بفلسطين يحيا اليمن وبها تتوحد الأمة حيث القضية همَّ شعبي وهدفٌ رسمي يمني
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
منذ لحظاتها الأولى لم تغِب اليمن عن المشهد الفلسطيني الحاضر بالأصالة في قلب همومه الشعبية وجوهر سياساته الرسمية.
لم يكتف اليمنيون بمتابعة أحداث معركة الطوفان عبر الشاشة وحسب؛ في غضون ساعات قليلة في يومها الأول، خرج الآلاف من فورهم إلى ساحات وشوارع العاصمة صنعاء.. امتلأت بهم ميادينها، ومنها طفحت الأسئلة: ماذا لو كان لهؤلاء القوم من أهل طوق فلسطين!! مددٌ يماني لا توقفه إلا الجغرافيا.
فلسطين عربية واليمن فلسطينية
تلاقت في السابع من أكتوبر بطولاتُ مجاهدي فلسطين مع هبة وهتافات الجماهير اليمنية ومع دعوات السلطة الرسمية فكان المشهد الأول والأقوى من بين كل العواصم والمدن الإسلامية وبسقفِ مطالبات مرتفع وواضح، أعلاها: فتح الحدود والتعبئة الجهادية، وأدناها المطالبة بطرد السفراء وإنهاء الموقف الرسمي المتماهي والمتخاذل..
– الـ١٣ من أكتوبر خروجٌ يماني عنوانُه الإسناد تعزيزاً لصمودِ غزة ودفعاً للمواقف الرسمية المُقعَدة إلى دائرة الموقف الفاعل، يلتهب الشارع اليمني بالمطالبات غضباً؛ كان هذا الحضور ذروة مسيرات ومظاهرات شعبية في عشرات المدن اليمنية التي استمر تفاعلها من أول طلقة غزّاوية وتواصل إلى أحدث غارات صهيونية في مختلف الساحات اليمنية قرى ومدناً وبوادي وحواضر..
مساء الثامن عشر من أكتوبر بتوقيت مجزرة مشفى المعمداني، صنعاء ليلتها لم تنم، تداعت الجماهير موشحة بدماء الشهداء وحزنهم إلى شوارع صنعاء، وميادين عمران وشوارع ذمار وساحات وطرقات إب أينما توجّهت فكل اليمن منذ يوم السابع من تشرين الأول غزة بصوت يجمع الساحات تفويضاً لخيارات المشاركة وقرارات المناصرة..
المشهد لم يختلف، في صباح مجزرة المعمداني، الجماهير تملأ الساحات لتصل المطالب ذروة الممكن حين أعلنت السلطات التعبئة والنفير لمساندة القسّام والسرايا، تلي البيان جهوزية اليمن شعبياً وحضوره رسمياً في قلبِ المعركة..
لا يكف اليمنيون عن اجتراح مواقف خارجة عن المألوف.. جمعة العشرين من تشرين، خروج جماهيري على نحو لا تحويه العدسات؛ يومها لم تكن فلسطين اسم الشارع الذي جمع مئات الآلاف وسط صنعاء بل كانت عنوان الخروج ومضمونه في جمعة استنفر فيها اليمنيون حشودهم رجالاً ونساء..
الجمعة التالية السابع والعشرين من تشرين، يجتمع اليمنيون في مصلىً واحد خلف قضيةٍ تأمهم ويقصدونها، صلواتهم على مجاهدي غزة ودعاؤهم لأهلها الصامدين ووعدهم باللقاء قريب ووعد لا يتخلف.
وبين الجمعتين استنكفت مختلف المدن اليمنية وضواحيها بأنشطة وفعاليات فلسطينية متنوعة الفقرات ومتعددة المشاركات.
بعدها توالت مشهدية الخروج على مستوى المحافظات في شتى المديريات والأحياء والحارات والقرى والأرياف.. تقول اللجنة المنظمة إنها بالكاد تنظم وتُحصي مسيرات عواصم المحافظات، أما الوقفات والأنشطة وهي متعددة المضامين والمواقيت فجرت خارج إحصاء الجهات المسؤولة على نسق من العفوية والمبادرة الشعبية في تصاعدية يضبطها وقع المعركة في غزة وحجم المآسي فيها .
