لجريدة عمان:
2024-11-08@17:54:59 GMT

نوافذ :الكلمة.. الرؤية

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

تستشعر عظمة المكان وعراقته بمجرد أن تلج البوابة المخصصة لدخول مبنى مجلس عمان، فكل ما يحيط بك تمت هندسته بعناية فائقة ليتلاءم، ويتناسب مع ماضي عمان التليد وحاضرها الزاهر ومستقبلها المشرق فموقعه المطل على بحر عمان من جهة والمحتضن لجبال الحجر من الجهة الأخرى ومجاورته لأهم معالم مسقط القديمة والحديثة ابتداء من قصرها البديع قصر البستان وقصر العلم والمتحف الوطني والكثير من المعالم الثقافية والتراثية والتاريخية في ولاية مسقط القديمة.

هيبة المكان وعظمة المناسبة عاملان تضافرا كي يخلقا من مجلس عمان لوحة جمالية لا يتمنى المرء مفارقتها، فالمكان بروعة معماره العماني والإسلامي عكس الدور الرائد للعمانيين على مر العصور ونقوش جدرانه البديعة حكت عن قصة حضارة امتدت لمئات السنين، وتوج هذا كله التشريف السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق افتتاح دور الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عمان.

قاعة المجلس ضمت أصحاب السمو أفراد الأسرة المالكة والوزراء وأعضاء مجلسي الدولة والشورى والمحافظين وبعض رجال الاقتصاد والإعلام وممثلين عن بعض مؤسسات المجتمع المدني في تمثيل لمختلف أطياف النسيج العماني.. جميعهم انخرطوا في التعارف والنقاش حول مسائل تهم الصالح العام العماني، وتستهدف حلحلة الكثير من الأمور ربما كانت قبة المجلس سببًا في الخروج بحلول مجزية لبعض منها.

الصمت الذي خيَّم على المكان بدده دخول جلالة السلطان قاعة المجلس إيذانًا بانعقاد المجلس والبدء بالكلمة السامية التي رسمت ملامح المستقبل، وألقت الضوء على ما تحقق خلال الأعوام الأربعة الماضية من إنجازات متواصلة في التنمية العمانية الشاملة، وتطرقت للعديد من الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والإدارية والتربوية والصحية والإدارة المحلية، وفي السياسة الخارجية والتقنية والبيئة وغيرها من الموضوعات التي أراد جلالة السلطان المعظم في كلمته إيصالها إلى المواطنين والمقيمين في هذا البلد من أن عمان تسير بخطى النجاح نحو المستقبل بهمة شبابها وبالعمل الدؤوب من مختلف مؤسساتها الإدارية والفنية.

في كل مرة تتاح لجلالة السلطان هيثم اللقاء بأبناء شعبه لا ينفك عن الحديث عن الجوانب الاجتماعية التي تمس حياة المواطن اليومية والجهود التي تقوم بها الدولة لمساندة كل فئات المجتمع، ولعل إشارة جلالة السلطان في خطابه إلى نظام الحماية الاجتماعية الذي تم إقراره من قبل جلالته، وسيدخل حيز التنفيذ خلال بداية العام المقبل لبشرى خير يتفاءل بها المواطنون و»لينعم الجميع بالعيش الكريم»، كما جاء في الكلمة السامية التي عرجت على موضوع معالجة التحديات الاقتصادية التي واجهها العالم أجمع خلال السنوات الماضية، وتأثرت بها كل بلدان العالم والحد من تبعات الأزمات المالية والاقتصادية من خلال تنويع مصادر الدخل، وتحفيز النمو الاقتصادي للدولة.

الكلمة السامية استشرفت المستقبل، وركزت على التطورات المتسارعة للتقنيات الحديثة في مجالات العلوم والتقنية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي ليكون رافدًا من روافد الاقتصاد الحديث التي تسهم في تنويع مصادر الدخل القومي بدلًا من الاعتماد على الروافد الريعية التي قد يخفت الطلب العالمي عليها يومًا ما، وكما ركزت الكلمة السامية على التقنيات الحديثة في العلوم أيضا أشارت إلى التأثيرات المتعلقة بتغير المناخ والبحث عن مصادر للطاقة المتجددة النظيفة وتحقيق الحياد الكربوني واستغلال الهيدروجين والمصادر التي لا تحدث ضررا بالبيئة من حولنا.

