بنيامين فوق الشجرة
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
علي بن سالم كفيتان
من شدة هول ما جرى صبيحة السابع من أكتوبر أطلق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو سيقانه للريح إلى غزة؛ حيث هُزم لواء النخبة من جيشه العتيد ونُكِّل بهم على مرأى ومسمع من الجميع، ونقلت شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم، المشاهد التي تُظهرهم يُساقون كالقطعان على أيدي أبطال المقاومة الفلسطينية، إلى داخل غزة العزة؛ حيث يتم إيداعهم في حسابات الأسرى.
وفي هذه الأثناء، وتلك الهزيمة المنكرة تحزَّم نتنياهو ببضع آلاف من أفراد الاحتياطي الصهيوني وما تبقى من فلول جيشه المُنهار ليغسل خطيئته، في الوقت الذي حاول أصدقاؤه ومخلصوه ثنيهِ عن هذه المغامرة غير المحسوبة، لكنه أبَىَ إلّا أن يهرب من الحساب على ما تسبب فيه هو وحكومته المهلهلة؛ هاربًا إلى الأمام مُتسلقًا الشجرة، حتى وصل قمتها، بينما العالم أجمع بما فيه قومه الصهاينة وحلفاؤه الأمريكان والأوربيون، ينادونه للنزول؛ فسقوطه من أعلى الشجرة سيكون مُميتًا لا محالة.. الجميع الآن مشغولون بإنزال الرجل، بينما هو يرى مصيرين حتميين أمامه: إما مزيد من التوغل في مغامرته وخسارة المزيد من الصهاينة في أزقة وحواري غزة، أو النزول وفقدان مستقبله السياسي ومحاكمته بالتقصير والإهمال في الأمن الوطني لإسرائيل المزعومة. وكما يبدو فإنه لن ينزل من على الشجرة التي صعدها هاربًا من شعبه المصدوم، وهو يُعطي الأوامر من على قمة شجرته وبأعلى صوته... إلى الأمام ...إلى الأمام!!
بعد قرابة 40 يومًا من هذا المشهد، لم يسترد نتنياهو أسيرًا واحدًا، ولم يقتل أي قيادة عليا من حركة حماس؛ فأهدافه المستعجلة التي وضعها وسعى لها وهي محو حركة حماس من الوجود وإرجاع الأسرى الصهاينة لم يتحقق منها شيء؛ بل أصبح يتجرّع الهزيمة تلو الأخرى، ويُطل علينا كل يوم المتحدث باسم الجيش المهزوم بإحصائيات جديدة للنافقين من جيشه؛ ففي كل ليلة تُبلَّغ الأُسر الصهيونية بحالات موتٍ جديدة لأبنائها، وفي الجانب الآخر يُصدر البطل أبو عبيدة بيانه عن حالة الجبهة تفيد بمقتل أسرى الصهاينة بسلاحهم وهم يناشدون الخلاص من الجحيم، في الوقت الذي أصبح فيه العالم يغلي بالمظاهرات المليونية المتصاعدة من مختلف بقاع الدنيا، مُنددين بسلوك عصابات الهاجانا والإرجون الصهيونية تجاه الأطفال والنساء والمدنيين العزل.
المتتبع للوضع يعلم تمامًا أن نتنياهو يعمل ضد ما يزعم ويقدم الكيان الصهيوني بصورة بشعة للعالم ويخسر يوميًا أي تعاطف أو تأييد لكيانه بعد أن دمَّر البنية السكانية في الداخل الإسرائيلي بفرار مئات الآلاف وهروبهم للخارج؛ فإسرائيل الموعودة لم تعد آمنة للشعب اليهودي. ووفق هذه الصورة لا زال بنيامين عالقاً على شجرته منذ السابع من أكتوبر وحتى كتابة هذا المقال.
يسود الارتباك حلفاء نتنياهو وبدأت الأمور تعصف بحكومات غربية وعلى رأسها بريطانيا التي اضطر رئيس وزرائها لتعديل عاجل في حكومته أقال فيه وزيرة الداخلية ليستبدلها بوزير الخارجية ويستعين بخدمات ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الأسبق لملف الخارجية، فإذا كان هذا هو الحال في مطبخ السياسة العالمي؛ فما بالكم بالبقية؟! وأعتقد- ولست جازمًا- أنَّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن سيكون الضحية القادمة؛ كونه تهوَّر في تصريحاته العنصرية وتجرد من عباءته الدبلوماسية في أكثر من مناسبة؛ فالمؤكد أن الديمقراطيين في واشنطن فقدوا حنكة ودهاء هنري كيسنجر في ملف الشرق الأوسط، وهذه الخطوات جميعها تجري وبنيامين ما زال فوق الشجرة، ويأبى النزول ونأمل أن لا ينزل مبكرًا حتى ينهار كيانه بالكامل.
