وقعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، اليوم، اتفاقية تعاون مع كلية المجتمع في قطر في مجال إعداد وتنفيذ برنامج الدبلوم المشارك في الدعوة والعلوم الإسلامية.

وقع الاتفاقية كل من السيد محمد بن حمد الكواري وكيل الوزارة المساعد لشؤون الدعوة والمساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والدكتور خالد محمد الحر رئيس كلية المجتمع.

جاءت هذه الاتفاقية في إطار تعزيز التعاون بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكلية المجتمع بهدف إنشاء مسار ودرجات علمية في مجال الدراسات الإسلامية للطلاب المرشحين من قبل الوزارة من موظفيها، وبما يحقق التنمية المستدامة للموارد البشرية بها، ويعزز الشراكة المجتمعية مع الجهات العلمية والأكاديمية.

وأوضح السيد محمد بن حمد الكواري، خلال مؤتمر صحفي بهذه المناسبة، أن برنامج الدبلوم في الدعوة والعلوم الإسلامية يهدف إلى إعداد وتأهيل وتطوير أداء الأئمة والخطباء وشاغلي الوظائف الشرعية بالوزارة وعددهم 25 طالبا، مشيرا إلى أن البرنامج سيستمر لمدة عامين دراسيين أكاديميين اعتبارا من خريف 2023 / 2024.

وذكر أن الوزارة تسعى إلى توسيع مجال التعاون والشراكة مع كلية المجتمع من أجل طرح وتنفيذ برامج علمية وأكاديمية وتدريبية أخرى لموظفي الوزارة بما يساهم في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 في مجال التنمية المستدامة للموارد البشرية، مبينا أنه إضافة لدور هذا البرنامج ومساهمته في تطوير الأئمة والخطباء والدعاة القطريين بالدرجة الأولى، يعد أيضا عاملا مساعدا في زيادة ورفع مستواهم التعليمي، وموضحا أن الاتفاقية اليوم مع كلية المجتمع تعد مسارا علميا يتيح الفرصة للشباب القطريين الراغبين في العمل بالمساجد كأئمة وخطباء أو مؤذنين، بالإضافة للعمل بالوزارة، وهو ما يهدف إلى استقطاب القطريين لهذا المجال، والاهتمام بهم من الناحية العلمية لرفع المستوى من شهادة الدبلوم لدرجة البكالوريوس بالتعاون مع الجامعات الأخرى بالدولة، ومنها جامعة قطر.

كما نوه إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي ترشح المتقدمين للبرنامج المذكور مع كلية المجتمع من القطريين، مع تشجيعهم ومنحهم مكافآت مالية، مؤكدا أن الاتفاقية مع كلية المجتمع تساهم كذلك في إتاحة المجال لموظفي الوزارة للتدريس في الكلية ذاتها، وفقا للسياسات والأنظمة المعمول بها فيها.

وتحدث السيد الكواري، في سياق ذي صلة ردا على سؤال، عن دور معهد الدعوة والعلوم الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المهم والمميز في تدريب وتأهيل الدعاة والأئمة والخطباء والمؤذنين عبر دورات علمية متخصصة، بمن فيهم خريجو كلية المجتمع مستقبلا من هذا البرنامج وغيرهم، وتزويدهم بما يحتاجونه في بعض المجالات العملية أو التدريبية وغيرها.

من ناحيته، ثمن الدكتور خالد محمد الحر التعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عبر طرح الدبلوم المشارك في الدعوة والعلوم الإسلامية الذي يتيح للأئمة والخطباء وشاغلي الوظائف الشرعية بالوزارة فرصة فريدة من نوعها لتعزيز معارفهم وعلومهم الشرعية بمواصلة التعلم، وبما يحقق تأثيرا إيجابيا ومستداما للمساهمة في نهضة الدولة، لافتا إلى أن الكلية كرست جهودها لتنفيذ بنود هذا التعاون اعتبارا من خريف 2023 / 2024، حيث ستكون هناك خطة دراسية تم وضعها للطلاب المرشحين من موظفي الوزارة بعد أن تم الاتفاق على قبول 25 منهم في بداية كل عام أكاديمي.

