المحرقة الفلسطينية.. الوعي والتأسيس
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
كما استطاع اليهود أن يخلّدوا ذكرى الهولوكوست، يجب أن يستثمر أحرار العرب المحرقة التي قام بها الكيان المحتل في قطاع غزة؛ لتكون أيقونة تاريخية، يذكرها التاريخ، وتقام بشأنها المؤتمرات والمهرجانات المؤيدة لفلسطين في كل أنحاء العالم، وعلى المفكرين والمثقفين العرب أن يشكلوا لجنة عربية أجنبية موحدة؛ يكون من أبرز أدوارها فضح همجية الاحتلال وإجرامه، وأن يحثوا أحرار العالم على القيام بدورهم في هذا الإطار، من خلال تنظيم المؤتمرات الدولية التي تنتصر للقضية الفلسطينية وتكشف إجرام الاحتلال، والعمل الجاد من أجل أن تبقى هذه المذبحة في الذاكرة، تتوارثها الأجيال؛ لتكون وقودا للثأر والانتقام لأرواح من قضوا شهداء فيها.
ويقع على عاتق المثقف العربي الدور الأكبر في إيصال صوت الفلسطينيين وصرخاتهم إلى حيث يجب أن تصل، بعد أن يئسنا من حكامنا المتآمرين مع أعداء الأمة من قتلة الأطفال والنساء والشيوخ.. على المثقفين العرب وغير العرب أن يطالبوا الأمم المتحدة بتجريم المذبحة، وتخصيص يوم سنوي للتنديد بالعدوان، وممارسة الضغوط لجعلها تعترف رسميا بجرائم الاحتلال والتركيز على مفاهيم ومصطلحات محددة مثل: "الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي، والفصل العنصري"، التي تحدث كثير من ساسة ومفكري العالم عنها هذه الأيام.
ما يحدث اليوم في قطاع غزة من إبادة لا يمكن أن يتخيله العقل البشري في القرن الواحد والعشرين، وإن تأييد بعض دول الغرب لما تقترفه قوات الاحتلال بحق المدنيين لهو الأكثر استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين، وهو فضيحة كبرى لادعاءات الغرب حول الحرية والديمقراطية وإنسانية الإنسان وحقوقه المشروعة في العيش الكريم في وطنه
إن ما يحدث اليوم في قطاع غزة من إبادة لا يمكن أن يتخيله العقل البشري في القرن الواحد والعشرين، وإن تأييد بعض دول الغرب لما تقترفه قوات الاحتلال بحق المدنيين لهو الأكثر استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين، وهو فضيحة كبرى لادعاءات الغرب حول الحرية والديمقراطية وإنسانية الإنسان وحقوقه المشروعة في العيش الكريم في وطنه؛ إذ لا بد من مؤتمر شعبي عالمي يقام في دولة غربية أو إسلامية يدعى له أكبر عدد من مفكري العالم ومنظريه وفلاسفته وسياسييه وحقوقييه المؤيدين للقضية الفلسطينية؛ للاضطلاع بدورهم في ممارسة الضغط على الأمم المتحدة والهيئات الدولية وصناع القرار في العالم، لصالح القضية الفلسطينية وتثبيت يوم للتنديد بجرائم الاحتلال ضد شعبنا الصامد.
إن ما تقوم به قوات الاحتلال من إجرام ممنهج مدعومة بالتأييد والضمانات الأمريكية والغربية؛ يجعل المتابع البسيط يتخيل بأن الفلسطينيين هم من يحتلون أراضي اليهود، وأن الفلسطينيين هم المجرمون القتلة، فأية موازين تلك التي يزن بها هؤلاء الحاقدون المجرمون وأية مقاييس؟!
