في مقال في صحيفة "غلوبس" المرموقة المختصة في الشأن الاقتصادي الإسرائيلي، يحلل البروفسيور إيلي بوده تداعيات هجوم 7 أكتوبر على خطط الرياض، فرغم أن موجة المهرجانات والإعلانات والفعاليات التي ميزت حكم ولي العهد تمضي قدما، إلا أن الحرب في غزة وجهت ضربة للاستراتيجة الدبلوماسية والاقتصادية للمملكة

اعلان

رغم استمرار الحرب بين حماس وإسرائيل وتزايد المخاوف من اتساع رقعتها، تحاول السعودية الحفاظ على تركيزها تجاه خطط ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لإعادة تشكيل الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

 وتحتضن المملكة الأعمال كالمعتاد، وتستضيف منتدى استثمارياً وحفلات موسيقية وحتى عروض أزياء. لكن الأمور ليست كما يبدو على السطح.

يستهل البروفسور إيلي بوده مقاله بالقول إنه باستثناء بعض التصريحات التي تدين الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تحتضن المملكة العربية السعودية الأعمال كالمعتاد، فقد استضاف ولي العهد محمد بن سلمان الأسبوع الماضي المؤتمر السنوي لمبادرة "مستقبل الاستثمار"، المعروف باسم "دافوس في الصحراء"، بمشاركة مئات من الرؤساء التنفيذيين وقادة القطاع المالي من جميع أنحاء العالم. 

تحتضن المملكة الأعمال كالمعتاد وتستضيف منتدى استثمارياً وحفلات موسيقية وحتى عروض أزياء

 كما أُقيم أسبوع الموضة في الرياض بشكله المعتاد، بالإضافة إلى افتتاح "موسم الرياض" أكبر الفعاليات الترفيهية الشتوية بالعالم، ويستضيف رياضيين وممثلين وموسيقيين من جميع أنحاء العالم. ويضم هذا العام 12 منطقة يتم فيها تقديم تجارب استثنائية لملايين السياح من داخل وخارج المملكة.

 وقبل أيام قليلة من الافتتاح، التقى محمد بن سلمان برئيس الفيفا جاني إنفانتينو ولاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو (الذي انضم  لنادي النصر السعودي)، وأعلن أيضاً عن إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية.

لكن  إيلي بوده يرى أنه على عكس الصورة التي تحاول المملكة تصديرها، فإن خلف الكواليس، يسعى المسؤولون السعوديون جاهدين لاحتواء تداعيات الصراع، الذي يخشون أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها. 

ضربة للاقتصاد والاستقرار الإقليمي

 عطلت الحرب فعلًا بعض المبادرات الدبلوماسية للمملكة، ومن المحتمل أن تلحق ضرراً كبيراً بخططها الاقتصادية أيضاً، فقد واندلع النزاع بين إسرائيل وغزة في منتصف مسار أجندة إصلاحات "رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد وتهدف إلى تخفيف ارتهان اقتصاد السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، للوقود الأحفوري.

خلف الكواليس يسعى المسؤولون السعوديون جاهدين لاحتواء تداعيات الصراع، الذي يخشون أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها.

وخلال السنوات الأخيرة، شدّد المسؤولون السعوديون على أهمية تواجد منطقة مستقرة وأكثر تكاملاً لنجاح تلك الرؤية وجذب الاستثمار الأجنبي وتطوير السياحة، وذلك بالعمل على رأب الصدع مع قطر وتركيا وسوريا وإيران.

وحاولوا أيضا إخراج السعودية من مزيد من الانخراط العسكري في اليمن المجاور، توازياً مع استضافة المملكة محادثات تهدف إلى إيجاد حل للحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في السودان، وتهدد الحرب بين إسرائيل وحماس هذا التقدم.

ويرى الكاتب أن السعوديين فشلوا في مهمتهم في اليمن، واكتفوا بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار عام 2022 لإزالة التهديد الحوثي للمملكة. والآن، يهدد تورط الحوثيين في الحرب في قطاع غزة مرة أخرى المملكة العربية السعودية، التي قُتل أربعة من جنودها في حادث حدودي.

السعودية تطلق حملة لجمع التبرعات للفلسطينيين في قطاع غزةمنذ الاتفاق بين الرياض وطهران.. أول لقاء يجمع رئيسي وبن سلمان في السعوديةرئيس الاتحاد السعودي: السعودية جاهزة" لتنظيم مونديال 2034 صيفاً أو شتاءً

جمدّت الحرب كذلك المفاوضات المتعلقة بالتطبيع مع إسرائيل، فبعد أن قال ولي العهد في سبتمبر إن تطبيع السعودية مع إسرائيل "يقترب كل يوم أكثر فأكثر"، فيما أكد نتانياهو، خلال ذلك الوقت من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.

لكن السعودية انتقدت إسرائيل في الحرب، وأصدر ولي العهد بياناً في أكتوبر، قال فيه إن بلاده "ستواصل الوقوف إلى جانب الأمة الفلسطينية في سعيها للحصول على حقوقها المشروعة".

