حكاية الكورد الفيليين مع البنك المركزي العراقي
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
ياسر عماد/ لقد ترك الكورد الفيليون صفحات ناصعة البياض في تاريخ العراق الحديث، وفي مختلف المجالات التي عملوا بها فهم معروفون بالأمانة والنزاهة والوفاء لمن يعملون له، وهم أصحاب سمعة طيبة لدى من اختلط وتعايش معهم.
في هذه الصفحات أودُّ أن أقصُّ على القارئ حكاية الحمّالين الكورد الفيليين في البنك المركزي العراقي بمطلع الثمانينيات من القرن المنصرم وقبل ذلك ينبغي أن اتحدث عن هذه المهنة الشريفة، فالبعض يُعيب علينا (الحمالة) ويقول لنا: إن من آبائكم واجدادكم كانوا حمّالين، نعم كانوا كذلك، ونحن نفتخر بهم لما قدموه لأسرهم اولاً: فأولادهم اصبحوا فيما بعدُ أكاديميين في مختلف المجالات العلمية، وسياسيين، وموظفين مهمين في الدولة، وثانياً لما قدموه لمجتمعهم إذ ضربوا مثالا للنزاهة بأروع صورها، والأهم من ذلك كلِّه صفة عزة النفس التي كانوا يتحلون بها فهم عملوا بعرق جبينهم، ولم يمدوا ايديهم ولا سرقوا ونهبوا مثلما هم تعرضوا له في حملة التسفير والتهجير الظالمة.
وعودا على بدء هنا اسرد لكم حكاية جدّي (أسد فيض الله) حيث كان في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات (باش حمّال) في البنك المركزي العراقي في شارع الرشيد بمدينة بغداد، وينقل والدي وأعمامي عن أبيهم المرحوم أنهم كانوا يعملون بكلِّ جد ومثابرة مع قُرابة 30 حمّالاً جميعهم من الكورد الفيليين، وكان المسؤولون في البنك آنذاك يثقون بهم أيما ثقة، فهم لا يقبلون أن يدخل شخص غريب بينهم، وأن تقتصر المهنة على هذه الشريحة من المجتمع دون غيرهم.
ويروي والدي واعمامي وأبناء عمومتهم ايضا بداية المأساة مع هؤلاء الكادحين والتي بدأت مع حملة التسفيرات فقد بدأ الحمالون الذين هم بالعشرات ينقصون واحدا تلو الآخر حتى لم يبقَ منهم سوى أفراد قلة يعدون بالأصابع، وبدأ الألم الشديد والغصة والحزن تعتري "الباش حمّال" حتى بدأت تنهار قواه ويمرض ويصبح طريح الفراش على ما فقد من حمّالين يمتازون بالأمانة والثقة، فقد كانوا سنداً ومعيناً له في رفع صناديق القطع النقدية المعدنية الثقيلة في ذلك الوقت من دون أن ينقص منها ولو فلس واحد.
وفي بداية مرضه الذي استمر أكثر من 40 سنة ويفارق الحياة، زار نائب محافظ البنك المركزي شخصيا بيت جدّي وطلب منه العودة الى العمل إلا أنه قد اعتذر بفعل حالته الصحية حسبما ترويه جدتي المرحومة الحاجّة "سعدية نامدار الملكشاهي"، وبدأت حالة (الباش حمّال) تتفاقم يوماً بعد آخر ليصل به المطاف إلى أنه يطلب من أُسرته الذهاب معه إلى المنظمة الحزبية في حي جميلة شرقي بغداد - محل سكانه - وأن يسقط الجنسية العراقية عن أفرادها ويلتحق بركب رفاقه ممن أُلقيوا على الحدود بين العراق وايران آنذاك إلا أنهم رفضوا ذلك بشدة.
وكشاهد على الثقة والأمانة والنزاهة التي كان يتمتع بها أولئك الحمّالون، وبحكم عملي الصحفي انتهزت الفرصة في يوم من الأيام وخلال حديث دار بيني وبين السيد مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية الذي اقضى سنوات عديدة من عمره في البنك المركزي العراقي لأذكِّره بأولئك الرجال، ليبادر الرجل فورا وبكل صدق، وبعد ذكر اسمائهم بالثناء عليهم افضل الثناء وقال لي: الله كم كانوا رائعين هؤلاء الرجال بينهم المرحوم أسد (الباش حمّال)، ومن بعده شقيقه المرحوم (فرمان) الذي تسلم المهمة، وهو وأولاده كانوا قمّةً في النزاهة والأمانة والتفاني بالعمل رحم الله الراحلين منهم وأمدّ في عمر الباقين.
