كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الادعاءات الإسرائيلية بأن القذيفة التي سقطت على مستشفى الشفاء كانت فلسطينية، غير صحيحة، فالقذيفة كان مصدرها الجيش الإسرائيلي.

وزارة الصحة بغزة: جرحى في قصف إسرائيلي استهدف ساحة مجمع الشفاء الطبي بقذيفة غير مسبوقة (فيديو)

وقالت الصحيفة في تحقيقها: "بعد دقائق من الساعة الواحدة من صباح يوم الجمعة، ومع احتدام القتال بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حماس، اُطلقت قذيفة على أكبر مجمع طبي في غزة وسقطت بوسط باحة مستشفى الشفاء، وهو المكان الذي لجأ إليه آلاف النازحين من غزة".

وأضاف التحقيق: "سقط المقذوف على بعد أمتار قليلة من أحمد حجازي، وهو شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي كان يوثق الصراع. وقام بتصوير مقطع فيديو للقذيفة وهي تنفجر، ثم لرجل يتألم وبترت ساقه من جراء الانفجار".

وأشار التحقيق إلى أن هذه الضربة كانت الأولى من بين أربع ضربات على الأقل استخدمت فيها ذخائر متعددة على أقسام مختلفة من المجمع بين الساعة الواحدة صباحا والساعة العاشرة صباحا يوم الجمعة، وقال مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية في اتصال هاتفي إن سبعة أشخاص قتلوا وأصيب عدد آخر.

وشددت الصحيفة، على أنه "وبعد ساعات من الانفجار الأخير، ألقى الجيش الإسرائيلي باللوم على مسلحين فلسطينيين غير محددين، قائلا إن “قذيفة خاطئة” أصابت المستشفى بدلا من قوات الجيش الإسرائيلي المنتشرة في مكان قريب".

ويؤكد تحقيق "نيويورك تايمز" على أنه "يبدو أن ثلاثة على الأقل من القذائف التي أصابت المستشفى كانت ذخائر إسرائيلية، وفقا لصور شظايا أسلحة تم جمعها والتحقق منها وحللها الخبراء".

وأشارت الصحيفة إلى أن تأكيد إسرائيل بأن مستشفى الشفاء قد أصيب بالفعل بقذيفة فلسطينية يعكس ادعاءات وادعاءات مضادة مماثلة - ولم يتم حلها - في أعقاب الصاروخ الذي أصاب ساحة مستشفى آخر في غزة وهو المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في 17 أكتوبر الماضي.

وبحسب "نيويورك تايمز"، "تشير الأدلة التي استعرضتها الصحيفة من "مستشفى الشفاء" بشكل مباشر أكثر إلى الضربات التي شنتها إسرائيل سواء عن قصد أو عن طريق الصدفة غير واضحة".

وأوضحت الصحيفة، أنه "بالإضافة إلى بقايا المقذوف، يظهر تحليل لقطات الفيديو أن ثلاثة من القذائف أطلقت على المستشفى من الشمال والجنوب، على عكس المسار الغربي المشار إليه في الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي، والتي قال إنها مبنية على رادار الاكتشافات. وأظهرت صور الأقمار الصناعية وجود مواقع للجيش الإسرائيلي شمال وجنوب المستشفى في وقت مبكر من يوم الجمعة".

وشددت "نيويورك تايمز" على أنه "لا يبدو أن الضربات التي حللتها الصحيفة تستهدف البنية التحتية أي ما تحت الأرض. فقد استهدفت اثنتان من أشد الضربات الطوابق العليا في قسم الولادة، ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الأدلة التي قدمتها الصحيفة، وقالت إن القوات الإسرائيلية انخرطت في معركة مكثفة ضد حماس، وأنه بسبب النشاط العسكري المحدد الجاري حاليا، لا يمكننا الرد على استفسارات محددة أو تأكيدها".

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز": "القذيفة الأولى التي صورها السيد حجازي في الساحة التقطها أيضا الناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي، الذي كان يخيم في المستشفى منذ أسابيع، وكان الجعفراوي موضوعا لخلافات شتى على الإنترنت بسبب منشوراته الغزيرة (منشورات توثق القصف الإسرائيلي على غزة – محرر) على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأضافت الصحيفة: "أكدت مراجعة بيانات الفيديو الخاصة بالناشط صالح الجعفراوي أنه قام بتصوير المشهد مباشرة بعد الغارة، وتم تصويره في مكان الحادث في مقطع فيديو آخر قدمه الصحفي الغزاوي معتصم مرتجى، وتتطابق مقاطع الفيديو التي التقطها الجعفراوي لمكان الحادث مع الصور التي التقطها مرتجى وحجازي، وتتوافق مع الروايات التي قدمها مدير المستشفى وخبراء الأسلحة وشهود آخرون".

