تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للعمل على تخفيف تداعيات المناخ على قطاع التجارة الدولية، من منطلق إيمانها بأن التخفيف من آثار التغير المناخي يعتبر محفزاً للتنمية الاقتصادية المستدامة، ما دعاها إلى اعتماد استراتيجية اقتصادية ذكية ودائرية، تتبنى أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة وتشجع التدفق الشامل للتجارة، وكفاءة سلسلة التوريد.

وحجزت دولة الإمارات لنفسها موقعاً رائداً في حركة التجارة الدولية انطلاقاً من كونها محطة عالمية لسلاسل التوريد، نتيجة موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب، فضلاً عن امتلاكها لإحدى أقوى شبكات الربط مع الموانئ البحرية واستثمارها على مدار عقود في بناء موانئ عملاقة تتيح لها تلبية متطلبات حركة التجارة العالمية بما يكفل أعلى درجات المرونة والانسيابية في التنقل بين الدول ضمن منظومة نقل بمواصفات عالمية ومميزات احترافية.

وبفضل هذه الميزات استطاعت دولة الإمارات جذب استثمارات عالمية كبيرة، وحققت بذلك سمعة مهمة على خريطة الاقتصاد الدولي. وتمتلك دولة الإمارات تاريخاً طويلاً في تحفيز التجارة الدولية، كما تدعم الكثير من اتفاقيات تيسير التدفقات التجارية، مثل الشراكة الاقتصادية الشاملة وممرات التجارة الرقمية، ومنصة أبوظبي المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية لتسهيل التجارة، وكلها أمور تشجع وجود نظام تجاري متعدد الأطراف يمتاز بالانفتاح والعدالة.

تدرك الإمارات أهمية التعاون الدولي لتحقيق الاستدامة في قطاع التجارة الدولية عبر الاعتماد على الأفكار التي تتبنى حلولاً مستقبلية لتطوير نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة، حيث طالت تداعيات التغير المناخي شتى أنحاء العالم وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على حركة التجارة العالمية، وهو ما يفرض عدم تجاهلها في أي تناول لدراسة شكل الاستجابة للتغير المناخي، وهو ما أكدته الدكتورة نغوزي أوكونغو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية التي أشارت إلى أن التجارة يجب أن تكون عنصراً أساسياً في أي محادثات في تغير المناخ، مؤكدة أن التجارة كانت في أغلب الأحيان الحلقة المفقودة عند الاستجابة لأزمة المناخ.

بناء توافق دولي

وجاءت استجابة دولة الإمارات للتحذير، الذي أطلقته منظمة التجارة العالمية، استباقية وفاعلة حيث أدرجت، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات «COP»، موضوع التجارة الدولية ضمن أجندة الموضوعات المتخصصة في مؤتمر «COP28» الذي تستضيفه الدولة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، حيث تشارك وزارة الاقتصاد ورئاسة «COP28» في قيادة لجنة التجارة خلال المؤتمر، إلى جانب أمانة منظمة التجارة العالمية. كما تضم اللجنة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) وغرفة التجارة الدولية والمنتدى الاقتصادي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، حيث ستتبلور المناقشات حول التجارة وبناء توافق دولي واضح، لضمان تكامل سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن بلورة نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة،

لا سيما بالنسبة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في الدول النامية.

وحظيت الرؤية الاستشرافية لدولة الإمارات وريادتها في التركيز بشكل خاص على التجارة خلال قمة المناخ لهذا العام بإشادة دولية، حيث يعدّ «COP28» فرصة عظيمة للارتقاء بالمناقشات في دور التجارة الدولية في الحدّ من الانبعاثات وبناء المرونة المناخية في سلاسل التوريد العالمية، إلى جانب دعوة شبكات شركاتنا الكبيرة والصغيرة إلى المشاركة في النقاش.