وأوضح أن الكلية ستعمل في هذا الخصوص، وعبر كوادرها التدريسية، على القيام بكافة متطلبات البرنامج للمستفيدين المستوفين لشروط القبول، وضمان مستوى عال من الجودة الأكاديمية والعلمية، معتبرا أن هذه الاتفاقية ستضع أساسا متينا للتعاون بين الكلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي قال إنها وزارة رائدة في تطوير كوادرها الوطنية وتأهيلها لسوق العمل أو في مهنة الخطابة والإمامة والأذان.

كما نوه إلى أن الاتفاقية تمهد كذلك الطريق أمام موظفي الوزارة ليكونوا قادة مستقبليين، مسلحين بالعلم والمعرفة للارتقاء بقيم وأخلاق أفراد المجتمع في سبيل تحقيق التنمية المستدامة للموارد البشرية بما يتفق ورؤية قطر الوطنية 2030، وتؤكد في نفس الوقت التزام الكلية المستمر بإتاحة فرص التعليم أمام الجميع، وتحقيق طموحاتهم في الوصول إلى التعليم العالي، وبالتالي تطوير قدراتهم ومهاراتهم بالتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية.

وأشار إلى أن برنامج الدبلوم هو 60 ساعة مكتسبة بما يتواءم مع الإطار الوطني لدولة قطر للمؤهلات، بينما الخطة الدراسية مقسمة على فصول دراسية مدتها سنتان دراسيتان، تتضمن قبول 4 دفعات للبرنامج للأعوام الأكاديمية من 2023 / 2024 وحتى 2026 / 2027، مضيفا أن برامج الكلية تحقق هدفين هما الالتحاق بسوق العمل بالكفاءة والمهارة اللازمة لأداء المهام بشكل كامل، وتمكين الطالب من استكمال دراسته في جامعة قطر أو غيرها من الجامعات.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: نتصدى للإرهاب الفكرى ونعالج جذوره العميق.. التنوير ليس خروجًا عن الثوابت.. فلسطين لأهلها والقدس عاصمته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

علمًا غزيرًا يُزينه أدبٌ جمّ وتواضعًا يزيد صاحبه رفعة.. أستاذًا يحمل الود لمُعلميه فيثبت أنَّ طرح  الشيوخ العظام أصحاب «العمامات» المثمر مستمر وعطره وطِيبه باقٍ.. ويسير على الدرب يؤمن انه لا احتقان ولا جدال فمن أراد أن يُحاجج في الهدم نُناقشه في البناء؛ ومن أراد الفرقة دعوناه للقاء.. فجلباب المحبة فضفاض يسع ويتسع للجميع .

يؤكد الرجل دوما على الاستغفار والاستذكار والصبر والصفح والرفق ومحاولات البحث عن كمال الإنسانية في معانِ القرآن.. ولا بد من القراءة والامتثال للسمو ونيل الدرر. ويقول : «لا سلطان لأحد من الخلق فيما بينه وبين الله؛ يأتي الإنسان إلى ربه طوعًا وساجدًا ومدركًا لعظمة من جلَّ جلاله؛ لا إكراه في الدين ولا تسلُط على أحدٍ من خلق الله».

انه أسامة الأزهري؛ اسمٌ وصفة نال منهما نصيبا وافرا. هدفه تعظيم دور الوزارة في نشر الفكر الأزهري الوسطي المستنير، وترسيخ منهجية الفهم الصحيح للدين، ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب الفكري.