تحاول السعودية الخروج من الانخراط العسكري في اليمن المجاور وتهدد الحرب بين إسرائيل وحماس هذا التقدم.

ويرى إيلي بوده أن التطبيع كان يهدف إلى مساعدة مشاريع التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، وخاصة مدينة نيوم المستقبلية، بالإضافة إلى مشاريع أخرى، ففي قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند في سبتمبر/أيلول، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطة لبناء ممر للسكك الحديدية والبحري يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا عبر المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن المشروع يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي والتعاون السياسي. 

التوصل إلى حل للصراع

لطالما سعت السعودية لاحتواء تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي تخشى أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، وفي عام 1981، اقترح ولي العهد الأمير فهد الخطوط العريضة للسلام الإسرائيلي العربي، لكن إسرائيل رفضته. وفي عام 2002 نشر د الأمير عبد الله اقتراحاً تم اعتماده كمبادرة سلام عربية. 

وعُرض على إسرائيل إنهاء النزاع مع جميع الدول العربية، مقابل تشكيل دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وعاصمتها القدس، لكن إسرائيل لم ترد رسمياً على المبادرة.

توسطت السعودية في اتفاق مكة لتشكيل حكومة وحدة وطنية بين حماس وفتح

 كما انضم السعوديون إلى الجهود الرامية إلى رأب الصدع داخل المعسكر الفلسطيني، عندما توسطوا في اتفاق مكة في عام 2007، والذي أدى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بين حماس وفتح، ولو أنها لم تدم طويلاً.

تقليدياً دعمت السعودية فتح، لكن لم تدعم أبداً حركة حماس أو الجهاد الإسلامي. وجاء في المقال إن قوة حماس تتعارض مع المصالح السعودية في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وقد أعلنت المملكة في عام 2014، أن جماعة الإخوان المسلمين، وهي المنظمة التي انبثقت منها حماس، منظمة إرهابية.

ويوضح الدكتور يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، في حوار مع صحيفة غلوبس أن إضعاف حماس سيكون مفيداً لاعتبارات الأمن الداخلي للمملكة العربية السعودية وجيرانها في الخليج، باعتبارهم مدعومين من إيران، وانتصار حماس من شأنه أن يقوّي الإخوان المسلمين في مختلف البلدان العربية.

ولا ننسى أنه قبل حوالي شهرين ونصف نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه في إطار المحادثات لتعزيز التطبيع مع إسرائيل، عرضت الرياض تجديد المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية.
وقال مسؤولون سعوديون كبار للصحيفة إنهم يحاولون أيضاً ضمان انفتاح رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن على تطوير العلاقات مع إسرائيل، بهدف الحصول على شرعية إضافية للاتفاق.

اعلان"فلسطين ليست قضيتي"

على عكس قناة الجزيرة التي تتخذ من قطر مقراً لها، تبنت منافستها السعودية، قناة العربية، موقفاً معتدلاً تجاه إسرائيل. والدليل على ذلك المقابلة التي هاجم فيها مذيع القناة رئيس حماس السابق خالد مشعل بسبب اعتداء المنظمة على المدنيين الإسرائيليين. ومن جانبه كتب طارق الحميد، المحرر السابق لصحيفة الشرق الأوسط مقالاً هاجم فيه بشكل مباشر زعيم حماس يحيى السنوار، ودعاه إلى مغادرة غزة التي "حوّلها إلى جحيم".

وبعيداً عن الساحة الإعلامية، فإن الفارق الأساسي بين الرياض والدوحة وأنقرة هو أن السعوديين يتجنبون استضافة كبار مسؤولي حماس والتورط المباشر في قطاع غزة. وهذا هو السبب الذي دفع الدكتور جوزانسكي إلى استبعاد إمكانية وجود مادي سعودي في قطاع غزة. وقد أثيرت إمكانية وجود قوات أجنبية في القطاع خلال الأيام الأخيرة بعد أن قال بنيامين نتنياهو إنه "غير مستعد لعودة السلطة الفلسطينية، التي تدفع رواتب للإرهابيين، لتكون صاحبة السيادة في القطاع".

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، انتقد مسؤولون سعوديون سابقون ومؤثرون موالون للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي علناً الفلسطينيين لإهدارهم فرص التوصل إلى حل للصراع، وشاركوا منشورات حادة على وسائل التواصل تقول: "فلسطين ليست قضيتي".

وهذه الأيام تكثر المنشورات التي تقول إن هجوم 7 أكتوبر لم يكن فعالاً لجهة تحقيق هدف الفلسطينيين، وهو إنهاء الاحتلال وتشكيل دولتين داخل حدود عام 1967. 

النظام السعودي يريد أن يرى حماس تضعف أو أن يقضي عليها تماماً إيلي بوده أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية في القدس القضاء على حماس؟

 ويخلص الأستاذ إيلي بوده إلى أن النظام السعودي يريد أن يرى حماس تضعف، هذا إن لم يكن يريد القضاء عليها تماماً، ومن المؤكد أن حقيقة أن مثل هذا التنظيم الصغير تمكن من إذلال المملكة العظيمة ودفعها إلى تعليق التطبيع مع إسرائيل لن يُنسى بالتأكيد. 

اعلان

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، صرح المتحدث باسم البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي أن السعودية لا تزال مهتمة بتوقيع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل بعد انتهاء الحرب. ولذلك يبدو أن السعوديين عازمون على تحقيق خططهم. وبهذه الطريقة، سوف يحوّلون ضربة حماس إلى صفقة، ويردّون الجميل لإيران ووكلائها في المنطقة.

ـــــــــــ

 إيلي بوده أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية في القدس، وهو عضو مجلس إدارة ميتفيم المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية النيجيري أوسيمهن يرفض عرضا مغريا من السعودية شاهد: انطلاق مسيرة لعائلات الرهائن الإسرائيليين من تل أبيب حتى القدس منذ الاتفاق بين الرياض وطهران.. أول لقاء يجمع رئيسي وبن سلمان في السعودية محمد بن سلمان السعودية حركة حماس تطبيع العلاقات علاقات دبلوماسية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلانالاكثر قراءة شاهد: الآلاف يخرجون في مسيرة لدعم الفلسطينيين في كيب تاون تغطية مستمرة: معارك محتدمة حول مستشفيات غزة.. ونتنياهو يتحدث عن صفقة محتملة للإفراج عن الرهائن التغطية مستمرة| أوضاع إنسانية متدهورة في غزة، وتل أبيب تقول إن حماس "فقدت السيطرة" على القطاع مقتل ثمانية عناصر موالين لإيران في الضربات الأميركية في سوريا سوناك يقيل وزيرة الداخلية المثيرة للجدل ويعين ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. لحظة بلحظة| الجيش الإسرائيلي يوقف "تكتيكيا" أنشطته العسكرية في بعض أحياء غزة يعرض الآن Next عاجل. وزير الخارجية الإسرائيلي: غوتيريش "لا يستحق" أن يكون على رأس الأمم المتحدة يعرض الآن Next شاهد: وصول أول طائرة تقل المواطنين الروس الذين تم إجلاؤهم من غزة إلى موسكو يعرض الآن Next عاجل. لماذا أقال القضاء العراقي رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي؟ يعرض الآن Next البرلمان الدنماركي يدرس مشروع قانون يحظر إحراق رموز دينية بما فيها المصحف

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة طوفان الأقصى بنيامين نتنياهو قصف الشرق الأوسط جرائم حرب مظاهرات Themes My EuropeالعالمBusinessرياضةGreenNextسفرثقافةفيديوبرامج Servicesمباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Games Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعونا النشرة الإخبارية Copyright © euronews 2023 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiLoaderSearch أهم الأخبار إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة طوفان الأقصى My Europe العالم Business رياضة Green Next سفر ثقافة فيديو كل البرامج Here we grow: Spain Discover Türkiye Discover Sharjah From Qatar أزمة المناخ Destination Dubai Explore Azerbaijan مباشرالنشرة الإخباريةAll viewsنشرة الأخبارجدول زمني الطقسGames English Français Deutsch Italiano Español Português Русский Türkçe Ελληνικά Magyar فارسی العربية Shqip Română ქართული български Srpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: محمد بن سلمان السعودية حركة حماس تطبيع العلاقات علاقات دبلوماسية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة طوفان الأقصى بنيامين نتنياهو قصف الشرق الأوسط جرائم حرب مظاهرات إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة طوفان الأقصى الصراع الإسرائیلی الفلسطینی المملکة العربیة السعودیة محمد بن سلمان یعرض الآن Next فی قطاع غزة مع إسرائیل ولی العهد حرکة حماس فی عام

إقرأ أيضاً:

السعودية تدين حادثة الدهس التي وقعت بأحد أسواق مدينة ماغديبورغ الألمانية

أعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية حادثة الدهس التي وقعت في سوق بمدينة ماغديبورغ في ألمانيا، ونتج عنه وفاة وإصابة عدد من الأشخاص، معبرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا.

وتؤكد المملكة موقفها في نبذ العنف، كما تعبّر عن تعاطفها وصادق تعازيها لأسر المتوفين ولألمانيا حكومةً وشعبًا، مع تمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.

 

مقالات مشابهة

  • فورين أفيرز: لهذه الأسباب لا تخاف بكين من ترامب
  • السعودية تدين حادثة الدهس التي وقعت بأحد أسواق مدينة ماغديبورغ الألمانية
  • تفاصيل إسرائيلية إضافية بشأن صفقة التبادل.. هذه الثغرات المتبقية
  • تفاصيل إسرائيلية جديدة بشأن صفقة التبادل.. هذه الثغرات المتبقية
  • اما لهذه الجماعة من قاع؟
  • «شعبة السيارات»: ارتفاع الأسعار وارد لهذه الأسباب
  • عمائم إيران ترد على بوتين: لهذه الأسباب لم نقاتل مع بشار الأسد ؟
  • لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ “فلسطين2”
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ الحوثيين
  • رشوان توفيق: كان هناك جزء ثالث من «المال والبنون».. ولم يكتمل لهذه الأسباب