وحدد مارك غارلاسكو، وهو محلل استخبارات كبير سابق في البنتاغون، المقذوف على أنه قذيفة مدفعية إسرائيلية تستخدم عادة لتحديد الأهداف في الليل.

كما حددها أيضا ريتشارد ستيفنز، جندي سابق في قسم إبطال الذخائر المتفجرة في الجيش البريطاني، على أنها طلقة مضيئة بالنظر إلى عدم وجود وهج انفجار عند سقوط القذيفة.

وأضاف تحقيق الصحيفة، أنه "في وقت ما بعد الساعة الثانية صباحا، تعرض المستشفى للقصف مرة أخرى، وهذه المرة بقذائف متفجرة اخترقت جدار الطابق الخامس من قسم الولادة. وأظهر مقطع فيديو تم تصويره في أعقاب ذلك مباشرة بطانيات وكراسي وأحذية متناثرة في جميع أنحاء القسم. ووسط الحطام كانت هناك زعانف معدنية حددها السيد غارلاسكو على أنها ذيول قذائف دبابة عيار 120 ملم من النوع الذي تستخدمه فقط القوات الإسرائيلية، وليس المسلحون الفلسطينيون، الذين ليست لديهم دبابات".

وقال: "الضرر الذي لحق بالقسم متسق للغاية مع قذائف دبابة شديدة الانفجار عيار 120 ملم"، في إشارة إلى قذائف شديدة الانفجار.

وقد أثبتت الصحيفة أن هذه القذائف أطلقت على الأرجح من اتجاه جنوبي باتجاه المستشفى، وهو ما يتعارض مرة أخرى مع الخريطة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي، وقال الدكتور أبو سلمية مدير المستشفى، إن رجلا يبلغ من العمر 61 عاما قتل في الغارة، كما أصيبت امرأتان.

وتابعت الصحيفة: "بحلول الساعة الثامنة صباحا، كان نفس جناح مبنى الولادة قد تعرض للقصف مرة أخرى. هذه المرة تم تفجير جزء من الجدار الخارجي وتضرر الجزء الداخلي من المبنى بشكل كبير، وقال الدكتور أبو سلمية إن هذا الانفجار اجتاح المستشفى، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص كانوا يحتمون بالداخل وإصابة آخرين. وأظهر مقطع فيديو تم تصويره في أعقاب الحادث مباشرة أضرارا جسيمة ومغادرة عشرات الأشخاص المنطقة".

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن المستشفى كان مكتظا بكامل طاقته عندما تعرض للقصف. منذ بداية الحرب، لم يتم استخدام المستشفيات في غزة لعلاج الجرحى فحسب، بل أيضا لإيواء الآلاف من النازحين من سكان غزة.

وأضافت: "أظهرت مقاطع الفيديو التي صورها مراسل يعمل مع قناة الجزيرة داخل المستشفى في 30 أكتوبر وتم تقديمها للصحيفة، نساء وأطفالا ورضعا يملؤون ممرات وسلالم مبنى الولادة. ويُظهر أحد مقاطع الفيديو أكثر من 20 امرأة وطفلا يخيمون داخل المنطقة نفسها التي يبدو أنها تعرضت فيما بعد للقصف بالقذائف الإسرائيلية".

وقال شهود إنه بعد حوالي ساعة ونصف من قصف قسم الولادة للمرة الثانية، سقطت قذيفة على الجانب الآخر من مجمع الشفاء عند مدخل مزدحم للعيادة الخارجية.

وأظهر مقطع فيديو صوره أحمد حجازي مشاهد لرجال ونساء وأطفال أصيبوا في الغارة، وكان طفلان ملقيان على الأرض مقتولين، وصرخت فتاة صغيرة والدماء على وجهها أمام الكاميرا، وقال رئيس المستشفى إن هذه الغارة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين.

وأظهرت صورة حصلت عليها الصحيفة الأضرار الناجمة عن القذيفة التي أصابت منطقة العيادات الخارجية، لكن السيد غارلاسكو والسيد ستيفنز، خبيري الأسلحة، قالا إن الصورة لا تقدم تفاصيل كافية لتحديد نوع الذخيرة المستخدمة في الهجوم.

وقال مدير المستشفى إن آلاف الأشخاص غادروا مستشفى الشفاء بعد ظهر يوم الجمعة واتجهوا جنوبا، لكن مئات من الموظفين والمرضى والأشخاص الذين يبحثون عن مأوى ما زالوا موجودين.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود نقلا عن أحد موظفيها في المستشفى: "هناك قتلى في الشوارع، نرى الناس يتعرضون لإطلاق النار. يمكننا أن نرى الجرحى. نسمعهم يبكون طلبا للمساعدة، لكننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء. الخروج من المبنى أمر خطير للغاية”.

