مسقط ـ العُمانية: قال سعادة الشيخ أحمد بن محمد الندابي الأمين العام لمجلس الشورى إنَّ مضامين الخطاب السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه – بمناسبة افتتاح دور الانعقاد السنوي الأول من الفترة الثامنة للمجلس يُعد بمثابة خريطة طريق واضحة رسمت ملامح المرحلة المقبلة لسلطنة عُمان بشكل عام، ولمجلس عُمان بشكل خاص؛ حيث لامست مضامين الخطاب مختلف المجالات والخطط والتطلعات الوطنية الرامية لترجمة رؤية «عُمان ٢٠٤٠»، والمُضي بها لتحقيق المزيد من التطور والنماء لسلطنة عُمان بما يضمن تحقيق الرفاهية والسعادة للمواطن.


وأشار أمين عام مجلس الشورى إلى أنَّ تأكيد جلالته – أيَّده الله – على دور مجلس عُمان في الفترات الماضية بما قدمه من أدوار ومبادرات من خلال أعضائه ليُشكِّل قاعدة مهمة يبدأ منها المجلس فترته العاشرة بكل حرص وثبات على تقديم المزيد من الإنجازات عبر الأدوار التي يستند فيها إلى صلاحياته التي حددها النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عُمان لتعزيز التشريعات الداعمة لمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية تحقيقًا لأهداف التنمية الشاملة.
وأضاف سعادته أنَّ الخطاب السَّامي – بما لامسه من موضوعات مهمة تتمثّل في الاستمرار لبذل المزيد من الجهود لتنويع مصادر الدخل الوطني، وجعل نظام الحماية الاجتماعية شاملًا مستهدفًا كافة فئات المجتمع؛ لتحقيق أهداف رؤية «عُمان 2040»، وزيادة فاعلية الأداء الحكومي وكفاءته، وتعزيز أدوار المجتمع المحلي من خلال توسيع ممارسات اللامركزية في المحافظات، والدفع بأدوار المجالس البلدية وتقديمها بشكل مبتكر – لَيَضعُ المجلس أمام مرحلة جديدة في مزيد من الفصل في ممارسة الأدوار ومتابعة تنفيذ تلك التوجيهات عبر أدواته وأدوار لجانه الدائمة بتنوع اختصاصاتها لا سيما ما يُعنى بقطاع التعليم، والبحث العلمي والمعرفي، وربطهما بالجانب الاقتصادي، ومواكبة التطورات العالمية المتسارعة للتقنيات المتقدمة وتطبيقاتها، والتوجُّه لإعداد برنامج وطني لتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوطينها، والإسراع في إعداد التشريعات التي ستسهم في جعل هذه التقنيات كأحد الممكّنات والمحفِّزات الأساسية للقطاع الاقتصادي، ما يجعل المجلس أمام مسؤولية دعم هذه التوجهات الوطنية في فترته العاشرة للمُضي بالأهداف الوطنية إلى غاياتها المنشودة.
وقال سعادته: لا يفوتنا في هذا المقام التوقف على ما أكد عليه المقام السَّامي – أبقاه الله – في خِطابه في رصد التحديات المجتمعية وتأثيراتها غير المقبولة على المنظومة الأخلاقية والثقافية وأهمية التصدي لها، بالدراسة والمتابعة لتعزيز قدرة المجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِية الوطنية، والقِيَم والمبادئ الأصيلة، إلى جانب الاهتمام بالأسرة؛ بما يحافظ على السَّمت العُماني الذي ينهل من تاريخنا وثقافتنا الوطنية، وهذا الأمر الذي يتطلب تكامليةً في الأدوار من المؤسسات التربوية والمجتمعية بتنوع أدوارها؛ لوقاية المجتمع من تلك التأثيرات التي بلا شك سيكون للمجلس دور فيها.
وأكد سعادة الشيخ أحمد الندابي الأمين العام لمجلس الشورى على أنَّ المجلس يستلهم من الخطاب السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم – حفظه الله ورعاه – خططه ومسار عمله للفترة العاشرة، مستحضرًا الأدوار الوطنية لمؤسسة الشورى لتمضي تلك الخطط منسجمة مع التوجهات الوطنية لسلطنة عُمان كما رسمها جلالته – أعزَّه الله – في توافق تام مع رؤية «عُمان ٢٠٤٠» بما يحقق مزيدًا من التطور والازدهار لهذا الوطن والحياة الكريمة لأبنائه الأوفياء.

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا

في زمن تُقاس فيه التحوّلات بالتنمية المادية، وتُقاس فيه النجاحات بعدد المشروعات والمنجزات الملموسة، هناك ما يحدث في كثير من الهدوء وبعيدا عن الضجيج وعن المؤتمرات السياسية والاقتصادية وعن تفاصيل الإنجازات اليومية، لكنه أكثر رسوخا وأبعد أثرا.. إنه بناء الوعي.

