يعمل الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة على ضمان توفير المياه والصرف الصحي للجميع حتى حلول العام 2030. ويشكل توفير الماء الصالح لشرب للإنسان والحيوان، والماء الصالح للزراعة والري من أكبر المشاكل التي تواجه عالم اليوم. وبحلول العام 2020 بلغت نسبة الشعوب التي تعيش في حالات ضيق من إمكانية توفر الماء حوالي ثلث سكان العالم.

وبما أن في الماضي كانت مشكلة توفر الماء من المشكلات التي تواجه سكان الريف في المقام الأول، إلا أن هذا الشيء تغير منذ العام 2000، وأصبحت مشكلة الماء واحدة من المشكلات التي تواجه حتى سكان الحضر.

هناك كثير من مدن العالم الكبيرة وعدد من عواصم البلدان التي تواجه مشكلات متفاقمة، فيما يخص توفير الماء للسكان. وفي معظم المدن والعواصم لبعض البلدان لا يصلح الماء الذي يجري من شبكات الماء في أنابيب المنازل والمرافق العامة للشرب. الشيء الذي يجعل منه ماء يصلح فقط لاستخدامات أخرى كالاستحمام والغسيل، وقد يضر بالصحة إذا استعين به في أغراض أخرى كإعداد الطعام. ويأتي بعض من هذا الماء من منابعه بألوان مختلفة، وأحيانا بروائح مختلفة أيضا عبر النوافير، الشيء الذي يؤكد عدم معالجته أو صدى الأنابيب أو ركودها في خزانات أو صهاريج ماء غير نظيفة.

فيما يخص النظافة الصحية، يمثل انعدام الماء، أو الماء المتوفر والغير نظيف، الممهد الأول في نشوء الأمراض الالتهابية، التي يكون الماء غير النظيف وسط ملائما لنمو الميكروبات والجراثيم وتطورها فيه بسرعة. فإذا أخذنا على سبيل المثال توفر الماء لغسل اليدين، يكون هناك اثنين من بين كل خمس شخصا لا يتوفر لهم الماء إطلاقا أو الماء الكافي لغسل اليدين. وهذا بغض النظر عن غسيل اليدين بالصابون، على سبيل المثال بعض قضاء الحاجة. بل أن هناك ما يقارب ال 700 مليون شخص في العالم، والذين لا تتوفر لهم أماكن لقضاء الحاجة، والشيء الذي يرغمهم على استخدام العراء. وهذا هو على سبيل المثال واحد من مسببات الكوليرا وانتشارها كوباء في مناطق النزاعات والحروب ومن ثم النزوح بسببها أو بسبب الفقر والجوع.

يعتبر توفر الماء الصالح للشرب من الأشياء التي ترتبط ارتباطا وثيقا بعامل الفقر. فكلما كان الإنسان يعيش في بيئة فقيرة، كلما كان معرض للمعانات من انعدام الماء. ولذا مشكلة الماء في الأرياف والأحياء الفقيرة، ولذا تفشي الأمراض الالتهابية بين أفراد الشعوب الفقيرة أو في الأحياء والتجمعات السكنية العشوائية، التي ينتشر فيها شح الماء أو انعدامه للسكان. وبتوفر الماء النقي يمكن لكل فرد أن يهتم أكثر بالصحة العامة. وكان هذا الشيء واضحا أثناء تداعيات جائحة كورونا. والتي مان من أهم قواعد النجاة من الإصابة بها، غسل اليدين جيدا أو تطهيرهما بماد تقتل الميكروب الفيروسي المسبب لها.

