أطباء غزة تحت القصف.. صناديد يصنعون ملحمة بطولية
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
على مدار 39 يوما من الحرب الإسرائيلية الوحشية المتواصلة على قطاع غزة والتي طالت المستشفيات دون تمييز، سطر الأطباء في غزة ملحمة بطولية تاريخية ظهرت في إصرارهم على البقاء في أماكن عملهم واستشهاد بعضهم.
وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل، قصة الطبيب الشاب همام اللوح طبيب الكلى الوحيد في مستشفيي "الشفاء" و"شهداء الأقصى"، والذي استشهد فجر أمس الاثنين في غارة إسرائيلية استهدفت منزله بغزة.
وتداول ناشطون آخر رسالة للطبيب قبل استشهاده عندما سألته الصحفية الأميركية المعروفة إيمي غودمان عن سبب عدم مغادرته المستشفى إلى مكان آمن في الجنوب، فكان رده: "إذا غادرت من سيعالج المرضى؟ إنهم بشر يستحقون الرعاية الصحية وليسوا حيوانات".
وأضاف اللوح: "هل تعتقدين أنني درست الطب لأكثر من 14 عاما لأفكر في حياتي وأترك المرضى؟".
والأحد الماضي استشهد طبيبان، وأصيب نازحون جراء قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى مهدي للولادة غربي قطاع غزة. فقد استشهد الطبيبان باسل ورائد مهدي وهما على رأس عملهما.
وقبل استشهاده بثلاثة أيام، ترك الطبيب باسل مهدي رسالة عبر حسابه بفيسبوك، قال فيها: "ما في حدا راح يموت ناقص عمر.. بس في ناس راح تموت ناقصة كرامة.. ناقصة إنسانية.. ناقصة مبدأ.. خبتم وخابت عروبتكم ولا حياكم الله ولا سامحكم".
أما الطبيب مدحت صيدم فقضى جميع أيامه في المستشفى يداوي الجرحى والمصابين، وعندما قرر العودة إلى أسرته لقضاء بعض الوقت معهم ليطمئن عليهم، كان الموت ينتظره هو وكل أفراد أسرته، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي منزلهم الذي يقع قرب المستشفى.
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فوجئ الطبيب الصيدلي إياد شقورة (42 عاما) الذي يعمل وقت الحرب في غرفة الطوارئ، بوصول جثث أطفاله وأمه وأقاربه إلى المستشفى.
وقُتلت عائلة شقورة إثر غارة إسرائيلية أصابت منزلا في خان يونس جنوب قطاع غزة الذي تقصفه إسرائيل بلا هوادة منذ 39 يوما.
"الحمد لله.. الحمد لله"..
كان على رأس عمله.. هكذا استقبل الطبيب الفلسطيني "إياد شقورة" جثامين أطفاله الشهداء الذين ارتقوا بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي المنزل على رؤوسهم في خانيونس جنوب قطاع غزة pic.twitter.com/Juue3E3xxs
— رضوان الأخرس (@rdooan) November 6, 2023
وبدأ الطبيب بتعداد أسماء أصحاب الجثامين واحدا تلو آخر: "في هذه الضربة فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخواي محمود وحسين شقورة، وأختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل، وفقدت ابناي فلذتا كبدي عبد الرحمن (7 سنوات) وعمر (5 سنوات)".
وفي مشهد آخر من صمود أطباء غزة أظهره مقطع فيديو نشره الطبيب الفلسطيني في مجمع الشفاء محمد سمير زيارة على إنستغرام وهو يأكل الخبز، قائلا: "والله زمان عن طعم الخبز".
وكتب الطبيب في النص المرفق بالفيديو: "وصلنا خبز مش عارفين من قدّمه لنا، والله ما عرفنا من وين حتى الآن، بس واضح إنه مخبوز داخل المستشفى".
View this post on InstagramA post shared by M O H A M E D S. Z I A R A (@dr.mohamed.palestine)
وفي ظل انقطاع الكهرباء والوقود عن المستشفيات، لجأ الأطباء لإجراء العمليات الجراحية للمصابين على ضوء الهاتف المحمول، كما أظهرت المشاهد المنتشرة على منصات التواصل.
???????????????? Surgery in the dark. The reality of hospitals for Palestinians with no electricity or fuel.
???????? Israel has turned Gaza into a concentration camp.
Follow @thebarrackslive (source) pic.twitter.com/JA8x8wCPfW
— Jackson Hinkle ???????? (@jacksonhinklle) October 21, 2023
وحظي صمود الأطباء في مستشفيات غزة بإشادات عالمية واسعة من بينها إشادة من الطبيب النرويجي الشهير مادس غيلبيرت الذي أعرب عن فخره بأداء الطواقم الطبية في غزة حيث وصفهم بـ"الشجعان الذين لا يعرفون الاستسلام".