الكلمة الرؤية هي ما يمكن قوله عن الكلمة السامية لجلالة السلطان في افتتاح مجلس عمان، حيث رسمت تلك الكلمة خارطة للطريق بينت فيها الثوابت والقيم التي تقوم عليها سلطنة عمان وشعبها، والحاضر الذي تعيشه وسط التحديات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالعالم أجمع، والمستقبل للأجيال المقبلة المحفوف بالكثير من التساؤلات والتفاؤلات ولعل مفاصل هذه الكلمة السامية لجلالة السلطان ما هي إلا ترسيخ وتأكيد على رؤية عمان بمحاورها المتمثلة في الإنسان والمجتمع والاقتصاد والتنمية والحوكمة والأداء المؤسسي والبيئة المستدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لجلالة السلطان الکلمة السامیة

إقرأ أيضاً:

أمجد توفيق ساحر اللغة والباحث عن شرف الكلمة وعن الحرية

نوفمبر 7, 2024آخر تحديث: نوفمبر 7, 2024

عادل إبراهيم

هل يستطيع الطائر ان يحلق في الهواء دون أن يبسط جناحيه ؟

وهل يمكن أن يكون الأنسان مبدعا ،ويرتقي الى فضاء الجمال ويقدم أعمالا فنية مهمة دون أن يمتلك حريته ؟

ودون أن تكون له رسالة صادقة منتمية للأنسان ومتعاطفة مع همومه  ولتحدياته؟

إذن حرية المبدع ورسالته هما جناحاه ،ولكن هل هذا يمنحه القدرة على الانطلاق في سماء الأبداع والأنتشار ،كضوء نجمة أو ربما كنبع ماء أو حلم جميل متحقق  في زمن أصبحت فيه الشهرة والأنتشار لاتتطلب موهبة ولا كفاءة

ولا ابداع ؟

نحن نتحدث عن كاتب حقيقي وأديب وروائي وسارد منحنا الجمال والقيمة الفنية في أعماله التي استطاعت أن تستجيب للقلق الأنساني وللذاكرة حين تكتوي بنار الحروب والأزمات وتنهش فيهاكل مظاهرالتخلف والسرقات والأفكار السوداء .

نحن نتحدث عن امجد توفيق مبدعاً وانسانا نبيلا.

قبل اكثر من ثلاثين سنة عرفت أمجد توفيق ،وتعمقت علاقتي معه من خلال عملنا في دار الشؤون الثقافيةالعامة..ومايثير الانتباه امتلاكه رصيدا كبيرا من الحب والعشق للحياة ومحبة الناس واصدقائه وقيم الوفاء والرجولة..وكنت أحيانا أستغرب كيف يمكن لرجل مثله مرت عليه ظروف قاسية وصعبة أن لاأراه لحظة منفعلا أو عصبيا في تعامله مع الاخرين حتى وان أختلف معهم موقفا وفكرا ،لكنه لايختلف معهم انسانيا.

صفة الوفاء تنسجم كثيرا مع اخلاق أمجد توفيق وسلوكه وأبداعه ، ولا  أشك ان اصول تربيته في اسرة اهتمت بالأدب والثقافة قد صقلت لديه القيم الأخلاقية الانسانية ،وساهمت في توهج ابداعه .

ولنعود الى أمجد توفيق كاتبا وأديبا وروائيا  فهو يمتلك سفر من الانجاز  الابداعي  بدأه بمجموعته القصصية : الثلج الثلج عام 1974 ، والجبل الابيض 1977 ، وقلعة تارا عام 2000 ، وهي مجموعات قصصية تستوحي من طبيعة المنطقة الجبلية  التي عاش فيها في محافظة دهوك قصصها وشخصياتها .

ليمنحنا  أول رواياته عام 2000 وهي رواية برج المطر ،ثم طفولة جبل ،والطيور الحرة ،والظلال الطويلة ، والساخر العظيم ، والخطأ الذهبي عام 2020، ثم رواية ينال ،والحيوان وأنا ،وكتب نقدية أخرى.

في كل رواياته لم تكن شخصياته مجرد أناس عاديين ، بل أصحاب مشاريع وعشاق وهم صناع حياة.

فالحياة في منظورهم تستحق أن تعاش رغم قسوتها ورغم ادراكهم انه في هذه الحياة يجب دفع ثمن كل شيء بطريقة ما، فلاشيء مجاني.

وللزمن حكاية في اعمال امجد توفيق ، فهو يخبرنا في روايةالساخر العظيم ،بأن الزمن هو الذي يسخر من الجميع .

العمق في الكتابة عند الكبير امجد توفيق  ،يأتي من مخزون التجربة لديه وهو دائما ما يؤكد بأنه يعيش الحياة ليكتب عنها. فوظيفة الأدب عنده ليس في وصف ماحدث كنشرة أخبارية، بل كشف مايحدث وطرح الأسئلة ، لكنه لا يقفز على وصف الواقع للوصول الى تخيل المستقبل.

ليس هذا فقط وانما نجد التأمل الفلسفي والاسلوب الرشيق  في صياغة افكاره ، ولغته المتميزة التي هي من مقومات تحقيق المتعة في رواياته وقصصه ..فهو ساحر اللغة ،اضافة الى مايطرحه من تساؤلات تكون اجاباتها اسئلة جديدة تبحث عن جواب. وكأنه يريد أن يقول : كنت ابحث عن اجابات فوجدت كثيرا من الأسئلة .

ولعل التساؤل الذي طرحه  بطل روايته  دانيال في اخر صفحات الرواية :ما الحل؟ يوضح ماأراد السارد ان يقوله فهو يرى

” ان لا خطأ هناك الا إذا فتشت عنه ، عندها يمكن ان تجد الأخطاء وستصطاد عيناك الخطأ في كل شيء”.

والاستاذ امجد توفيق  يفرق بين نوعين من الخطأ حسب تصنيفه : فهناك أخطاء ترابية صغيرة تنال من قيمة من يرتكبها ،وأخطاء عظيمة ترفع من قيمة الاشخاص ،وهي الاخطاء الذهبية ، كما هي في رواية الخطأ الذهبي.

وتساؤلات امجد توفيق وأخطاءه الذهبية في معظم اعماله هي محاولة لفهم الواقع باتجاه رؤية قادمة .

فهو دائما يردد ان الاجابات على الاسئلة لم تكن مؤهلة لاطفاء شرارة السؤال.

وهو في اعماله يحاول الخروج من قائمة الصيغ الثابتة والكلاسيكية التي تحذر من الممنوعات ،وهو الباحث عن شرف الكلمة وعن الحرية.فهو يؤكد ان الابداع  ” يمنحني ما ينقصني من الحرية التي افتقدها في حياتي اليومية”.

وكأنه يذكرني باحدى شخصيات رواية زوربا عندما يقول :

– انا حر  يازوربا.

فيجيب زوربا :كلا لست حرا ، كل مافي الامر إن الحبل المربوط الى عنقك أطول قليلا من حبال الاخرين .

وترتبط اعمال امجد توفيق الابداعية  بعمق تجربته وموهبته الحقيقية ،اي ان موهبته معمدة بتجربته انتجت لنا ابداعه المبهر .

لكن يبقى السؤال :هل حظي امجد توفيق كروائي وسارد مبدع بما يستحقه من الاهتمام والتسويق والترويج لاعماله؟

بكثير من الاصرار ،استطيع ان اقول ان هناك العديد من الكتاب العالميين نالوا شهرة كبيرة وطبعت اعمالهم وترجمت الى عدة لغات ليسوا أفضل ابداعا من المبدع امجد توفيق.

ان  لم يكن احيانا اكثر عمقا وبراعة وجمالا منهم ..لكن هناك دعم كبير يحظون به ،فيما نحن نترك مبدعينا بلا دعم حقيقي ولا نتذكرهم او نبدي بعض الاهتمام الاعلامي الا بعد رحيلهم .

واعود الى روايته الاخيرة   ” زمن الارجوان ” ، حيث كتب في صفحة غلافها :

الكلمة لاتفعل فعلها الا عندما تسمع او تقرأ ..هي ليست زهرة لتشمها   او تتأمل جمالها ، وليست نهرا لتبحث عن اعمق نقطة فيه ،ولاقشرةجوز قاسية لتكسرها، ولا فاكهة طرية  لتقشرها او تعصرها ،وليست سما لتجربة تأثيره ..انها كل ذلك.

ويبقى السؤال ؛ هل مهمة المثقف ان يغير الواقع ويقلب الكون ام يصرخ ويشير الى الخلل ويدلي بشهادته ويمضي ربما اكثر رعبا او حزنا..

ربما هذا السؤال كثيرا مايرد في وعي امجد توفيق وفي اعماله.

وأختم :هنك مثل صيني يقول إذا أردت سماع صوت الطيور فأزرع الاشجار .

وقيل ان لم يكن الانجاز صعبا ،فلا يسمى انجازا.

مقالات مشابهة

  • جلالة السلطان يهنئ ملك كمبوديا
  • أمجد توفيق ساحر اللغة والباحث عن شرف الكلمة وعن الحرية
  • برقيةُ شكر وعرفان لجلالة السُّلطان من المشاركين في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية
  • برقية شكرٍ وعرفانٍ لجلالةِ السُّلطان من المشاركين في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية
  • قوات السلطان المسلحة تُثري معارف الطلبة في "مهرجان عمان للعلوم"
  • جلالة السلطان يهنئ ترامب بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة
  • جلالة السلطان يصدر مرسومًا سلطانيًّا ساميًا
  • جلالة السلطان يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية
  • جلالة السلطان يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية.. عاجل
  • الشرقي لـ"الرؤية": قانون "ضريبة الدخل" يستهدف أصحاب الدخول الأعلى من 30 ألف ريال سنويًا