لقد ثبت بما لا يحتمل الشك بأن الغرب وسياسييه كارهون للعرب والمسلمين، وأنهم كانوا يبطنون الحقد على كل ما هو عربي أو مسلم؛ فجاءت اللحظة الفارقة التي كشفت نواياهم، وفضحت مدى الكره الذي يكنّونه لنا؛ وأظهرت بشكل سافر كذبهم ونفاقهم؛ لكن رب ضارة نافعة، فما حدث من أحداث وتداعيات كشف للسذج والواهمين عن مكر السياسات الغربية وتعاملها غير الإنساني مع شعوب دون شعوب أخرى، ولنا في أوكرانيا أوضح مثال؛ فقد رأينا كثيرا ممن كانوا يتغنون بالديمقراطية الغربية ونمط الحياة الغربي، وقد تغيرت آراؤهم، بعد أن رأوا الانحياز الأعمى، والدعم غير المحدود للكيان المحتل، وتشجيعه على قتل المدنيين، وتدمير المستشفيات والمساجد على رؤوس الموجودين فيها، ناهيك عن تدمير آلاف الوحدات السكنية وما وصل إليه عدد الشهداء والجرحى حتى اليوم.
واليوم تتعالى الأصوات في دول الغرب منددة بالإجرام الصهيوني وداعية لوقف الحرب ومحاسبة الكيان على جرائمه؛ فالتظاهرات التي عمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول قضت مضجع الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، وشكلت قوة تأثير استثنائية وضعت الرئيس الأمريكي في وضع حرج، حيث يُتوقع أن تؤثر عليه سلبا في الانتخابات الرئاسية التي تفصلنا عنها شهور قليلة.
ولأول مرة في تاريخ فلسطين الحديث تكتسب القضية الفلسطينية حضورا كبيرا في أروقة الأمم المتحدة ومقار صنع السياسة، وفي الصحافة والإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي التي قامت بدور كبير في إظهار ما ظل الاحتلال يحاول إخفاءه بكل وسيلة ممكنة.. لقد عرت هذه الجرائم العدو الصهيوني والمتحالفين معه، وفتحت الأبواب على مصاريعها لأحرار العالم من إعلاميين وسياسيين ومفكرين وفنانين وشعراء ومشاهير على منصات التواصل الاجتماعي من متحدثين وصانعي المحتوى، عربا وأجانب؛ ليقولوا كلمتهم المعبرة القوية التي بتنا عاجزين عن متابعتها لكثرتها وتضخمها يوما بعد يوم.
لأننا لم نكن نتوقع أن يصدر عن القمة العربية الإسلامية أفضل مما كان؛ فلا بد من التحرك الشعبي على كل الأصعدة، أثناء المعركة وبعدها ولفترة طويلة
ولأننا لم نكن نتوقع أن يصدر عن القمة العربية الإسلامية أفضل مما كان؛ فلا بد من التحرك الشعبي على كل الأصعدة، أثناء المعركة وبعدها ولفترة طويلة، وعسى أن تكون محرقة غزة حافزا للجماهير العربية لمواجهة تلك الأنظمة؛ فلا سبيل لتحرير فلسطين في ظل هذه الأنظمة الخانعة المستسلمة التي لم تستطع مجتمعة إدخال صهريج وقود للمستشفيات التي تئن تحت وطأة العجز الكامل عن رعاية المرضى واستقبال الجرحى، وكأن الأمر لا يعنيهم، لكننا في الوقت نفسه، نتقدم لهم بجزيل الشكر على ما قاموا به من استجداء للكيان الصهيوني للموافقة على إدخال الوقود والمواد التموينية إلى القطاع، وإن لم يستجب لهم.. وهنا أستذكر مقولة لحكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش حيث قال: "تحرير فلسطين يمر من العواصم العربية"؛ وتلك حقيقة لا يماري فيها إلا الحمقى وقاصرو النظر..
