قضايانا في القمة السعودية- الأفريقية
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
قضايانا في القمة السعودية- الأفريقية
عبد الله رزق
لم يكن الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة، موفقاً في طرح قضايا السودان في القمة السعودية-الأفريقية، التي استضافتها الرياض، يوم الجمعة الماضي. حيث اهتم بالتركيز على ماهو آني وتكتيكي وعرضي، مما يتصل بالحرب، التي وصفها يوماً بالعبثية، بدلاً من استثمار الفرصة الثمينة المتاحة، لعرض رؤية استراتيجية لشراكة سودانية- سعودية، تاخذ في الحسبان، بجانب وقف الحرب، مستلزمات إعادة البناء والإعمار في مرحلة ما بعد الحرب، والتي قد ترقى لما يكافئ خطة مارشال، بجانب إعادة تأسيس شراكة سودانية- أفريقية، تستند للمعطيات الجيوسياسية، لا تقتصر على “الجسر الرابط بين الجنوب والشمال”، وإنما تتسع لاستيعاب دوائر الانتماء والعلاقات الأفريقية ،مع غرب وشرق أفريقيا، بما في ذلك القرن الأفريقي، خاصة.
فمثلما فعل- دون جدوى، تذكر- في خطابه في الأمم المتحدة، حاول البرهان تعبئة الرأي العام العالمي ضد قوات الدعم السريع، التي وصفها بالمتمردة واتهمها بارتكاب جرائم بحق المدنيين، والتحريض على تصنيفها كقوة إرهابية، وهو مما لا يتناسب مع واقع المفاوضات الجارية بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، في جدة، برعاية إقليمية ودولية.
لقد حان الوقت لتقنين الشراكة بين المملكة السعودية والسودان، وترقيتها، وهي شراكة لا تنهض من فراغ، فلها جذورها في التعاون المتصل بين البلدين في شتى المجالات، وفي مختلف العهود.
فقد اهتمت السياسة السودانية، بالعلاقة الأزلية مع مصر، في مختلف الحقب. وحاولت، في الأزمنة الحديثة، صياغتها في العديد من قوالب الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدءاً من وحدة وادي النيل حتى اتفاق الحريات الأربع. وتفسح القمة الأفريقية- السعودية المجال، أمام تأطير العلاقة الأزلية، أيضاً، مع السعودية، وكذلك مع بلدان شرق وغرب أفريقيا.
بهذا التجمع غير المسبوق، عربياً، والذي سبقته ملتقيات مماثلة، نظمتها قوى دولية، منها: فرنسا وروسيا والصين، لغرض تعزيز فرص التعاون مع القارة، تبرز السعودية كقوة إقليمية مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، بجانب تركيا وإيران، وتتطلع للقيام بدور أكبر، لا على مستوى القارة الأفريقية، فحسب، وإنما على الصعيد العالمي، أيضاً.
ومنذ 25 اكتوبر 2021، تلعب السعودية، في إطار تحالف دولي، دوراً متزايداً في مساعي تفكيك الأزمة السودانية الناتجة من الانقلاب، والتي بلغت ذروتها في حرب 15 ابريل 2023. وتستضيف السعودية منبر جدة التفاوضي، كأحد الميسرين بجانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، حيث تتكثف الجهود من أجل إنهاء الحرب. في هذا الإطار، أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان اهتمام بلاده باستقرار وسلام السودان.
يشترك السودان مع العديد من البلدان الأفريقية في معاناة جملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث ينتظر- في إطار الشراكة مع السعودية، قيد التكوين- إيجاد معالجات جذرية لها.
لقد أصبح السودان، مثل بلدان أخرى في شرق وغرب القارة، بلداً طارداً لأهله، ويكاد لا يصلح للسكنى، بسبب تفشي الفساد والقهر والفقر والعنف الإثني والطائفي. وتمثل تفاقم ظاهرة الانقلابات العسكرية، التي لم ينج منها السودان، أحدث حلقات أزمات التطور السياسي في القارة. وفيما تكابد العديد من دول القارة ،لا سيما دول الساحل، ويلات الإرهاب المموه بالدين، أنجز السودان ثورة عظيمة أطاحت بأهم ركن من أركان الطغيان والاستبداد الديني والسياسي، في العالم، ويسعى السودان بعزم شعبه ودعم أصدقائه للانتقال إلى حكم مدني ديموقراطي، يعزز الاستقرار والسلام والحرية والعدالة. ويشكل مثل هذا الحكم المدني الديموقراطي إطاراً ملائماً للشراكة في التنمية مع السعودية، ومع دول القارة الأفريقية، حيث ينتظر إحداث طفرة كبيرة في التنمية في العديد من المجالات، تمكن من تحقيق الاستقرار وتعزيز السلام، والتغلب على الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية كقاعدة للاستقرار السياسي.