ومن بين أكثر أدوات هذا البناء فاعلية وعمقا، يمكن الحديث عن معارض الكتب، الفضاءات التي تبدو ـ للوهلة الأولى ـ أسواقا أو دكاكين للبيع، ولكنها، في عمقها الحقيقي، مؤسسات للنهضة الصامتة، وجبهات مقاومة فكرية في مواجهة التفاهة، وهيمنة الاستهلاك، وتآكل الجوهر في هذا الزمن الرقمي.

ومعرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يفتح أبوابه اليوم في دورته التاسعة والعشرين، هو أحد تلك الحالات المجتمعية النادرة التي تراكم فيها الوعي العماني على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، وارتسمت عبرها ملامح الأجيال التي قرأت وتناقشت واختلفت وتحاورت بين أروقته وفي قاعات فعالياته.

لقد تحول المعرض، عاما بعد عام، إلى مرآة غير مباشرة لأسئلة المجتمع الكبرى: ما الذي يشغل العمانيين؟ ما نوع المعرفة التي يبحث عنها الشباب؟ كيف تتغير اهتمامات الفئات العمرية المختلفة؟ وفي أي اتجاه تمضي أذواق المجتمع الثقافية؟ هذه الأسئلة لا تُجيب عنها استطلاعات الرأي، وهي غائبة أصلا، بقدر ما تجيب عنها عناوين الكتب التي تم بيعها، وخرائط الزحام أمام دور النشر، وحوارات الزوار في الزوايا والأجنحة.

لكن معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يفخر به العمانيون باعتباره أحد أهم معارض الكتب في العالم العربي وباعتباره الحالة الثقافية التي تعكس حقيقة وعمق المجتمع العماني ليس تظاهرة ثقافية آنية، إنه بكثير من المعاني مختبر مجتمعي لقياس الوعي والذائقة العامة، ورصد تحوّلاتها. وفي كل دورة كان المعرض يقدم، دون أن يصرح، مؤشرا سنويا لوعي المجتمع ومسارات الحرية الثقافية عبر مستويات البيع ومستويات التلقي للكتب الفكرية والروائية والأطروحات السياسية والفكر الديني والكتاب النقدي الذي يتجاوز القوالب الجاهزة، وكذلك عبر قياس مستوى تنوع فئات المجتمع الذين يرتادون المعرض.

وما بين عشرات الملايين من الكتب التي انتقلت من أرفف الدور إلى أيدي القرّاء، كانت تتشكل سلسلة ذهبية من الوعي: قارئ يطرح سؤالا، وناشر يستجيب، وكاتب يكتب، ومجتمع ينمو. وبهذه الطريقة تبنى النهضات الثقافية والفكرية الحقيقية والعميقة بعيدا عن الشعارات الكبيرة ولكن بتراكمات صغيرة بفعل القراءة، ثم التأمل، ثم النقد الحقيقي.

وكل من آمن بالكتاب ودافع عن مكانته، وشارك في صناعته أو نشره أو قراءته، كان يضع حجرا مكينا في مسيرة بناء وعي المجتمع العُماني، ذاك الوعي الذي لا يُرى لكنه يُشعر، ويُقاس بمدى قدرة المجتمع على طرح الأسئلة بدلا من استهلاك الأجوبة الجاهزة.

ولذلك فإن الذين سيحتفلون في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض صباح اليوم إنما يحتفلون بما صار يمثله المعرض في الوجدان الجمعي من كونه مركزا للمعرفة وساحة للحوار، وفضاء واسعا لأحلام الجميع.. وهذا الفعل أحد أهم أدوات المقاومة في زمن رقمي قاسٍ يستهلكنا أكثر مما يعلّمنا؛ ذلك أن أمة لا تحتفي بكلمة، لا تبني مستقبلا. ومعرض الكتاب ليس احتفالا بالورق، بل احتفاء بالعقل، وبما يجعلنا بشرا في عالم واسع يُصادر فينا إنسانيتنا كل يوم.

مقالات مشابهة

  • هل الحجاب قاصر على الصلاة فقط؟.. أمين الفتوى يوضح
  • وفد حكومة الوحدة الوطنية يناقش خارطة طريق للإصلاح المالي في واشنطن
  • أردوغان بعد زلزال إسطنبول: لا مجال للسياسة في وقت المحنة الأولوية للوحدة الوطنية
  • برلماني: كلمة الرئيس في حفل تخرج الأئمة خارطة طريق لتجديد الخطاب الديني
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • التضامن تدشن المرحلة الثانية من برنامج تعزيز قيم وممارسات المواطنة
  • "التضامن" تدشن المرحلة الثانية من برنامج "تعزيز قيم وممارسات المواطنة" في المنيا
  • حزب السادات: الرئيس السيسي يضع خريطة طريق لتجديد الخطاب الديني وبناء الإنسان
  • سياسيون: خطاب الرئيس السيسي يمثل خريطة طريق لبناء الإنسان وتجديد الخطاب الديني
  • حزب الوعي: الخطاب الديني الواعي خط دفاع لحماية المجتمع