بسم الله الرحمن الرحيم
ما كنت أعلم أن بين الحزن و كيمياء الجسم وشيجة وعروة الا عندما صعقني الخبر، جانا الخبر الذي شتت أفكارنا وبعثر خواطرنا، لقد كنت في تواصل محموم مع أستاذي وصديق عمري الموسيقار محمد الأمين حمدالنيل ، قيثارة السودان وأيقونته الموسيقية، ملك السلالم الموسيقية و عبقري الألحان المسافرة، عرفته إنساناً قبل أن يكون موسيقيًا، فجمع
بين لحن الحياة ، وأدب جم، وروح وثابة، وتواضع في غير مذلة،
سوف يأتي باسم الثغر
يلوح بالأماني طي عينيه
بريق وغموض ومعاني
يرسل الهمس ندياً
يرسل العبرات همساً في ثنايا أذنيا.
تلك المفردات التي عرفنا بها الباشكاتب الذي ملأ الدنيا بقيثارته و شغل الناس.
كنا علي تواصل محموم نشتكي جراح السودان المثخن وهو بفريجينا وانا بنيودلهي وشقيقنا البروفيسر عبدالمنعم بانجلترا، أخذتنا مكالمة جماعية طويلة تبادلنا فيها الخواطر وسابق
الأيام الخضراء ، عندما هش الزهر و بكت الورود، وسالت مشاعر الناس جداول، لكنه لا هو ولا نحن رجعنا البلد، غادرها الناس حينما قرر حميدتي قاتله الله أن تسكنها ( الكدايس) ، وسكنها عرب الشتات الذين انتهكوا عذريتها وشردوا أهلها، لقد كان الموسيقار حزيناً ومهموماً من الجراح، تغالبه الدموع وكم من أشجان أبكتنا، لقد كان الموسيقار شفافاً وأنيقاً
في كل شيءٍ وأوتي من الحياة جوامع الكلم الطيب، رقيقًا في مشاعره ويحمل روحاً من الجمال لو قسموها علي أهل الأرض جميعاً لكفتهم، وكم كنت تواقاً أن أراه قبل السفر الأخير بقدر سعادتي لسماع صوته إلا أنني كنت خائفاً ألا يسعفنا القدر أن نلتقي، فوقع ما خشيت منه وحملني ذلك الي موجة من البكاء الهستيري... ذبلت في الروض زهرة….
لم أكن أعرفه كما يعرفه الناس فقد ظلت المودة مع أسرة غنية عن التعريف في أدبها و علمها وأخلاقها وإنسانيتها، لقد شال النوار ظلل بيتنا، وعلي رأس بيتنا كانت السيدة الأنيقة سعاد مالك رفيقة دربه وزاد الشجون، بارك الله لهما بثلاثه فرسان المعز محمد الامين المقيم بانجلترا أنفاس الزهر وطعم الحياة ثم غسان الموهوب والذي كان الأستاذ بمعيته بفريجينيا وآخر العنقود ياسر والذي طاب له المقام بكندا..
أنا اعلم ان البروفيسر محمد زين علي البشير في حالة ذهول من هذه الفاجعة و المحنة وكم حاولنا أن نلتقي سوياً عبر الهاتف من بعد غياب ولكن سنة الله وأقداره حرمتنا من هذه الفرصة، لقد فقدنا أعز ما نملك في حياتنا ونحن نمضي بخطواتنا نحو الحياة الأخرى نسعي فيها لرضي ربنا، وكم عاركتنا هذه الحياة وهي تاخذنا غلابا.
كان يستهوينا إغراق الموسيقار محمد الامين بين سيمفونية ألحانه حينما تغني معه كل حواسه ومشاعره، درجنا انا ومحمد زين البشير وحرمه إيمان علي حضور حفلاته البهية وسط جموع الفرح حين تتقاطر الي نادي الضباط لتبتر جزءاً من رحله العذاب اليومية تستبدلها بالعذوبة وتسحرها تلك اللحظات بصوت مسافر وتجلي رائع:
ومصيرك بكره تتعلم،
لقد كان أستاذنا يغني
وتتحرك كل المدرجات من دون أن تشعر
بتداعي الخواطر، لأن في دفقة الموسيقي وإيحاءاتها علاج كما يقول استشاريي الطب النفسي ولذلك كان البروفيسر عبدالمنعم عندما يتكلم عن مصادر
الموسيقي الطبيعية:
( يا حبيبي قلت لي
بين همس السنبل
وخرير الجدول ) ،
كانت تلك مصادر الموسيقي والتي تطورت الات موسيقية وبكلو وبيس جتار وكمنجات، أنهر موسيقي ودندنة.