التقت «البوابة نيوز» الدكتورأسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الذي أكد أنه يسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في مختلف مجالات عمل الوزارة، مستندًا إلى رؤية واضحة تنطلق من تعظيم دور الوزارة في نشر الفكر الأزهري الوسطي المستنير، وتحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وتعزيز الدور التنموي والخدمي لـ«الأوقاف»، بما يحقق التكامل بين رسالتها الدعوية والاجتماعية والاقتصادية. 

كما اكد «الأزهري»، أن دعم الوزراة  للفئات الأكثر احتياجًا خلال رمضان ليس مجرد مبادرة، بل هو واجب إنساني وديني يعكس روح الشهر الفضيل، ولذلك جعلت من هذا الهدف أولوية قصوى ضمن إستراتيجيتها في العمل المجتمعي، وبفضل الله، تمكنت «الأوقاف» هذا العام من توزيع 100 طن من لحوم الصكوك خلال شهر رمضان.

وعن القضية الفلسطينية  قال إنها ليست مجرد ملف سياسي أو شأن إقليمي، بل هي قضية حق وعدل لها أبعادها الدينية والتاريخية والحضارية، وهو ما يجعل دعمها واجبًا إنسانيًّا وأخلاقيًّا ودينيًّا، حيث نقدم كل أشكال الدعم الممكنة لأشقائنا في فلسطين، سواء من خلال المساندة المعنوية والتوعية بالقضية عبر المنابر الدينية والمنصات الإعلامية، أو عبر الإسهامات الإغاثية والإنسانية.. وإلى نص الحوار.

• ما الأهداف الرئيسية التي تسعى لتحقيقها في وزارة الأوقاف خلال الفترة القادمة؟

أسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في مختلف مجالات عمل وزارة الأوقاف، مستندًا إلى رؤية واضحة تنطلق من تعظيم دور الوزارة في نشر الفكر الأزهري الوسطي المستنير، وتحصين المجتمع من الأفكار المتطرفة، وتعزيز الدور التنموي والخدمي للوزارة، بما يحقق التكامل بين رسالتها الدعوية والاجتماعية والاقتصادية.

وأحد الأهداف الرئيسية التي أضعها في مقدمة الأولويات هو ترسيخ منهجية الفهم الصحيح للدين، عبر نشر الوعي الديني الوسطي المستند إلى العقل والنقل معًا، ومواجهة الأفكار المتشددة التي تحاول أن تختطف الخطاب الديني أو تسيء إلى الإسلام بسوء فهمها وتأويلاتها الخاطئة ولتحقيق ذلك. 

كما أسعى إلى توسيع دائرة الخطاب الديني ليشمل القضايا المعاصرة التي تمس المجتمع بصورة مباشرة، فنحن نعمل على إبراز البعد القيمي والأخلاقي للإسلام في قضايا التنمية والبيئة والتكافل الاجتماعي، وتعزيز مفاهيم المواطنة، وترسيخ ثقافة الحوار والتعايش. 

كما أننا نولي اهتمامًا كبيرًا بملف التعاون الدولي في الشأن الديني، إذ نسعى إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الدينية الكبرى في العالم، وتبادل الخبرات، ونقل تجربة مصر في نشر الفكر المستنير إلى مختلف الدول، من خلال الموفدين، والمنح الدراسية، والندوات الدولية التي نحرص على إقامتها بشكل دوري.

• كيف تخطط الوزارة لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب الفكري داخل المجتمع؟

وضعتُ على رأس أولوياتي في وزارة الأوقاف مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب الفكري عبر استراتيجية شاملة ومتكاملة، تستند إلى تفكيك الأفكار المغلوطة، وترسيخ الفهم الصحيح للدين، وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال، من خلال جهد فكري وتوعوي واسع النطاق، يستهدف مختلف فئات المجتمع؛ فالتصدي للفكر المتطرف لا يكون بالمواجهة الأمنية وحدها، رغم أهميتها، وإنما يحتاج إلى معالجة فكرية جذرية تعتمد على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وبيان حقيقة الإسلام القائم على الرحمة والتسامح، وكشف زيف التأويلات المغلوطة التي تستغل الدين لأغراض مشبوهة. 

