لا يمكن لعاقل أن ينكر حجم الجرائم التي تقوم بها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بغزة، إلا إذا كان مشاركا في تلك الجرائم التي تحدث على مدار الساعة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، كشفت فيه عن توثيق دبلوماسي غربي بتل أبيب للجرائم التي تقوم بها إسرائيل بحق غزة وأهلها، وهو ما يفضح المواقف الرسمية في واشنطن وأوروبا من مساندة إسرائيل، وتحميل حماس المسئولية عن كافة الجرائم بغزة، وذلك وسط تبرير إعلامي يتبنى الروايات الإسرائيلية.

 

 

والملفت للنظر، أن التقرير كشف كافة الحقائق التي تحدث في قطاع غزة، والتي يرفض الاتحاد الأوروبي وواشنطن الاعتراف بها، حتى لا يكونوا مضطرين لأخذ مواقف سياسية ضد إسرائيل، ففي الوثيقة تم توثيق جرائم ضد قوانين الحرب من دبلوماسي متخصص في رصد الأمور العسكرية بحكم أنه ملحق عسكري بإحدى السفارات الأوروبية في تل أبيب.

    

إسرائيل تريد محو غزة لردع إيران وحزب الله

 

ووفقاً لتقرير إعلامي في هولندا، ونشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فإن القوات الإسرائيلية تستخدم عمداً "القوة غير المتناسبة" في الحرب على حماس، وذلك على غير ما تردده الدوائر السياسية الغربية عند الحديث عن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ورفضهم الدعوات لوقف الحرب، وقالت المذكرة إن النهج الإسرائيلي ينتهك "المعاهدات الدولية وقوانين الحرب" ويزيد من فرص التصعيد الإقليمي.

 

ووفقا للمذكرة السرية الواردة من السفارة الهولندية في تل أبيب، فإن إسرائيل تستخدم عمدا "القوة غير المتناسبة" في غزة وتستهدف "البنية التحتية المدنية" في محاولة للحد من خسائرها واستعراض "قوتها العسكرية"، وتحلل المذكرة، التي صاغها ملحق الدفاع الهولندي في السفارة واطلعت عليها صحيفة إن آر سي الهولندية، الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث تشن القوات الإسرائيلية غارات جوية انتقامية لأكثر من شهر على التوالي، وتشن غزوًا بريًا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص، وذلك بحسب وزارة الصحة في غزة.

 

القوة المميتة واستعراض للقوة وتعمد القتل بين المدنيين 

 

وقال الملحق العسكري إن الجيش الإسرائيلي يستخدم القوة المميتة في محاولة للحد من خسائره و"استعراض قوة عسكرية ذات مصداقية ليُظهر لإيران ووكلائها [مثل حزب الله] أنهم لن يتوقفوا عند أي شيء"، حسبما أفاد المجلس النرويجي للاجئين، حيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى "تعمد إحداث دمار هائل للبنية التحتية والمراكز المدنية" في غزة، واستهداف المنازل والجسور والطرق، والتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وهو ما يفسر "ارتفاع عدد الوفيات" بين المدنيين.

 

وقالت المذكرة إن النهج الإسرائيلي ينتهك "المعاهدات الدولية وقوانين الحرب" ويزيد من فرصة التصعيد الإقليمي، وكتب الملحق العسكري بالسفارة أيضًا أن إسرائيل تحاول القضاء تمامًا على تهديد حماس، وهو "هدف عسكري يكاد يكون من المستحيل تحقيقه"، وجاء في المذكرة أن إسرائيل مدفوعة بالانتقام، حيث "تتردد أصداء المشاعر والغضب في الإحاطات الإعلامية للجيش الإسرائيلي".

 

دول الغرب على علم بجرائم إسرائيل 

 

كما تتهم المذكرة الحكومة الهولندية، وهي ضمن الاتحاد الأوروبي، بأنها على علم بجرائم إسرائيل، والنهج القاسي الذي تتبعه، لكنها فشلت في إدانته، وبينما قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي إن إسرائيل "يجب أن تظهر أن ما تفعله متناسب أيضًا"، فإنه لم يدعو علنًا إلى وقف إطلاق النار.

