رحمة الله على محمد الأمين، الصداح الكناري وملك العود الذي يكاد بضربات الريشة الذهبية الناعمة أن ينطق عوده ومعه يكاد ينطق حتى الصخر العصي على ضربات المعاول الحديدية
اتذكر انه قد ابكاني ليلة ودعتني فيها اسرتنا الممتدة بالخرطوم. اتوا كل يحمل ما تجود به يده من كيك او حلوى أو اسماك نيلية منتقاة مشوية أو فواكه السودان الموسمية متعددة الألوان الجميلة منعدمة النظير.
فجأة والأنس الراقي الجميل والليل الهادئ وروعة الخرطوم كلها تحتوينا يدخل علينا شقيقي د. علي عبدالمحمود بعد إنتهاء عمل عيادته ليكمل العقد الفريد مع الأشقاء د. بابكر وعمر بن الخطاب رحمة الله عليهم جميعا ، وكان يحمل ريكوردر ماركة سوني. وضعه على طاولة جانبية ، وكان وصاح وتغنى ملك العود " ما ممكن تسافر نحن حالفين بالمشاعر …..و السفر ملحوق ولازم انت تجبر بالخواطر. الغريبة الساعة جنبك تبدو أقصر من دقيقة …. وكانت آهة "آه من لوعة حرقة المشاعر ساعة فراق
الوطن والأحباب" ، وما كان أخي ساعتها يدري حرقة نار براكين المشاعر ولوعة الفراق والدقائق تنازليا تنذر بقرب ميعاد السفر وطائرة “KLM كي ايل ايم “ ستنقلنا بعيدا الي بلاد الصقيع الذي نخشاه ولا نحبه أو نتحمله. أجهشت أمام الكل و لا عجب فقلوبنا تزداد رهافة خاصةً ساعة وداع من نحب. واليوم نودع من كان يشحن قلوبنا بكهرباء أغاني الوطن ، يشدنا بقوة لنحب الوطن واستقلالية الوطن وديموقراطية الوطن ، فيفيق كل قلب وبنبض حيا من جديد من بعد خمول سبات ، وبعد ان "قالوا متألم شوية" . وهذه الأخيرة تذكرني زيارة شقيقي د محمد ، كان خلال الستينات يعمل طبيبا في بواكير مشواره في بورتسودان وفي مناسبة عيد شاركنا الفرحة وقتها في بربر السودانية وكانت الترانززترات والمسجلات الصغيرة النقالة في متناول اليد وكانت تلك الأغنية ذائعة الصيت في زمانها، لكنها في ذهني لا تزال جديدة تجدد لي ذكريات تلك الأيام الجميلة التي كنا فيها السعداء . . قد سمعنا قبل أسابيع أن فنان هبة أكتوبر واحد وعشرين " قالوا متألم كتير ، مش شوية ، وكانت قاصمة ظهر البعير أن جاءنا الخبر "مات الأستاذ محمد الأمين"،، صوتاً وطنيا غيورا كان وصوتنا فنيا متفرد وعوادا أيقونة ، سوداني وأفريقي الأصل وذهبي عيار السلم الخماسي عندما يعلوا بقامته الفارعة قويا في كل شيء على خشبات المسارح أو داخل استوديوهات التليفزيون. بعيدا وخلال السفرة الطويلة سافر الصداح إلي السماء يحمل معه " الحب والظروف، وكلنا قلنا ما ممكن تسافر " فسافرنا اليوم عبر أكبر المحيطات نودعه. لك كل الحب أبا ومعلما ومطربا محترفا ومحترما كنت ومحبوبا كنت، ومتصوفا كنت، فعليك رحمة الرحمن ومغفرته وجنة فردوس يا رب تكرمه بها. إنا لله وإنا إليه راجعون مع كل فنان وكل شاعر لنا قصص وذكريات وحب يجمعنا حتى وإن كنا لا نتعارف أو تجمعنا مصلحة عمل. ذلك هو السلوك الانساني الكان يغذينا في السودان الوطن والمجتمع النزيه المتميز الذي نحبه ونعرفه. لا كنا نتوقع يوما نشهد فيه نبتا شيطانيا ينمو ليدمر ولا يبقى من موروثات الوطن باقية ، حتى الجسور عمدا وقسوة ولا مبالاة قد دمرت. يا للعجب. يا رب كل الوطن الكان سالك وسليم يولد من جديد "حراً و ذهبا لا يصدأ يولد من يبنيه"
عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
aa76@me.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
المطران عطا الله حنا: إضاءة شجرة الميلاد في سوريا رمز للوحدة وحب الوطن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، أن احتفالات إضاءة شجرة عيد الميلاد في عدد من المدن والمحافظات السورية تُعدّ تجسيدًا حيًا لتمسك السوريين بالحياة وتعبيرًا عن وحدة الشعب السوري، بما في ذلك المسيحيون الذين يؤكدون من خلال هذه المناسبة الروحية حبهم العميق لوطنهم، وتمسكهم بأرضهم، ومطالبتهم بسوريا جديدة تكون دولة مدنية ديمقراطية تحتضن جميع أبنائها.
وأضاف المطران حنا، أن مشاهد الاحتفالات هذا العام تحمل معاني الجمال والفرح، مشيرًا إلى أنها تعكس التضامن والتآخي بين السوريين، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد التي تشهد تحديات كبيرة.
وأشار إلى أن المسيحيين في سوريا يرسلون رسالة واضحة، من خلال إضاءة شجرة الميلاد، بأنهم كانوا وسيبقون منارة لهذا الوطن، مشددًا على أنهم سوريون بالدرجة الأولى ينتمون إلى بلد ذو تاريخ عريق وحضارة غنية، كما أكد أن هذه المرحلة تتطلب من الجميع التحلي بالحكمة والوحدة لتجاوز التحديات الراهنة والعمل على إعادة بناء سوريا.
وتابع المطران حنا: سوريا الجديدة التي نطمح إليها هي سوريا التي تنبذ العنصرية والكراهية، وتبني جسور التلاقي بين جميع مكوناتها، متمنيًا الخير لسوريا ولكل أبنائها بمختلف أطيافهم وطوائفهم، وأن يحمل عيد الميلاد معه بشائر السلام والازدهار والاستقرار لهذا الوطن الذي نفتخر به، والذي سيبقى دائمًا رمزًا للأصالة والوطنية.