واستعان الطبيب غيلبيرت الذي كان متطوعا للعمل في غزة خلال الـ16 عاما الماضية بفيديو من داخل إحدى المستشفيات لعلاج طفلة مصابة بحروق جراء العدوان الإسرائيلي وهي تتلقى علاجا بأقل الإمكانيات.
ودوّن غيلبيرت على الفيديو: "غزة لا تستسلم، زملائي الشجعان في مستشفى جنوب غزة يعالجون الأطفال المحروقين بما لديهم مثل المراوح اليدوية لتسكين الألم، لا تتوفر مسكنات للألم بسبب الحصار الإسرائيلي القاسي والشامل على غزة، لكن شعب غزة الشجاع لا يستسلم ولا ينبغي لنا أن نفعل ذلك".
GAZA NOT GIVING UP:
My brave colleagues in hospital in south Gaza treating burnt children with what they have – and ‘manual fans’ to soothe the pain. No painkillers available thanks to the crippling cruel total Israeli siege of Gaza. But the brave people of Gaza don’t give up -… pic.twitter.com/KyLXB0817r
— Dr. Mads Gilbert (@DrMadsGilbert) November 13, 2023
ومادس غيلبرت طبيب نرويجي وناشط عالمي في العمل التضامني، ذاع صيته بعد أن ركز بجميع وسائل الإعلام على دحض روايات الاحتلال عن وجود أنفاق للمقاومة الفلسطينية تحت مجمع الشفاء وتوبيخ المنظمات الأممية لفشلها في إنقاذ أهالي غزة من أهوال الحرب.
وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، نشر طالب الطب وسفير النوايا الحسنة لدى الاتحاد الأوروبي عز الدين لولو، فيديو عبر حسابه على إنستغرام، يؤكد صمود الأطباء داخل مستشفى الشفاء بشمال غزة رغم استمرار قصف نقاط في المجمع الطبي.
وقال لولو: "من المحتمل أن تقصف المشفى بالكامل خلال ساعات، لكن لن نخرج إلا منتصرين أو شهداء، فنحن نخدم آلاف المرضى والنازحين داخل مجمع الشفاء ولن نتخلى عنهم، سامحونا".
View this post on InstagramA post shared by Ezz Lulu | عز الدين لولو (@ezz.lulu)
وقالت منظمة الصحة العالمية اليوم الثلاثاء، إن أكثر من نصف المستشفيات في قطاع غزة خارجة عن الخدمة بسبب شح الوقود والهجمات الإسرائيلية والبيئة غير الآمنة.
وأوضحت في بيان، أن 22 مستشفى من أصل 36 في غزة خرجت عن الخدمة، وأن المتبقي منها لا تتوفر فيها المستلزمات الطبية لمواصلة العمليات الجراحية الحرجة وتوفير العناية المركزة.
ومنذ 39 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و240 شهيدا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا، و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70% منهم من الأطفال والنساء.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ألفييري: البابا يستجيب للعلاج لكنه لم يخرج بعد من دائرة الخطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفاد تحديث صادر عن دار الصحافة الفاتيكانية في ٢٢ فبراير بأن "البابا فرنسيس قد نام جيدًا"، وأوضح الأطباء، خلال مؤتمر صحفي عُقد أمس في مستشفى جيميلي، أن البابا يستجيب للعلاجات المكثفة، إلا أن “أي اضطراب بسيط جدًا قد يؤدي إلى اختلال الوضع”، وقد طمأن الدكتور كاربوني بأن قلب البابا قوي.
فشهد مساء أمس الجمعة مؤتمر صحفي بعد مرور أسبوع على دخول البابا إلى مستشفى جيميلي، حيث تم دحض جميع الأخبار الزائفة التي تداولتها بعض وسائل الإعلام حول حالته الصحية. وقد تم التأكيد بوضوح على أن جميع البيانات الصادرة حتى الآن عن دار الصحافة الفاتيكانية أُعدّت بالتنسيق مع الأطباء المشرفين على علاج البابا، ولم يتم إخفاء أي معلومات، لأن هذه هي رغبة البابا فرنسيس نفسه.
وشارك في المؤتمر البروفيسور سيرجيو ألفييري، مدير قسم الجراحة الطبية في المستشفى والمسؤول عن الفريق الطبي في جيميلي، والدكتور لويجي كاربوني، نائب مدير إدارة الصحة والنظافة في دولة حاضرة الفاتيكان والطبيب المشرف على البابا. وقد شدّد المتحدثون على التعاون الوثيق بين مختلف الفرق الطبية للعناية بالبابا. كما أشاد أطباء المستشفى بالممرض ماسيميليانو سترابّيتي، واصفين إياه بأنه "شخص استثنائي يعتني بالبابا منذ سنوات عديدة".
