صدى البلد:
2024-11-24@08:33:31 GMT

حكم مهنة العلاج الطبيعي.. ضوابط المساج والتدليك

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في مزاولة مهنة التدليك الطبي (العلاج الطبيعي) وضوابط ذلك، فهناك صديق لي يعمل في أحد مراكز التدليك، ويقوم بعمل جلسات تدليك بصفة دورية؛ للوقاية من الإصابات العضلية المختلفة، فنهاه أحد أصدقائه عن ذلك معلِّلًا ذلك بأنَّ التدليك يترتَّب عليه كشف العورات، كما أنَّه قد يكون ذريعة لأمور محرَّمة؛ فما حكم عمله في مراكز التدليك لهذا الغرض؟

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن الصورة المسؤول عنها نوعٌ مِن أنواع العلاج الوقائي تدخل في معنى التداوي الجائز شرعًا؛ لما فيها من حفاظ على الجسد، فعن أسامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلَّا الْمَوْتَ، وَالْهَرَمَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

وذكرت أن الحماية من الأمراض إمَّا أن تكون بالوقاية أو بالعلاج؛ فسبل الوقاية سابقة، ووسائل العلاج لاحقة؛ وفي ذلك يقول الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/ 260): [المؤذيات والمؤلِـمَات خلقها الله تعالى ابتلاءً للعباد وتمحيصًا.. وفُهِمَ من مجموع الشريعة الإذنُ في دفعها على الإطلاق؛ رفعًا للمشقة اللاحقة، وحفظًا على الحظوظ التي أذِنَ لهم فيها، بل أذن في التحرز منها عند تَوَقُّعِها وإن لم تَقَعْ؛ تكملةً لمقصود العبد، وتوسعةً عليه، وحفظًا على تكميل الخلوص في التوجه إليه والقيام بشكر النعم، فمن ذلك: الإذنُ في دفعِ ألم الجوع والعطش والحر والبرد، وفي التداوي عند وقوع الأمراض، وفي التَّوَقِّي من كلِّ مؤذٍ، آدميًّا كان أو غيرَه، والتحرُّزِ من المتوقَّعات حتى يُقدِّم العُدَّة لها، وهكذا سائر ما يقوم به عيشُه في هذه الدار من درء المفاسد وجلب المصالح.. وكونُ هذا مأذونًا فيه معلومٌ من الدين ضرورة] اهـ.

وأوضحت، أن الأصل في الوقاية أنَّها مرحلة استباقية تحفُّظية لمنع وصول الداء إلى الجسد في الابتداء، فهي خط الدفاع الأول ضد المرض، فإذا وصل الداء للجسد كان العلاج هو خط الدفاع الثاني؛ ولذلك كانت الوقاية مقدَّمةً على العلاج؛ لأنها آمَنُ منه خطرًا، وأيسرُ تبعةً، وأقلُّ تكلِفةً، فتحفظ بذلك على الإنسان جهده وصحته وماله، وتحفظ على المجتمع ما يمكن أن يتحمَّله من تبعات المرض وآثار تطبيبه وتكاليف علاجه.

أمَّا العلاج فيأتي عقب الإصابة، وغرضُه رفع المرض من الجسم أو تقليل أثره، وقد يتعسَّر إذا أُهمِلَ المريض وتُرِكَ فيه الداءُ، بل قد يتعذر إذا تمكن منه ضررُه، واستحكم فيه أثرُه، ومن هنا قال الحكماء: "الوقايةُ خيرٌ مِن العلاج"، أو كما قيل: "درهمُ وقايةٍ خيرٌ مِن قنطارِ علاجٍ"، وهذا ما عناه الفقهاء بقولهم: "الدَّفْع أسهل من الرفع"؛ فالمراد بالدفع: الاحتياطُ للأمر وتَوَقِّيه، والعملُ على تجنُّبِه وتَلَافيه، وأما الرفع: فهو إزالتُه بعد نزوله، ومحوُه بعد حلوله، فدفع الشيء يكون قبل ثبوته ابتداءً، والرفع يأتي بعد وجوده انتهاءً، فالوقاية خير من العلاج؛ لأنَّ الوقاية دفعٌ والعلاج رفعٌ؛ أي: أنَّ الأخذ بأسباب الوقاية من المرض قبل حصوله، خير وأولى من البحث عن طرق العلاج منه بعد نزوله.