إلى ذلك، تستضيف الإمارات المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، حيث تلتقي الهيئة التشاورية للمنظمة - التي تجتمع مرة كل عامين - في أبوظبي في الربع الأول من عام 2024، ويأتي المؤتمر الوزاري بعد مؤتمر «COP28»، ما يتيح للدولة أداء دور فعال في قيادة الحوار والعمل بشأن القضايا العالمية الملحة، كما يضع الإمارات في قلب المحادثات التي ستشكل مستقبل التجارة العالمية. وتعكس استضافة الإمارات لهذا المؤتمر مكانتها بوصفها داعماً رئيسياً لحرية تدفق التجارة والاستثمار بين مختلف دول العالم، كما يوفر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية منصة مثالية للدولة لإشراك المجتمع التجاري الدولي في توفير سلاسل إمداد تتسم بالمرونة وسهولة الحركة. ويؤكد مركزية الدولة بالنسبة للتدفق الحر للسلع حول العالم. وتنسجم هذه المبادرات مع الأهداف المنشودة لحملة استدامة التي تم إطلاقها بالتزامن مع قرب استضافة مؤتمر الأطراف «COP28»، حيث تستهدف الحملة نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي في سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً لمجتمع واعٍ بيئياً.

حشد الجهود الدولية

وسعت دولة الإمارات إلى استنفار الجهود العالمية، لوضع حلول عملية لتأثير التغير المناخي على حركة التجارة العالمية ومرونة سلاسل التوريد، فخلال مشاركتها في المنتدى العام لمنظمة التجارة العالمية، الذي عقد في جنيف في سبتمبر الماضي تحت شعار «حان وقت العمل»، جددت الإمارات الدعوة إلى حشد الجهود الدولية لابتكار وتبني حلول تجعل التجارة العالمية أكثر استدامة وصداقة للبيئة وترفع مساهمتها في معالجة تحديات التغير المناخي، عبر رقمنة سلاسل الإمداد واعتماد التقنيات الحديثة.

وأكدت الإمارات التزامها بالعمل مع الشركاء العالميين لتطوير سلاسل إمداد ذكية قائمة على التكنولوجيا تزيد من كفاءة عمليات شحن ونقل البضائع وتقلل استهلاك الطاقة، نظراً لكون التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية أصبحت أكثر إلحاحاً، وهو ما يستلزم قيام المجتمع التجاري العالمي بالتكاتف لخفض البصمة الكربونية لهذا القطاع الحيوي حول العالم. كما نظمت الدولة خلال المنتدى جلسة حوارية بعنوان: «العلاقة بين التجارة والاقتصاد العالمي وتغير المناخ»، شارك فيها مسؤولون من منظمة التجارة الدولية والمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، جددت فيها الإمارات الدعوة إلى تبني حلول جديدة لاستدامة سلاسل الإمداد منها تسريع الاعتماد على المركبات الكهربائية ووسائل النقل التي تعمل بمصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية والعمليات التشغيلية لنقاط الدخول. إلى ذلك، وقّعت دولة الإمارات مذكرة تفاهم مع المنتدى الاقتصادي العالمي بهدف دعم مبادرة «تكنولوجيا التجارة» التي أطلقتها الدولة، والمصممة لتسريع رقمنة سلاسل التوريد الدولية، وتحسين الإجراءات الجمركية، وتعزيز وصول الدول النامية إلى نظام التجارة العالمي، وبالتالي التمهيد لحقبة جديدة من النمو التجاري. وتشكل «مبادرة تكنولوجيا التجارة» خطوة بالغة الأهمية نحو تحديث التجارة العالمية باستخدام أدوات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة والحد من العمليات الورقية غير الفعالة التي تهيمن حالياً على سلاسل التوريد، وستوفر مزيداً من الفرص بين مختلف الأسواق الدولية الرئيسية وستدعم مرونة التجارة العالمية وقدرتها على تخطي التحديات وتحقيق النمو المستدام. وقد نجحت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية في قيادة وحشد الجهود الدولية من أجل حماية وتعزيز الأمن الغذائي العالمي، عبر طرح الحلول وإطلاق المبادرات ودعم المشاريع التي تسهم في تحسين إنتاج الغذاء وتأمين استدامة سلاسل توريد المواد الغذائية ومكافحة الجوع في العالم.

حلول ذكية

بادرت الإمارات بشكل مبكر إلى اعتماد حزمة من الحلول الاقتصادية الذكية التي تشجع التدفق الشامل للتجارة، وكفاءة سلاسل التوريد، وتبني أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة، ما يوفر فرصاً جديدة للمصدرين والمصنِّعين والمستثمرين في العالم.