وحذرت إدارة بايدن إسرائيل يوم الأحد، من الانخراط في القتال في مستشفيات غزة، حتى مع تأييدها لتأكيد إسرائيل أن "حماس" تستخدم مثل هذه المرافق المدنية لحماية مقاتليها وتخزين الأسلحة.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة جرائم حرب جرائم ضد الانسانية حركة حماس صواريخ طوفان الأقصى قطاع غزة كتائب القسام هجمات إسرائيلية وسائل الاعلام الجیش الإسرائیلی نیویورک تایمز مستشفى الشفاء یوم الجمعة مقطع فیدیو على أنه

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟

تطرقت صحيفة نيويورك تايمز إلى قضية تقديم المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان علي قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة لتسلط الضوء على سلطات المحكمة الجنائية الدولية وحدود ولايتها القضائية في سياق السياسة الدولية.

المحكمة الجنائية الدولية: أداة للعدالة الدولية

تأسست المحكمة الجنائية الدولية قبل أكثر من عقدين لتقديم المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، وجرائم العدوان إلى العدالة. النظام الأساسي للمحكمة، المعروف بـ "نظام روما"، وقّعت عليه 120 دولة، مما يجعلها أعضاء في المحكمة.

رغم أن إسرائيل ليست من بين الدول الموقعة، فإن توقيع السلطة الفلسطينية على النظام الأساسي يتيح للمحكمة فتح تحقيقات حول الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. في هذا السياق، وجهت المحكمة اتهامات لنتنياهو وجالانت باستخدام أساليب مثل التجويع كأداة حرب.

حدود السلطة: تحديات تنفيذ العدالة

تشير الصحيفة إلى أن سلطات المحكمة الجنائية تواجه عراقيل بسبب عدم اعتراف العديد من الدول الكبرى بولايتها، بما في ذلك الولايات المتحدة، روسيا، والصين، التي لم تصادق على نظام روما الأساسي. هذه الدول لا تلتزم بالمذكرات الصادرة عن المحكمة ولا تسلم مواطنيها إليها، مما يضعف فاعلية المحكمة في ملاحقة المتهمين الدوليين.

رغم ذلك، يمتد نطاق ولاية المحكمة نظريًا إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء، إذ يمكن لمجلس الأمن الدولي إحالة حالات إلى المحكمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة. لكن مع التوترات بين الأعضاء الدائمين في المجلس (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا)، فإن الإحالة الجماعية تبدو غير مرجحة، كما أشار ديفيد شيفر، السفير الأمريكي السابق والمفاوض في إنشاء المحكمة.

السوابق الدولية: قرارات لم تنفذ

تاريخيًا، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق زعماء بارزين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، والعقيد الليبي معمر القذافي. لكن تنفيذ هذه المذكرات يظل مرهونًا بالتعاون الدولي. على سبيل المثال، زار بوتين منغوليا، وهي دولة عضو في المحكمة، دون أن يُعتقل، كما تمكن البشير من مغادرة جنوب أفريقيا في ظروف مشابهة.

التعاون الدولي: التزام اختياري؟

تعتمد المحكمة على الدول الأعضاء لتنفيذ أوامر الاعتقال. إلا أن بعض الدول تتجاهل التزاماتها الرسمية، مثل المجر التي أعلنت على لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان أنها لن تعتقل نتنياهو إذا زارها، رغم كونها عضوًا في المحكمة.

هذا الموقف يعكس التحديات التي تواجه المحكمة في فرض سلطتها حتى بين الدول الأعضاء، مما يثير تساؤلات حول فعاليتها في محاسبة القادة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: المهاجرون في سباق محموم مع الزمن قبل مجيء ترامب
  • "نيويورك تايمز": المهاجرون يغادرون نيويورك بعد تهديدات من ترامب بالترحيل الجماعي
  • نيويورك تايمز: إدارة ترامب تظهر الوحدة وتضمر تعدد الأيديولوجيات والتوجهات
  • أكبر التحديّات التي تُواجه الجيش الإسرائيلي في لبنان.. ماذا حصل معه يوم السبت؟
  • نيويورك تايمز : إسرائيل تنقل تكتيكات غزة الى الضفة الغربية
  • نيويورك تايمز: الاحتلال ينقل تكتيكات غزة إلى الضفة الغربية
  • «نيويورك تايمز»: محادثات المناخ تنتهي أخيرًا بعد معارك مريرة بسبب خطة التمويل
  • نيويورك تايمز تجيب | كيف يمكن للجنائية الدولية محاكمة نتنياهو وجالانت؟
  • نيويورك تايمز: كيف يمكن للمحكمة مقاضاة نتنياهو وغالانت؟
  • نيويورك تايمز: حزب الله يستخدم صواريخ استنسخها من أسلحة إسرائيلية