بفلسطين يحيا اليمن وبها تتوحد الأمة حيث القضية “همٌ شعبي وهدفٌ رسمي يمني”
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
من لحظاتها الأولى لم تغِب اليمن عن المشهد الفلسطيني الحاضر بالأصالة في قلب همومه الشعبية وجوهر سياساته الرسمية.
لم يكتف اليمنيون بمتابعة أحداث معركة الطوفان عبر الشاشة وحسب؛ ف في غضون ساعات قليلة في يومها الأول، خرج الآلاف من فورهم الى ساحات وشوارع العاصمة صنعاء.. امتلأت بهم ميادينها، ومنها طفحت الأسئلة: ماذا لو كان هؤلاء القوم من أهل طوق فلسطين!! مددٌ يماني لا توقفه إلا الجغرافيا.
فلسطين عربية واليمن فلسطينية:
تلاقت في السابع من أكتوبر بطولاتُ مجاهدي فلسطين مع هبة وهتافات الجماهير اليمنية ومع دعوات السلطة الرسمية فكان المشهد الأول والأقوى من بين كل العواصم والمدن الإسلامية وبسقفِ مطالبات مرتفعة وواضحة: أعلاها فتح الحدود والتعبئة الجهادية، وأدناها المطالبة بطرد السفراء وانهاء الموقف الرسمي المتماهي والمتخاذل..
– ال١٣ من أكتوبر خروجٌ يماني عنوانُه الإسناد تعزيزاً لصمودِ غزة ودفعاً للمواقف الرسمية المُقعَدة الى دائرة الموقف الفاعل، يلتهب الشارع اليمني بالمطالبات غضباً؛ كان هذا الحضور ذروة مسيرات ومظاهرات شعبية في عشرات المدن اليمنية التي استمر تفاعلها من أول طلقة غزّاوية وتواصل إلى أحدث غارات صهيونية في مختلف الساحات اليمنية قرى ومدن وبوادي وحواضر.
مساء الـ18 من أكتوبر بتوقيت مجزرة مشفى المعمداني صنعاء ليلتها لم تنم، تداعت الجماهير موشحة بدماء الشهداء وحزنهم إلى شوارع صنعاء، وميادين عمران وشوارع ذمار وساحات وطرقات إب أينما توجّهت فكل اليمن من يوم السابع من تشرين غزة بصوت يجمع الساحات تفويضاً لخيارات المشاركة وقرارات المناصرة..
المشهد لم يختلف، في صباح مجزرة المعمداني، الجماهير تملأ الساحات لتصل المطالب ذروة الممكن حين أعلنت السلطات التعبئة والنفير لمساندة القسام والسرايا، تلى البيان جهوزية اليمن شعبياً وحضوره رسمياً في قلبِ المعركة..
لا يكف اليمنيون عن اجتراح مواقف خارجة عن المألوف.. جمعة الـ20 من تشرين، خروج جماهيري على نحو لا تحويه العدسات؛ يومها لم تكن فلسطين اسم الشارع الذي جمع مئات الآلاف وسط صنعاء بل كانت عنوان الخروج ومضمونه في جمعة استنفر فيها اليمنيون حشودهم رجالاً ونساء….
الجمعة التالية الـ27 من تشرين، يجتمع اليمنيون في مصلىً واحداً خلف قضيةٍ تأمهم ويقصدونها، صلواتهم على مجاهدي غزة ودعاؤهم لأهلها الصامدين ووعدهم باللقاء قريب ووعد لا يتخلف.
وبين الجمعتين استنكفت مختلف المدن اليمنية وضواحيها بأنشطة وفعاليات فلسطينية متنوعة الفقرات ومتعددة المشاركات.
بعدها توالت مشهدية الخروج على مستوى المحافظات في شتى المديريات والأحياء والحارات والقرى والأرياف.. تقول اللجنة المنظمة إنها بالكاد تنظم وتُخصي مسيرات عواصم المحافظات، أما الوقفات والأنشطة وهي متعددة المضامين والمواقيت فجرت خارج إحصاء الجهات المسؤولة على نسق من العفوية والمبادرة الشعبية في تصاعدية يضبطها وقع المعركة في غزة وحجم المآسي فيها.
الأيام الأولى من شهر نوفمبر تعلن الدفاع اليمنية باكورة عملياتها على أهداف إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وياله من بيان فصل في لحظة تاريخية سنؤول الى ما يمحو من ذاكرة الوعي العربي مآسي النكبة ويفكها من قيود النكسة؛ حين أطلقت الصاروخية اليمنية عنان البركان والفقار نحو العدو المحاط بخرافة القوة المطلقة و وهم العصمة من الهزيمة في لحظة زهو غير مسبوقة في تاريخ كيانه المستجد والمؤقت.