على حكامنا وساستنا والعالم أجمع أن يعلموا اليوم أن عصر الصمت والخذلان قد ولّى إلى غير رجعة، وأن طوفان الأقصى منحنا المزيد من القناعة بأن الفلسطينيين قادرون على كسر شوكة الاحتلال، وعلى حكامنا أن يعلموا بأننا بعد اليوم لن نقبل بأن نكون قطيعا من الخرفان التي تتبع عصا الراعي وكلابه المدربة.. لقد تغيرت نواميس الحياة، ولن تعود الأمة إلى الوراء بعد اليوم.. وإن على أمتنا ألا تركن بعد اليوم للراحة والاسترخاء؛ فقد آن أوان الجد والعمل، بعد أن عرفنا أن أعداءنا كثر، وأنه لا يليق بنا أن نسلم رقابنا لهم.. وإن كان حكامنا مرتجفين جبناء؛ فليتخلوا عن كراسيهم، وليتركونا نقارع عدونا على طريقتنا، بدلا من أن يعملوا حراسا له وجواسيس لمخابراته وأسودا على مواطنيهم، وهم أهون لدى عدوهم من الفئران.. وفيهم صدق الشاعر إذ يقول:
أسد عليّ وفي الحروب نعامة
ويخاف من نبح الكلاب ويهربُ
وغدٌ سفيهٌ، وهو أدنى منزلا
من وجه جروٍ نال منه الثعلبُ
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة المقاومة العالم العربي العالم الاسلامي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي للسكري… أهمية زيادة الوعي وتحسين الوقاية وتعزيز عافية المرضى
دمشق-سانا
يتيح اليوم العالمي للسكري والذي يحتفل به سنويا في الـ 14 من تشرين الثاني الفرصة لزيادة الوعي بمرض السكري بوصفه إحدى قضايا الصحة العامة العالمية والتأكيد على الإجراءات الجماعية والفردية اللازمة لتحسين الوقاية منه وتشخيصه والتدبير العلاجي له.
ويأتي موضوع هذا العام بعنوان “الحواجز وسد الفجوات… الاتحاد من أجل تعزيز عافية مرضى السكري” لتسليط الضوء على التحديات اليومية التي يواجهها الملايين من المصابين بالسكري والقدرة على التحمل والتنظيم والمسؤولية في التعامل معهم.
رئيس دائرة الأمراض المزمنة بوزارة الصحة الدكتور ياسر مخللاتي بين في تصريح لمراسلة سانا أن داء السكري يصيب حالياً شخصاً بالغاً من كل 6 بالغين في إقليم شرق المتوسط، وهو أعلى معدل انتشار لهذا المرض على مستوى العالم، وبحلول عام 2045 من المتوقع أن يرتفع عدد الحالات بنسبة 86 بالمئة ليصل إلى 136 مليون حالة في الإقليم.
ولفت مخللاتي إلى أن برنامج السكري هو أحد برامج دائرة الأمراض المزمنة في الوزارة ويوفر خدماته عبر مراكز رئيسية في كل محافظة تستقبل المرضى وتشخص حالتهم وتضع لهم الخطة العلاجية ليتم بعدها صرف أدوية الأنسولين وخافضات السكر الفموية عبر أقرب مركز لمكان إقامة المريض، مبيناً أن الوزارة بالتشاركية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية تقيم جلسات تثقيفية ودعم نفسي لمرضى السكري لتقليل المضاعفات وتحسين عافية المرضى.
ويعتبر مرض السكري حسب الدكتور مخللاتي سبباً رئيساً للإصابة بالعمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلية ويمكن علاجه وتجنب عواقبه أو تأخير ظهورها من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني والامتناع عن التدخين وتناول الدواء الموصوف له وإجراء فحوصات منتظمة وعلاج المضاعفات.
وحول حملة هذا العام أوضح مخللاتي أن الاحتفال هذا العام باليوم العالمي لمرضى السكري كان ضمن سجن عدرا المركزي للاهتمام بالنزلاء في السجون مما لديهم داء السكري سواء تثقيفاً أو من خلال تقديم العلاجات المناسبة مشيراً إلى أن الحملة بدأت في العاشر من تشرين الثاني الحالي ولمدة أربعة أيام تم خلالها استقطاب شريحة من النزلاء وصل عددهم إلى 2120 نزيلاً ممن تبلغ أعمارهم من 45 عاماً وما فوق.
وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية في عام 2021 أصيب 537 مليون بالغ على مستوى العالم (شخص واحد من كل 10 أشخاص) بالسكري، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 643 مليون شخص بحلول عام 2030 ويعيش أكثر من 75 بالمئة من البالغين المصابين بالسكري في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتؤكد هذه الأرقام على تحديات الصحة النفسية الكبيرة التي يتعين التصدي لها في مجال التدبير العلاجي للسكري، والحاجة إلى دعم شامل.
يذكر أن الاحتفال باليوم العالمي لمرض السكري بدأ عام 1991، واختير يوم الـ 14 من تشرين الثاني لإحياء عيد ميلاد فريديريك بانتين، الذي أسهم في اكتشاف مادة الأنسولين في عام 1922 الضرورية لمرضى السكري.
بشرى برهوم