وقال ألفييري: "لقد تم علاج البابا من عدوى وضيق تنفس في المنزل، كما هو الحال مع أي مريض يبلغ من العمر ٨٨ عامًا يعاني من الإنفلونزا في هذا الموسم" وأوضح أيضًا أن البابا لطالما أراد أن تُقال الحقيقة بشأن وضعه الصحي، مضيفًا: "لنضع حدًا لأي شكوك أو غموض: كل ما قرأتموه هو الحقيقة". وأشار الطبيب إلى أن البابا يعاني من مرض مزمن يتمثل في توسّع القصبات الهوائية مصحوبًا بالتهاب الشعب الهوائية الربوي، وهو ما قد يؤدي إلى نوبات حادة بين الحين والآخر. وأوضح أن هذه الحالة تجعله بطبيعته مريضًا هشًّا في هذا العمر. وأضاف أن الفحوصات كشفت عن وجود ميكروبات في الرئتين، تشمل فيروسات وفطريات وبكتيريا، وأن الأمراض المزمنة لا تُشفى تمامًا بل يمكن السيطرة عليها. كما أكّد الأطباء أن البابا خضع منذ البداية لعلاج مناسب وفعّال، لكن تم اللجوء الآن إلى الكورتيزون، الذي يُضعف المناعة ويرفع نسبة السكر في الدم، مما قد يؤدي إلى مزيد من الالتهابات.
وأوضحوا أن إدارة العلاج هي عملية معقدة تتطلب تعديل الأدوية بحذر، ولهذا، عند سؤاله عما إذا كان البابا قد خرج من دائرة الخطر، أجاب ألفييري: "لا".
وأضاف الطبيب أن الفحوصات الصباحية أظهرت تحسّنًا في حالته، قائلاً: "مقارنة بوضعه عند وصوله إلى المستشفى، هو الآن في حالٍ أفضل بكثير، لكن الوضع قد يتغير".
كما أكد الدكتور كاربوني أن البابا يستجيب للعلاج، الذي لم يُغيَّر بل تم تعزيزه، إلا أن أي تغيير طفيف قد يخلّ بالتوازن. وشدّد على أن "قلب البابا قوي"، مضيفًا: "عندما نقول إنه مريض هشّ، فإننا في الوقت ذاته نشير إلى أنه مريض قوي للغاية، ويحظى برعاية دقيقة".
وأردف “ألفييري” أن البابا يعاني أحيانًا من ضيق في التنفس، وهي حالة غير مريحة. لكنه أشار مازحًا إلى أن "عقله لا يزال كعقل شخص في الستين"، في إشارة إلى شخصيته النشطة وحبه الكبير للكنيسة، إذ إنه لا يتوقف عن العمل، يقرأ، يوقّع الوثائق، ويدلي بتعليقات طريفة. وأضاف أنه، رغم وضعه الصحي، لم يتوقف عن تقديم الأولوية للكنيسة، لكنه في الوقت عينه تلقّى علاجه بهدوء في مقر إقامته في سانتا مارتا.
ستستمر فترة الإقامة في المستشفى للمدة اللازمة، أي حتى لا يعود هناك حاجة لتلقي علاجات داخل المستشفى. وبالتالي، لن تكون مجرد أسبوع واحد، كما أوضح ألفييري مجددًا، مشددًا على أن الالتهاب الرئوي يتطلب عادة وقتًا طويلاً للتعافي: "على الأقل طوال الأسبوع المقبل. يجب أن يخرج عندما يكون بحالة جيدة!".
وبناءً على نصيحة الطاقم الطبي، لا يلتقي البابا بأي شخص من خارج المستشفى خلال فترة علاجه، باستثناء اثنين أو ثلاثة من أقرب معاونيه. كما أنه لا يخضع لأي أجهزة طبية، بل هو يتنفس بشكل طبيعي، ويتناول الطعام. وتم التأكيد على أن الأب الأقدس يحافظ على معنوياته الجيدة وليس طريح الفراش. كما تمّت مشاركة موقف طريف حدث عند دخول الطبيب إلى الشقة البابوية، حيث قال له البابا: "صباح الخير أيها الأب الأقدس"، فردّ الطبيب مبتسمًا: "صباح الخير أيها الابن القديس".
وخلال المؤتمر الصحفي، تمّت الإشادة بالطاقم التمريضي، كما تمّ التذكير بمساهمات الأطباء المختصين في الأمراض المعدية، وعلى رأسهم البروفيسور كارلو تورتي، وكذلك أطباء الرئة بقيادة البروفيسور ريشيلدي، رئيس قسم أمراض الرئة، إضافة إلى أطباء الجهاز الهضمي الداخليين بقيادة البروفيسور غاسباريني.
ولكن إذا ظهرت حالة تعفن الدم، فقد يكون من الصعب للغاية السيطرة عليها في عمر البابا ومع مشاكله التنفسية، وهذه هي المخاوف التي عبّر عنها الأطباء خلال إجابتهم على أسئلة الصحفيين.
فالمشكلة تكمن في احتمال دخول بكتيريا إلى مجرى الدم، مما قد يؤدي إلى انتشارها في أعضاء أخرى. ومع ذلك، أكد الأطباء أن هذا السيناريو غير قائم حاليًا.