سودانايل:
2025-03-16@06:20:58 GMT

وداعا أيها الحزن الضحوك

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

ما كنت أعلم أن بين الحزن و كيمياء الجسم وشيجة وعروة الا عندما صعقني الخبر، جانا الخبر الذي شتت أفكارنا وبعثر خواطرنا، لقد كنت في تواصل محموم مع أستاذي وصديق عمري الموسيقار محمد الأمين حمدالنيل ، قيثارة السودان وأيقونته الموسيقية، ملك السلالم الموسيقية و عبقري الألحان المسافرة، عرفته إنساناً قبل أن يكون موسيقيًا، فجمع
بين لحن الحياة ، وأدب جم، وروح وثابة، وتواضع في غير مذلة،

سوف يأتي باسم الثغر

يلوح بالأماني طي عينيه

بريق وغموض ومعاني
يرسل الهمس ندياً
يرسل العبرات همساً في ثنايا أذنيا.

.

تلك المفردات التي عرفنا بها الباشكاتب الذي ملأ الدنيا بقيثارته و شغل الناس.
كنا علي تواصل محموم نشتكي جراح السودان المثخن وهو بفريجينا وانا بنيودلهي وشقيقنا البروفيسر عبدالمنعم بانجلترا، أخذتنا مكالمة جماعية طويلة تبادلنا فيها الخواطر وسابق
الأيام الخضراء ، عندما هش الزهر و بكت الورود، وسالت مشاعر الناس جداول، لكنه لا هو ولا نحن رجعنا البلد، غادرها الناس حينما قرر حميدتي قاتله الله أن تسكنها ( الكدايس) ، وسكنها عرب الشتات الذين انتهكوا عذريتها وشردوا أهلها، لقد كان الموسيقار حزيناً ومهموماً من الجراح، تغالبه الدموع وكم من أشجان أبكتنا، لقد كان الموسيقار شفافاً وأنيقاً
في كل شيءٍ وأوتي من الحياة جوامع الكلم الطيب، رقيقًا في مشاعره ويحمل روحاً من الجمال لو قسموها علي أهل الأرض جميعاً لكفتهم، وكم كنت تواقاً أن أراه قبل السفر الأخير بقدر سعادتي لسماع صوته إلا أنني كنت خائفاً ألا يسعفنا القدر أن نلتقي، فوقع ما خشيت منه وحملني ذلك الي موجة من البكاء الهستيري... ذبلت في الروض زهرة….

لم أكن أعرفه كما يعرفه الناس فقد ظلت المودة مع أسرة غنية عن التعريف في أدبها و علمها وأخلاقها وإنسانيتها، لقد شال النوار ظلل بيتنا، وعلي رأس بيتنا كانت السيدة الأنيقة سعاد مالك رفيقة دربه وزاد الشجون، بارك الله لهما بثلاثه فرسان المعز محمد الامين المقيم بانجلترا أنفاس الزهر وطعم الحياة ثم غسان الموهوب والذي كان الأستاذ بمعيته بفريجينيا وآخر العنقود ياسر والذي طاب له المقام بكندا..

أنا اعلم ان البروفيسر محمد زين علي البشير في حالة ذهول من هذه الفاجعة و المحنة وكم حاولنا أن نلتقي سوياً عبر الهاتف من بعد غياب ولكن سنة الله وأقداره حرمتنا من هذه الفرصة، لقد فقدنا أعز ما نملك في حياتنا ونحن نمضي بخطواتنا نحو الحياة الأخرى نسعي فيها لرضي ربنا، وكم عاركتنا هذه الحياة وهي تاخذنا غلابا.

كان يستهوينا إغراق الموسيقار محمد الامين بين سيمفونية ألحانه حينما تغني معه كل حواسه ومشاعره، درجنا انا ومحمد زين البشير وحرمه إيمان علي حضور حفلاته البهية وسط جموع الفرح حين تتقاطر الي نادي الضباط لتبتر جزءاً من رحله العذاب اليومية تستبدلها بالعذوبة وتسحرها تلك اللحظات بصوت مسافر وتجلي رائع:
ومصيرك بكره تتعلم،
لقد كان أستاذنا يغني
وتتحرك كل المدرجات من دون أن تشعر
بتداعي الخواطر، لأن في دفقة الموسيقي وإيحاءاتها علاج كما يقول استشاريي الطب النفسي ولذلك كان البروفيسر عبدالمنعم عندما يتكلم عن مصادر
الموسيقي الطبيعية:
( يا حبيبي قلت لي
بين همس السنبل
وخرير الجدول ) ،
كانت تلك مصادر الموسيقي والتي تطورت الات موسيقية وبكلو وبيس جتار وكمنجات، أنهر موسيقي ودندنة.