ولهذا، نتبنى في وزارة الأوقاف استراتيجية تقوم على عدة محاور رئيسية: 

أولًا:  تطوير الخطاب الديني وتجديده بما يناسب العصر، بحيث يكون الخطاب الدعوي قادرًا على تفنيد الشبهات الفكرية التي تروجها الجماعات المتطرفة، من خلال تقديم خطاب عقلاني، يعرض الحقائق الشرعية بمنهجية علمية، ويعتمد على الحجة والبرهان، وليس على العواطف المجردة.

ثانيًا:  نشر الوعي الديني الوسطي في أوسع نطاق، من خلال توسيع دوائر التأثير في المساجد، والجامعات، والمدارس، والمنتديات الثقافية، والإعلام، حيث أطلقت العديد من المبادرات التوعوية التي تستهدف الطلاب والشباب، باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للاستقطاب من الجماعات المتطرفة. 

ثالثًا:  التوظيف الأمثل للإعلام والمنصات الرقمية، فقد أصبحنا نعيش في عصر أضحت فيه وسائل الإعلام والتكنولوجيا الرقمية من أهم أدوات تشكيل الوعي، ولذلك، حرصت على تعزيز وجود الوزارة في الفضاء الإلكتروني، من خلال إطلاق منصات إلكترونية، وبرامج تلفزيونية وإذاعية. 

وإيمانًا بأهمية العمل المشترك في مواجهة التطرف، عزّزتُ التعاون مع الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، والمفكرين والمثقفين، بهدف تقديم رؤية متكاملة تتصدى للإرهاب الفكري، وتعالج جذوره العميقة، كما أنني أحرص على المشاركة في المنتديات والمؤتمرات الدولية التي تناقش قضايا التطرف.

• وما استراتيجيات الوزارة في التعامل مع ظاهرة الإلحاد المتزايدة بين الشباب؟

الحكم على الشيء بأنه أصبح ظاهرة يقتضي دراسات ميدانية دقيقة، لذا أتجاوز هذا التعبير إلى تعبير آخر من قبيل تعالي الأصوات المنادية بالإلحاد؛ وفي هذا الصدد أتخذ في وزارة الأوقاف نهجًا استراتيجيًّا متكاملًا في التعامل مع الإلحاد، إدراكًا مني لأهمية التصدي لهذه القضية برؤية علمية مستنيرة، تعتمد على تحليل جذور المشكلة، وفهم أسبابها، ومن ثم وضع الحلول المناسبة التي تعالجها معالجة فكرية عميقة. 

وقد أجريت دراسة للإلحاد وأسبابه من عام 2012 وحتى اليوم.

ووجدت أن للإلحاد أربعة أسباب رئيسية، أولها: قبح الخطاب الصادر عن تيارات التطرف، إذ أدى الخطاب الدموي العنيف الذي تروج له الجماعات المتشددة إلى نفور بعض الشباب من الدين برمّته، واعتقادهم بأن التدين يعني التشدد والعنف، وثانيها: التخلف الحضاري الذي تعاني منه بعض المجتمعات المسلمة، ما جعل بعض الشباب ينبهر بالنموذج الغربي، الذي يقوم في بعض أبعاده الفلسفية على إنكار الألوهية.

وثالثها: الأمية الدينية، لأن بعض الشباب يفتقر إلى الحد الأدنى من المعرفة الدينية الصحيحة، ما يجعلهم عرضة للشبهات والأفكار الإلحادية، وأخيرًا: الفضاء الإلكتروني المفتوح، إذ أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لنشر الأفكار الإلحادية، وترويج الشبهات، دون وجود ضوابط علمية تحكم هذا الطرح.