وأدت الدولة دوراً ريادياً في تطوير سلاسل التوريد المستدامة، بالتركيز على استثماراتها بمليارات الدولارات في إزالة الكربون من سلاسل القيمة، كما رسخت مكانتها الريادية على خطط الطاقة النظيفة بالمنطقة، بعد التحول الكبير التي شهدته خلال السنوات العشر الماضية مقارنة بدول أخرى.

كما وقعت حكومة الإمارات بالتعاون مع منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مبادرة «تسريع الاقتصاد الدائري 360»، لتكون أولى الدول الداعمة للمبادرة على المستوى العالمي، وبما يعكس مكانة الدولة مركزاً عالمياً ومختبراً مفتوحاً للابتكار الاقتصادي والتكنولوجي ونموذجاً رائداً في التنمية الاستدامة، وتهدف المبادرة إلى إنشاء بيئة مؤهلة وبنية تحتية مستدامة لدعم نمو القطاعات الحيوية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بما يخدم الإنسان، كما تسعى إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق اقتصاد دائري بكفاءة وفعالية، حيث توفر هذه التقنيات إمكانات كبيرة يمكن أن تؤدي إلى الحدّ من هدر الموارد، وتتبع استخداماتها وإعادة تدويرها.

التزام بالعمل مع الشركاء العالميين لتطوير سلاسل إمداد ذكية تزيد كفاءة نقل البضائع

نجاح في قيادة الجهود لحماية الأمن الغذائي العالمي وتأمين استدامة سلاسل التوريد

في تحفيز التجارة الدولية ودعم اتفاقيات تيسير تدفقاتها

تجربة ناجحة

شكل أمن الغذاء إحدى الأولويات الاستراتيجية لدولة الإمارات، وقد أثرت جائحة فيروس «كورونا» على كفاءة سلاسل التوريد العالمية واستمراريتها، ما تعاملت معه الإمارات باحترافية عالية عبر توسيع قاعدة سلاسل توريد الغذاء، لضمان مرونتها واستمراريتها، مع ضمان أعلى معايير سلامة الغذاء، وتحفيز التوسع في مشاريع الزراعة الحديثة التي تضمن زيادة الإنتاجية وكفاءتها.

ويمكن عدّ تعامل الإمارات مع أزمة انتشار فيروس «كورونا» المستجد تجربة ناجحة في ضمان استمرارية سلاسل التوريد، فقد سارعت الدولة إلى الانضمام إلى البيان الوزاري المشترك الذي أصدرته عدة دول حول العالم بشأن استمرارية سلاسل التوريد خلال الأزمة.

وتعهدت الدول الموقعة على البيان بالتزامها بضمان استمرارية وترابط سلاسل التوريد خلال أزمة تفشي وباء «كورونا» وتعزيز العمل والتنسيق بصورة مكثفة، لتحديد ومعالجة العوائق التجارية التي تؤثر سلباً في تدفق السلع والبضائع الضرورية. كما أكدت الدول الموقعة على البيان الوزاري المشترك أنها انطلاقاً من حرصها على تحقيق مصالحها المتبادلة ستعمل على ضمان إبقاء خطوط التجارة مفتوحة بما فيها عمليات الشحن الجوي والبحري، بهدف تسهيل تدفق السلع بما فيها الاحتياجات الأساسية، وأهمية الامتناع عن فرض ضوابط رقابية، تعيق سلاسة التصدير أو تطبيق حواجز تعريفية أو غير تعريفية على حركة التجارة، والعمل على إزالة أي تدابير حالية تسبب قيوداً على توريد السلع الأساسية، ولا سيما الطبية خلال المرحلة الراهنة.وخلال أزمة «كورونا» شاركت الإمارات في الاجتماع الاستثنائي لمجموعة العشرين للتجارة والاستثمار وزارياً، بحضور وزراء التجارة والاقتصاد والاستثمار في دول المجموعة، وممثلي عدد من المنظمات العالمية المعنية. وأكدت أهمية تعاون دول المجموعة لضمان سلامة التجارة واستمرارية أنشطتها، بوصفها شرياناً لتوفير احتياجات الناس في مختلف مناطق العالم. (وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 لمنظمة التجارة العالمیة التجارة الدولیة التغیر المناخی دولة الإمارات سلاسل التورید حرکة التجارة فی قیادة

إقرأ أيضاً:

القمة العالمية للحكومات.. أفكار خلاقة وتجارب ملهمة

إن فلسفة التنمية والتطور في الإمارات تعبّر عن رؤية حضارية محفزة لاستنهاض الهمم للحاضر والمستقبل.