وأشارت إلى أن عنايةُ الشريعة بالوقاية من الضرر المحتمَل تتجلَّى في الأمر بأخذ الإنسان بأساليب الوقاية بقدر الإمكان؛ ليكون في دائرة الأمان؛ حيث يقول تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].

فإذا توصَّلت الجهات الطبية المختصة إلى أنَّ ممارسة نشاطٍ ما يقي من الإصابة بمرضٍ ما أو يقلل من احتمالية الإصابة به، ولم يكن من ورائه مضاعفات أو أخطار، فتُشرَع المبادرة لأخذه؛ لما في ذلك من حفظ النفس ووقايتها من الأسقام، وقد تقرَّر في قواعد الفقه أنَّ للوسائل حكم المقاصد؛ يقول العلامة شهاب الدين القَرافي في "الفروق" (2/ 33، ط. عالم الكتب): [كما أَنَّ وسيلة المحرَّم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة؛ كالسعي للجمعة والحج. وموارد الأحكام على قسمين: مقاصد: وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها، ووسائل: وهي الطرق المُفضِية إليها، وحكمها حكم ما أفْضَتْ إليه من تحريم وتحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها، والوسيلة إلى أفضلِ المقاصد أفضلُ الوسائل، وإلى أقبحِ المقاصد أقبحُ الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة] اهـ.

فإذا ما أفاد الأطباء المتخصصون أنَّ التدليك الطبي يدفع أمراضًا يغلب على الظن وقوعها كان التدليك الطبي حينئذٍ داخلًا في إطار الحاجة الطبية التي تنزل منزلة الضرورة.

قال ابن سينا في "القانون في الطب" (1/ 247، ط. دار الكتب العلمية): [أما الواقعون فِي ذَلِك مِن غبار أَو قُوَّة دَلْكٍ فهم إِلَى الاستحمام أحْوج مِنْهُم إِلَى التمريخ بالأدهان، وليتدلكوا تدليكًا لينًا قبل الحمام وَبعده. وَقد يعرض عُقيب الإفراط فِي الرياضة مَعَ قلَّة الدَّلْك ضعف مع التخلخل، وَقد يعرض من الْجِمَاع المفرط أَيْضًا، ومن الحمام الْمُتَوَاتر، فَيَنْبَغِي أَن يعالجوا برياضة الِاسْتِرْدَاد، وبدلك يَابِس إِلَى الصلابة مَعَ دهن قَابض، ويتناولوا أغذية مرطبة قَليلَة الكمية معتدلة فِي الْحر وَالْبرد أَو إِلَى الْحر مَا هِيَ قَلِيلًا. وَكَذَلِكَ يصنعون إِن عرض ضعف أَو سهر أَو غم أَو عرض يبس من الْغَضَب، فَإِن عرض لهَؤُلَاء سوء استمراء -لم يجده مقبولًا مستساغًا- لم يوافقهم رياضة الِاسْتِرْدَاد، وَلَا شَيْء من الرياضات الْبَتَّةَ] اهـ.

ودلت البحوث الحديثة على جدوى التدليك وكفاءته، إذ تقدم على العلاجات الكهربائية مثل التحفيز تحت الجلد في معالجة الآلام وخاصة الألم الناتج عن التليف العضلي، وفي معالجة الأرق والقلق والكآبة وفي خفض إنتاج الكولسترول] اهـ.

لكن ينبغي عند ممارسة التدليك الطبي ستر العورة؛ فلا يجوز كشف ما زاد عن حدِّ الحاجة من العورة عند القيام بالتدليك، وإذا أمكن القيام به عن طريقِ حائلٍ لم يُلجَأْ إلى مباشرة اللمس؛ فلا يُطَّلَعُ على ما لا يُحتاج إليه، ولا يُلمَس ما لا يحتاج إلى لمسه؛ لما تقرَّر في قواعد الفقه أنَّ "ما ثبت للضرورة يُقدر بقدرها"، وأن "الميسور لا يسقط بالمعسور"؛ ينظر: "أصول السَّرَخْسي" (1/ 248، ط. دار المعرفة)، و"المستصفى" للغَزَالي (ص: 220)، و"قواعد الأحكام في مصالح الأنام" لسلطان العلماء العز ابن عبد السلام (107/1).