وبناءً على هذه الدراسة، وضعت استراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الظاهرة، ترتكز على عدة محاور أساسية:
أولًا:  تقديم خطاب ديني عقلاني وعصري، يخاطب العقول بالحجة والبرهان، ويستخدم المنهج العقلي في عرض القضايا الإيمانية، خاصةً مع الشباب الذين لا يعترفون بالنصوص الدينية كمصدر للحجة، بل يبحثون عن أدلة عقلية ومنطقية لإثبات الإيمان.

ثانيًا:  تفكيك شبهات الإلحاد عبر الأدلة العقلية والعلمية، فبعد البحث والتأمل، وجدتُ أن شبهات الملحدين تنحصر في ثلاثة مجالات علمية رئيسية، هي علم الكونيات (Cosmology)، الذي تُطرح من خلاله إشكاليات حول نشأة الكون، وعلم الأحياء (Biology)، خاصةً نظرية التطور التي يستند إليها البعض لإنكار الخلق الإلهي، وعلم الأعصاب (Neuroscience)، الذي يناقش الوعي والإدراك وعلاقتهما بالإيمان، ونسعى لإعداد محتوى علمي متخصص، يعرض هذه القضايا بموضوعية، ويرد عليها ردودًا رصينة، بأسلوب يتناسب مع العقلية المعاصرة، دون استخدام خطاب تقليدي يعتمد على التخويف أو الترهيب. 

ثالثًا:  تعزيز الثقافة الدينية بين الشباب في المدارس والجامعات، فالأمية الدينية هي أحد الأسباب الرئيسية للإلحاد، وقد عملتُ على نشر الوعي الديني الوسطي في المدارس والجامعات، عبر تنظيم ندوات ولقاءات مفتوحة مع الطلاب، تتناول القضايا الإيمانية بأسلوب حواري تفاعلي، بعيدًا عن الخطاب الوعظي التقليدي. 

رابعًا:  استخدام وسائل الإعلام والسوشيال ميديا في نشر الفكر الوسطي، نظرًا لأن الفضاء الإلكتروني أصبح ساحة رئيسية لنشر الأفكار الإلحادية، وقد عززنا الحضور الإعلامي للخطاب الديني المستنير، عبر إطلاق محتوى رقمي، وبرامج تلفزيونية، وصفحات تفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم محتوى علميًّا موثوقًا، يرد على الشبهات بأسلوب منهجي رصين.

• ما موقفكم من قضايا التنوير الفكري والاجتماعي، وكيف تعتزم الوزارة الموازنة بين الحفاظ على الهوية الدينية والانفتاح على الأفكار الحديثة؟

إدراكًا مني لأهمية ترسيخ هوية الأمة الدينية والحضارية، مع الانفتاح الواعي على المستجدات الفكرية الحديثة، اتخذت في وزارة الأوقاف نهجًا متوازنًا ومتجددًا في قضايا التنوير الفكري والاجتماعي، فالتنوير ليس خروجًا عن الثوابت، بل هو بعثٌ جديد للمعرفة، يُبنى على أصول راسخة من الفهم الصحيح للدين، والتفاعل الخلّاق مع معطيات العصر.

التنوير الحقيقي هو الذي يُحافظ على جوهر الهوية الدينية للأمة، وفي الوقت ذاته يستوعب المعرفة الحديثة، ويدمجها في سياق يخدم الإنسان والمجتمع. 

من هذا المنطلق، أسعى جاهدًا إلى تقديم خطاب ديني مستنير، يجمع بين العقل والنقل، والتجديد والانضباط، والانفتاح والحفاظ على الثوابت، فالتنوير ليس مجرد استيرادٍ لأفكار من الخارج دون تمحيص، بل هو قراءة نقدية واعية لتراثنا، واستلهامٌ لمقاصد الشريعة، وتفاعل إيجابي مع متغيرات العصر.

