جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-28@14:27:09 GMT

بنيامين فوق الشجرة

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

بنيامين فوق الشجرة

 

علي بن سالم كفيتان

من شدة هول ما جرى صبيحة السابع من أكتوبر أطلق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو سيقانه للريح إلى غزة؛ حيث هُزم لواء النخبة من جيشه العتيد ونُكِّل بهم على مرأى ومسمع من الجميع، ونقلت شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم، المشاهد التي تُظهرهم يُساقون كالقطعان على أيدي أبطال المقاومة الفلسطينية، إلى داخل غزة العزة؛ حيث يتم إيداعهم في حسابات الأسرى.

وفي هذه الأثناء، وتلك الهزيمة المنكرة تحزَّم نتنياهو ببضع آلاف من أفراد الاحتياطي الصهيوني وما تبقى من فلول جيشه المُنهار ليغسل خطيئته، في الوقت الذي حاول أصدقاؤه ومخلصوه ثنيهِ عن هذه المغامرة غير المحسوبة، لكنه أبَىَ إلّا أن يهرب من الحساب على ما تسبب فيه هو وحكومته المهلهلة؛ هاربًا إلى الأمام مُتسلقًا الشجرة، حتى وصل قمتها، بينما العالم أجمع بما فيه قومه الصهاينة وحلفاؤه الأمريكان والأوربيون، ينادونه للنزول؛ فسقوطه من أعلى الشجرة سيكون مُميتًا لا محالة.. الجميع الآن مشغولون بإنزال الرجل، بينما هو يرى مصيرين حتميين أمامه: إما مزيد من التوغل في مغامرته وخسارة المزيد من الصهاينة في أزقة وحواري غزة، أو النزول وفقدان مستقبله السياسي ومحاكمته بالتقصير والإهمال في الأمن الوطني لإسرائيل المزعومة. وكما يبدو فإنه لن ينزل من على الشجرة التي صعدها هاربًا من شعبه المصدوم، وهو يُعطي الأوامر من على قمة شجرته وبأعلى صوته... إلى الأمام ...إلى الأمام!!

بعد قرابة 40 يومًا من هذا المشهد، لم يسترد نتنياهو أسيرًا واحدًا، ولم يقتل أي قيادة عليا من حركة حماس؛ فأهدافه المستعجلة التي وضعها وسعى لها وهي محو حركة حماس من الوجود وإرجاع الأسرى الصهاينة لم يتحقق منها شيء؛ بل أصبح يتجرّع الهزيمة تلو الأخرى، ويُطل علينا كل يوم المتحدث باسم الجيش المهزوم بإحصائيات جديدة للنافقين من جيشه؛ ففي كل ليلة تُبلَّغ الأُسر الصهيونية بحالات موتٍ جديدة لأبنائها، وفي الجانب الآخر يُصدر البطل أبو عبيدة بيانه عن حالة الجبهة تفيد بمقتل أسرى الصهاينة بسلاحهم وهم يناشدون الخلاص من الجحيم، في الوقت الذي أصبح فيه العالم يغلي بالمظاهرات المليونية المتصاعدة من مختلف بقاع الدنيا، مُنددين بسلوك عصابات الهاجانا والإرجون الصهيونية تجاه الأطفال والنساء والمدنيين العزل.

المتتبع للوضع يعلم تمامًا أن نتنياهو يعمل ضد ما يزعم ويقدم الكيان الصهيوني بصورة بشعة للعالم ويخسر يوميًا أي تعاطف أو تأييد لكيانه بعد أن دمَّر البنية السكانية في الداخل الإسرائيلي بفرار مئات الآلاف وهروبهم للخارج؛ فإسرائيل الموعودة لم تعد آمنة للشعب اليهودي. ووفق هذه الصورة لا زال بنيامين عالقاً على شجرته منذ السابع من أكتوبر وحتى كتابة هذا المقال.

يسود الارتباك حلفاء نتنياهو وبدأت الأمور تعصف بحكومات غربية وعلى رأسها بريطانيا التي اضطر رئيس وزرائها لتعديل عاجل في حكومته أقال فيه وزيرة الداخلية ليستبدلها بوزير الخارجية ويستعين بخدمات ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الأسبق لملف الخارجية، فإذا كان هذا هو الحال في مطبخ السياسة العالمي؛ فما بالكم بالبقية؟! وأعتقد- ولست جازمًا- أنَّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن سيكون الضحية القادمة؛ كونه تهوَّر في تصريحاته العنصرية وتجرد من عباءته الدبلوماسية في أكثر من مناسبة؛ فالمؤكد أن الديمقراطيين في واشنطن فقدوا حنكة ودهاء هنري كيسنجر في ملف الشرق الأوسط، وهذه الخطوات جميعها تجري وبنيامين ما زال فوق الشجرة، ويأبى النزول ونأمل أن لا ينزل مبكرًا حتى ينهار كيانه بالكامل.