عكس الخروج الجماهيري -نهار الإعلان- بهجة الناس المتعطّشة للرد والمتلهِّفة للانتقام، شعرَ الكلُ في جميع الساحات اليمنية بثمرة التفويض ولمسوا تقدير القيادة العالي للموقف التاريخي المنصهر في المسؤولية بين تطلعات الشعوب الإسلامية المتقاطعة مع رؤية القيادة الثورية في اليمن ، قيم لا تتزحزح ومبادئ لا تتجزأ على مسرح المعركة الواحدة والقضية الموحدة ؛ فلسطين عادت وهذه أهم تمظهرات الطوفان المرتدة على نحوٍ ساء وجه العدوّ وخيّب آماله، تعود القضية الفلسطينية محمولة على أكتاف جيل أجاد قراءة التاريخ القريب بعين العظة، وفي يديه بنادق جيوش العرب في تشرين الأول وقد صارت بالستيات وصواريخ ومسيّرات؛ يد تقاتل وتكافح ولا ولا تفاوض ولا تصافح ولا تسامح.
يمن المسيْرات والمسيّرات:
أقوى من العملية الصاروخية اليمنية الوعد باستمرارها، أمر كرره السيد في خطابه الافتتاحي لذكرى الشهيد؛ الخطاب الذي حمل من ركائز المواجهة ما يوحّد المعركة او يعيد الوعي بها، وإن ترامت في جبهات وتباعدت.
بكل ثقة ويقين ودون مواربة ولا حرج ألقى السيد ثقل القوات المسلحة وأثقال أسلحتها الاستراتيجية في جعبة طوفان الأقصى وفي حوزة ابطالها وفرسانها.. جاهزون ونرقب ونواصل ومستمرون وحاضرون حيثما استطعنا بقدر ما لدينا، ولن نألوا نفذنا ونخطط للمزيد وسننفذ المزيد، وأملنا أن يلقانا الأشقاء أو يتقدمونا في المواجهة.
لا ضمير للأنظمة المتواطئة، ولا حجة للشعوب المتضامنة وهي ترى اليمن المحاصَر والمحارب يقدّم لفلسطين ما تعجز عنه سبعاً وخمسين دولة الا قليل.
يعبر القائد اليمني عن أصالة الموقف اليمني الإيماني وموقع القضية ومركزيتها في عمق الوعي اليمني رسميا وشعبيا واضعاً سقفا أعلى للمواجهة لا يعلوه موقف في العالم الإسلامي، وداعياً الى مغادرة مربّع البيانات العاجزة الى ميادين الأفعال الوازنة والمواقف الكبرى، يقول السيد ما يقوله على وقع ما تقدمه الصاروخية والمسيّرات اليمنية، من منبر صدق القول والموقف.
يرفع السيد مُمكنات الشعوب العربية في سياق خياراتها المتاحة، وترفع له الجماهير في الدول العربية والإسلامية قبعاتها إجلالاً للموقف اليمني والوقفة التاريخية الفريدة؛ وبهذا القدر من العزم والحضور يغدو الخروج اليمني في التظاهرات والمسيْرات من الأهمية بما لا يقل عن الصواريخ والمسيّرات.
لستم وحدكم:
شعار اليوم الأول والساحات الكل يتبلور مشروعا لمناصرة فلسطين، هكذا يكون الخروج ويثمر مواقف مبدأيه تنصهر فيها اليمن في نصرة فلسطين، خروجُنا- يقول المتظاهرون – مددٌ يعيد القضية لمركزيتها وينفخ الروح في أهلها الغافلون عنها؛
فليحيا إن شاء المطبعون أو ليستحوا؛ وقد بدوا عراةً إلا من عار الموقف، واستثناءً وسط اجماع عربي واسلامي وتعاطف انساني عالمي عنوانه فلسطين قضية حق وحق القضية.