• كيف ستعمل الوزارة على تعزيز دورها في نشر القيم الإسلامية السمحة التي تدعو إلى التسامح والتعايش السلمي؟

الإسلام جاء رحمةً للعالمين، ينشر القيم الإسلامية السمحة، التي تقوم على التسامح والتعايش السلمي، ونشر ثقافة المحبة والتعاون بين البشر، بقطع النظر عن اختلافاتهم. 

وأؤمن أن مسئوليتنا في الوزارة لا تقتصر على بناء المساجد وإعداد الدعاة، بل تمتد إلى تشكيل وعي المجتمع، وتعزيز ثقافة التعايش، وتحصينه ضد الفكر المتطرف، وترسيخ المبادئ الإسلامية القائمة على الرحمة والعدل والإحسان.

والتعايش السلمي لا يتحقق إلا من خلال تعزيز قيم المواطنة، بحيث يشعر كل فرد في المجتمع بأن له حقوقًا وواجبات متساوية، بصرف النظر عن دينه أو عرقه أو خلفيته الفكرية. 

والعمل الميداني هو السبيل الأمثل لترسيخ القيم، فالتسامح والتعايش ليست شعارات نظرية، بل هي قيم عملية يجب أن تتجسد في سلوكنا اليومي.

• ما خطط الوزارة لتطوير المساجد من حيث البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين؟

تطوير المساجد يأتي على رأس أولويات وزارة الأوقاف، باعتبارها حجر الزاوية في نشر رسالة الإسلام السمحة، وتعزيز القيم الروحية والمجتمعية، وبحيث تصبح بيئة جاذبة ومهيأة لأداء الشعائر في أجواء تليق بقدسية المسجد ومكانته. 

لذا أولت وزارة الأوقاف اهتمامًا كبيرًا بمشروع إعمار بيوت الله عز وجل.

وحرصت على التوسع المستمر في بناء المساجد الجديدة، وتجديد القائم منها، وتحديث بنيتها التحتية، بما يحقق راحة المصلين ويعزز دور المسجد كمركز إشعاع ديني وثقافي.

وأستطيع أن أؤكد أن إجمالي عدد المساجد التي تم افتتاحها منذ يوليو 2024م حتى الآن بلغ 1163 مسجدًا، من بينها 804 مساجد تم إحلالها وتجديدها بالكامل، وفق أحدث المواصفات الفنية والهندسية، و359 مسجدًا خضع لأعمال الصيانة والتطوير والتحديث، لضمان الحفاظ عليها وإبقائها في أفضل حال، أما على مدى العشر سنوات الماضية.

فقد تمكنت وزارة الأوقاف من تحقيق إنجاز غير مسبوق، حيث وصل إجمالي عدد المساجد التي تم إحلالها وتجديدها وصيانتها وفرشها منذ يوليو 2014م إلى 13,244 مسجدًا، بإجمالي تكلفة بلغت نحو 22 مليارًا و258 مليون جنيه، وهذا يعكس مدى الجهد المبذول لتحديث بيوت الله، وتجهيزها بأفضل صورة تليق برسالتها الدينية والمجتمعية.

• ما جهود الوزارة الحثيثة خلال الشهر الفضيل؟ 

شهر رمضان المبارك يعد فرصة عظيمة لتعزيز العمل الدعوي والخيري، ولذلك حرصتُ على وضع خطة متكاملة تسهم في تعظيم الاستفادة من الشهر الفضيل، من خلال تكثيف الأنشطة الدعوية، وتوسيع دائرة البر والإحسان، وخدمة المجتمع، ليكون شهر رمضان شهرًا عامرًا بالخير، محققًا رسالته في تهذيب النفوس، وتعزيز قيم التكافل، وتقوية الروابط المجتمعية. 

