الإسلامويون وإنكار الواقع وتبرير الفشل والإصرار على الحسم العسكري
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
الحرب الدائرة الآن تودي بحيوات آلآف السودانيين والسودانيات، وتشرد الملايين، وتعرض مئات السودانيات للإغتصاب والتحرش الجنسي وربما للبيع كرقيق، وتدمر وتنهب الممتلكات العامة والخاصة ومصادر رزق ملايين المواطنين والمواطنات. بغض النظر عمن هو المتسبب في الحرب وأهدافه، فإن الموقف الرسمي لحزب الاسلامويين، المؤتمر الوطني، هو مساندة الجيش عسكريا وسياسيا وإعلاميا وبالطبع هم يسيطرون على قرار الجيش ولو جزئيا بفعل سياسة التمكين، هناك أيضا فصيل أو عدد غير قليل من الإسلاميين اتخذوا جانب الدعم السريع وهو من صنائع الإخوان المسلمين، فلا عجب أن بعضهم موالين له في صراع السلطة هذا.
تطاولت حرب ١٥ أبريل وعلى وشك بلوغ الشهر الثامن، إلا أن الواضح من خلال بيانات المؤتمر الوطني ومنصاته الإعلامية، ومشاركات التيار المحسوب عليه في وسائط التواصل الإجتماعي، هو إنكار الواقع وتبرير الفشل والإصرار على الحسم العسكري. هذه الوصفة هي نتيجة تفكير تبريري ورغبوي، عند التفكير التبريري يلجأ الشخص إلى إخلاء مسؤوليته من أي أمر يقع ويلوم الآخرين على أخطائه، وله تبرير لكل حدث يقع ولكنه غير مسؤول ولم يخطئ مهما كانت درجة تورطه في الأفعال والأقوال التي تسببت في ذلك الخطأ أو الحدث، أما التفكير الرغبوي أو التفكير بالتمني فهو بمعنى الإعتقاد وإتخاذ القرارات بناءا على رغبات الشخص بتمني ما يريده عوضا عن التفكير والتدبير الذي يستند على الأدلة والعقلانية والواقعية. هذه الطريقة في التفكير التبريري والرغبوي أدت بمرور الوقت إلى فقدان الجيش لبعض مواقعه وإنحسار وجوده في عدد من الولايات، كما نتج عنها إضعاف موقف الجيش التفاوضي، فالإتفاقيات تتحدد نتائجها بما يملكه كل طرف من أوراق عسكرية وسياسية. التفكير التبريري والرغبوي بعيدان عن التحليل العسكري والسياسي الصارم المبني على الوقائع وتحليل متغيرات الصراع مثل عدد الجنود والتسليح والتدريب ونقاط قوة وضعف الخصم، والأطراف الداخلية والخارجية الداعمة لكل طرف وقدرتها وحدود تدخلها، وغيرها من الوقائع والمتغيرات. ويمكن تقفي طريقة التفكير التبريري والرغبوي هذه إلى أساسيات منطلقاتها ومسبباتها، وهذه الأساسيات هي فكر وقناعات حركات الإسلام السياسي.
من المسببات الأساسية في تشكل وتحكم وسيادة التفكير التبريري والرغبوي لدى الاسلامويين:
أولا: قناعة الإخوان المسلمون أنهم يمثلون ويحتكرون الحق المطلق وفق تفويض إلهي، وبالتالي هم يمثلون المقدس، والمقدس لا يخطئ وغير قابل للنقد، لذلك كان نهج الجماعة أنها لا تقبل النقد من خارج الجماعة، ثم بحكم تمثيل الجماعة للحق، والجماعة تتمظهر في القيادة فلا يمكن نقد القيادة، وكذلك بيعة الأعضاء للقيادة بالطاعة المطلقة في العسر واليسر والمنشط والمكره، فصار نقد القيادة غير ممكن لأنه نقد للحق، وعززت منعه البيعة فصارت الجماعة لا تقبل النقد حتى من داخلها، فأصبح المتاح للأعضاء هو تبرير أخطاء القيادة فقط وبأي حجج خارجة عن المنطق والعقلانية، ويزداد الأمر تعقيدا إذا كانت هذه القيادة شخصية كاريزمية كالدكتور حسن الترابي او حسن البنا مثلا، فتظهر تصورات أسطورية عن قدرات القيادات في جماعات الإسلام السياسي.