الأيام الأولى من شهر نوفمبر تعلن الدفاع اليمنية باكورة عملياتها على أهداف إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويا له من بيان فصل في لحظة تاريخية ستؤول إلى ما يمحو من ذاكرة الوعي العربي مآسي النكبة ويفكها من قيود النكسة؛ حين أطلقت الصاروخية اليمنية عنان البركان والفقار نحو العدو المحاط بخرافة القوة المطلقة ووهم العصمة من الهزيمة في لحظة زهو غير مسبوقة في تاريخ كيانه المستجد والمؤقت.
عكس الخروج الجماهيري -نهار الإعلان- بهجة الناس المتعطّشة للرد والمتلهِّفة للانتقام، شعرَ الكلُ في جميع الساحات اليمنية بثمرة التفويض ولمسوا تقدير القيادة العالي للموقف التاريخي المنصهر في المسؤولية بين تطلعات الشعوب الإسلامية المتقاطعة مع رؤية القيادة الثورية في اليمن، قيم لا تتزحزح ومبادئ لا تتجزأ على مسرح المعركة الواحدة والقضية الموحدة؛ فلسطين عادت وهذه أهم تمظهرات الطوفان المرتدة على نحوٍ ساء وجه العدوّ وخيّب آماله، تعود القضية الفلسطينية محمولة على أكتاف جيل أجاد قراءة التاريخ القريب بعين العظة، وفي يديه بنادق جيوش العرب في تشرين الأول وقد صارت بالستيات وصواريخ ومسيّرات؛ يد تقاتل وتكافح ولا تفاوض ولا تصافح ولا تسامح.
يمن المسيْرات والمسيّرات
أقوى من العملية الصاروخية اليمنية الوعد باستمرارها، أمر كرره السيد في خطابه الافتتاحي لذكرى الشهيد؛ الخطاب الذي حمل من ركائز المواجهة ما يوحّد المعركة أو يعيد الوعي بها، وإن ترامت في جبهات وتباعدت.
بكل ثقة ويقين ودون مواربة ولا حرج ألقى السيد ثقل القوات المسلحة وأثقال أسلحتها الاستراتيجية في جعبة طوفان الأقصى وفي حوزة أبطالها وفرسانها.. جاهزون ونرقب ونواصل ومستمرون وحاضرون حيثما استطعنا بقدر ما لدينا، ولن نألوا.. نفذنا ونخطط للمزيد وسننفذ المزيد، وأملنا أن يلقانا الأشقاء أو يتقدمونا في المواجهة.
لا ضمير للأنظمة المتواطئة، ولا حجة للشعوب المتضامنة وهي ترى اليمن المحاصَر والمحارب يقدّم لفلسطين ما تعجز عنه سبع وخمسون دولة إلا قليل.
يعبر القائد اليمني عن أصالة الموقف اليمني الإيماني وموقع القضية ومركزيتها في عمق الوعي اليمني رسميا وشعبيا واضعاً سقفا أعلى للمواجهة لا يعلوه موقف في العالم الإسلامي، وداعياً إلى مغادرة مربّع البيانات العاجزة إلى ميادين الأفعال الوازنة والمواقف الكبرى، يقول السيد ما يقوله على وقع ما تقدمه الصاروخية والمسيّرات اليمنية، من منبر صدق القول والموقف.
يرفع السيد مُمكنات الشعوب العربية في سياق خياراتها المتاحة، وترفع له الجماهير في الدول العربية والإسلامية قبعاتها إجلالاً للموقف اليمني والوقفة التاريخية الفريدة؛ وبهذا القدر من العزم والحضور يغدو الخروج اليمني في التظاهرات والمسيْرات من الأهمية بما لا يقل عن الصواريخ والمسيّرات.
