غزة- بعد أن نجحت في الفرار من بين "أنياب الموت" بمدينة غزة، تُواجه الأم الغزية آية حَبّوب، تحديا جديدا، يتمثل بحماية رضيعتها "تيا" البالغة من العمر أسبوعا واحدا من البرد، وأمطار فصل الشتاء.

في خيمة تضم 19 شخصا، أُقيمت في باحة مستشفى شهداء الأقصى، بمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، تقول الأم الشابة، إن رضيعتها تعاني من "الرشح"، والبرد، معربة عن قلقها الشديد من المصير الذي ينتظرهم خلال فصل الشتاء القادم.

وتقول حبّوب -للجزيرة نت- إنها نجت بأعجوبة من الموت، هي ورضيعتها في حي النصر بمدينة غزة، حيث حاصرتهم الدبابات الإسرائيلية لمدة 4 أيام، بدون ماء ولا طعام، ولا أي مقومات للحياة لها ولطفلتها.

وهطلت صباح اليوم الثلاثاء أمطار غزيرة على قطاع غزة، مصحوبة برياح شديدة، مما فاقم معاناة مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين الذين فروا من مناطقهم جراء المجازر الوحشية التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

آية حبّوب وطفلتها الرضيعة "تِيا" (الجزيرة)  لا مساعدات

دفع الخوف على الرضيعة من الأمطار، عائلة حبّوب إلى تخبئتها في إحدى السيارات الموجودة في المكان. تقول أم الرضيعة "هربنا مشيا على الأقدام، وكان الطريق مرعبا وصعبا جدا، وحين وصلنا فاجأتنا الأمطار والبرد الشديد بالخيمة، فأصيبت طفلتي بالرشح".

وتضيف الأم أن المطر أثر على الصغيرة كثيرا، مشيرة لبعض البثور المنتشرة على وجه المولودة، والتي تسبب فيها الغاز الذي رشه الجيش الإسرائيلي في غزة، بحسب تفسيرها.

وذكرت حبوب أن الخيمة تفتقد إلى الفراش والأغطية الكافية للأفراد الموجودين فيها والبالغ عددهم 19 شخصا. وتؤكد أم الرضيعة في الحديث ذاته أنها -رغم معاناتها ورضيعتها- لم تحصل على أي مساعدات من أي جهة، تُعينها على مواجهة الظروف القاسية.

وتضيف مشيرة إلى طفلتها "هذه الرضيعة تحتاج إلى ملابس وأغطية وحفاضات وأدوية، لكن لا أحد يساعدنا، تعبنا من الخيمة، ونريد أن تنتهي الحرب، ونعود إلى بيوتنا".

برد وريح ومطر 

وفي أقصى غرب باحة المستشفى، نصبت عائلة بشير أبو عرمانة خيمة بسيطة، لكن الأمطار والرياح تسببت في سقوطها، وغرق الفراش القليل الموجود فيها.

بشير أبو عرمانة يصلح خيمته بعد أن تسببت الرياح والأمطار بسقوطها (الجزيرة)

وبينما كان أبو عرمانة يحاول برفقة بعض رجال عائلته، إصلاح الخيمة، التي سقطت بسبب الريح والمطر، قال للجزيرة نت "في هذه الخيمة يعيش 34 شخصا، نحاول ترميمها لأنها تؤوي النساء والأطفال، أما نحن الرجال، فننام في العراء بالخارج".

ويروي أبو عرمانة  كيف فرّ من حي الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة، بسبب الغارات الإسرائيلية والتي تسببت بتدمير منزله.

أطفال في العراء

ويعاني سكان الخيم من قلة الفراش والأغطية، إذ يقول أبو عرمانة إن الكبار يخلعون ملابسهم، ويستخدمونها لتدفئة الصغار. ويلفت إلى أنهم لم يحصلوا على أي مساعدات من أي مؤسسات، أو من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا). ويستدرك قائلا، إن بعض الأفراد من "أهل الخير"، قدموا له بعض المساعدات بغرض نصب الخيمة، بالإضافة إلى بعض الطعام.

ويضيف النازح الغزي "نحن في وضع صعب، لا يوجد طعام ولا ماء، بالأمس أولادنا تناولوا وجبة الإفطار بعد العصر".

وبالقرب من خيمة أبو عرمانة، كانت الطفلة سماح جلّو البالغة من العمر 11 سنة تراقب المشهد بصمت، قبل أن تتدخل بالقول "المطر دخل علينا الخيمة.. الماء نزل من النايلون (سقف الخيمة) وغرّق الفراش".

وتضيف للجزيرة نت "تبهدلنا من المطر، في الليل نبرد كثيرا، ولا يوجد فراش كاف ولا أغطية كافية، أخشى قدوم فصل الشتاء… ننام، وفجأة تمطر علينا".

الطفلة سماح جلّو تتحدث حول معاناتها وذويها النازحين من آثار البرد والشتاء (الجزيرة)

ويزيد المطر من معاناة شاكر ضاهر، الذي كان يطهو الخبز لأسرته على الحطب، أمام خيمته، يقول للجزيرة نت "هربنا من القصف في تل الزعتر (بمحافظة الشمال)، وهنا نعاني من المطر والعواصف وقلة الطعام والشراب".

شح الدواء

يقول شاكر ضاهر "لدينا مشاكل كثيرة، نبحث عن الطعام والدقيق والحطب كي نخبز عليه، ناهيك عن مشكلة البحث عن الماء… والآن لدينا مشكلة المطر والريح يتسبب بطيران النايلون والأقمشة". ولفت إلى أن أرضية الخيمة تحوّلت بسبب الأمطار إلى "وحل"، وأغرقت الفراش.