لقد أظهرت الحرب ضعف كيان السودان، وهيأت- بالتالي- المجال لتنامي وتصاعد دعوات التقسيم ونزعات الانفصال. الأمر الذي يحتم على دول الجوار والإقليم ودول العالم كافة، العمل على دعم وحدة السودان وسيادته. يلفت الانتباه في هذا السياق، تصريح ولي العهد السعودي، باعتبار وحدة السودان خطاً أحمر للمملكة. وهو تصريح مهم ويجيئ في وقته تماماً.
الوسومالأمير محمد بن سلمان الجيش الدعم السريع الرياض القرن الأفريقي القمة السعودية الأفريقية شرق أفريقيا عبد الفتاح البرهان عبد الله رزقالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان الجيش الدعم السريع الرياض القرن الأفريقي القمة السعودية الأفريقية شرق أفريقيا عبد الفتاح البرهان القمة السعودیة العدید من
إقرأ أيضاً:
مليون شخص فروا من السودان جراء الحرب إلى جنوب السودان
الخرطوم - قالت الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص فروا من الحرب السودانية إلى جنوب السودان المجاور ولفتت إلى أن هذه الأرقام توضح حجم الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
قُتل عشرات الآلاف وأُجبر أكثر من 12 مليونا على النزوح منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023.
وأفادت بيانات نشرتها الأمم المتحدة بأن أكثر من 770 ألف شخص فروا عبر معبر جودة الحدودي خلال 21 شهرا، بينما عبر عشرات الآلاف إلى جنوب السودان في أماكن أخرى، ليصل الإجمالي إلى أكثر من مليون.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بيان إن القسم الأكبر من المليون شخص الذين عبروا الحدود هم من مواطني جنوب السودان الذين فروا سابقا من الحرب الأهلية التي اندلعت بعد سنتين من قيام الدولة الجديدة في 2011.
وقالت سناء عبد الله عمر من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "إن وصول أكثر من مليون شخص إلى جنوب السودان هو رقم مهول ومخيف ويُظهر حقا مدى اتساع نطاق هذه الأزمة".
وقالت إن "شعب جنوب السودان يواصل التعامل بسخاء وترحيب بالمحتاجين ويشاركهم القليل مما لديه من موارد، لكن سكان جنوب السودان لا يستطيعون تحمل هذه المسؤولية الضخمة بمفردهم".
ودعا بيان الأمم المتحدة إلى مزيد من الدعم لكل من النازحين والمجتمعات التي تستضيفهم، مع الإشارة إلى الضغوط الكبيرة على الموارد في جنوب السودان مثل الرعاية الصحية والمياه والمأوى.
وقال البيان إن مركزين للعبور في مقاطعة الرنك عند الحدود الشمالية لجنوب السودان صُمما لاستقبال أقل من 5000 شخص لكنهما يستضيفان الآن أكثر من 16000 شخص.
في الأسبوع الماضي، قُتل 16 مواطنا سودانيا في جنوب السودان بعدما تحولت الاحتجاجات المناهضة للسودانيين إلى أعمال نهب وعنف، وفقا للشرطة.
يعاني السودان من أسوأ أزمة نزوح داخلي في العالم وتم إعلان المجاعة في أجزاء منه.
ويتواجه في الحرب رئيس الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ضد نائبه السابق محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات الدعم السريع.
واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك استهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية من دون تمييز.
واتُهمت قوات الدعم السريع على وجه التحديد بالتطهير العرقي والعنف الجنسي المنهجي وحصار مدن بأكملها.
وقدرت الأبحاث التي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر وأخذت في الاعتبار الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، بما في ذلك المرض والجوع، أن أكثر من 61 ألف شخص لقوا حتفهم خلال الأشهر الأربعة عشر الأولى من الحرب.
Your browser does not support the video tag.