وانطلاقًا من الدور التوعوي لوزارة الأوقاف، فقد حرصتُ على توسيع النشاط الدعوي خلال شهر رمضان ليصل إلى أوسع شريحة ممكنة، من خلال تكثيف إقامة الدروس اليومية عقب الصلوات في جميع المساجد الكبرى، لتقديم شرح مبسط وعميق لمعاني القرآن الكريم وأحكام الصيام وأخلاقيات الشهر الفضيل، وإيفاد كبار العلماء والأئمة المتميزين إلى العالم لإحياء ليالي شهر رمضان المبارك، وإطلاق حملات إلكترونية توعوية عبر منصات الوزارة، تتضمن مقاطع مرئية ومقالات دينية حول فضائل الشهر وأحكامه وأخلاقياته، بما يخاطب مختلف الفئات المجتمعية.

ومن هذا المنطلق، حرصتُ على إطلاق قوافل غذائية مكثفة خلال شهر رمضان، لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن الأسر البسيطة، حيث قمنا بتوزيع مئات الآلاف من السلال الغذائية التي تضم المواد الأساسية التي تحتاجها الأسر الأولى بالرعاية، وقد تم تجهيز 150 ألف شنطة سلع غذائية، بإجمالي 750 طنًّا من السلال الغذائية، وتوزيعها بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وفق بيانات دقيقة.

كما يأتي في مقدمة المبادرات الإنسانية التي تبنتها الوزارة مشروع صكوك الإطعام، وهو أحد أهم المشروعات الخيرية التي أطلقتها الوزارة، حيث نقوم من خلاله بتوزيع آلاف الأطنان من اللحوم على الأسر الأكثر احتياجًا في جميع محافظات الجمهورية، مع الحرص على إيصال الدعم بصورة تحفظ كرامة المستحقين. 

وبفضل الله، تمكنا هذا العام من توزيع 100 طن من لحوم الصكوك خلال شهر رمضان، والتي يتم تجهيزها وفق أعلى معايير الجودة، وتوزيعها عبر آلية دقيقة تضمن العدالة في التوزيع ووصول اللحوم إلى مستحقيها الفعليين.

• ما دور وزارة الأوقاف من دعم القضية الفلسطينية على المستوى المادي والمعنوي؟

 القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي أو شأن إقليمي، بل هي قضية حق وعدل لها أبعادها الدينية والتاريخية والحضارية، وهو ما يجعل دعمها واجبًا إنسانيًّا وأخلاقيًّا ودينيًّا، ومن هذا المنطلق، تقف مصر قيادةً وشعبًا، وعلى رأسها مؤسساتها الوطنية، موقفًا ثابتًا وراسخًا لا يتغير، إذ تؤمن مصر بحق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته، وترفض رفضًا قاطعًا أي محاولات لفرض واقع جديد يتنافى مع حقوقه المشروعة.

وفي هذا السياق، تحرص وزارة الأوقاف المصرية على أن تكون جزءًا فاعلًا في جهود الدولة لدعم القضية الفلسطينية، حيث نقدم كل أشكال الدعم الممكنة لأشقائنا في فلسطين، سواء من خلال المساندة المعنوية والتوعية بالقضية عبر المنابر الدينية والمنصات الإعلامية، أو عبر الإسهامات الإغاثية والإنسانية التي تسهم في التخفيف من معاناة أهلنا في غزة.

ولقد وجهتُ بتخصيص جزء من مشروع صكوك الإطعام لصالح الأشقاء الفلسطينيين، وذلك عبر تقديم كميات كبيرة من لحوم الأضاحي والإطعام ضمن القوافل الإغاثية التي ترسلها الدولة المصرية بشكل منتظم، بالتنسيق مع الجهات المختصة، لضمان إيصال المساعدات إلى مستحقيها، كما أن هناك تنسيقًا مستمرًا بين وزارة الأوقاف ومختلف مؤسسات الدولة المصرية لضمان استمرارية هذا الدعم بصورة منتظمة مستدامة. 

