على ضوء الغموض الذي يلف مصير بريغوجين.. هل قرر الكرملين فصل رأس فاغنر؟
تاريخ النشر: 9th, July 2023 GMT
موسكو ـ عاد ملف مجموعة "فاغنر" ومصير مؤسسها وقائدها، يفغيني بريغوجين، للبروز مجددا، بعدما بدا أن الصفقة التي قادها الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، لمعالجة التمرد الذي قامت به المجموعة وانتهى خلال ساعات قليلة، كانت كافية لطوي الملف، وبداية مستقبل جديد للمجموعة يحفظ لها دورها الوظيفي، ولكن خارج الجغرافية الروسية.
فقد نصت صفقة سريعة لاحتواء الموقف هندستها مينسك، على السماح لبريغوجين بالتوجه إلى بيلاروسيا، كمنفى، ومنح عناصر "فاغنر" خيار الانضمام إلى القوات المسلحة الروسية أو العودة إلى منازلهم، ولكن في الوقت ذاته، كان لافتا تضارب المعلومات بخصوص التهم الجنائية بحق بريغوجين، ومن كانوا على صلة بالتمرد.
فرغم أن إسقاط هذه التهم كان من بين البنود الرئيسية للاتفاق الذي رعاه لوكاشينكو، فإن أجهزة الأمن أكدت بعد يوم واحد فقط من الاتفاق، أن القضية الجنائية لم تغلق، وإنما "جمدت" فقط.
هذه الصيغة في توصيف الوضع القانوني الجديد لبريغوجين، كمتمرد، أبقت الأبواب مفتوحة أمام فرضية أن الملف لم يطو بعد، وأن المرحلة القادمة قد تتضمن عملية تلامس "تصفية الحسابات."
أين بريغوجين؟وجاءت تصريحات لوكاشينكو بأن بريغوجين ليس موجودا في بيلاروسيا بل في عاصمة الشمال الروسي، سان بطرسبورغ، لتزيد من الغموض حول مصير الشخص نفسه، وكذلك الاتفاق الذي أبرم معه لقاء إنهاء التمرد، وما إن كان هناك انقلاب أو تراجع قد طرأ على التفاهمات المذكورة.
ولم يكن لكلام الزعيم البيلاروسي إلا أن يبعثر كافة خطوط القضية، بحيث تعقد الوصول إلى خلاصة واضحة بخصوص مصير المجموعة وقائدها.
علاوة على ذلك، لم يمر يوم على تصريحات لوكاشينكو حتى كشف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف أنه لا يملك معلومات عما إذا كان بريغوجين موجودا في روسيا، وأن الكرملين لا يتابع تحركاته.
ولا يستبعد مراقبون روس أن يكون نشر وسائل إعلام روسية، وبشكل مفاجئ، صورا لعملية تفتيش منزل بريغوجين في سان بطرسبورغ، وإظهار "مشاهد الترف" الحاضرة فيه بشكل ملحوظ، قد أتى بإيعاز من "جهات ما"، لإظهار ما يمكن أن يساهم في تقديم الشخص، الذي اعتبر لفترة ما بطلا قوميا غير معلن، كمنبوذ وملاحق.
بانتظار مرور العاصفةيعتبر المحلل السياسي، ألكسي شابوفالوف، أن "لملمة" محاولة التمرد لا تلغي بأي حال من الأحوال إغلاق الملف، بل هي خطوة "اضطرارية" في لحظة تاريخية حرجة تطلبت الذهاب نحو أي خيار لا يدفع الأوضاع الداخلية نحو عواقب "موجعة"، تؤثر في الوقت ذاته على سير المعارك في أوكرانيا.
ويتابع شابوفالوف في حديث للجزيرة نت، أنه إلى جانب أن تصرفات بريغوجين لم تصب فقط في مصلحة كييف فحسب، بل وفي مصلحة "رعاتها" في واشنطن ولندن، بل إنها تسببت كذلك في "شماتة إعلامية" غربية، ومحاولة "استثمار" طرف تاريخي كاد يضيع كل الإنجازات الميدانية للقوات الروسية في أوكرانيا، فضلا عن المناطق التي انضمت إلى الجغرافيا الروسية.
مرحلة انتقاليةويضيف شابوفالوف أن القاعدة الدستورية التي تصنف تمرد بريغوجين كمحاولة انقلاب على النظام والدستور، وهو مالا يمكن "تصفيره" أيا تكن الصفقة التي وضعت.
من هنا، يخلص الخبير إلى أن القادم هو وضع النقاط على الحروف فيما يخص مصير بريغوجين، تمر من خلال "تفاهم هادئ"، يخرجه مرة واحدة وإلى الأبد من المشهدين السياسي والعسكري.
الكلمة الأخيرةمن جهته، يعتبر محلل الشؤون الأمنية، إيفان ستوباك، أن الكرملين لم يقرر بعد ما يجب فعله مع بريغوجين، مضيفا أن الكلمة الأخيرة ستكون للرئيس فلاديمير بوتين نفسه، بعد "تحليل معمق للمعلومات، ودراسة مستفيضة للموقف.
ويميل ستوباك إلى الاعتقاد بأن المرحلة المقبلة ستشهد عملية "فصل الرأس عن الجسم"، أي بريغوجين عن "فاغنر"، بحيث تترك له حرية ممارسة أعمال تجارية خاصة لا توفر له في الوقت ذاته فرصة الظهور مجددا في المشهد السياسي.
وحسب رأيه، فإن الأهم الآن في ملف بريغوجين ليس شخصه، بل مصير الشركة التي تراهن موسكو ومينسك على مهاراتها القتالية المحترفة وتجربتها الغنية في العمليات الخاصة الأكثر تعقيدا، وذلك بعد عملية إعادة هيكلة تقود إلى وضع "الشخص المناسب" على رأس الشركة.