وهنا وقبل ختام هذه الأسطر قد يقول قائل فرضاً: ما هو الإنجاز والميّزة في أن ينقل مجموعة من الأشخاص بضائع أو أي أشياء أُخرى، كلا الأمر ليس كذلك فهؤلاء كانوا ينقلون يومياً الصناديق الحديدية من القطع النقدية المعدنية الذي يناهز وزن الواحد منها 70 كيلوغراماً بصدقهم وعفّتهم وأمانتهم قبل أكفهم وظهورهم، فثُقل الأمانة أشد وطأة عليهم من ثقل الاوزان، وهذه الصناديق كانت في يوم من الأيام عصب الحياة، والشريان الأساسي لاقتصاد العراق.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي البنك المركزي العراقي شارع الرشيد البنک المرکزی العراقی فی البنک
إقرأ أيضاً:
بنوك تركيا تترقب قرار الفائدة من البنك المركزي
أنقرة (زمان التركية) – تترقب البنوك الكبرى في تركيا قرار البنك المركزي بشأن سعر الفائدة يوم الخميس المقبل، ما بين توقعات بخفض سعر الفائدة أو الإبقاء عليه.
وذكرت سلسلة سوق رأس المال “İş Yatırım” أنها لا تتوقع أن يقوم البنك المركزي التركي بتعميق خطوة خفض سعر الفائدة، وأبقت على توقعاتها لسعر الفائدة في نهاية العام عند 30 بالمئة.
وفي مذكرة تقييم أرقام التضخم التي أعلنها أمس مدير أبحاث الاستثمار في “İş Yatırım ” للاستثمار سرحات غورليان والخبير الاقتصادي داغلار أوزكان، جاء في المذكرة أن توقعات التضخم في نهاية العام كانت 28.5 بالمئة.
وـأضافت المذكرة: ”على الرغم من البيانات الشهرية الأقل من المتوقع بسبب تسارع القروض الاستهلاكية وانتعاش مبيعات التجزئة، فإننا لا نقوم بتحديث نزولي للتضخم، ونقيم مخاطر التصحيح العكسي للعناصر المتقلبة في مارس-أبريل. إذا حافظت أسعار السلع الأساسية الدولية على مسارها المعتدل، وأبقت الحكومة المركزية الأسعار المدارة منخفضة أو شددت السياسة المالية من خلال كبح الإنفاق العام، فقد نحتاج إلى مراجعة توقعاتنا للتضخم في نهاية العام بالخفض”.
وذكر الاقتصاديون أنه يمكن للبنك المركزي أن يخفض أسعار الفائدة بسهولة بمقدار 250 نقطة أساس من خلال النظر إلى مؤشر الاتجاه الرئيسي: ”ومع ذلك، فإن اتخاذ خطوة خصم أكبر من خلال إعطاء الأولوية لمشاكل القطاع الحقيقي والنمو سيكون سلبياً بالنسبة لبرنامج خفض التضخم والتوقعات. وعلاوة على ذلك، يرتفع الرقم الرئيسي الشهري من 2.3 في المائة إلى 3.3 في المائة عند استبعاد البنود المتقلبة ثنائية الاتجاه التي يمكن أن تسهم مساهمة سلبية في التضخم على أساس منتظم أو غير منتظم، أي ”الانكماشية“. ولذلك، لا نتوقع أن يزيد البنك المركزي التركي من خفض سعر الفائدة ونحافظ على توقعاتنا لسعر الفائدة في نهاية العام عند 30 في المائة”.
فيما أبقى خبراء الاقتصاد في بنك “ak- أك” على توقعاتهم للتضخم في نهاية العام 2025 في تركيا عند 29.2 في المائة، مع الإشارة إلى أن ميزان المخاطر أصبح أكثر توازناً مقارنة بالشهر السابق.
جاء في المذكرة التي نشرها أك بنك حول أرقام التضخم المعلنة أمس، أن اتجاه التضخم قد تحسن بشكل ملحوظ في فبراير مقارنة بالشهر السابق.
وقدّر الاقتصاديون أن بيانات شهر فبراير فتحت المجال أمام البنك المركزي التركي لمواصلة خفض أسعار الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس في مارس وأبريل ويونيو، وأن البنك المركزي التركي يجب أن يقلص خطواته بدءًا من شهر يوليو.
وسيعلن البنك المركزي التركي عن قراره بشأن سعر الفائدة يوم الخميس.
ويبلغ سعر الفائدة في تركيا حاليا 45% ويرى من يتوقعون خفض الفائدة، أن تبلغ نسبة الفائدة 42.5%.
وخفضت ستاندرد آند بورز توقعاتها لسعر الفائدة في تركيا في نهاية عام 2025 من 35% إلى 32.5%. وسجلت توقعات سعر الفائدة لعام 2026 بنسبة 20 في المائة و15 في المائة لعام 2027.
Tags: akاستثمارالبنك المركزي التركيبنوك تركيةتركياسعر الفائدة في تركيا