وقالت وزارة الخارجية الهولندية إنه "لا ينبغي النظر إلى كل وثيقة داخلية على أنها توصية سياسية"، وقالت في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني: “نحن لا نعلق على مجموعة واسعة من الوثائق التي تتم صياغتها في الوزارة أو في البعثات الدبلوماسية كجزء من عملية صنع السياسات”.

وأضافت الوزارة أن هولندا “تشعر بقلق بالغ” بشأن “خطورة وحجم” الصراع بين إسرائيل وحماس وأنه “يجب تجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين على كلا الجانبين، وندعو ضبط النفس، ونواصل التأكيد على ذلك في جميع محادثاتنا الدبلوماسية، فالوضع معقد للغاية، وهذا لا يؤدي إلا إلى إعادة التأكيد على أهمية التحقيق في الأحداث على الأرض.

 

تأتي تلك الوثيقة، لتكشف حجم الصراع الدائر داخل أروقة دوائر الحكم في دول الغرب، وذلك في ظل الخلاف الشديد من المواقف الرسمية لحكومات تلك الدول من الدعم المطلق لإسرائيل، رغم ما تقوم به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، وتعمد نشر تلك الوثيقة، تعكس حالة الغضب من تلك السياسات، والبحث عن فضح رجال السلطة بنشر تلك المعلومات، وهو ما يحدث شبيه له بالولايات المتحدة الأمريكية، والانقسام الشديد في الخارجية الأمريكية، والكثير من دوائر الحكم في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

 

فوضي في البيت الأبيض

 

ويقول الصحفي الأمريكي المخضرم الحائز على جائزة بوليتزر، سيمور هيرش، إن السلطات الأمريكية غير قادرة على التأثير على تصرفات إسرائيل في قطاع غزة، وكتب هيرش، في مقال على مدونته على “سوبستاك”: "يبدو أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في حالة حيرة مستمرة حيث يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فعل ما يريد في غزة".

وأضاف الصحفي الأمريكي المخضرم، نقلاً عن مصادر، فإن "فراغ السلطة" قد تشكل الآن في الولايات المتحدة، وأوضح أن “البيت الأبيض الآن في حالة من الفوضى”.

 

وكانت الفصائل الفلسطينية قد شنت هجوما هو الأقوى على مر التاريخ على الأراضي المحتلة، حيث تسبب ذلك في مقتل المئات، وأسر أكثر من 120 شخصا من الأراضي المحتلة إلى قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين، شنت قوات الاحتلال قصف عنيف وإجرامي على قطاع غزة، ما أسفر عن تشريد واستشهاد وإصابة الآلاف من المواطنين الفلسطينيين، وظهور دعوات من أجل نزوح الفلسطينيين إلى خارج القطاع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم

نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".

وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".

"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.


ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.

وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".

"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.

وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".

وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".

إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.


توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.

وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".

وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".

واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".

إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.

وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".

واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".

وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.



شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".

ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".

إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".

مقالات مشابهة

  • ضغوط أمريكية على أوكرانيا.. هل تنتهي الحرب؟
  • صحيفة تتحدث عن رسالة سرية بعثتها الخارجية الإيرانية إلى ترامب
  • صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية تنشر صورة مثيرة للجدل للسيسي
  • انتهاكات جديدة لقوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بالضفة الغربية
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • صحيفة تكشف.. عشرات الملايين من الدولارات تصل إلى الحزب
  • صحيفة أمريكية: «الناتو» يقف عاجزا أمام «صاروخ أوريشنيك» الروسي
  • صحيفة: إسرائيل تمنع الأسير زكريا الزبيدي من العودة لمخيم جنين
  • صحيفة: الجيش الإسرائيلي يريد إغلاق قضية غزة وهذا موعد بدء مفاوضات الجولة الثانية
  • صحيفة أمريكية: العالم على شفا كارثة بسبب نظام زيلينسكي الإجرامي