المسيرة / يحيى الشامي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: والمسی رات
إقرأ أيضاً:
عُقدة “الجبهة اليمنية” على أمريكا والكيان الصهيوني تتعاظم
يمانيون../
صحيح أن حزب الله بهجماته المؤلمة كان يمثل تهديدا قويا للكيان الصهيوني، إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني إذنا بعودة الكيان المؤقت إلى إظهار مطامعه والاشتغال عليها، كما أن التزام الحزب بالاتفاق لا يعني غياب الفعل المقاوم، خصوصا مع استمرار سلوك العربدة الذي ينتهجه العدو ضد أبناء غزة، وهذا هو ما صار يدركه الكيان بقوة في اليمن. فهذا البلد الذي تفصله عن الأراضي المحتلة أكثر من ألفي كيلو متر، بات يمثل تهديدا قويا غير متوقع، لذلك فإن استمرار الهجمات اليمنية يؤكد له أنه ليس في مأمن، وأن مشروعه القديم محكوم عليه بالفشل، سواء عمل عليه بشكل مباشر من خلال التوسع الجغرافي، أو السيطرة وإرهاب أنظمة المنطقة، حتى مع شعوره الحيوي اليوم بأنه يسير فعليا لفرضه على الواقع.
ثلاثي البلطجة العالمية
مع حالة الفشل التي يعيشها ثلاثي الشيطان في ردع القوات المسلحة اليمنية عن القيام بواجبها المكفول بكل الشرائع والقوانين، سواء في الدفاع عن النفس أو عن المستضعفين الفلسطينيين، تؤكد أمريكا وبريطانيا و”الكتكوت” الصهيوني أنهم ليسو أكثر من بلاطجة وعصابة قتل ونهب لشعوب العالم، لا دين ولا قيم ولا اخلاق لهم، وليس في الأمر تجنٍّ، رأينا ذلك مؤخرا في منهجية الانتهاكات في غزة ولبنان وسوريا، وقبلا رآه العالم في غير مكان من بقاع الأرض، حيث انتهج البلطجي الأمريكي منطق القوة لفرض إرادته وإجبار الآخرين عليها، ورآه العالم في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من (75) عاما، واليوم يسعون أيضا لسياسة الأرض المحروقة في اليمن امتدادا للعدوان الذي أطلقوه في العام 2015، بلجوئهم إلى سلوك التدمير للأعيان المدنية، حيث التركيز فقط على كل ما يمكن أن يؤثر على معيشة المواطن.
وإذا كانت أية مواجهة تُعد محكّاً وفصل اختبار لقدرات الجيوش؛ فإنها أيضا محك وفصل اختبار لمدى انحراف الشخصية العسكرية عن التزامها بقواعد الاشتباك. وثلاثي الشر هو كيانات ذات خبرة طويلة في البلطجة والقتل والنهب، وفي التحلل من أي التزامات دينية أو أخلاقية أو إنسانية، ويعزز اليمن من عريها وكشْف حقيقتها وعجزها عن تعيين بنك أهداف موضوعية ترتبط بالقتال، وليس خزانات الماء ومولدات الكهرباء.
في هذا الوقت تبين أن استهداف أمريكا والكيان الصهيوني للبنية التحتية -على شِحتها- لا جدوى منه ولا تأثير له حسب ما ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية التي قالت “إن إسرائيل نفذت بضع ضربات مماثلة على البنية التحتية للحوثيين، على أمل ردع المزيد من الهجمات. ولكن هذه الجهود أثبتت عدم كفايتها”. ومع انعدام الخيارات المتاحة تظهر قناعات تعكس إدراك الصهاينة بأن تجربة استهداف اليمن على كافة المستويات أثبتت عجزها في النيل من إرادة هذا البلد، وإجباره على الانصياع لمنطق هؤلاء البلاطجة. فقبلا، شن التحالف السعودي الأمريكي -مدعوما بغطاء أممي- عدوانا وحشيا على اليمن، وفشل فشلا ذريعا في كسب أي نقطة إلا من قتل المدنيين وتدمير المدارس والمستشفيات. يرى مراسل تايمز أوف “إسرائيل” لازار بيرمان أنه: “إذا فشل السعوديون والإماراتيون خلال 9 سنوات، ومؤخراً الولايات المتحدة وبريطانيا، في وقف هجمات الحوثيين، فلماذا تتوقع إسرائيل نتائج أفضل؟”.