من المشكلات الأساسية التي تواجه العالم في المستقبل، مشكلة توفر الماء الصالح للشرب والري، وتوفير أماكن لقضاء الحاجة بصرف صحي جيد لكل سكان العالم. هذا كله يبني على الاستفادة من مصادر المياه في كوكب يتكون سطحه من 70 % من الماء، وفقط 30 % من اليابسة. الشيء الذي يعني ترشيد استخدام الماء، ومعالجته معمليا، وإعادة تدوير كل ماء تم استخدامه. الشيء الذي ينطبق حتى على معالجة مياه المجاري والصرف الصحي اليومي. هذه الخطوات يعمل بها منذ سنوات في كثير من الدول المتقدمة صناعيا، إلا أنها لم تكن موقع حديث حتى الآن في الدول النامية أو الدول الفقيرة.
هناك حوجة ملحة لأن تشرع هذه الدول مبكرا في موضوع الماء كثروة طبيعية لا يستهان بها، وهي تعني في المقام الأول "الحياة" لكل المخلوقات من حيوانات ونباتات. لأن تسعى من أجل وجود طرق تلائم كل بلد منها، بناءا على تضاريسه الجغرافية والجيولوجية من أجل توفير الماء، ترشيد استخدامه، بدلا من بناء الخزانات والسدود التي تمثل مهددا أوليا لأهل هذه الدول ودول الجوار أيضا، في عصر تغيرات المناخ، احترار الأرض والمحيطات، والاحتباس الحراري العالمي. كما أن للماء ثقافة قائمة بذاتها، تعني بتربية النشء على حب الماء، والتعامل معه كوسط للسباحة وممارسة أنواع الرياضة المائية المختلفة.

من أخطر الأشياء التي تحدث حاليا وفي غضون القرن الحادي والعشرين، هو اهتمام حكومات بلدان العالم بتوفير الماء الصحي الذي يباع في الأسواق للمستهلك، والذي تعد تعبئته في قوارير بلاستيكية أو زجاجية. الشيء الذي يختفي خلفه عملا تجاريا ضخما، يكون المستفيد فيه أفراد من حكومات هذه البلدان من رؤساء ووزراء ومقربين لأهل البيوت الحاكمة. ويأتي هذا بعد إهمال مصادر المياه وشبكاتها في البلدان ومعالجتها أولا، لنقل ماء صالح للشرب للمنازل والمرافق العامة. ويكون الضحية في آخر المطاف المستهلك المغلوب على أمره لشراء الماء من الأسواق، بدلا من تلقيه نظيفا ومن دون انتاج نفايات بلاستيكية أو زجاجية. بل يدفع المستهلك أيضا ضريبيا تكاليف التخلص من البلاستيك والزجاج الناتجين عن تعبئة الماء المسوق له من قبل حكومته.

يعتبر السودان من الأقطار التي تتمتع بكمية كافية من المياه. ففي السودان يجري أطول نهر على وجه الأرض، نهر النيل، والذي يعتبرحوضه في أرض السودان من أطول الأحواض على الإطلاق، مقارنة ببقية دول حوض النيل. زيادة على ذلك تهطل في السودان بشقيه الشمالي والجنوبي كمية كافية من الأمطار سنويا. ويعتبر الفصل المطير في جنوب السودان هو الأطول، الشيء الذي يدعم مخزون المياه في الأنهار الجانبية والموسمية في البلاد. وللسودان أيضا مخزون كبير من المياه الجوفية العذبة، التي لم تستخدم بعد، وهذا بجانب ساحل البحر الأحمر للسودان بمياه مالحة، صالحة للمعالجة المعملية.

بجانب كل هذا، هناك كثير من المشكلات التي تواجه المواطن السوداني بسبب الماء، شحه أو انعدامه. في الأرياف يعاني معظم السكان من انعدام الماء الصالح لشرب الإنسان والحيوان معا. وفي المدن الكبيرة يعاني السكان من نقص وشح في الماء الصالح للشرب. والجديد في السنوات الأخيرة هو معاناة سكان العاصمة السودانية، الخرطوم من شح أو انعدام ماء الشرب، وحتى في أفخم الأحياء السكنية. وعن وجود صرف صحي يعمل لا نريد أن نتحدث هنا، فعندما نرى انهيار أساس الهرم، يغنينا النظر لقمته. وهذا بعد أن كانت للعاصمة الخرطوم ومدن السودان الكبيرة شبكات مياه شرب حديثة، وشبكات صرف صحي مواكبة.