على هذا الأساس، لا يرى ستوباك أية أهمية لمكان وجود بريغوجين حاليا، طالما وصلت الأمور إلى "تجريده من بطولاته، ومحوه من التاريخ"، وإظهار ما يملكه من جوازات سفر وسبائك ذهبية وشعر مستعار.
"فزاعة فاغنر"وتشير ردود الفعل والتحركات الغربية إلى بدء مرحلة جديدة في الصراع الروسي مع الغرب، سيكون لمينسك دور أكبر فيه، فقد كان الرئيس البيلاروسي واضحا في حديثه أمام وسائل إعلام محلية وأجنبية عن رهانه على دور "الشركة" في المشهد الأمني العسكري في البلاد.
ولا يقتصر الأمر هنا على إحكام قبضة حليف موسكو على زمام السلطة بعد تعرضه لبوادر "ثورة برتقالية" دعمها الغرب قبل أن يحتويها بدعم روسي واضح.
بل إن نشر أسلحة نووية تكتيكية روسية في بيلاروسيا، وما تبعها من انتقال للجزء الأعظم من "فاغنر" إلى هناك، وقيام بولندا ردا على ذلك بتعزيز دورياتها على الحدود مع بيلاروسيا، وإعلان كل من لاتفيا وليتوانيا عن قلقهما من تمركز "فاغنر" في معسكرات داخل بيلاروسيا، توحي بإمكانية حصول توتر جديد من المرجح أن تلعب فيه "فاغنر" دورا مؤثرا، أيا يكون مصير مؤسسها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وفقاً لخطة السلام العربية.. ما مصير حماس بعد ستة أشهر؟
قال حسين عبد الحسين، زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن خطة السلام العربية لغزة تهمش حكم حماس للقطاع، وكذلك السلطة الفلسطينية، لكن لمدة ستة أشهر فقط، استعداداً لتمكين السلطة الفلسطينية من العودة الكاملة إلى قطاع غزة.
من غير المرجح أن تتنازل الميليشيات الفلسطينية عن حكم القطاع
وفي غضون ذلك، يتم تشكيل "لجنة إدارة غزة" والتي ستتألف من تكنوقراط وشخصيات غير فصائلية ... لإدارة شؤون القطاع خلال "المرحلة الانتقالية".
وأصدر مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخطة، في 91 صفحة، مقسمة إلى "السياق السياسي" و"التفاصيل الفنية".
وأضاف الكاتب أن جوهر الخطة يتمثل في أن اللجنة المؤقتة غير الفصائلية لإدارة غزة ستكون لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر.
ولكن الخطة لا تشمل تفاصيل، حسب الكاتب. فعلى المدى القصير، دعت الخطة "المجتمع الدولي إلى دعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة في تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والحفاظ على الهدوء الحالي وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين".
From left, leaders of Bahrain (CP), Qatar, UAE, Saudi, Kuwait, Jordan, Egypt plus Jordanian CP and UAE NSA, met in Riyadh to discuss "Egyptian Plan for Gaza."
Plan not out yet, will likely be unveiled at Cairo Arab League Emergency Summit on March 4. Plan expected to promise… pic.twitter.com/AhZUb6T4aa
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع "آسيا تايمز" إن "دعوة القاهرة إلى دعم وقف إطلاق النار في غزة تتطلب الانتقال إلى "المرحلة الثانية"، والتي تتضمن "إنهاء دائماً للقتال في غزة وإعادة بناء القطاع المدمر بالحرب"، في حين تظل حماس في السلطة.
وكما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية: "إذا بقيت حماس في غزة، فلن تكون إسرائيل على استعداد لإنهاء الحرب".
وإذا انتهت الحرب وسُمح لحماس بالبقاء في غزة، فمن غير المرجح أن تتنازل الميليشيا الفلسطينية عن حكم القطاع.
ولفت الكاتب النظر إلى أن الخطة العربية تتضمن تأجيل نزع سلاح حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والميليشيات الأخرى إلى ما بعد إنشاء الدولة الفلسطينية. ومثل هذا الاقتراح إشكالي في حد ذاته.
يشار أن كل خطط السلام القائمة على حل الدولتين، منذ عام 1993، استندت إلى احتكار منظمة التحرير الفلسطينية، وفي نهاية المطاف السلطة الفلسطينية، للسلطة والوفاء بوعودها الأمنية لإسرائيل.
The Arab plan for Gaza sidelines Hamas and PA, but only for six months
Dead-on-arrival plan for non-factional interim committee to run Gaza during transition is dissociated from reality@hahussain in @asiatimesonline: https://t.co/pVi1kh6CgN
وذكر الكاتب أن كل هذه الخطط فشلت لأنها لم تتمكن من كبح جماح حماس، التي نفذت حملة تفجيرات انتحارية مزقت المجتمع والأمن الإسرائيليين طوال تسعينيات القرن العشرين، وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2000.
وفقاً لمبعوث السلام الأمريكي آنذاك دينيس روس، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين، أكبر مؤيد إسرائيلي لحل الدولتين، أراد لمنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات إرغام حماس على الاستسلام استلهاماً من "حادث سفينة ألتالينا".
وكانت ألتالينا سفينة تحمل أسلحة إلى ميليشيا إرغون الإسرائيلية عام 1948. وقامت القوات الإسرائيلية التي تشكلت حديثاً بإغراق السفينة عندما رفضت ميليشيا إرغون الاستسلام والانضمام إلى القوات الإسرائيلية، وبالتالي تمكنت القوات الشابة من احتكار استخدام السلطة في قوة موحدة بأيدي دولة إسرائيل.