لستم وحدكم :
شعار اليوم الأول والساحات، الكل يتبلور مشروعا لمناصرة فلسطين، هكذا يكون الخروج ويثمر مواقف مبدئية تنصهر فيها اليمن في نصرة فلسطين، خروجُنا- يقول المتظاهرون – مددٌ يعيد القضية لمركزيتها وينفخ الروح في أهلها الغافلون عنها؛
فليحيا إن شاء المطبعون أو ليستحوا؛ وقد بدوا عراةً إلا من عار الموقف، واستثناءً وسط إجماع عربي وإسلامي وتعاطف إنساني عالمي عنوانه فلسطين قضية حق وحق القضية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“اليمن مع فلسطين” إسناد متكامل، وفاعلية ملموسة
يمانيون../
لم تتوقف جرائم حرب الإبادة الصهيونية في غزة، ولا محاولات إخماد النيران اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، ولا أفق لكبح هوس التمدد والتوغل في سوريا والخروق في لبنان، فالولايات المتحدة الأمريكية تعتزم تقديم المزيد من الدعم العسكري لهذا الكيان، وتواصل قرع الطبول لتصعيد الاعتداءات ضد اليمن وجر المزيد من الدول والأطراف الرخيصة لمواجهة ما يسميه قادة العدو الجناح المتبقي لمحور المقاومة.
وبخلاف الخذلان العربي والإسلامي للقضية المركزية وتواطؤ الأنظمة العميلة والمطبعة مع كيان العدو الإسرائيلي، برز الموقف اليمني التاريخي المساند لفلسطين والأقصى الشريف منذ اللحظة الأولى لانطلاق “معركة طوفان الأقصى” بالإعلان الرسمي والشعبي عن تأييد المقاومة الفلسطينية ومساندتها بكل الوسائل الممكنة حتى تحرير الأرض وحماية المقدسات واستعادة كامل الحقوق دون نقصان، في مقابل دعم أمريكي غربي لامحدود لكيان العدو.
دعم أمريكي جديد للعدو بثمانية مليارات دولار
مواصلة لدعم ربيبتها “إسرائيل” وإصرارا على استمرار جرائم حرب الإبادة الجماعية قال مسؤول أمريكي الجمعة الماضية إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخطرت الكونجرس بصفقة أسلحة محتملة مع كيان العدو قيمتها ثمانية مليارات دولار في خطوة أخيرة وقبل مغادرتها البيت الأبيض، وتشمل الخطوة -وفق موقع صهيوني- ذخائر طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية وقذائف مدفعية وقنابل صغيرة القطر ورؤوسا حربية.
وذكر تقرير نشره موقع أكسيوس الإخباري أن الصفقة ستحتاج إلى موافقة لجان في مجلسي النواب والشيوخ. وكسابقاتها لا يوجد ما يهدد بعرقلة الصفقة رغم تصاعد الاحتجاجات والمطالبات بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى كيان العدو، لاستخدامها في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية فالسياسة الأمريكية تبقى ثابتة دون تغيير حتى مع الخذلان الكبير الذي تعرض له الحزب الديمقراطي من اللوبي اليهودي في الانتخابات. ففي أغسطس العام المنصرم، وافقت الولايات المتحدة على بيع طائرات مقاتلة ومعدات عسكرية أخرى بقيمة 20 مليار دولار إلى الكيان.
ورغم الانتقادات الدولية، تقف واشنطن إلى جانب كيان العدو بكل إمكاناتها. وبالفيتو في مجلس الأمن منعت قرارات تدعو لوقف إطلاق النار لدواع إنسانية، كما استغلت نفوذها وهيمنتها على العالم لتشكيل تحالفات بحرية لحماية سلاسل إمدادات الكيان التجارية في البحر الأحمر.
“المسيرات المليونية” انفراد وتألق يماني في معركة الإسناد
جنبا إلى جنب مع قيادته وقواته وسلطاته السياسية، أثبت الشعب اليمني بصموده وحيويته واستمراريته في التفاعل الذي لا نظير له مع القضية الفلسطينية أنه الركن الشديد الذي يركن إليه الشعب الفلسطيني المظلوم لمساندته بعد الله سبحانه لوقف حرب الابادة والتجويع، والجبلُ الراسخ الذي لم تهزه عواصف الأعراب وتسونامي الولايات المتحدة والغرب الكافر، ففي كل جمعة من كل أسبوع يغص ميدان السبعين وكل الساحات في المحافظات الحرة بالملايين من اليمنيين تضامنا مع غزة ودعما واسنادا لمقاومتها الباسلة بكونه التزاما دينيا وواجبا انسانيا، لا يخضع لأي اعتبارات، يقوى بالتهديدات ولا يتأثر بالإغراءات؛ ولهذا عجز الأعداء عن إجبار الشعب اليمني على التراجع عن هذا الموقف، رغم استخدامهم كل الضغوط السياسية، والاقتصادية، والاعتداءات الإجرامية.