لا اشك في ان زرياب تململ في قبره حين شهق الموسيقار وسكتت تلك الحنجرة البهية والتي سجلت علي مقياس جينيس ونالت شهادة البراءة من الملكية الفكرية والصوتية، تلك حنجرة وهبها الله من الأشجان ما كان شجياً فألهبت مشاعر الناس وأسعدتهم ردحاً من الزمن...

لقد سافر الموسيقار دون رضانا ونشقي نحن الدهر كله ، الا اننا نعلم أن هناك رب كريم ورسول حبيب في انتظار جسد طاهر وقلب شفاف.
لقد ترك الحبيب محمد الأمين الذي أعطي مزامير داود بستاناً من الأشجان والأغنيات ولن نختار حتي لا تضيق روحه باختياراتنا فقد ظل وفياً لأغنياته ولكل اللزمات الموسيقيه والتطور النوعي في الاداء كان يلازم بتتعلم من الأيام، وده كلام زعل ما بنقصدوا يا الحبيب..

اللهم إنا نشهد أن عبدك محمد الأمين حمد النيل قد جاءك موحداً وبنبيك مصدقاً، فكن به رفيقاً عندك كما كنت به رفيقاً في حياته، اللهم انقله برحمتك الواسعة من ضيق اللحود و مراتع الدود الي جناتك جنات الخلود..

وإنا لله وإنا إليه راجعون

الدكتور عبدالمحسن عبدالباقي

نيودلهي

١٣ نوفمبر ٢٠٢٣  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن الله شرع الصيام تهذيبا للنفوس وتربية للسلوك، ليس فقط في علاقة المؤمن بالله تعالى فحسب، ولكن أيضا في علاقة المؤمن بأخيه المؤمن، بأنه قد أقبل على شهر رمضان في شحذ للهمم للصيام والقيام والتقرب إلى الله تعالى، ممتثلا لله تعالى تاركا ما كان مباحا له، منتهيا إلى حدود الله في وقت الصيام.

رئيس جامعة الأزهر: القرآن يصوّر المنافقين بأبلغ التشبيهات ويحذر من نفاق القلوبالجامع الأزهر يواصل استقبال رواده من مصر والعالم لأداء صلاتي العشاء والتراويح

وأوضح وكيل الأزهر، خلال درس التراويح الخميس، بالجامع الأزهر، أن في الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى، وبما ينعكس على تهذيب لسلوك المسلم في تفسير لما جاء بعد آيات الصيام، حيث انتقل تعالى بعد بيان أحكام الصيام إلى بيان أحكام جانب مهم من معاملة الإنسان لأخيه الإنسان، وأن السعادة لا تكتمل له إلا إذا أطاب مطعمه وامتنع عن شهادة الزور وعن أكل أموال الناس بالباطل في قوله تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"، فالمسلم قد كف عن الطعام والله تعالى يراقبه، امتثالا وطاعة لله تعالى.

وبين أن الصيام يهذب سلوك المسلم فلا يأكل أموال الناس بالباطل، ويبتعد عن الغش وغيره من الأساليب التي فيها احتيال من الإنسان على أخيه الإنسان، فهو يعلم المسلم الأمانة في التعامل مع غيره، مثلما توضح لنا الآية الكريمة، التي تنهى كذلك عن أكل الحرام، في جميع المعاملات، في البيع والتجارة وغيرها، فحرم التلاعب بأسعار السلع واحتكارها، وعلى المسلم أن يعلم أن كل تدليس واستغلال لحاجة الناس محرم شرعا، وعليه تحري مطعمه ومشربه وملبسه، فلا احتكار ولا غش ولا تدليس ولا تلاعب بالأسعار ولا تلاعب بالأسواق، لأن هذا يهدر علاقة المسلم بالله تعالى.

واختتم وكيل الأزهر أن الصيام مدرسة تعلمنا فيها التواد، وتعلمنا فيها التواصل، وتعلمنا فيها الوقوف على حدود الله تعالى، ألا فانتهوا إلى حدود الله تعالى حتى تستقيم لكم الحياة، فتفوزون برضا الله في الدنيا، وتفوزون برضاه تعالى ومغفرته في الآخرة.

مقالات مشابهة

  • رئيس الأوبرا يتفقد متحف الموسيقار عبد الوهاب ويستقبل أسرته فى إحتفغالية ذكرى ميلاده
  • هل هذا هو إسلامكم ؟
  • قرأ كتابين.. وأفتى!
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى
  • جدل حركة الحياة والتاريخ
  • «هشام عبد العزيز»: قضاء حوائج الناس من أعظم القربات إلى الله
  • آه يا وطن .. محب اخر لك يغادرنا .. وداعا بشرى الشيخ