بخصوص الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة في السودان، يتطلب الأمر النظر مجددا في إمكانية توفير الماء للإنسان والحيوان وأغراض الزراعة والري. فهذا شيء ممكن إذا ما تمت الاستفادة من مصادر الماء المتاحة في بلد غني بمصادره المائية. لا بد من بناء محطات وشبكات حديثة لمياه الشرب، وربطها بخزانات وأنابيب المياه لتحمل ماء صالح للشرب للمواطن في منزله. ولا بد أيضا من بناء شبكات حديثة للصرف الصحي، على الأقل للعاصمة السودانية والمدن الكبيرة بسبب الضغط السكاني العالي عليها. وكما أن للماء ثقافة بذاتها، فإن للمراحيض أيضا ثقافة قائمة بذاتها، بناءها وتوفيرها، خصوصا في الأماكن التي يحتاج لها، في المدارس والجامعات، في المستشفيات والعيادات الخارجية، في المؤسسات والأسواق، تأسيسها وتجهيزها، تحسين استخدامها والاهتمام بنظيفها - من أجل صحة جيدة وحياة أمثل للإنسان. وربما خطر ببالنا هنا جملة "النظافة سماحة" أو الحديث الشريف "النظافة من الإيمان". وربما كانت هذه الخطوة هي خطوة إيجابية تجاه تكملة جماليات بلد سمح يعتبر فيه كل شيء سمح.

(نواصل في الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة...)

E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de

المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الماء الصالح توفیر الماء من المشکلات التی تواجه الشیء الذی

إقرأ أيضاً:

بنك أبوظبي الأول مصر وجمعية الأورمان يوسعان شراكتهما ‏لتعزيز التنمية المستدامة بالبحيرة

استكمالًا لنجاح جهوده الأولى، يواصل بنك أبوظبي الأول مصر، أحد أكبر البنوك العاملة في مصر، تعاونه مع جمعية الأورمان لتحسين مستوى المعيشة وتعزيز الفرص الاقتصادية في قرية الفالوجة بمركز بدر في محافظة البحيرة.

وتمثل هذه المرحلة الثانية من مشروع التطوير الشامل للقرية، مما يعكس التزام البنك بالمسؤولية المجتمعية ورؤية مصر 2030، وبنهاية هذه المرحلة، يكون بنك أبو ظبي الأول مصر قد أتم تنفيذ مشروعات لتطوير البنية التحتية شملت تجديد 50 منزلًا بشكل كامل، لضمان بيئة معيشية أكثر أمانًا وصحةً للأسر الأكثر احتياجًا.

كما سينتهي البنك بذلك مع إطلاق 12 مشروعًا للغاز الحيوي، تعتمد على حلول الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على مصادر الوقود التقليدية وتعزيز الاستدامة البيئية.

بالإضافة إلى ذلك، يدعم بنك أبوظبي الأول مصر القطاع الزراعي حيث سيكون قد وفر 24 رأسًا من الماشية لتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة في المجتمع.

علاوة على ذلك، يظل التمكين الاقتصادي محورًا أساسيًا في جهود البنك داخل القرية، حيث سيكون البنك قد دعم ريادة الأعمال المحلية لـ 55 أسرة من خلال توفير التمويل اللازم للمشروعات متناهية الصغر، مما يعزز الشمول المالي ويوفر مصادر دخل مستدامة. وتشمل هذه المشروعات متاجر البقالة، ومشروعات الملابس، ومستلزمات التنظيف، وماكينات الخياطة، ومتاجر الحلاقة.

ولدعم النمو الاقتصادي بشكل أكبر، قام بنك أبوظبي الأول مصر أيضًا بتعزيز الثقافة المالية لـ 55 فردًا، مما يوفر لهم المعرفة والأدوات اللازمة لإدارة شؤونهم المالية بشكل أفضل، وهو أمر أساسي لقدرتهم على استدامة وتوسيع مشاريعهم.

وفي هذا السياق، صرّح محمد عباس فايد، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك أبوظبي الأول مصر قائلًا: «يؤكد نجاحنا في المرحلة الأولى في قرية الفالوجة التزامنا بإحداث تغيير مستدام وفعّال في المجتمعات الأكثر احتياجًا. في بنك أبو ظبي الأول مصر، نؤمن بأن التنمية الحقيقية تأتي من خلال نهج متكامل لا يقتصر فقط على تحسين ظروف المعيشة، بل يمتد أيضًا إلى تمكين الأفراد بالمهارات والفرص التي تضمن لهم مستقبلًا أفضل. ومع إطلاق المرحلة الثانية، نواصل جهودنا في تطوير البنية التحتية، وتعزيز حلول الطاقة المتجددة، ودعم التمكين الاقتصادي، بما يضمن تحقيق الازدهار طويل الأمد لسكان الفالوجة.»

من جانبه، أكد أحمد أسامة الجندي، الرئيس التنفيذي لجمعية الأورمان على أهمية هذا التعاون، قائلًا: «شراكتنا مع بنك أبوظبي الأول مصر تظل عنصرًا أساسيًا في جهودنا لتحويل قرية الفالوجة وتمكين سكانها اقتصاديًا، لطالما كانت رسالتنا في جمعية الأورمان هي مساعدة المجتمعات على الانتقال من الاعتمادية إلى الإنتاج، ويأتي هذا التعاون ليعكس قوة العمل المشترك في إحداث أثر مستدام، من خلال دعم النمو الاقتصادي وتعزيز حلول الطاقة المتجددة.»

يُذكر أن المرحلة الأولى من المبادرة شهدت إعادة تأهيل 25 منزلًا، ودعم 40 مشروعًا صغيرًا، وتنفيذ 6 مشروعات للغاز الحيوي وتوفير 12 رأسًا من الماشية بالإضافة إلى تعزيز الثقافة المالية لـ 40 فردًا، مما أسهم في تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية لسكان القرية.

ومع انطلاق المرحلة الثانية، يواصل بنك أبو ظبي الأول مصر جهوده لتعزيز التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المجتمعات، تأكيدًا على التزامه بمسؤوليته المجتمعية ورؤيته للمستقبل.

اقرأ أيضاًمصر وأنجولا تعززان التعاون الاقتصادي والاستثماري خلال المائدة المستديرة لرجال الأعمال

قناة السويس وطريق الحرير والهيمنة الأمريكية

الأورمان تُطلق دفعة جديدة من المشروعات التنموية للأسر الأولى بالرعاية بأسوان

مقالات مشابهة

  • ملخص أهداف مباراة النصر وفرونتال كاواساكي في دوري أبطال آسيا للنخبة
  • مساعد رئيس حزب العدل: مصر تقود مشروعات التنمية المستدامة في القارة الأفريقية
  • بنك أبوظبي الأول مصر وجمعية الأورمان يوسعان شراكتهما ‏لتعزيز التنمية المستدامة بالبحيرة
  • نيوم يتوج بطلاً لدوري يلو
  • كوب ماء على الريق.. سلوك بسيط يحميك من أخطر المشكلات الصحية
  • الهدف: إيقاف سيلان نهر العودة الى السودان
  • أمل عمار: تعليم المرأة يعد حجر الأساس في تحقيق أهداف التنمية
  • جمال شعبان يكشف وصفة الحياة الصحية ويُحذر من أخطاء تهدد الشباب ..فيديو
  • الهجرة الدولية تنشئ بئرًا جديدًا لوصول المياه النظيفة لأكثر من 100 ألف شخص باليمن
  • بعنوان «الخدمة الاجتماعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة».. انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي السنوي بجامعة حلوان