هل يتّجه الصراع إلى مواجهة شاملة؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
لم يكن أحد على علم بعملية “طوفان الأقصى” حتى أقرب حلفاء حماس سوى دائرة صغيرة قريبة من محمد الضيف ويحيى السنوار. وهذا بحد ذاته كان عنصر المباغتة الأول، على الرغم من بعض الروايات التي تفتقد الحد الأدنى من الأدلة والمصداقية، حيث شكلّت المفاجأة المدوية لعملية “طوفان الأقصى”، بمسارها ونتائجها، المدخل الأول والأخير للدلالة على مستوى السرية التي أحيطت بها مرحلة التخطيط والإعداد.
للمرّة الألف أؤكد أن هذه العملية ليست مجرد عملية نوعية، وقد تخّطت بنتائجها توقعات الذين خططوا لها، بل هي بمثابة تحوُّل وتطوُّر نقل الصراع من وضعية معادلات الردع والدخول في مقدّمات معادلات النصر.
كيف انتقلت المقاومات من معادلات الردع إلى مقدّمات معادلات النصر؟
بعد ساعات من بدء العملية؛ صرّح أغلب قادة الكيان الصهيوني بأن ما تعرضوا له هو تهديد وجودي لا سابق له، وهو أمر دقيق وصحيح، فالكيان قام على دعامتين أساسيتين هما:
1- الجيش الذي أقيمت له دولة ووظيفة.
2- الدعم الغربي الذي بدأ بريطانيًا وفرنسيًا وأصبح فيما بعد أميركيًا.
بالنسبة إلى الجيش، ساد شعور عند قادة الكيان بأن مستوى الصدمة كان كفيلًا بإحداث انهيار كبير لا سابق له، تمثل بالقضاء على هيبته وقدراته وكشف نقاط ضعفه، ليس فقط على المستوى التكتيكي، وإنما في المستوى الاستراتيجي المرتبط بمهامه ووظيفته، وهو ما استدعى القيام بردّ الفعل الوحشية المستمرة، والتي هي بمثابة الانتقام، وليس عملًا عسكريًا.
هذه الصدمة فرضت على قيادة الكيان طرح أهداف ذات سقف عالٍ، وباعتقادي واعتقاد الكثيرين، هي أهداف غير قابلة للتحقق:
1- القضاء على حماس واجتثاثها، وهو أمر يخالف الوقائع، فحماس ليست تنظيمًا عسكريًا فقط لتنتهي إذا ما فقدت القدرة على الفعل ببعده العسكري، وإنما هي مجتمع متكامل وانعكاس لفكرة مستمرة هي المقاومة التي تغيّرت على مدى مئة عام في شكلها التنظيمي، وبقيت فكرةً قائمةً تتصاعد وتتشكّل وتتطور بأبعاد متجددة طورًا بعد طور.
2 – تحرير الأسرى الصهاينة بالقوة العسكرية، وهو ما لم يستطع الكيان الصهيوني تحقيقه أبدًا بالرغم من بعض المحاولات تاريخيًا، والتي انتهت بمآسٍ، لذلك هو مضطر لدخول مفاوضات والرضوخ لصفقة ستكون هذه المرّة من أكبر صفقات التبادل بالنظر إلى عدد الأسرى الكبير.
3- احتلال القطاع والسيطرة عليه، بشكل مباشر، أو تسليم زمام الأمور للسلطة الفلسطينية. وفي الحالين لن يستقرّ الأمر لا للصهاينة ولا للسلطة، وسوف يواجهون بمقاومة ستجبرهم على الرحيل، كما حصل في العام 2005.
اذًا؛ ومهما طالت المواجهة فالتدبير المنطقي الذي يجب أن تسلكه قيادة الكيان هو البدء بتحضير الأجواء للنزول عن الشجرة، وإلا البديل هو تصاعد الأمور على الجبهات الأخرى، خصوصًا أن تراجعًا قريبًا لن يحصل لا من الصهاينة ولا من الأميركيين، وهو العامل الأخطر الذي يشبه القنبلة الموقوته، والتي يحمل جهاز التفجير بيده هو من يدير هذه الحرب، واقصد هنا الأميركي الذي يملك وحده مفاتيح إنهاء الحرب أو توسيع مجالها ومستواها.