لا اشك في ان زرياب تململ في قبره حين شهق الموسيقار وسكتت تلك الحنجرة البهية والتي سجلت علي مقياس جينيس ونالت شهادة البراءة من الملكية الفكرية والصوتية، تلك حنجرة وهبها الله من الأشجان ما كان شجياً فألهبت مشاعر الناس وأسعدتهم ردحاً من الزمن...
لقد سافر الموسيقار دون رضانا ونشقي نحن الدهر كله ، الا اننا نعلم أن هناك رب كريم ورسول حبيب في انتظار جسد طاهر وقلب شفاف.
لقد ترك الحبيب محمد الأمين الذي أعطي مزامير داود بستاناً من الأشجان والأغنيات ولن نختار حتي لا تضيق روحه باختياراتنا فقد ظل وفياً لأغنياته ولكل اللزمات الموسيقيه والتطور النوعي في الاداء كان يلازم بتتعلم من الأيام، وده كلام زعل ما بنقصدوا يا الحبيب..
اللهم إنا نشهد أن عبدك محمد الأمين حمد النيل قد جاءك موحداً وبنبيك مصدقاً، فكن به رفيقاً عندك كما كنت به رفيقاً في حياته، اللهم انقله برحمتك الواسعة من ضيق اللحود و مراتع الدود الي جناتك جنات الخلود..
وإنا لله وإنا إليه راجعون
الدكتور عبدالمحسن عبدالباقي
نيودلهي
١٣ نوفمبر ٢٠٢٣
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: لا تجعل حبيبك محور حياتك حتى لا تخسره (فيديو)
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن العلاقات الإنسانية تُبنى على مجموعة من «الأصول الأساسية» التي قد تكون خفية عن البعض، مشيرا إلى أن هذه الأصول تمثل أساساً لنجاح أي علاقة واستمراريتها.
أي علاقة يجب أن يكون لها حدود واضحةوقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء،: «أول قاعدة في العلاقات هي أن كل علاقة يجب أن تكون محددة بحدود واضحة، لا يوجد علاقة بلا حدود، سواء كانت علاقة بين الزوج وزوجته، أو بين الأب وأبنائه، أو حتى بين الأصدقاء، الحدود في العلاقات لا تتعلق فقط بالجوانب الجنسية، بل تشمل أيضاً احترام المسافات النفسية والعاطفية بين الأطراف».
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع حدوداً واضحة في علاقاته مع أحب الناس إليه، مثل السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث شدد على أهمية الحفاظ على الاحترام المتبادل والحدود في أي علاقة.
ثلاثة أصول للعلاقات الصحيةكما شدد الورداني على ضرورة عدم جعل «الحبيب» هو محور الحياة بأكملها، قائلا: «لا تجعل حبيبك كل حياتك، لأن ذلك قد يؤدي إلى تبعية كاملة لهذا الشخص، وبالتالي تتوقف حياتك على سعادته أو غضبه.. يجب على الإنسان أن يوازن في اهتماماته ويجعل حياته متعددة الأبعاد من خلال تخصيص الحب والاحترام للأم، الأب، الزوجة، الأصدقاء وكل من يهمه في الحياة».
وأكد الورداني على أهمية «صيانة العلاقات»، حيث أشار إلى أنه رغم إتقاننا في بناء العلاقات، إلا أن الكثيرين يغفلون عن صيانتها، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن الصيانة تكون بالكلمة الطيبة، وبالتبسم في وجه الآخرين، وهذه من أسمى طرق الحفاظ على العلاقات وتجديدها.
وأكد الورداني أن اتباع هذه الأصول الثلاثة يمكن أن يساعد في بناء علاقات صحية ومستدامة تُحقق التوازن النفسي والعاطفي لكل الأطراف المعنية.