أصبح هذا البلد الآمن وسطًا في إقليم جغرافي مليء بالصراعات والأزمات






استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة القمة العالمية للحكومات، حيث تناقش جملة من القضايا التي تهم مستقبل دول العالم وحاضره، بمشاركة أكثر من 30 رئيـــس دولة ورئيس وزراء، وأكثر من 140 وفداً حكومياً وجميع المنظمات العالمـــية وقيادات عالمية ومنظمات دولية وروّاد الأعمال وصنّاع التغيير. وكلمة  نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد تختصر كل العبارات الإيجابية والملهمة. وقال سموّه، في منشور عبر منصة «إكس»: «هدف دولة الإمارات من هذه القمة تقريب المسافات وبناء الجسور واستشراف المستقبل وتطوير عمل الحكومات وكل ذلك من أجل خير الشعوب وتقدم البشرية». لاسيما سمعة الإمارات في كل المنابر الدولية انعكست في مشاركة أكبر المؤسسات الاقتصادية والشراكات العلمية والبحثية.
قمة الحكومات 2025 تعكس التزاماً إماراتياً يدعم منظومة العمل الحكومي والتعاوني من أجل عالم أكثر استدامة، بغية تحقيق أهداف التنمية الشاملة من أجل مستقبل أفضل لمجتمعات العالم، تتلاقح فيها الأفكار الخلّاقة مع المشاريع والشراكات الاستراتيجية الملهمة والتجارب الرائدة عالمياً.
وبالفعل أثمرت الرؤية الحضارية للإمارات لتصبح سابقة عصرها، لإحداث فرق ملموس ونتائج واضحة ظهرت بجلاء حينما وظِّفت الإمكانيات والموارد لبناء القدرات الوطنية المؤهلة، وتطوير بيئة العمل الحكومي برؤية خلاقة ونظرة استشرافية للمستقبل.
وتندرج القمة في إطار سعي الإمارات الدائم لأن تكون المنصة العالمية لاستشراف مستقبل الحكومات، وتعتبر إسهاماً من قيادتها الرشيدة لتطلق طاقات الشعوب وترفع من مكانة الإنسان وإزالة المعوقات التي تعترض طريقه، بغية تأسيس نموذج للتعاون الدولي يهدف إلهام وتمكين الجيل القادم من الحكومات، واعزو كل هذا الانجاز والاستحقاقات التي نالتها الامارات الى قدرة التسامح الثقافي والديني والسياسي الذي قادنا إليها شيوخنا عبر مراحل التاريخ، تم تجسيدها الى برامج وخطط ومشروعات تتمحور كلها حول تهيئة البيئة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة، فقد استوعبت قيادتنا الرشيدة العبرة مبكّرًا عندما أهّلت الكوادر الوطنية لتكون السعادة والإيجابية محور اهتمام كل أبناء المجتمع، وهي ليست استراتيجية حكومية فحسب، بل ثقافة ومسؤولية وطنية بحتة أيضًا.
لا شكّ بأنّ الإمارات تسعى لأن تكون "الحاضنة الأولى للطاقات البشرية الاستثنائية" المبدعة في القطاعات الحيوية كافة، لهذا فإنّ تفعيل استقطاب رواد الأعمال والمبتكرين والكفاءات التخصصية الاستثنائية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية والفكرية والثقافية، وتقديم تسهيلات جديدة للشركات متعددة الجنسيات لنقل مقراتها للدولة يؤكد المكانة البارزة والدور الفاعل للدولة في تعزيز التنمية المستدامة للشباب، وكونها مصدر إلهام ومحفّزًا لطرح أفكارهم وتصوراتهم الجريئة على مستوى العالم.