“التعبئة الجهادية” تخريج أكثر من 700 ألف مقاتل
ولأن المعركة مصيرية والاسناد يجب أن يكون متكاملا، تميز موقف الشعب اليمني أيضا بمواقف علمائه التي تحرض على الجهاد والإنفاق في سبيل الله، وفي مواقف قبائله التي ترج بسلاحها، وتجدد موقفها الصريح والقوي والثابت، لدعم خيارات القيادة في منع الملاحة الصهيونية وتكثيف قصف الوسط الفلسطيني المحتل، انطلاقاً من إرثها وتاريخها الحافل بالإنجازات في مواجهة الغزاة والطامعين على مر التاريخ. وبهذا النشاط والفعاليات المتواصلة والمتنوعة يتبين للأعداء أن الوعي الشعبي اليمني بخطورة اليهود ومخططاتهم الاستعمارية يتنامى يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد آخر، وما يزيد قلق الصهاينة هو استمرارية حالة التعبئة، الجهادية على كل المستويات وتخريجها لأكثر من 700 ألف مقاتل من “دورات الأقصى” لشعب هو في الاساس مقاتل بالفطرة.
وفي نصرة الشعب الفلسطيني سخر اليمن كل وسائل إعلامه لفضح جرائم اليهود وأعوانهم ولم يبخل الشعب اليمني لا بالمال ولا بالنفس، إذ تستمر حملات التبرع والإنفاق على الصعيدين الرسمي والشعبي، مع تقبل التضحيات بصبر وإيمان؛ إرضاء لله سبحانه وتعالى وإعلاء لكلمته.
وفي هذا السياق أسفرت اعتداءات ثلاثي الشر الأمريكي والبريطاني والصهيوني عن المئات من الشهداء والجرحى، عدا عن الخسائر المادية والأضرار في البنى التحتية.
1. السيد_القائد_نحن_في_صراع_في_مواجهة_في_تطوير_قدرات_وبلغ_عدد_المتدربين
“المشاركة العسكرية” اليمن عنصر المفاجأة
في الواقع -وربما قد تحدثنا عن هذا سابقا- لو اقتصر دور اليمن المناصر للشعب الفلسطيني على المسيرات والفعاليات الشعبية وفي مستوى أقل مما تشهده ساحاته كل يوم وأسبوع، لكان ذلك محمودا للشعب اليمني نظرا لبعد المسافة عن فلسطين التي تزيد عن 2000 كم ولما يعانيه هذا الشعب من أزمات معيشية واقتصادية نتيجة عدوان سعودي إماراتي أمريكي وحصار مستمر لعقد من الزمن، لكن بفضل الله حطمت الجبهة اليمنية كل القيود وكان لها دور مؤثر في البحار بمنع الملاحة الصهيونية وإذلال حاملات الطائرات الأمريكية وقصف في العمق المحتل لم تخفت وتيرته بل تزداد مرحلة بعد أخرى.
وعلى أكثر من ساحة وميدان يمضي اليمن في كسر المعادلات الإقليمية بإمكاناته وقدراته العسكرية المتوفرة، ويواجه بكل بسالة واقتدار قوى الشر والإجرام، وبعد مراحل من التسخيف والتقليل من فاعلية العمليات اليمنية، أقر العدو الاسرائيلي بالحصار الكلي لميناء أم الرشراش “إيلات” وفشل منظوماته في اعتراض مسيرات اليمن وصواريخه الفرط صواية التي ازدادت وتيرتها بعد 15 شهرا من المواجهة، وذلك في إطار تحريض الولايات المتحدة واستجداء تدخل أكبر منها ومن شركائها الغربيين وعرب التطبيع لردع بلد لا يعرف في قاموسه الانكسار والهزيمة بفضل الله تعالى وعونه.
موقع أنصار الله إسماعيل المحاقري