ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال عن حكم قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج، ويقول السائل: نرجو منكم بيان الدليل على جواز قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج.

هل يجب على الإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة؟.. آراء الفقهاء في المسألة الحكمة من قراءة الفاتحة عند الزواج أو في الاتفاق بين شخصين حكم قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج

وأجابت دار الإفتاء على حكم قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج، منوهة بأنه يُستَدَلُّ لقراءة الفاتحة في قضاء الحوائج بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم في "صحيحه" وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ؛ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي -وَقَالَ مَـرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي-، فَإِذَا قَالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».

وذكرت دار الإفتاء، أن إعطاء الله تعالى للعبد سُؤْلَه عام في هذا الموضع، كما أنَّ متعلَّق الاستعانة محذوف، وهذا يقتضي الإطلاق، فيدل على مشروعية نية الاستعانة بالله في كل شيء بقراءة الفاتحة؛ قال الشيخ ابن عبد الهادي الحنبلي في رسالته "الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور" في "جمهرة الأجزاء الحديثية" (ص: 372، ط. مكتبة العبيكان): [احتج بعضهم من هذا الحديث على أنه ما قَرأ أحدٌ الفاتحة لقضاء حاجة وسأل حاجته إلا قُضِيَتْ] اهـ.

وروى الإمام مسلم في "صحيحه" والنسائي في "السنن الكبرى" وغيرهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَالَ: "بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ".

قال العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (6/ 200، ط. دار الكتاب العربي): [يجوز كونُها للاستعانة؛ أي: (لن تقرأ) مستعينًا (بحرف)؛ أي: جملة (منهما) على قضاء غرض لك (إلا أعطيتَه) كيف لا والفاتحة هي الكافية؟ وتلك الخواتيم لمن قرأها في ليلة كافية، والمراد: ثوابه الأعظم من ثواب نظيره في غير هذين. أو المراد بالحرف: معناه اللغوي وهو الطرف، وكنى به عن كل جملة مستقلة بنفسها؛ أي: أُعطِيتَ ما تضمنته إن كانت دعائية كـ ﴿اهْدِنَا﴾ و ﴿غُفْرَانَكَ﴾ الآيتين، وثوابَهما إن لم يتضمن ذلك كالمشتملة على الثناء والتمجيد] اهـ.

وعلى ذلك جرى فعل السلف الصالح من غير نكير؛ فأخرج أبو الشيخ في "الثواب" عن عطاء رحمه الله تعالى أنه قال: "إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تُقْضَى إن شاء الله".

قال العلَّامة مُلّا على القاري الحنفي في "الأسرار المرفوعة" (ص: 253، ط. مؤسسة الرسالة): [وهذا أصلٌ لِمَا تعارف الناس عليه مِن قراءة الفـاتحة لقضاء الحاجات وحصول المهمات] اهـ.

قراءة الفاتحة على الميت

قراءة الفاتحة لها فضل عظيم كما أكدت ذلك نصوص الشريعة الإسلامية؛ فالله تعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87].
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوْتِيتُه». رواه البخاري من حديث أبي سعيد بن المُعَلَّى رضي الله عنه.

جاء ذلك من خلال رد الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية، على سائل يقول: نسمع كثيرًا أنَّ قراءة سورة الفاتحة تعود على صاحبها بالنفع العظيم؛ فنرجو منكم بيان ما لهذه السورة الكريمة؛ سورة الفاتحة، من الفضائل والأسرار؟،  لافتا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبُرِكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوي الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

ومن فضائلها أنَّها أمّ القرآن، وتكفي عن غيرها ولا يكفي عنها غيرها؛ يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ» رواه الدارقطني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

ويقول العلَّامة ابن القيم الحنبلي رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (4/ 347-348، ط. مؤسسة الرسالة): [فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن؛ لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنـزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك. ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك رَقى بها اللديغَ فبَرَأَ لوقته، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم قراءة الفاتحة الحوائج دار الإفتاء النبی صلى الله علیه وآله وسلم الله تعالى إ ذ ا ق ال ال ق ر آن رضی الله ى الله ع الله ت

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: نجاح كبير لمؤتمر الحوار الإسلامي ومشاركة واسعة من 30 دولة

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي حقق نجاحًا كبيرًا، حيث شاركت فيه نحو 30 دولة، وكان ممثلًا لجميع المذاهب الإسلامية، مما عزز روح الأخوة والصداقة بين المشاركين.

وخلال حديثه في الحلقة الأولى من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، الذي يقدمه الإعلامي د. محمد سعيد محفوظ على شاشة قناة الحياة وقنوات المتحدة، وجه شيخ الأزهر شكره لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، على استضافة المؤتمر، مشيرًا إلى أن الحدث خرج بتوصيات مهمة تتعلق بحرية الاعتقاد وأسس الحوار البناء بين المسلمين.

برنامج "الإمام الطيب" للعام الثالث على التوالي

يواصل فضيلة الإمام الأكبر تقديم برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" للعام الثالث على التوالي، والذي يُعرض يوميًا طوال شهر رمضان المبارك. 

ويركز البرنامج على تفسير أسماء الله الحسنى، موضحًا دلالاتها العميقة، وكيف تنعكس على حياة الإنسان وسلوكه ومعاملاته.

معاني أسماء الله الحسنى في الواقع المعاصر

يشرح الدكتور أحمد الطيب خلال حلقات البرنامج كيف يتجسد حب الله لعباده، وكيف يمكن للإنسان أن يعبر عن حبه لله عز وجل. 

كما يربط بين أسماء الله الحسنى والأحداث العالمية الراهنة، مستلهِمًا منها العبر والدروس، بهدف تقديم رؤية إسلامية للتعامل مع الأزمات والكوارث والحروب والصراعات التي يشهدها العالم.

ويؤكد شيخ الأزهر أن فهم أسماء الله الحسنى بعمق يساعد المسلمين على مواجهة التحديات بروح إيمانية، قائمة على التدبر في صفات الله جل وعلا، والتعامل مع الواقع بحكمة ورحمة وعدل.

مقالات مشابهة

  • «أمهات مصر» يرصد استعدادات وملاحظات أولياء الأمور حول امتحانات مارس
  • هل يجوز قراءة القرآن من المصحف في صلاة التراويح والقيام؟.. الإمارات للإفتاء يجيب
  • النظافة و التقوى
  • دعاء قبل الإفطار لقضاء الحاجة وتيسير الأمور.. ردده بيقين حتى يستجاب لك
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • دعاء قبل صلاة الفجر لقضاء الحوائج.. ردده الآن
  • مصطفى حسني يوضح سبب تسمية سورة الفاتحة بـ أم الكتاب
  • هل يجوز قراءة أذكار الصباح قبل الفجر ؟.. 7 حقائق لا تعرفها
  • شيخ الأزهر: نجاح كبير لمؤتمر الحوار الإسلامي ومشاركة واسعة من 30 دولة
  • أسامة الجندي: رمضان هدية إلهية وفرصة للتقرب إلى الله