بالنظر إلى التناقض بين تصريحات الديبلوماسيين الأميركيين ومسؤولي البنتاغون، من الواضح أنهم يحاولون تطبيق نظرية “العصا والجزرة”، متجاهلين أن هذه النظرية لم تُفلح معهم في كل حروبهم، ما يُبقي الأمور مفتوحةً على احتمالات التصعيد وليس انخفاض وتيرة الاشتباك، سواء على جبهة غزة أو على الجبهات الأخرى. وهذا ما يدركه قادة محور المقاومة، ويعدّون له العدّة في الوقت نفسه الذي يديرون فيه المعركة بما يتناسب وخصوصية كل جبهة، وبما يحقق وحدة الساحات وتكامل الجبهات.
موقع العهد الاخباري / عمر معربوني
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بلطجة الكيان الصهيوني
د. لولوة البورشيد
في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الكيان الإسرائيلي يستمر في ممارسة بلطجته، بينما يتغلب الصمت على الصرخة الفلسطينية. هذا الصمت الدولي يظهر في غياب الفعل الحاسم لوقف الانتهاكات الإنسانية اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
البلطجة هنا لا تقتصر على القتل والتدمير، بل تمتد إلى سياسات الحصار، القمع، وإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية. هذه السياسات تجعل من الحياة في فلسطين جحيمًا، حيث يتعرض المدنيون للاستهداف اليومي، ويعيشون تحت ضغط دائم من الحصار الاقتصادي والعسكري.
وأي معالجة دولية للاحتلال، يظهر جليًا أن العديد من الدول الكبرى، رغم إداناتها الرسمية للفعل، تعمد إلى التحجج بمصالحها السياسية والاقتصادية. تظل الولايات المتحدة، على سبيل المثال، الحليف الأكثر دعمًا للكيان الصهيوني، مما يعكس انحيازًا واضحًا يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان. هذا الواقع يجعل من الصعب على الدول العربية وغيرها من القوى العالمية الضغط بشكل فعّال على إسرائيل للامتثال للمعايير الدولية.
الصمت الدولي يعكس ازدواجية المعايير؛ حيث تتجاهل الدول الغربية والمنظمات الدولية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي. القرارات التي تصدر من الأمم المتحدة تبقى حبراً على ورق، بدون تطبيق أو محاسبة فعلية.
وتلعب المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، دورًا في إصدار القرارات المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن هذه القرارات غالبًا ما تبقى بدون تنفيذ. هذه الوعود غير المترجمة إلى أفعال تعكس عجز المجتمع الدولي عن حماية حقوق الفلسطينيين وتوفير الدعم اللازم للضحايا.
هذا الصمت يغذي اليأس بين الفلسطينيين، حيث يشعرون بالخيانة من جهة المجتمع الدولي الذي يدّعي حماية حقوق الإنسان. الصرخة التي ترفعها فلسطين للعالم تتلاشى في هذا الصمت، وما يبقى هو الإحساس بالوحدة والعزلة.
الحل لا يأتي إلا بكسر هذا الصمت، بوضع ضغوط فعلية على إسرائيل لإنهاء بلطجتها، وتطبيق القانون الدولي بجدية. يجب على الدول العربية والإسلامية أن تتكاتف لتكون صوتًا قويًا يخترق هذا الصمت، وعلى الجماعات الدولية أن تلعب دورها بالفعل في حماية الشعب الفلسطيني.
ردود الفعل الرسمية في الدول العربية تتنوع بين الاستنكار والإدانة، لكن غالبًا ما تفشل في تحقيق تغيير ملموس. بعض الدول تجري اتصالات سرية مع الكيان الصهيوني في أوقات تتطلب التعاطف مع القضية الفلسطينية، مما يؤدي إلى إيذاء القيم العربية والإسلامية المشتركة.
عندما يتغلب الصمت على الصرخة، فإن الفظائع تستمر وتتراكم، ويظل الحلم بالعدالة والسلام بعيدًا. بينما يتجاهل الكيان الصهيوني القوانين الدولية وحقوق الإنسان، يظهر العالم كأنه مكتوف الأيدي. إن التصدي للبلطجة الإسرائيلية بحاجة إلى وحدة عربية وإسلامية فعالة، إضافة إلى تضامن عالمي حقيقي.
وأخيرًا.. إن الأمر يتطلب تغييرًا جذريًا في الديناميكيات الدولية، ودعمًا أكبر للمبادرات السلمية التي تأخذ بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين وحقهم في تقرير مصيرهم.