فإذا كان المقصود من التدليك الوقاية من الأمراض، وتحقق في طريقة القيام به وفيمن يقوم به ما سبق ذكره من الضوابط الشرعية، فلا حرج حينئذٍ في القيام به، وبشرط أن يكون تحت إشراف المتخصصين.

وأضافت دار الإفتاء، أن ممارسة التدليك لا بدَّ أن تكون المراكز الطبية المعتمدة التي تقوم بهذا النوع من التدليك مصرَّحًا لها قانونًا بممارسة ذلك النشاط بما يضمن أن يكون القائم به له نوع خبرة ودراية وتخصص، ويضمن كذلك رقابة الدولة على تلك المراكز، وبذلك تندفع شبهة الممارسات المحرَّمة؛ فقد نص القانون رقم (3) لسنة (1985م) -في شأن تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعي- في المادة التاسعة على أنه: [لا تجوز مزاولة مهنة العلاج الطبيعي في مراكز خاصة خارج المنشآت الطبية المنصوص عليها في القانون رقم (٥١) لسنة (١٩٨١م) بتنظيم المنشآت الطبية، إلا بترخيص خاص من وزارة الصحة] اهـ.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز العمل في مراكز التدليك الطبي مع مراعاة الضوابط الشرعية والطبية وأخلاقيات المهنة، ويجب أن تكون المراكز الطبية القائمة بذلك مصرَّحًا لها من قِبَل الهيئات المختصة بممارسة هذا النشاط.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التدليك العلاج الطبيعي دار الإفتاء التداوي العلاج العلاج الطبیعی إ ل ى ال

إقرأ أيضاً:

صحة القليوبية تطعيم الوقاية من سرطان عنق الرحم آمن ومعتمد

أكد الدكتور أسامة الشلقاني، وكيل وزارة الصحة بمحافظة القليوبية، أن خدمات الكشف المجاني والتطعيم للوقاية من سرطان عنق الرحم، بالتعاون مع الجمعية المصرية لمنظار عنق الرحم وروتاري مصر وإحدى شركات المياه، في كفر الأربعين بمحافظة القليوبية، تطعيمها آمن ومعتمد في مصر منذ عام 2006م.

 حيث أثبت فعاليته في الوقاية من أنواع مختلفة من السرطان المرتبط بالفيروس، كما يتميز بعدم تأثيره على الصحة الإنجابية للفتيات على المدى القصير أو الطويل.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بتطعيم الفتيات في سن مبكر (من 10 إلى 15 سنة) حيث يكون التطعيم أكثر فعالية في هذه المرحلة العمرية، ما يسهم في الحماية من الإصابة بالفيروس، وبالتالي يقلل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم والمضاعفات الجلدية الناتجة عن الإصابة بالفيروس.

وكنت نظمت إحدى شركات المياه بقرية كفر الأربعين بمدينة بنها، خدمات للكشف المبكر والتوعية عن سرطان عنق الرحم، وذلك في إطار فعاليات مبادرة بداية.

مقالات مشابهة

  • الإشارة «صفارة».. حراس الشواطئ في مهمة للحفاظ على «الحياة»
  • ضوابط حج الجمعيات الأهلية قبل غلق باب التقديم.. «التضامن» توفر 3 مستويات
  • الخدمات الطبية في واجهة روشن بالرياض .. أركان توعوية وترفيهية وتجربة مهنة الطبيب ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل
  • تصل للحبس.. تعرف على عقوبة مزاولة مهنة السايس دون ترخيص
  • غير ملزمة بخدمة الأهل.. ضوابط التعامل مع زوجة الابن في الإسلام
  • الدخلاء على مهنة الإعلام (3-3)
  • صحة القليوبية تطعيم الوقاية من سرطان عنق الرحم آمن ومعتمد
  • أحمد حافظ: مهنة المونتاج تشبه الهندسة كثيرًا
  • 5 ضوابط لتنظيم عمل الأجانب في مصر وفقًا لقانون العمل.. تعرف عليها
  • مرض الكوليرا أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية منه