يأتي هذا فيما يحاول قادة الكيان استعراض ماهو متاح من المعلومات الفقيرة أصلا، للوصول إلى أي أهداف استراتيجية، فلا يجد ما يعينه على ذلك، فلا مصانع أسلحة ولا أماكن لتخزين الذخائر ولا منصات إطلاق ولا مواقع عسكرية يمكن الوصول إليها. ليصير هذا “العمى” -حسب وصف السيد القائد- عامل إحباط شديد الوقع، كما أنه أحد الدفاعات اليمنية. يقول القائد العسكري السابق غادي شامني لإذاعة 103 FM الصهيونية: “إنهم يقاتلون منذ فترة طويلة جدا، ويعرفون كيف يقاتلون، وهم معتادون على المعاناة، لذلك إذا قصفت بنيتهم التحتية المدنية، فلن يوقفهم، ولهذا السبب يجب تسخير النظام بأكمله، النظام الدولي، في هذا الجهد”. أما يعقوب كاتس من ما يسمى “معهد سياسة الشعب اليهودي” فيقول: “لم يكونوا أبداً هدفاً لجمع المعلومات الاستخباراتية لدينا، لذلك عندما تنظر إلى الأهداف المختارة حتى الآن، كانت كلها بنية تحتية، مثل الموانئ….”.
السلاح اليمني يلتف على دفاعات الكيان
عُقدة الجبهة اليمنية على أمريكا والكيان الصهيوني تتعاظم مع ظهور التصاعد الديناميكي للسلاح اليمني الذي صار محط نقاش وبحث لكثير من المؤسسات، فضلا عن مراكز العدو العسكرية بقصد إيجاد الثغرات للتمكن من السيطرة عليه. يأتي هذا مع العجز المخزي الذي ظهرت عليه أنظمة الدفاع الصهيونية والمستندة على خبرات أمريكية وآخر تقليعات الصناعات العسكرية في رد السلاح اليمني، ما يعطي القوات اليمنية ميزة التفوق التكنولوجي حسب خبراء.
تنقل صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن مسؤول صهيوني لم تكشف اسمه، بأنّ “القوات اليمنية في صنعاء أكثر تقدماً -من الناحية التكنولوجية- مما يتصوره الكثير، ويجب عدم التقليل من شأنها”. المسؤول الصهيوني استند في استخلاصه على تمكن الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية من مراوغة المضادات الجوية التي يطلقها العدو الصهيوني لإحباط الزائر اليمني. صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نقلت أيضا عن خبراء قولهم: إنّ “مُسيّرات صنعاء وصواريخها وقذائفها تمكّنت من الالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية”.. متسائلين عن “كيفية هزيمة عدوّ مسلحٍ بمخزون من الأسلحة الرخيصة والمتوافرة”.
ورطة الكيان الصهيوني
العدو الصهيوني ينهزم أمام ظروف المواجهة وطبيعتها مع اليمن، فإلى جانب صعوبة السيطرة على الوضع الدفاعي ضد الزائر اليمني الليلي الذي سبب أرقا وقلقا وأمراضا نفسية وعصبية للصهاينة، واستهلاكا عبثيا لمنظومتهم الدفاعية في محاولات رد الباليستيات والمسيّرات اليمنية عن قصفه في مناطق مختلفة وحيوية، فإنه لن يقوى على تمويل عمليات مستمرة على اليمن تقطع في كل مرّة مسافة الألفين كيلو متر، ما يعني أنه قد أقحم نفسه في ورطة بتماديه في إظهار عنترياته على شعوب المنطقة، وما عاد له الفكاك من هذه اللعنة.
الكيان اليوم في مواجهة حقيقة أكيدة، هي أنه صار أمام حقائق لا يمكنه تجاهلها، وستكون هي عوامل إسقاط العدو، حتى مع توسعه اليوم فإن ذلك لا يعدو عن كونه تعبيراً عن إحباط من واقع الاتكاء على أنظمة عربية هشة لا يمكنها حماية نفسها، فكيف بحماية كيان غاصب محاط بشعوب لا تزال تعي بأنه العدو، وأنه ليس أكثر من حالة مؤقتة وإن طال الزمن.
كما أن دخول العدو في مواجهة مع اليمن هو بذاته قرار انتحاري، لذلك لا يزال يتلقى النصح من دول الغرب بالهروب من هذه المواجهة التي تعني استنزافاً وتبعاتٍ اقتصادية وأمنية خطيرة عليه، وهذا -ربما- ما يجعل نتنياهو ينفرد باتخاذ قرار الهجوم على اليمن لإدراكه بأن هناك من يرى في طريقته رهاناً غير مهني كما حدث في العدوان على صنعاء والحديدة يوم 26 ديسمبر 2024، إذ أن قرار الهجوم اتخذ ضمن دائرة مصغرة ضيقة تضم رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، دون عرض الموضوع على المجلس المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
موقع انصار الله