ثانيا: الإسلامويون في الغالب يرفضون تعريف إخفاقاتهم بالفشل أو الهزيمة، ويبررون مثل هذه الوقائع إلى القدر الذي يخبئ حكمته عنهم، ويركنون إلى ذلك؛ بدلاً من البحث في مسؤولياتهم التي سيسألون عنها أمام الله، وهم لا يكترثون لمساءلتهم أمام الناس لقناعتهم بإمتلاكهم الحق وحدهم، ولذلك أيضا لا يسألون أنفسهم عن مسؤوليتهم عن الفشل، وأيضًا لاعتقادهم أن مآل الأمر كله لهذا الدين، بيد أنهم هنا لا يفرقون كثيرًا بين الدين وأنفسهم.
ثالثا: قناعتهم بأنهم يملكون الحق كله وهم المفوضون من الله وبالتالي هم أحبابه، ولذلك فإن الله ناصرهم في كل حال، لذلك في النقاش، الذي يُفترض فيه أن يتم استعراض المعطيات الواقعية، وإجراء تحليل علمي يكشف عن صوابهم وأخطائهم، ويكشف عن مجمل العوامل الفاعلة في الحدث، فهم يقحمون تدبير الله، وكأنه جل وعلا، يشتغل في تدبيره عند بعض من عباده، الذين هم الاخوان المسلمون، لا العكس!.
هذه القناعة بإمتلاك الحق وفق تفويض إلهي، ورفض تعريف إخفاقاتهم بأنهم فشلوا، والقناعة بأن الله ناصرهم على كل حال، تجعل الجماعة تتجه نحو إنكار الواقع وتبرير الفشل والتمسك بالرأي باستخدام تبريرات غير منطقية وغير عقلانية، تصل أحيانا حد السذاجة وخداع النفس، فهي لا تنطلي على العقلاء، و أحيانا يستخدمون غيبيات كمبررات للفشل، وأحيانا يبررون الفشل بالكذب والإحتيال، و قد تلحق بهذه التبريرات فتاوى كمسوغات دينية لتعزيز التبرير، ومع تحطم نموذجهم الديني في أذهان الشعب السوداني نسبة لما أقترفوه في حقه خلال حكمهم قاموا بإدخال تبريرات وطنية لإنكار الواقع وتبرير الفشل. ونتيجة لقناعتهم بأنهم يمتلكون الحق وحدهم فقد قاموا بقتل وتعذيب السودانيين المختلفين معهم سياسيا في بيوت الاشباح، وفصلوهم من وظائفهم في الدولة، ومكنوا أعضاء تنظيمهم في وظائف مؤسسات الدولة وبرروا ذلك بفقه الضرورة وتثبيت الدين، وبما ورد في الأثر عن سيدنا عثمان رضي الله عنه "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" وغيرها من التبريرات، وعندما أجازوا القروض الربوية الخارجية برروا ذلك بفقه الضرورة، وعندما سرقوا و تعذر عليهم إخفاء الجريمة برروا عدم المحاسبة بفقه السترة وفقه التحلل، وعندما يكتشف كذبهم بخصوص إخفاء هزيمة ما فهم يبررون ذلك بأن الحرب خدعة ومكر، أو يقللون من شأن الهزيمة، أو برروه بأنهم أخفوها ومنعوا تداول أخبارها حتى لا تؤثر على معنويات الجيش والشعب، كما سمع السودانيون خلال سنوات حكمهم عن النمل الذي يلتهم أطنان من السكر، والجقور التي تتسبب في إنهيار الجسور، والضب الذي يتسبب في إنقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة من السودان، وماكينة اللحام التي تسببت في إنفجار مصنع اليرموك وكان تعرض للقصف من الكيان الصهيوني ثم اعترفوا بعد ذلك بعدما نشرت صحف أجنبية الخبر، بل حتى الوقائع الكبيرة الجسيمة مثل إنفصال الجنوب أو إحتلال حلايب كان لهم تبريراتهم الواهنة، وترتبط هذه التبريرات أيضا بعدم قناعتهم بمفهوم الوطن والمواطنة المتساوية. الآن هم يلومون الداخل والخارج كله على الحرب ولا يلومون أنفسهم على صناعة الدعم السريع وتقنينه ولا على إضعافهم للجيش، وبالمجمل هم يلومون الآخرين جميعهم إلا أنفسهم.