وشكا المتحدث ذاته من قلة المساعدات الواردة من أي جهة كانت، مضيفا "ننام على الحصير، لأنه لا توجد أفرشة، حصلنا على 4 بطانيات من بعض أهل الخير (أفراد وليس مؤسسات)". ويتابع "نحن الكبار نبرُد بشدة، فما بالك بالصغار؟".

وذكر ضاهر أن جميع أطفاله أصيبوا بأمراض لها علاقة بالبرد، مثل الإسهال والمغص، مشيرا إلى عدم وجود أدوية لعلاجهم. وتعاني الصيدليات والمستشفيات الحكومية من نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية جراء الحصار الإسرائيلي الكامل.

 

 

 

شاكر ضاهر يطهو الخبز أمام خيمته ويقول إن المطر والشتاء يزيد من المشاكل التي تواجه النازحين (الجزيرة)

 

قصف ورعد 

بادرت ابنة ضاهر، وتدعى "ديما" إلى الحديث، شارحة ما جرى معهم صباح اليوم، قائلة " كان أبي نائما حين فجأنا المطر، فقام أبي كي يصلح الخيمة، وذهب للسوق واشترى مسامير ونايلون".

وتتدخل شقيقتها "لينا" قائلة "الريح شديد، وبردنا كثيرا ولم نجد مكانا نتدفأ فيه… نبرد في الليل كثيرا، لا توجد أغطية كافية ولا ننام في الليل بسبب صوت القصف والرعد وأصوات الطائرات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

تجدد النزوح في غزة.. آلاف الفلسطينيين يفرون جنوبا تحت القصف

على امتداد الطريق الساحلي المعروف بطريق الرشيد، في قطاع غزة، شوهدت موجات جديدة من النزوح في مشهد مألوف يتكرر منذ بدء الحرب على غزة، حيث اضطرت مئات العائلات الفلسطينية إلى الفرار نحو الجنوب، تحت وقع قصف جوي ومدفعي مكثف استهدف عدة مناطق في شمال ووسط القطاع.

آلاف الفلسطينيين يفرون مجددًا من شمال غزة باتجاه الجنوب هربا من القصف المتواصل (الفرنسية)

ويأتي هذا النزوح المتجدد في ظل تصعيد عسكري جديد على غزة المحاصرة، شمل سلسلة غارات عنيفة استهدفت إسرائيل فيها، أحياء سكنية ومنازل مدنيين، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، ودفع السكان للفرار بحثا عن مأوى أكثر أمنا، في ظل غياب ضمانات للحماية أو المأوى.

الغارات الإسرائيلية تستهدف مناطق مأهولة، ما يدفع السكان لإخلاء منازلهم (الفرنسية)

ونقل الفلسطينيون ما تبقى لهم من أمتعة فوق عربات خشبية، فيما اكتفى آخرون بحقائب على الظهر، حاملين معهم الأطفال والقلق، وسط طقس حار وقصف يسمع على مقربة من الطريق.

العائلات تحمل ما تبقى من أمتعتها وتسير على الأقدام تحت حرارة الشمس بحثا عن مأوى جديد (الفرنسية)

وفاقمت موجات النزوح الأخيرة الأزمة، خاصة مع ضعف الإمكانات، وغياب الأماكن المؤهلة للاستيعاب في مناطق الجنوب، حيث تضم أعدادا ضخمة من النازحين المقيمين في مدارس الأونروا والمراكز الصحية والطرقات العامة.

الأمم المتحدة تحذّر من انهيار كامل للوضع الإنساني في قطاع غزة (الفرنسية)

وفي النصيرات ودير البلح وخان يونس ورفح، وصلت أعداد النازحين إلى مستويات غير مسبوقة، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، وانعدام الخدمات الطبية، لا سيما مع تضرر عدد من المراكز الصحية وخروجها عن الخدمة.

الأطفال والنساء وكبار السن يشكلون النسبة الكبرى من النازحين الجدد (الفرنسية)

وتحذّر منظمات إغاثية من أن الوضع الإنساني جنوب القطاع بلغ مرحلة "الانهيار الكامل"، في ظل انعدام القدرة على تلبية الحاجات الأساسية، وانتشار الأمراض، لا سيما بين الأطفال وكبار السن، مع غياب أي بوادر فعلية على دخول مساعدات كافية أو فتح ممرات آمنة للمدنيين.

النزوح داخل غزة بات متكررا نتيجة القصف المستمر وتوسع رقعة الاستهداف (الفرنسية)

"لا مكان آمن في غزة" لم تعد عبارة إنشائية، بل توصيف دقيق لحال المدنيين المحاصرين تحت القصف، والعالقين في رقعة جغرافية صغيرة لا يجدون فيها مفرا من الموت أو التشريد.

مقالات مشابهة

  • روڤ للفنادق تعلن عن افتتاح فندق روڤ جزيرة المرجان في رأس الخيمة
  • جناح جو شرطة رأس الخيمة ينفذ 38 طلعة منذ بداية العام
  • توقيع اتفاقية بين حكومتي رأس الخيمة وموسكو
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في مجزرة حي الشجاعية إلى 29
  • بالصور.. غزة تحت الأنقاض
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة لـ50,846 شهيدا و115,729 إصابة
  • صحة غزة : قوات الاحتلال تقصف حي الشجاعية بصواريخ ضخمة
  • تجدد النزوح في غزة.. آلاف الفلسطينيين يفرون جنوبا تحت القصف
  • الأرصاد .. ارتفاع حاد يليه انخفاض ملموس على درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة
  • المسند يوضح أيهما أنفع المطر في أول الموسم أم في آخره