فهي استراتيجية وطنية فذّة للاستثمار في الكفاءات الإنسانية، واستغلال المخزون الفعلي للمستقبل في عقول البشر وثروته في أفكاره وإبداعاته، وأيضًا تعدّ فرصة سانحة في ظل أوضاع عربية بائسة وظروف أمنية متدهورة، ما شكّل كارثة إنسانية في هذا القرن، وهجرة عقول كبيرة إلى الخارج، واستقطاب الدول الأجنبية لهذه العقول، والتنقيب والبحث عن هذه الثروات سيضيف هذا العمل الحكومي لدولتنا ومنطقتنا إضافة نوعية، وسينتشل واقعنا من  الخيبة والمآسي، ويحمي واقع المبدعين من اليأس والبأس.
لذلك كان لزامًا أن تضطلع دولة الإمارات العربية المتحدة بدورٍ قياديٍّ في هذا المضمار، لأنها أثبتت بأنّ مصدر تفوقها ونجاحها ليس بالعمران وبالبناء الشاهق فحسب، بل حينما أصبح هذا البلد الآمن وسطًا في إقليم جغرافي مليء بالصراعات والأزمات، وهناك مجموعة من العوامل الجاذبة لكي تتفجر الإمكانيات الحقيقية لهذه المواهب التي سيتم استدعاؤها والحفاظ على استمراريتها، ما جعل الإمارات سباقة ورائدة في استغلال النبوغ والتميز الانساني قبل أن تختطف هذه المواهب أو تنتزع من أحضان أمتها، ما جعل الإمارات بهذه المبادرات الخلاقة تتبوأ مقعدها الحضاري والتنويري بين الأمم .
فالمناخ العام والأجواء المنفتحة والتسامح ومدى تقدير التنوُّع والاختلاف بين البشر أصبحت قيمًا راسخة في شعب الإمارات، وأفسحت المجال لتكثيف الاتصال مع الآخرين بهدف إزالة الحواجز بين الشعوب وتحقيق عامل جذب لاستقطاب الكفاءات والمواهب لدعم ودفع عجلة للاقتصاد الوطني نحو الازدهار، فالاقتصاد المستقبلي قائم على العقول المبدعة ومدى إطلاق إمكانياتهم.
جزء مهمّ من المعادلة الصعبة والمنعطف التاريخي لشعب الإمارات حينما تم تحويل منظومة القيم الإيجابية الفاعلة والمتأصلة أداة للتنمية والاستدامة، فالبوصلة الأخلاقية هي التي أرشدت قيادتنا حكومة وشعبًا إلى الرأي الديني الأكثر رحمة واعتدالًا القائم على السماحة والاعتدال، وأهم ما في هذا المنجز هو تتويج شعب الإمارات بصفته أحد أسعد شعوب العالم، في فترة زمنية فارقة تجاوزت كلّ المؤشرات العالمية لكثير من الدول المتقدِّمة، ما يشعرنا بالانتصار والإنجاز، ويعزز دور التفوق التنافسي العالمي للدولة.

مقالات مشابهة

  • الإمارات تشارك في اجتماعات المؤتمر البرلماني لمنظمة التجارة العالمية
  • القمة العالمية للحكومات.. أفكار خلاقة وتجارب ملهمة
  • ثاني الزيودي: 12 مليار دولار التجارة غير النفطية بين الإمارات وفرنسا في 2024
  • بين التصعيد والتفاوض.. استراتيجية أمريكية لكبح نفوذ طهران
  • السعودية ترأس مجلس التجارة العالمية
  • وزارة التغير المناخي والبيئة تطلق “ملتقى الابتكار”
  • روسيا تحذر من مخاطر تفكك ليبيا وتؤكد ضرورة دعم جهود توحيد الجيش
  • المملكة ترأس المجلس العمومي لمنظمة التجارة العالمية لعامي 2025 – 2026
  • التغير المناخي والبيئة تطلق ملتقى الابتكار
  • الخارجية الروسية: محادثات الرياض بداية لحل المشاكل العالمية التي خلقتها إدارة بايدن