني فلا يتدحرج بصورة دراماتيكية نحو الحرب. وقد تكون الفرصة سانحة إقليمياً ودولياً للانتقال من وضعه غير المستتبّ الى حالة أكثر استقراراً تنفي انتظار أن ينكشف المشهد عن تفاهمات تتعلق بأصل الأزمة اللبنانية، والرئاسة في مقدّمها.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية بحث مع السفيرة الأميركية المُستجدات الراهنة

استقبل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، وتم البحث في مستجدات لبنان والمنطقة، مع التركيز على الدور الهام الذي يلعبه الجيش اللبناني في الجنوب تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، في ظل عدم انسحاب اسرائيل من الأراضي التي تحتلها واستمرار اعتداءاتها وخروقاتها للسيادة اللبنانية.    
ووضع الوزير رجي السفيرة جونسون في "الأجواء الإيجابية والمشجعة لاجتماع الرياض والقمة العربية غير العادية التي استضافتها جمهورية مصر العربية بشأن تطورات القضية الفلسطينية بشكل أساس، وما خرجت به القمة من موقف عربي موحد".
وأشاد رجي بخطاب رئيس الجمهورية "لجهة ضرورة تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان واسرائيل، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701"، وطالب اسرائيل بـ"الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، الى الحدود المعترف بها دولياً، وتسليم الأسرى اللبنانيين، والالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة الموقّعة بينها وبين لبنان عام 1949".
كذلك، تلقى رجي اتصالاً هاتفياً من الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية ونائب رئيسة المفوضية كايا كالاس، وشكرها على "موقف الإتحاد الأوروبي المرحب بتشكيل حكومة جديدة"، ووضعها في أجواء "الخطوات الإصلاحية المزمع إجراؤها"، وتناول معها "التحضيرات الجارية لمؤتمر بروكسل للنازحين المزمع عقده في 17 آذار 2025"، ودعته للمشاركة في أعمال المؤتمر.
مع هذا، فقد تناول رجي مع كالاس الأعباء التي يتحملها لبنان جراء النزوح السوري.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية بحث مع السفيرة الأميركية المُستجدات الراهنة
  • وزير الدفاع البريطاني يلتقي في واشنطن نظيره الأميركي
  • أهم أنظمة الأسلحة الأميركية التي قد تخسرها أوكرانيا
  • واشنطن: غزة غير صالحة للسكن ولا يمكن العيش فيها
  • ترامب للكونغرس: قمت بثورة والحلم الأميركي لا يمكن إيقافه
  • موقع أكسيوس الأميركيّ: لهذا السبب لا تزال إسرائيل في جنوب لبنان
  • لجنة التنسيق الّلبنانيّة - الأميركيّة اختتمت لقاءَاتها مع الإدارة الأميركية والأمم المتحدة
  • كرامي: نأمل ان يستعيد لبنان الدور الاقتصادي السعودي
  • السفيرة الأميركية تُشيد بجهود وزارة الشؤون في مكافحة الإتجار بالبشر
  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط