حرب الجسور تحتدم بالسودان.. والدعم السريع تهاجم شمال كردفان
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
تجددت المواجهات والمعارك العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أكثر من محور وعلى جبهات قتال عدة في كل من منطقة جبل أولياء وشرق النيل وأم درمان شرق وجنوب الخرطوم بالعاصمة السودانية، فضلاً عن مدينة الأبيض الاستراتيجية المهمة عاصمة ولاية شمال كردفان الرابطة بين إقليم دارفور ووسط السودان والعاصمة الخرطوم.
البحث عن جسر وجددت قوات "الدعم السريع" هجومها للسيطرة على جسر خزان جبل أولياء الذي يربط أم درمان بالخرطوم من جهة الجنوب، بهدف تأمين خط إمداد بشري ومادي بديل بعد تدمير جسر شمبات الرابط بين المدينتين من الجهة الشمالية الذي كانت تستخدمه كخط لإمداد قواتها في مدن العاصمة الثلاث.
وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بتدمير الجسر. وذكر شهود أن الاشتباكات تواصلت في محيط خزان جبل أولياء، وأكدوا أن مقاتلي "الدعم السريع" انتشروا داخل أحياء الديم وسوق الجبل، وقاموا بعمليات احتجاز لعدد من الرجال والتحقيق معهم حول علاقتهم بالجيش والاستخبارات العسكرية. تمدد وغارات وأفاد السكان بأن المعارك تمددت حتى محيط معسكر الدفاع الجوي التابع للجيش، وأن القوات المنتشرة داخل الأحياء عاودت قصفها نقاط ومتحركات الجيش بالمنطقة.
وشنّ الطيران الحربي غارات جوية عدة استهدفت تجمعات قوات "الدعم السريع". وفي شمال أم درمان، نفذ الجيش ضربات مدفعية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية استهدفت مناطق سيطرة وتجمعات "الدعم السريع" شمال مدينة الخرطوم بحري وعدداً من مناطق وأحياء غرب وجنوب أم درمان وجنوب الخرطوم. ونفت مصادر عسكرية أن يكون "العدو قد استولى على خزان جبل أولياء أو جسر الخزان الرابط بين جنوب الخرطوم والريف الجنوبي لأم درمان"، موضحة أن "الجيش وضع يده على إحدى المنصات الصاروخية للعدو بالمنطقة".
وتابعت المصادر ذاتها أن الجيش تمكّن من "تدمير قارب كبير للعدو على نهر النيل بالقرب من مسجد النيلين بأم درمان كان يستخدم لنقل إمدادات من الخرطوم إلى منطقة الإذاعة والتلفزيون، كما استولى على عدد من المركبات المقاتلة تضم مدافع رشاشة وراجمه وكبدتهم خسائر بشرية كبيرة". مهاجمة الأبيض كذلك، تجددت الاشتباكات بين الجانبين في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان، وتعرضت المدينة، وفق شهود، إلى قصف مدفعي من قبل قوات "الدعم السريع" ما تسبب في مقتل وجرح عدد من المواطنين.
وأوضح الشهود أن رتلاً من العربات المقاتلة قصفت السوق وفرقة قيادة الجيش بالمدينة ورد الأخير عليهم بالمدفعية والغارات الجوية، وطردهم إلى خارج المدينة، لكنهم عاودوا الكرة مرة أخرى بإطلاق عشرات قذائف الكاتيوشا باتجاه حي الوحدة وقيادة الفرقة الخامسة مشاة غرب المدينة.
وكشفت مصادر طبية عن أن الاشتباكات أدت إلى مقتل صبي (14 سنة) وإصابة 17 آخرين. الجيش يتصدى بدوره، أعلن العميد نبيل عبدالله الناطق الرسمي للقوات المسلحة، في بيان حول العمليات العسكرية، "أن القوات المسلحة دحرت هجوماً جديداً للميليشيات المتمردة على منطقة جبل أولياء وكبدتها خسائر كبيرة في الأفراد والعتاد، واستولت على عدد من المركبات القتالية بعتادها وبحالة جيدة"، مضيفاً أن الجيش دمّر قارباً كبيراً محملاً بالأسلحة والذخائر "كانت الميليشيات تحاول إيصالها إلى الضفة الأخرى من النهر".
وتابع البيان أن "قوات الفرقة الخامسة مشاة بمدينة الأبيض شمال كردفان نفّذت عدداً من العمليات كبدت فيها العدو خسائر فادحة في الأفراد والعتاد".
وأكد عبدالله أن كل العمليات العسكرية التي تجري تقوم بها القوات المسلحة بتضافر الجهود مع المتطوعين والمستنفرين وقوات هيئة العلميات والشرطة بإسناد شعبي
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع جيش وطني لا جنيدي ولا عطوي
انتشرت في الآونة الأخيرة "بروباقندا" للفلول والمرتزقة "المشتركة"، تعمل على وصم جيش التحرير الوطني – قوات الدعم السريع، بأنها مشروع لكيان اجتماعي يسمى العطاوة والجنيديين، جاءت هذه الدعاية المغرضة بعد أن تكبد الفلول ومرتزقتهم الهزائم في جميع المحاور، وقصد من هذه الاشاعة تحجيمها وحصرها في الإطار الإثني والقبلي الضيق، ليسهل بعد ذلك عزلها من المجتمع، متناسين الموقف المشهود لقائدها حينما ألقى القبض على ابن عمه الشيخ موسى هلال بمستريحة، وعندما حاول مقدم البرنامج التلفزيوني آنذاك جرّه لفخ القبيلة، وأراد مخاطبته كرزيقي (جنيدي – عطوي)، رفض ذلك التعريف، وهدد بالانسحاب من الحوار، لو أن مقدم البرنامج أصرّ على استنطاقه من المنطلق القبلي، فنزع السماعة والمايك، ومن جميل صفات القائد بحسب شهادة المقربين منه، أنه مطلقاً لا يحتفي بمن يتقرّب إليه من باب القبيلة أو الجهة أو العرق، لهذا السبب التف حوله الشرق والشمال والوسط والجنوب قبل الغرب، ومعلوم أن الانسان السوداني البسيط قد تأثر كثيراً وما يزال، بخبث طرائق الآلة الإعلامية لفلول النظام البائد، والتي نجحت إلى حد ما في تفكيك المجتمع، لملل ونحل وعشائر وقبائل لكي تسهل قيادته، إنّ قوات الدعم السريع نشأت بقانون، أجازه نفس البرلمان الذي بارك شراكة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، في حكم السودان بعد اتفاقية السلام الشامل، والتي جاءت برائد ثورة التحرير الوطني الدكتور جون قرنق نائباً للرئيس، ورئيساً لحكومة جنوب السودان، فالتطور الطبيعي لأي جيش وطني أن يقف مع ثورة الشعب عندما يصل الجميع لمفترق الطرق، وهو ذات الخيار الذي اختاره القائد بعد اندلاع ثورة ديسمبر، فكان القشة القاصمة لظهر بعير النظام السالف، فجاء انتقام فلول المنظومة الاخوانية المندحرة، ممثلاً في الصاق فرية العشائرية على هذه القوات الوطنية الصرفة.
عندما كان البشير رأساً للنظام سمعنا بعض من أبناء قبيلته يقولون أن مقاليد الحكم بيدهم، وهذه الظاهرة من الظواهر الاجتماعية السودانية المشهورة، كذلك فعل بعض ممن ينتمون قبلياً للقائد بحسب بساطتهم وفخرهم المستحق، بابنهم الذي قاد ثورة التحرير الوطني، لكن هذا لا يعني أن المؤسسة تؤيد ذلك، أو تحذوا حذو الانحياز القبلي، على الرغم من أن جيش الفلول قد ارتكب الفظائع عبر طيرانه المأجور، بحق المجتمعات المحسوبة على القائد، لخلق بذرة فتنة جهوية تجعل خيار تفتيت وحدة السودان ممكناً، باستفزاز الكيانات الاجتماعية ودفعها لاختيار الانفصال رغبة ورهبة، لكن فات على الفلول أن القبائل المستهدفة بالقصف الجوي تمثل مع أخواتها الأخريات من جهات السودان الأربع، عصب الدولة المؤسسة قبل أكثر من مائة سنة، الدولة الوطنية الأولى التي قادها الإمام محمد أحمد المهدي وخليفتاه عبد الله ودقنه، ففلول الإخوان – فرع السودان، لا علاقة تجمعهم بالمنهاج الإسلامي، والدليل على ما نقول هو عملهم ضد الموروث المهدوي الذي رسم لنا حدود هذه الدولة العظيمة أرض (المليون) ميل مربع، والتي خانتها الحركة (الإسلامية) – المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمون، بلعب الدور نفسه الذي جعل انفصال جنوب السودان عن شماله ممكناً، ولأن الجماعة الاخوانية لا يهمها الوطن في شيء انتقلت لبورتسودان، بعد أن دحرتها قوات الدعم السريع في الخرطوم، لكي تقيم لها وطناً بديلاً، فهي لا تؤمن بقيمة الأوطان طالما أن هنالك إمكانية لممارستها للسلطة ولو من جزيرة توتي، فهي تحتضن قوم جبلوا على حب الكرسي بصرف النظر حيوات أو موات الناس، لذلك نشاهد قائد جيشهم يتغول على سيادة الوطن ويحاول سارقاً أن يمثل الدولة في المحافل الدولية.
من نعم الله على شعب السودان أن سخّر له هذه القوة العسكرية الوطنية لأن تقول لا للدكتاتورية، وأن تضع حداً فاصلاً بين الدولة القديمة والمستقبل الجديد للسودان الجديد، الذي حلم به الدكتور جون قرنق ولم يستطع تحقيقه، نسبة لصلف وجبروت وسطوة الاخوان المسلمين في السودان في تلك الحقبة، والذين لم يتبقى لهم سوى مخلفات نوايا خبيثة لتفكيك ما تبقى من لحمة اجتماعية، ظهرت ملامحها في شرق السودان أيضاً، باستخدام ذراع الفلول – "المرتزقة" في جر أهل الشرق للاقتتال البيني، وما طفح في الاعلام من خلافات بين زعامات الشرق ما هو إلّا سيناريو آخر مثيل لسيناريو حرب دارفور العرقية، التي أشعلتها مليشيات "المرتزقة" الذين يتواجدون اليوم بميناء السودان، فهم الذين يسوقون لبروباقاندا عطوية وجنيدية قوات الدعم السريع، التي احتوت نسيج السودان الاجتماعي الكبير، ومثلت طيف واسع من الداعمين السياسيين والناشطين الذين يحبون السودان، ويعلمون تمام العلم أنه لا توجد قوة عسكرية وطنية وحدوية، ظلت تقدم الغالي والنفيس في سبيل رفعة راية الوطن وجعلها عالية خفاقة، غير قوات الدعم السريع، فقوميتها ووطنيتها لا يجب أن يجادل فيها مرتزق أو فلول منتفع، فلو كانت لحقبة "الإنقاذ" حسنة واحدة تحمد لها، فهي تكوين هذه القوة العسكرية التي تمثل الدرع والحصن الحصين للدفاع عن الوطن، وسوف تنقشع سحب النفاق والتدليس قريباً، وسيكتشف السودانيون أنها السد المنيع الذي قاوم تسونامي تمزيق الوطن الجريح.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com