كذلك أدت القناعة بأن نقد القيادة هو نقد للحق إلى حالة من الجمود والكسل الفكري لدى الغالبية الساحقة من أعضاء حركات الإسلام السياسي فهم متلقون لتعليمات القيادة فقط وفق البيعة، فأدت بدورها إلى غياب النقد الداخلي وسيادة التفكير التبريري، وتحويل الحجج إلى غيبيات يستحيل معها النقاش العقلاني، فمثلا تكون الضائقة المعيشية في السلم أوالهزيمة في الحرب، هي إبتلاءات من الله أو لحكمة يعلمها هو. أما الآن فقد عادت إلى الواجهة مرة أخرى التبريرات بالسحر والعمل السفلي والقرود المسخوتة كما في أيامهم الأولى، فقد دعا أحدهم في مؤتمر الاستراتيجية القومية الشاملة سنة ١٩٩١ إلى الاستعانة بالجن المسلم لحل مشكلة السودان الإقتصادية وتفجير الطاقات. ونتيجة لتطاول أمد حكمهم في السودان، وتمكين منتسيبهم ومواليهم في مؤسسات الدولة والمجتمع، فقد أصبحت هذه الذهنية التبريرية والرغبوية البعيدة عن الطرق العلمية والبحثية هي السائدة وسيطرت على عقلية المؤسسات الحكومية والمجتمعية، بل ربما تفشت حتى في أوساط معارضيهم، فمثلا صرح وزير سابق للصحة تولى المنصب بتوقيع إتفاق سلام مع حكومتهم داعيا الدولة لوقف حزم الدعم لمرضى السرطان قائلا: "الحكومة بتصرف قروش على مرضى السرطان كتيرة جدا وفي النهاية يموتوا" فهو يبرر لإيقاف الدعم بالقضاء والقدر، فلنترك الجانب الانساني وأثره على معنويات ونفوس هؤلاء المرضى في مثل هذا التصريح التبريري جانبا، أما الأسئلة العلمية الصحيحة التي يجب أن تسأل قبل الإدلاء بمثل تصريحه وهي أسئلة تجاوب عليها الدراسات العلمية فمثلا ماهي معدلات عيش مرضى السرطان في السودان؟، وهل هي متوافقة مع المعدل العالمي او المعدل في دول الجوار بمعنى هل يعيشون فترة اطول او اقصر عند علاجهم مقارنة بالمرضى في هذه الدول؟، وإذا كانوا يموتون أسرع فهل هذا بسبب ضعف ما يحصلون عليه من تشخيص وعلاج؟، وهل هناك توعية صحية كافية للفحص الذاتي لسرطان الثدي مثلا، والذي عند اكتشاف بعض انواعه مبكرا تصل نسبة شفاء المريضة إلى ١٠٠%؟، وهل إذا تم رفع الدعم هل هذا سيزيد من معدلات عيش المرضى ام سيقللها؟، والكثير من الاسئلة غيرها!!، هذا بخلاف المعروف أن لمرض السرطان أنواع وتصنيفات مختلفة، وتختلف استجابتها وتكلفتها العلاجية، مثال آخر على هذه الطريقة في التفكير في المؤسسات المجتمعية، هو حملة "الغالي متروك" التي دعت لها جمعية حماية المستهلك السودانية لمحاربة غلاء اللحوم، فطريقة المقاطعة هي طريقة فعالة ومستخدمة على نطاق العالم، ولكن في بلد كالسودان معروف بوفرة الثروة الحيوانية لماذا ترتفع أسعار اللحوم؟، وهل هذا الإرتفاع هو جزء من التضخم الشامل؟، و هل هذه الزيادة في الأسعار تنطبق فقط على اللحوم؟، الحقيقة هو أن زيادة الأسعار هي جزء من التدهور الاقتصادي الشامل في البلاد، وشملت كل السلع والخدمات، فهل الحل هو أن يقاطع الشعب كل السلع الاستهلاكية والخدمات!؟.