ككاتب رأي في جريدة الرؤية التي أثبتت جرأتها ومصداقيتها في التعامل مع الحدث، لم أتفاجأ بموقف المعاهدين للكيان الصهيوني والمُطبِّعين الجُدد ومن لا زال قابعًا في طابور التطبيع مُنتظرًا دوره متى يحين، فقد كسرت حماس بيضتهم التي يرقدون عليها، ولا شك أنهم في ذهول وحيرة مما حصل لذلك لم أشعر بخيبة أمل من مواقفهم الخجولة وتعاملهم الباهت مع عظم الحدث على من يخطبون ودَّه، ويتزلفون لقربه بقرابين من الدم الفلسطيني الطاهر، المدافع عن أرضه ودينه وعرضه.

وأسجِّل في ختام مقالي لهذا الأسبوع أسمى آيات الفخر والاعتزاز لموقف بلادي المشرف سلطنة عُمان؛ تجاه القضية الفلسطينية وتجاه أحداث غزة الأخيرة، فقد صدح وزير خارجيتها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي بنبرة عالية أن "حماس حركة تحرير وطنية وليست كيانًا إرهابيًا"، واستمر مفتي سلطنة عُمان سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي- حفظه الله- يُغرِّد في سماوات العزة والكرامة، فلم يبعْ أبو أفلح دينه بدنياه، ولم يُداهن في الحق لنصرة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. فلله درك من وطن.

***************

نقطة نظام:

تمنيت على العرب أن يكفوا في قممهم عن الدعوة لخيار الدولتين؛ فهو لم يعُد مُتاحًا اليوم، فهناك خيار واحد فقط؛ وهو دولة فلسطين الحرة وعاصمتها القدس الشريف.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يلمح لأول "خلاف" مع هاريس

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، إن تعليقات نائبة الرئيس الأميركي التي ستخوض انتخابات الرئاسة كامالا هاريس بشأن الوضع الإنساني في غزة قد "تعرقل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن".

ونقلت صحيفة "يديعوت إحرنوت"، عن مصدر دبلوماسي بارز، قوله إن "إمكانية التوصل لاتفاق قد تتعرقل في حال ترجمت حماس تعليقات هاريس على أنها خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

ماذا قالت هاريس؟

عبّرت المرشحة الديمقراطية المحتملة لانتخابات الرئاسة الأميركية لنتنياهو خلال اجتماعها به في واشنطن، الخميس، عن "قلقها العميق" إزاء عدد الضحايا في قطاع غزة، وناشدته إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقالت هاريس أمام الصحفيين: "لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذه المآسي. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نصبح مخدَّرين تجاه المعاناة. لن أصمت".

وإثر لقائها نتنياهو، شددت هاريس على أن الوقت حان لوضع حد للحرب "المدمرة" المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من 9 أشهر.

لكن مراجعة التصريحات التي أدلت بها هاريس تظهر أنها لا تختلف عن التصريحات التي أدلى بها الرئيس جو بايدن وسلفه المرشح الجمهوري دونالد ترامب منذ بداية الحرب، التي طالبت أيضا بضرورة وضع حد لمأساة قطاع غزة.

ونقلت "يديعوت إحرنوت"، عن مصادر مطلعة قولها إن "فريق التفاوض قلق من مطالب نتنياهو التي قد تؤدي إلى إفشال العملية، ويعتقد أنه إذا تشدد رئيس الوزراء في موقفه فإن حركة حماس ستستسلم، لكنه يخوض مقامرة خطيرة بحياة الرهائن".

ويعاني نتنياهو من ضغوط متزايدة جلها يأتي من أهالي الرهائن، الذين يرون بمطالبه المتشددة في ملف وقف إطلاق النار سببا لتعريض حياة المحتجزين للخطر.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يصل مطار "بن جوريون" بعد قطع زيارته لأمريكا
  • اليمن المقاوم
  • نتنياهو يلمح لأول "خلاف" مع هاريس
  • إسرائيل غاضبة من تصريحات كامالا هاريس بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • بايدن لنتنياهو: يجب إبرام اتفاق بشأن غزة في أسرع وقت ممكن
  • احتفاء الكونغرس بالسفاح نتنياهو والقتلة الصهاينة يُثبت أن أمريكا راعية الإرهاب
  • اعلام العدو :العدو الصهيوني يطالب حماس بأسماء “المختطفين” الأحياء
  • حماس: كان الأولى اعتقال نتنياهو كمجرم حرب
  • ماذا قال «ترامب» عن حرب غزة والاحتلال قبل مقابلة بنيامين نتنياهو؟
  • تعليقاً على استقبال نتنياهو بأمريكا..طهران: جزار أطفال فلسطين يعود لأحضان داعميه