ككاتب رأي في جريدة الرؤية التي أثبتت جرأتها ومصداقيتها في التعامل مع الحدث، لم أتفاجأ بموقف المعاهدين للكيان الصهيوني والمُطبِّعين الجُدد ومن لا زال قابعًا في طابور التطبيع مُنتظرًا دوره متى يحين، فقد كسرت حماس بيضتهم التي يرقدون عليها، ولا شك أنهم في ذهول وحيرة مما حصل لذلك لم أشعر بخيبة أمل من مواقفهم الخجولة وتعاملهم الباهت مع عظم الحدث على من يخطبون ودَّه، ويتزلفون لقربه بقرابين من الدم الفلسطيني الطاهر، المدافع عن أرضه ودينه وعرضه.
وأسجِّل في ختام مقالي لهذا الأسبوع أسمى آيات الفخر والاعتزاز لموقف بلادي المشرف سلطنة عُمان؛ تجاه القضية الفلسطينية وتجاه أحداث غزة الأخيرة، فقد صدح وزير خارجيتها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي بنبرة عالية أن "حماس حركة تحرير وطنية وليست كيانًا إرهابيًا"، واستمر مفتي سلطنة عُمان سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- حفظه الله- يُغرِّد في سماوات العزة والكرامة، فلم يبعْ أبو أفلح دينه بدنياه، ولم يُداهن في الحق لنصرة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. فلله درك من وطن.
***************
نقطة نظام:
تمنيت على العرب أن يكفوا في قممهم عن الدعوة لخيار الدولتين؛ فهو لم يعُد مُتاحًا اليوم، فهناك خيار واحد فقط؛ وهو دولة فلسطين الحرة وعاصمتها القدس الشريف.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: لن نقبل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة
أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أنهم لن يقبلوا بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
وصول 9 أسرى فلسطينيين المفرج عنهم إلى غزة مصر تُدخل 290 شاحنة مُساعدات جديدة لقطاع غزة
وفي إطار آخر، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، مساء اليوم الخميس، بوصول 9 أسرى فلسطينيين جرى الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية بموجب صفقة التبادل بين "حماس" وإسرائيل إلى قطاع غزة.
فيما أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين سيجري ليلًا، حسبما ذكرت قناة "العربية".
وكشف مسؤول إسرائيلي عن صدور أوامر لحافلات الأسرى الفلسطينيين بالعودة للسجون.
وأكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه ينظر بخطورة بالغة للمشاهد التي تابعناها أثناء إطلاق سراح محتجزينا، مطالبا بضمان عدم تكرارها.
وفي وقت سابق، قالت حركة "حماس"، اليوم الخميس، بإنها ستعمل بكل عزيمة حتى إفراغ السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها مستمرة في المساعي دون أن يثنيها شيئ، لتحريرهم بكل الوسائل الممكنة.
وبحسب"روسيا اليوم"، أوضحت حماس، في بيان صحفي بمناسبة خروج دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين، "نُبرِق مجددا إلى شعبنا الفلسطيني المرابط بأسمى معاني الفخر والعزة، بمناسبة خروج دفعة جديدة من أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال الصهيوني، بعد أن أرغمته مقاومتنا الباسلة على فتح زنازينه لهم، وذلك بموجب اتفاق وقف العدوان وتبادل الأسرى.
وأضافت،"إن الاستقبال الحاشد الذي حظي به أسرانا المحررون من قبل جموع شعبنا، رغم محاولات الاحتلال التنكيل بهم وبعوائلهم، هو رسالة واضحة للمحتل بأن قضية الأسرى خط أحمر، وأن إرهابه لن يثني شعبنا عن مواصلة نضاله حتى تحرير جميع الأسرى واستعادة الأرض والمقدسات.
وتابعت، "نعاهد شعبنا العظيم بأننا لن نتخلى عن أسرانا، وسنبقى نعمل بكل جهد وعزيمة حتى تُفرَغ سجون الاحتلال من جميع أسرانا الأبطال، ولن يثنينا تهديد العدو أو بطشه عن الاستمرار في مساعينا لتحريرهم بكل الوسائل الممكنة.
وفي وقت سابق من مساء اليوم الخميس نشرت وسائل إعلام فلسطينية، مشاهد توثق اللحظات الأولى للقاء الدفعة الجديدة من الأسرى الفلسطينيين المحررين بعائلاتهم في بلدة بيتونيا غربي رام الله، بموجب صفقة التبادل بين إسرائيل و"حماس".
وأفاد الإعلام الفلسطيني بأن القوات الإسرائيلية منعت عددا من عائلات الأسرى المحررين الذين تم إبعادهم من السفر للقاء أبنائهم.
وأطلق الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز تجاه عشرات الفلسطينيين خلال استقبالهم للأسرى الذين تم الإفراج عنهم من سجن عوفر.
وشدد الجيش الإسرائيلي إجراءاته القمعية في الضفة الغربية مع موعد الإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.