كذلك فإن قناعتهم بإمتلاك الحق وحدهم هي ما يدفعهم لعدم الإعتذار عن الأخطاء، فهي تدخل في باب الإجتهاد، لذلك هم ليسوا مخطئين في نظر أنفسهم ويؤجرون على ذلك.ما يتجاهله الإسلامويون هو أن البشر مسؤولون من أفعالهم أمام الله أولا، وأمام شعوبهم، وواجبهم تفسير أفعالهم، والبحث في أين أصابوا وأين أخطأوا، وهل قاموا بما في وسعهم بالتفكير والعمل، وأن الإيمان بقضاء الله وقدره لا يتعارض مع ذلك. يكتب ساري عرابي وهو إسلاموي فلسطيني في نقده لطرق الإخوان المسلمين في التحليل السياسي "إنّ الإيمان، مهم من أجل تعزيز صمود المؤمن في معمعة الصراع، وتصبيره في غمرته، وليس للتغطية على إخفاقاتنا وفشلنا، وهذا النموذج (يقصد الكاتب منهج الإخوان المسلمين في التحليل السياسي ولخصه بكونه الإيمان بموقع الحركة الإسلامية المُفضّل داخل إرادة الله الغالبة! )، ينبغي أن نعتقد إزاءه أن الحقّ لا يحلّ في أحد من عباد الله، وأن انتسابنا لهذا الحقّ، لا يعفينا من الخطأ، وأن حكمة الله متسامية على أهوائنا ورغباتنا ...الفكرة المهمّة هنا، أننا مسؤولون عن أفعالنا، وواجبنا تفسير تلك الأفعال، وتصحيحها، وأنّ الإيمان بتدبير الله، لا يعارض ذلك أبدًا، إذ ليس لنا بأعياننا، أفرادًا وجماعات تنتسب للحركية للإسلامية، عهد على الله، وإذا كانت حكمة الله التي لا يحيط بها إدراكنا، أو موازين القوى في لحظة معينة، قد تدفع بنا إلى الهزيمة، فإنّ مآلات الأنبياء الذين قتلوا من قبل، والنبي الذي يأتي وليس معه أحد يوم القيامة، وأصحاب الأخدود، نماذج للاستمرار في المكابدة، لا للاستدلال بها على غلبة القدر على تدبيرنا؛ هربًا من محاسبتنا أنفسنا، أو تزكية لتدبيرنا وحركتنا. بمعنى أننا مطالبون دائمًا بالبحث في أين أصبنا، وأين أخطأنا، وإن كنّا قد استنفدنا وسعنا بالتدبير والقوّة أم لا، وإن كانت أسبابنا الذاتية غالبة على إخفاقنا أم أنّ توزيع القوّة بيننا وبين خصومنا هو الغالب، وإن كنّا أحسنا التعامل مع ذلك التوزيع أم لا، دون الاستناد إلى أن لنا حظوة خاصّة عند الله، من دون المسلمين، أو من دون بقية العاملين في حقلنا نفسه. ".
هوامش:
١. سيد قطب، معالم في الطريق، ١٩٨٧، الطبعة الحادية عشر.
٢. حيدر إبراهيم علي، أزمة الإسلام السياسي: الجبهة الإسلامية القومية في السودان نموذجا، ١٩٩٥، الطبعة الرابعة.
٣. إبراهيم علي محمد أحمد، المدخل إلى علم الاستخبارات: رؤية إسلامية، ٢٠٠٠، الدار السودانية للكتب
٤. ساري عرابي، النموذج المهيمن في التحليل السياسي لدى الإسلاميين!، ٢٠١٧، موقع قناة الجزيرة الإلكتروني.
mkaawadalla@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإسلام السیاسی
إقرأ أيضاً:
“المسؤولية بين وهم المديح وواقع التحديات”
بقلم : سمير السعد ..
في كثير من الأحيان، يكون المسؤول أسيرًا لصورة وردية مزيفة يصنعها المحيطون به، حيث يتعمد البعض تقديم الواقع بصورة خالية من المشكلات، متجنبين النقد البنّاء، ومبالغين في التطبيل والتودد. هذه الممارسات لا تؤدي إلا إلى وضع المسؤول في مأزق حقيقي، حيث يبتعد تدريجيًا عن الواقع ويتجاهل احتياجات المجتمع، مما يسرّع من إخفاقه.
الإعلام الحكومي، في جوهره، ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو فن يتطلب مهارة في بناء العلاقات، صدقًا في التعامل، وحرصًا على تقديم حلول واقعية لقضايا المجتمع. لكنه، للأسف، أصبح في كثير من الأحيان أداة للتضليل والتزييف، مستغلًا صفحات وهمية وشعارات زائفة تخدم مصالح ضيقة على حساب الصالح العام.
على المسؤولين، إذا أرادوا النجاح، اختيار الكفاءات المهنية والمخلصين للعمل، لأن الفشل غالبًا ما يبدأ من الواجهة التي يقدمها المسؤول نفسه. فكلما زادت الفجوة بين المسؤول والمجتمع، كلما تعمقت مشكلات الدائرة التي يديرها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة.
عندما يعزل المقربون المسؤول عن الرأي العام ويغرقونه بمديح مبالغ فيه، يكون ذلك مؤشرًا خطيرًا على ابتعاده عن مهامه الجوهرية. المسؤولية ليست مجرد منصب، بل هي أمانة تتطلب شجاعة لمواجهة النقد، والانفتاح على الواقع كما هو، لا كما يصوره المحيطون.
النجاح الحقيقي للمسؤول يكمن في القدرة على الاستماع إلى النقد البنّاء، ومواجهة التحديات بشفافية، واختيار فريق عمل يتمتع بالكفاءة والإخلاص. أما تجاهل الحقيقة والانغماس في دوامة التزييف والتطبيل، فلن يؤدي إلا إلى سقوط مدوٍ خارج دائرة المسؤولية.
عندما يتوقف المسؤول عن الاستماع إلى صوت المجتمع الحقيقي وينغمس في دائرة المديح الزائف، يصبح عاجزًا عن رؤية التحديات الفعلية أو اتخاذ القرارات الصائبة. وهنا يبدأ الفشل في الظهور بوضوح، سواء كان ذلك في الأداء العام أو في مستوى الثقة الشعبية به وبمنظومته.
المجتمعات الحديثة بحاجة إلى مسؤولين يتسمون بالشجاعة والمسؤولية الحقيقية، مسؤولين لا يختبئون خلف جدران الوهم ولا ينغلقون على أنفسهم وسط دوائر المديح. هؤلاء هم القادرون على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجميع، حتى وإن كانت هذه القرارات غير شعبية في البداية.
كما ان الإعلام الحكومي، إذا تم توظيفه بشكل صادق ومهني، بالإمكان أن يكون أداة فعّالة لتعزيز الثقة بين المسؤولين والمجتمع. فبدلاً من التركيز على تلميع الصورة، يجب أن يكون التركيز على طرح القضايا بموضوعية، وتقديم الحلول الواقعية، وتقبل الانتقادات البناءة التي تهدف إلى تحسين الأداء.
رسالة إلى المسؤولين ، تذكروا أن مناصبكم ليست امتيازًا شخصيًا، بل مسؤولية كبيرة تتطلب منكم النزاهة، الشفافية، والانفتاح على مختلف الآراء. المجتمع بحاجة إلى أفعالكم أكثر من شعاراتكم، وإلى حلولكم أكثر من وعودكم.
وفي النهاية، النجاح ليس في الحفاظ على الصورة الوردية، بل في تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها الناس، والابتعاد عن دائرة الفشل التي تبدأ من المحيطين بالمكتب وتنتهي بفقدان الثقة الشعبية تمامًا.