وعلى المستوى الفكري، أؤمن بأن نصرة القضية الفلسطينية لا تقتصر على الدعم المادي فقط، بل تمتد إلى تعزيز الوعي العام بعدالة هذه القضية، وكشف حقيقة الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ولذلك تحرص الوزارة على إبراز مكانة القدس في خطب الجمعة والبرامج التوعوية، وتقديم الدعم الإعلامي والفكري اللازم لفضح الممارسات الظالمة التي يتعرض لها أهلنا هناك. 

ونؤكد دومًا أن فلسطين لأهلها، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967م، وأن هذا الحق غير قابل للمساومة، وسنظل نبذل كل ما في وسعنا لدعم أشقائنا الفلسطينيين، داعين الله أن يرفع عنهم الظلم، وأن يعيد إليهم حقوقهم المسلوبة.

____________________________

سيرة ومسار الدكتور أسامة الأزهرى فى سطور

الدكتور أسامة السيد محمود محمد الأزهري، هو وزير الأوقاف التاسع عشر، ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، ولد في الإسكندرية يوم 16 يوليو 1976م، ونشأ في محافظة سوهاج بصعيد مصر. 

حصل على درجة الإجازة العالية «الليسانس»؛ من كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف عام 1999،و«الماجستير»؛ في الحديث الشريف وعلومه عام 2005.

كما حصل، على شهادة الدكتوراه من كلية أصول الدين بمرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بالطبع والتداول عام 2011. 

وعمل معيدًا بقسم الحديث الشريف فرع أسيوط عام 2000، ثم مدرسا مساعدًا بنفس الكلية عام 2005، ثم مدرس مساعد بالزقازيق. 

ودرس عددًا من العلوم الشرعية وغيرها دراسة حرة على عدد من العلماء الكبار، وحصل على الإجازة من أكثر من ثلاثمئة من العلماء أصحاب الإسناد، من أقطار إسلامية مختلفة.

له العديد من المؤلفات والكتب التي تتناول مختلف القضايا الدينية والفكرية، وتنوعت مؤلفاته بين كتب التفسير والحديث والفقه، بالإضافة إلى العديد من المقالات في الصحف والمجلات الدينية. 

وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارا بتعينه مستشارًا دينيًا ليكون ضمن الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية عام 2014، حيث ظل بهذا المنصب حتى اليوم، كما تم تعيينه وزيرًا للأوقاف؛ خلفًا للدكتور محمد مختار جمعة؛ في 3 يوليو 2024.

e447257f-d5ad-428f-9876-44ca6e08cd5e 41da3958-aa21-4427-9a12-144eeee9d1cd 544c4c38-a772-439a-8e91-a3b715e9834d

مقالات مشابهة

  • وزارة الأوقاف تنظم 27 خيمة رمضانية بجميع المحافظات
  • تعاون بين "الكلية الحديثة" وجامعة هيلونغجيانغ
  • وزارة الأوقاف تحث الراغبين في أداء الحج على استكمال إجراءات التسجيل عبر المنشآت المعتمدة
  • «طرق دبي» توقع اتفاقية منح حق تسمية محطة مترو الخيل لشركة «الفردان للصرافة»
  • وزير الأوقاف: نتصدى للإرهاب الفكرى ونعالج جذوره العميق.. التنوير ليس خروجًا عن الثوابت.. فلسطين لأهلها والقدس عاصمته
  • تقديرًا لدوره في نشر القيم المجتمعية.. وزير الأوقاف يكرم الفنان القدير سامح حسين
  • «الأوقاف» تكرم الفنان سامح حسين تقديرا لدوره في نشر القيم المجتمعية
  • وزير الأوقاف يكرِّم سامح حسين.. ويؤكد: الفن الواعي شريكنا في مسيرة التنوير
  • «تبريد» توقع اتفاقية امتياز مع «دبي القابضة»
  • برعاية منصور بن زايد.. «الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة» تطلق فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع