سلطنة عمان تُفعّل مشروع "من أين لك هذا"
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
مسقط- العمانية
أصدر المكتب الوطني للتنافسية النسخة الأولى من التقرير السنوي لتنافسية عُمان 2022 والذي استعرض أداء سلطنة عُمان في خارطة المؤشرات الدولية التي يتابعها المكتب، وذلك بهدف رفع مستوى وعي المجتمع المحلي بالمؤشرات الدولية، ويكون مرجعًا للمؤسسات الحكومية والخاصة وللباحثين المهتمين عن الوضع الراهن لتصنيف سلطنة عُمان في مختلف المجالات مقارنة بدول العالم الأخرى.
وتضمنّ التقرير 4 محاور رئيسة، حيث يقدّم المحور الأول 15 مؤشرًا دوليًّا، وهي من أهم المؤشرات الدولية التي تصدرها منظمات ومؤسسات دولية مختلفة، وتتناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية، ويستعرض هذا المحور نبذة عن هذه المؤشرات، ومنهجيتها المستخدمة في تقييم الدول، والمواقع الإلكترونية الرسمية لها، ومن ثم يستعرض أداء سلطنة عُمان بشكلٍ عام فيها خلال آخر إصدارين لها، حيث غطى التقرير 7 مؤشرات رئيسة مدرجة في وثيقة رؤية عُمان 2040 تم تحليلها ومتابعة الجهات المعنية بتحسينها وتشمل (تقرير التنافسية العالمي، ومؤشر الحرية الاقتصادية، ومؤشرات الحوكمة العالمية، ومؤشر مدركات الفساد، ومؤشر الأداء البيئي، ومؤشر الابتكار العالمي، ومؤشر جاهزية الشبكات)، و8 مؤشرات فرعية تم تحليل أداء السلطنة فيها وإحالة التحليل إلى الجهات ذات الاختصاص. وجاء المحور الثاني ليعطي القارئ صورة أعمق عن أداء سلطنة عُمان في المؤشرات الرئيسة السبعة التي يتابعها المكتب، حيث إنه استعرض نتائج الدول الخمس المتقدمة فيها، ونتائج دول الخليج في ركائزها المختلفة، كما تناول نتائج سلطنة عُمان فيها خلال السنوات الأخيرة من إصداراتها. أما المحور الثالث فقد استعرض أهم الجهود الحكومية خلال العام 2022م، والتي من الممكن أن تسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تحسين تنافسية سلطنة عُمان، إذ إنها جاءت مصنفة على حسب المجال الذي تتناوله المؤشرات على النحو الآتي: مؤشرات بيئة الأعمال والاقتصاد، ومؤشرات الحوكمة والشفافية، ومؤشرات التنمية البشرية، ومؤشرات التقنية والابتكار.
وتمثلت الجهود في مؤشرات بيئة الأعمال والاقتصاد من خلال تفعيل مشروع "من أين لك هذا" لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وإطلاق منصة إجادة للتدوير الوظيفي، واستحداث مديرية عامة تعنى بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في هيئة تنظيم الخدمات العامة تحت مسمى "مديرية الطاقة المستدامة"، كما تمكنت سلطنة عُمان من سداد (3) مليارات ريال عُماني من الديْن العام خلال عام 2022م، لينخفض الديْن العام من 20.8 مليار (نحو 70% من الناتج المحلي) إلى 17.7 (نحو 43% من الناتج المحلي) ومراجعة عدد من رسوم الخدمات الحكومية، حيث بلغ عدد الرسوم المخفضة والملغاة والمدمجة (845) رسمًا من أصل (1647) رسمًا كما أُضيفت (37) خدمة جديدة لتسهيل بيئة الأعمال وجعلها أكثر مرونة.
أما الجهود المبذولة في مؤشرات الحوكمة والشفافية فشملت إعادة هيكلة الجهاز الإداري بهدف تحسين كفاءة الأداء الحكومي وخفض مستوى المديونية للموازنة العامة للدولة، وإصدار عدد من المراسيم السلطانية المتعلقة بالحوكمة منها: إصدار نظام المحافظات، وإصدار نظام جهاز الاستثمار العُماني، وإصدار نظام غرفة تجارة وصناعة عُمان، وتعديل دور مجلس المناقصات، وتنظيم إدارة شؤون القضاء، وإصدار جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة "ملخص المجتمع" للمرة الثانية عن نتائج أعماله بما تضمنه تقريره السنوي لعام 2021 مما يعزز الشفافية والإفصاح، إضافة إلى إطلاق برنامج "إقامة مستثمر" بهدف جلب الاستثمارات النوعية في قطاعات التنويع الاقتصادي والمساهمة في خلق فرص عمل، وإصدار مرسوم سلطاني رقم 10/2023 بتخصيص أراضٍ لأغراض مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وإنشاء محمية المتنزه الوطني الطبيعي في محافظة مسندم، إلى جانب إعلان عام 2050 عامًا للحياد الصفري لسلطنة عُمان، وإعداد مسودة استراتيجية سلطنة عُمان للبيئة، وإطلاق مشروع الهيدروجين الأخضر.
وفيما يتعلق بجهود مؤشرات التقنية والابتكار، فقد تم تدشين البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي يشمل عدة برامج تنفيذية وهي: برنامج التجارة الإلكترونية، وبرنامج الأمن السيبراني، وبرنامج التحول الرقمي الحكومي، وبرنامج قطاع الفضاء، وبرنامج الصناعة الرقمية، وبرنامج البنى الأساسية التقنية، وبرنامج الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وبرنامج التكنو مالية، وكذلك تخفيض رسوم المعاملات المرتبطة بالملكيات الفكرية، وتسهيل إجراءات تسجيل الملكيات الفكرية بالمنظومة الجديدة، كما تم إصدار قانون حماية البيانات الشخصية، وزيادة الدعم المالي المخصص للبحث العلمي والتطوير من قبل القطاع الخاص.
وتناولت جهود مؤشرات التنمية البشرية إطلاق خدمة إلكترونية متخصصة تحت مسمى "مرصد"، تسعى لتوفير بيانات مفصلة لمتخذي القرار حول سوق العمل، والباحثين عن عمل، والطلبة الدارسين في مختلف المؤسسات التعليمية إلى جانب منصة "خطى" من قبل البرنامج الوطني للتشغيل، وهي منصة للإرشاد المهني تربط الباحث عن عمل بأصحاب العمل، وقد تم تخصيص (28) موقعًا لإنشاء مشروعات زراعية وسمكية في مختلف محافظات سلطنة عُمان بقيمة إجمالية بلغت أكثر من (33) مليون ريال عُماني وبمساحة تتجاوز (8) ملايين متر مربع، وتوقيع (3) اتفاقيات لتنمية القطاع السمكي بقيمة تجاوزت (5.7) مليون ريال عُماني .
واختتم التقرير باستعراض وجهات النظر المختلفة للمختصين والمهتمين بالمؤشرات الدولية حول مدى أهمية تحسين تنافسية سلطنة عُمان من خلال تحسين أدائها في المؤشرات الدولية المختلفة، ومدى تأثير ذلك على القضايا السياسية والاجتماعية والبيئية للسلطنة؛ حيث إن رأي المجتمع المحلي يُعد أحد أساليب تقييم الدول في بعض المؤشرات الدولية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موارد عمان يطلق أبحاثًا مبتكرة لاكتشاف النباتات الغذائية والعلاجية
"عمان": يقوم فريق متخصص من مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية (موارد) التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بتنفيذ مهام سنوية لجمع عينات نباتية من مختلف محافظات سلطنة عمان، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذا العمل من حيث صعوبته وخطورته والوقت والجهد الذي يتطلبه، فإن المركز يواصل هذه الجهود لتلبية ستة أهداف رئيسية تهدف إلى تعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي، ودراسة التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، وتحقيق الاستخدام الزراعي والاقتصادي المستدام، والاستجابة للطوارئ البيئية، بالإضافة إلى دعم البحث العلمي والحفاظ على التراث الزراعي والثقافي.
تشمل أولويات مركز "موارد" الحفاظ على النباتات المهددة بالانقراض في سلطنة عمان، نتيجة للتغيرات المناخية أو الأنشطة البشرية. إذ يساعد جمع بذور هذه النباتات على ضمان بقائها وتوفير فرصة لاستزراعها في المستقبل. ومنذ بداية مشروع جمع العينات في عام 2018، حقق المركز إنجازات ملحوظة، حيث نفذ 81 مهمة جمع، وزار231 موقعًا مختلفًا في 50 ولاية، وسجل 352 نوعًا من النباتات البرية. كما تمكن الفريق من جمع 174 مجموعة بذرية، منها 18 مجموعة مهددة بالانقراض، تم إدراجها في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة.
إنجازات ملموسة
خلال السنوات السبع الماضية، تمكن المركز من إدخال بيانات 883 مدخلًا في قاعدة بيانات النباتات البرية، وجارٍ إدخال هذه البيانات في منصة معلومات الموارد الوراثية النباتية. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل 17.623 قراءة للموارد الوراثية النباتية المستهدفة، ما يعكس الجهود المبذولة في تعزيز فهم التنوع البيولوجي المحلي وحمايته.
تستمر هذه المبادرة في دعم جهود سلطنة عمان لتحقيق التوازن بين الحفاظ على البيئة وتعزيز الموارد الطبيعية، مع الاهتمام المستمر بالحفاظ على التراث الزراعي والثقافي.
الظروف المتغيرة
تتعرض النباتات في سلطنة عمان لظروف مناخية قاسية، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى الأنواء المناخية الاستثنائية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة. ومن خلال جمع بذور هذه النباتات، يقوم الباحثون بدراسة خصائصها الوراثية التي تمكّنها من التكيف مع هذه التغيرات البيئية. تساهم هذه المجموعات المدخلة في قاعدة بيانات النباتات البرية في تعزيز التكيف المستدام مع الظروف البيئية المتغيرة، مما يتيح لها البقاء والنمو في بيئات قاسية.
الاستخدام الزراعي والاقتصادي
تسعى سلطنة عمان إلى الاستفادة من النباتات المحلية في العديد من المجالات الزراعية والصناعية، من خلال جمع وحفظ بذورها بهدف تأمين موارد غذائية وطبية واقتصادية مستدامة. كما تعمل على تعزيز استدامة الموارد الطبيعية عبر استزراع النباتات العمانية. وتستهدف مسودة اتفاقية مستقبلية مع شركة تنمية نخيل عمان استزراع بعض النباتات لاستخلاص الزيوت والعناصر القابلة للاستخدام الصناعي، مما يسهم في تعزيز الاستخدام الاقتصادي لهذه النباتات ويعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
الاستجابة للطوارئ البيئية
في حالات الطوارئ البيئية أو الكوارث الطبيعية، يلعب حفظ بذور النباتات دورًا حاسمًا في استعادة الأنواع النباتية المهددة بالانقراض. مع تسجيل 17.623 قراءة للموارد الوراثية النباتية المستهدفة، توفر هذه البيانات إمكانيات استجابة سريعة وفعّالة لاستعادة النباتات في حالات الطوارئ البيئية، مما يعزز قدرة السلطنة على مواجهة التغيرات البيئية المفاجئة وحماية التنوع البيولوجي المحلي.
البحث العلمي
يعد جمع بذور النباتات المحلية المخزنة من الركائز الأساسية للبحث العلمي المستمر في سلطنة عمان، حيث يوفر للمختصين مادة غنية لدراسة خصائص النباتات الوراثية واستخداماتها في مشاريع الاستدامة وتحسين الأنواع الزراعية. كما يسهم هذا البحث في إيجاد حلول مبتكرة للموارد الوراثية النباتية المحلية المستهدفة، مما يعزز من أهمية هذه النباتات في مستقبل الأمن الغذائي والعلاجي.
على سبيل المثال، نشر الفريق البحثي في مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية ورقة علمية حول "استكشاف الإمكانات الغذائية والعلاجية لشجرة الشوع في سلطنة عمان". كما شارك المركز في نشر عدد من الأوراق العلمية الأخرى في مجلات علمية محكمة، مثل ورقة حول استكشاف شجرة العفة البرية (كف مريم، سليخة، زليخة) Vitex agnus-castus L للاستخدامات الصيدلانية، وورقة عن إمكانات نبات البيذمان Boiss Salvia macilenta كمكمل غذائي في عمان، بالإضافة إلى ورقة أخرى حول إمكانات شجرة الشوع peregrina (Forssk) Fiori من الناحية الغذائية والعلاجية. كما تم نشر دراسة عن الخزامى البري (غزغاز) Lavandula subnuda وتركيبها الكيميائي بهدف دراسة استخدامها في التطبيقات الطبية والعطرية.
الحفاظ على التراث
تعتبر بعض النباتات في سلطنة عمان جزءًا لا يتجزأ من التراث الزراعي والثقافي للبلاد، حيث تعد العديد من هذه النباتات فريدة من نوعها ولا توجد في أي مكان آخر في العالم. لذلك، يسعى مركز عمان للموارد الوراثية من خلال جمع وحفظ بذور هذه النباتات إلى الحفاظ على الهُوية الثقافية العمانية. وفي إطار هذه الجهود، يتم تنظيم محاضرات علمية وزيارات ميدانية للمدارس والجامعات لزيادة الوعي حول قيمة هذه النباتات في المجتمع العماني. كما تم تنظيم لقاءات إذاعية وتلفزيونية بالإضافة إلى نشر مقالات في الصحف المحلية لتعريف الجمهور بالمشروع وأهمية الموارد الوراثية النباتية في سلطنة عمان. وقد شارك ممثلو المشروع في تعليم الطلاب عبر الزيارات المباشرة في المناسبات العلمية، كما قدموا محاضرات لطلبة جامعة السلطان قابوس وجامعة نزوى وكلية صحم المهنية.
رؤية المركز المستقبلية
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد بن ناصر اليحيائي، مدير مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية: "العالم من حولنا يتغير بشكل سريع، وهذه التغيرات نتيجة للأنشطة البشرية غير المستدامة التي أثرت وتستمر في التأثير على البيئات الطبيعية وكل الكائنات الحية التي تشكل أساس غذائنا ودوائنا ورفاهيتنا، وبالتالي هي مصدر لبقائنا. لذا، نحن في المركز نقوم بالتعاون مع المؤسسات الوطنية المعنية بحفظ الموارد الوراثية المهددة أو المهمشة، والتوعية بأهمية الحفاظ عليها".
وأضاف اليحيائي: "إذا فقدنا أي كائن حي، سواء بسبب التغيرات المناخية أو التوسع العمراني، فإننا نفقد فرصًا علمية واقتصادية وجمالية لا يمكن تعويضها. كما أن فقدان أي كائن حي يؤثر على النظام البيئي المتوازن الذي تعتمد عليه الطبيعة. ونحن جزء من هذا النظام، وبالتالي فإن أي ضرر يصيب الطبيعة ينعكس في النهاية علينا".
وأكد أن النباتات العمانية تعد موارد وراثية قيمة استخدمها الإنسان عبر العصور، وأن الباحثين في المركز يمتلكون العديد من الأسباب لجمع وحفظ هذه النباتات ودراسة خصائصها لاكتشاف الفرص الاستثمارية الكامنة فيها.