الديمقراطية ومفهوم الإرادة العامة
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
وفقًا لمفهوم «الإرادة العامة» فإن الشعب هو مصدر تلك الإرادة الصادرة عن الشعور بالاشتراك في حياة اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة. معنى ذلك إن «الإرادة العامة» هي المظهر الوحيد للسيادة التي لا تكون سوى للشعب. لقد نال مفهوم «الإرادة العامة» قدرًا كبيرًا من اهتمام «جان جاك روسو»؛ الفيلسوف الفرنسي الذى برز في عصر التّنوير، وكانت أفكاره ونظريّاته في التعليم والدين مؤثّرة ومثيرة للجدل، وقد كانت لجان جاك روسو مساهمات فيما يتعلق بمفهوم «الإرادة العامة».
لقد ذهب روسو إلى أن تشريع القوانين يأتي وفقًا للمصالح العامة التي تنبعث من الشعب، أما القرارات التي تصدر عن بعض الدوائر الحكومية، فلا تعدو كونها وسيلة من وسائل تطبيق الأوامر التي يصدرها الشعب صاحب الحق في سن القوانين. وبهذه «الإرادة العامة» يستطيع الشعب أن يحمي نفسه من أطماع الإرادات الخاصة، من خلال الخضوع للقوانين التي تجسد حرية المواطن. فالقوانين الشرعية وحدها التي تعبر عن «الإرادة العامة»، وهى تمثل الشعب، إذ يصبح الشعب صاحب السيادة. ويرتبط هذا الفهم ارتباطًا وثيقًا بحق الشعب بوصفه تعبيرًا عن أغلبية اجتماعية متجانسة يتخذ مظهرًا ديمقراطيًا يقوم على المصالح المشتركة والمعايير الأخلاقية. إن إرادة الشعب تعلو على كل المعايير الأخرى، وهذه الإرادة هي فوق معايير المؤسسات التقليدية وتسمو فوق كافة المؤسسات المستقلة، وتتجاوز طموحات الطبقات الأخرى.
وعلى الرغم من أن «الإرادة العامة» تهدف إلى تحقيق الخير المشترك، فإنها تحقق طغيان الأغلبية على حساب الأقلية، وتلغي السياسة التعددية التي تتلخص في تنافس عادل ونزيه بين تصورات للخير العام. ومن ثَمَّ فإن سلطة «الإرادة العامة» هي إجبار الجميع على الانصياع لما تتفق عليه الأغلبية، فما تراه الأغلبية حقًا فهو حَقٌ، وما تراه باطلًا فهو باطلٌ. وبهذا تخلق «الإرادة العامة» نسخ اُحادية متشابهة من المواطنين؛ ولا يمكن أن يتحقق هذا التجانس الشعبي إلا بتحديد من لا ينتمي إلى هذا الشعب ومعاملته معاملة دونية بصفته خائنًا ويجب تصفيته؛ لذلك لا مكان لمن هو خارج الكتلة البشرية المتجانسة. ومن ثمَّ تكون حقوق الأقليات بلا حماية على الإطلاق. فكيف يمكن السيطرة على إرادة الأغلبية حتى لا تفرض استبدادها على الأقليات؟ من يمكنه القيام بذلك؟!. «ليس هناك خطر على الإنسانية أكبر من هؤلاء الذين يدعون أنهم أهل الصلاح والعدل، فى حين أنهم أبعد ما يكونون عن التحلي بالأخلاق الفاضلة» كما أكد نيتشه.
اعتقد البعض أن «الإرادة العامة» تُؤسس على سياسة الفطرة السليمة للبشر، وفقًا للأولويات الصادقة والمنطقية للأشخاص العاديين، ويرون أن الحس العام، أى القدرة الفطرية القادرة على التمييز بين الصواب والخطأ، يعني أن «الإرادة العامة» محددة مسبقًا. وأن أي شخص يعارض الفطرة السليمة هو جزء من النخب الفاسدة. إن هذا التصور يقوم على تحديد العدو المشترك. وبناءً على ذلك ستُستخدم «الإرادة العامة» من منطق خطابي وليس أيديولوجيًا ولا حزبيًّا يمكن من ذلك صوغ موضوع ذى هوية قوية، وهي هوية «الشعب». إن فكرة احتكار تمثيل الشعب، وإقصاء الخصم، قد يؤدي إلى الانزلاق إلى الفاشية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جان جاك روسو
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزير الصناعة بالكونجو الديمقراطية
عقد د. بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، اليوم، لقاءً مع Louis Watum وزير الصناعة وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة بجمهورية الكونجو الديمقراطية خلال زيارته الى كينشاسا.
أشار الوزير عبد العاطي إلى أهمية تعزيز العمل المشترك لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، مؤكداً على حرص الحكومة المصرية على تعزيز التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية وفي مقدمتها الكونجو الديمقراطية، تنفيذاً لتوجيهات فخامة السيد رئيس الجمهورية بتعزيز التعاون الإقليمي بين مصر ودول القارة.
وأكد الوزير عبد العاطي خلال اللقاء على أهمية الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال دعم القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدين باعتبارها محركاً أساسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تبادل الخبرات وإمكانية إقامة مصانع مصرية في الكونجو الديمقراطية لتوطين صناعة عدد من المنتجات المصرية خاصة في مجالات الأدوية والصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي، مشدداً على استعداد مصر لتقديم الدعم الفني والتدريب في مجالات الصناعة وريادة الأعمال. كما استعرض الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمارات في تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على الدخول للسوق الكونجولي.
وقد وجه الوزير عبد العاطي الدعوة للوزير الكونجولي لزيارة مصر في إطار التحضير للزيارة المرتقبة لرئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى القاهرة.
من جانبه، أشاد الوزير الكونجولي بدور مصر الرائد في دعم التنمية بالقارة الإفريقية، معرباً عن تطلعه لتوسيع الشراكة مع مصر خصوصاً في مجال الصناعات التحويلية والزراعية، بما يساهم في تعزيز التنمية المستدامة بجمهورية الكونجو الديمقراطية.