موسكو- بعد وقت مستقطع وطويل نسبيا، خرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "جدار الصمت" المحيط بتجميد جولاته الخارجية وأجرى خلال الخريف الحالي 3 زيارات في وقت واحد، شملت: قرغيزستان والصين وأخيرا كازاخستان.

وحظيت زيارة بوتين قبل أيام قليلة إلى الجارة الكازاخستانية بالاهتمام الأكبر، كونها جاءت في ظروف وتحولات جيوسياسية حساسة ترافقت مع حديث عن فتور ظلل جوانب عدة في العلاقات مع أستانا، بدت فيها الأخيرة وكأنها فقدت توازنها في المحافظة على مسافة واحدة بين روسيا والغرب.

Russian President Vladimir Putin arrives in Kazakhstan#Russia #VladimirPutin #Kazakhstan

The Russian leader Vladimir Putin is expected to meet with Kazakh President Kassym-Jomart Tokayev in his Akorda residence later in the day. pic.twitter.com/tQF4IDEsXK

— The UnderLine (@TheUnderLineIN) November 9, 2023

ساحة تنافس

ونتيجة الأحداث التي وقعت خلال العقدين الماضيين في منطقتي آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، اكتسبت التغييرات في السياسة والاقتصاد والأمن فيها، أهمية جيوسياسية كبيرة.

ودخلت هذه المنطقة بامتياز في مجال مصالح وطموحات العديد من القوى الدولية والإقليمية، وأصبحت ساحة تنافس شديد لا سيما بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين وتركيا.

ويرى مراقبون روس أن ما يصفونه بالواقع "المخيب للآمال" الذي تواجهه الإدارة الأميركية حاليا من أجل أن تحقق أوكرانيا إنجازا عسكريا مهما في الحرب مع روسيا، قد يدفع واشنطن لفتح جبهات جديدة في الحرب ضد موسكو، تتضمن أساسا آسيا الوسطى ومولدوفا وجنوب القوقاز، وهو ما تستعد روسيا لمواجهته، حسب هؤلاء.

وقبل زيارته إلى كازاخستان، قال بوتين، إن "تصرفات بعض البلدان تهدف بشكل مباشر إلى تقويض السلطة الشرعية في بلدان رابطة الدول المستقلة"، ودعا أعضاء كومنولث الدول المستقلة (منظمة أُنشأت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي) إلى التحرك لتعزيز الأمن الجماعي.

وصرح وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن الاتحاد الأوروبي لا يخفي نياته لاحتواء روسيا وإخراجها من آسيا الوسطى والقوقاز، لكنه لن ينجح، حسب تعبيره.

وتشكل كازاخستان، بالنسبة لروسيا، حلقة مهمة في سلسلة التغيرات الجيوسياسية التي بدأت تتسارع في منطقة جنوب القوقاز بعد استعادة أذربيجان إقليم ناغورني قره باغ، والاصطفافات الجيوسياسية الجديدة التي يمكن أن تنجم على المديين القريب والمتوسط عبر إطلاق مشروعات اقتصادية ضخمة وطرق نقل ومواصلات يُتوقع أن تشكل أحد أهم شرايين التبادل التجاري إقليميا وقاريا.

بوتين (يسار) لدى وصوله قرغيزستان الشهر الماضي مع الرئيس القرغيزي جباروف (الفرنسية)

 

 سياسة الاحتواء المتبادل

وتملك كازاخستان أهمية استثنائية بالنظر إلى محاولات الغرب إدراجها -إلى جانب جمهوريات آسيا الوسطى- في التدابير المناهضة لروسيا، وممارسة الضغوط على أستانا، بشكل خاص، للانضمام الى العقوبات الغربية، خاصة أن كازاخستان تتمتع بالحصة الأكبر في التبادل التجاري مع روسيا بين دول الاتحاد السوفياتي السابق.

ورغم تطور الشراكة بين موسكو وأستانا بشكل ديناميكي لفترة طويلة، شملت مجالات تعاون عدة كالدفاع والأمن والتجارة، وغيرها من المصالح المشتركة في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فإن اللوم المتبادل وتراجع مستوى الثقة بين البلدين في الآونة الأخيرة شكل مادة دسمة لقراءات المراقبين الروس والكازاخيين على حد سواء.

ويفسر محلل الشؤون الإستراتيجية رولاند بيجاموف ذلك بوجود مراكز قوة مختلفة ومتباينة داخل الدولة والجيش والاقتصاد في كازاخستان تجعل من صياغة العلاقة مع روسيا وموازنتها مع الغرب أمرا إشكاليا، خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد دخول واشنطن والصين على خط الاهتمام بالمنطقة، وإن كانت لأسباب مختلفة، لكنها قد تزاحم موسكو مستقبلا في فضائها الجيوسياسي والاقتصادي.

ويقول بيجاموف -للجزيرة نت-، إن موسكو لا يمكن أن تتساهل مع انقلاب داخل أستانا على العلاقات التاريخية معها وتحولها إلى "أوكرانيا ثانية"، لا سيما أن كثيرا من بلدان آسيا الوسطى تضبط علاقاتها مع روسيا وفق الإيقاع الكازاخستاني، ومن هنا تأتي زيارة بوتين التي كانت واجهتها اقتصادية لكن مضمونها تثبيت مواقف وتفاهمات سياسية صرفه، على حد قوله.

ويوجز رؤيته لشكل العلاقات الحالية بين روسيا وكازاخستان بأن الأخيرة ترغب في تنويع سياستها وإقامة علاقات أكثر ثقة مع الشركاء الغربيين، إلا أنها ستواصل، بموازاة ذلك، التعاون مع موسكو وتجاوز الضغوطات المتعلقة بالمشاركة في دعم العقوبات.

بوتين (يسار) وجومارت (وسط) بالقمة السادسة لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا بأستانا (رويترز) الجار المتمرد

يرى المحلل السياسي الكازاخستاني غازيز أبيشيف، أن زيارة بوتين إلى أستانا، وإن أطلقت العنان لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، تمثلت بإطلاق مشروعات وتوقيع عقود جديدة بينهما، إلا أنه هناك عامل مهم هو الحرب الروسية الأوكرانية ونظام العقوبات ضد موسكو، الذي من غير المتوقع أن تتغير مقاربة كازاخستان له.

ويتابع أن كازاخستان تتخذ موقف الحياد في هذا الصراع وتدعو إلى التوصل إلى حل سلمي، مع مراعاة المخاوف الروسية من تغير هذا الموقف لصالح أوكرانيا أو الغرب في حال تبدل النظام في أستانا، التي كانت موسكو هي من دافعت عنه وصانت وجوده خلال الاضطرابات التي تعرضت لها البلاد.

وعد أبيشيف أن كازاخستان، حتى ضمن هذا الموقف، مفيدة لروسيا من زاوية لعب دور الوساطة وحلقة الوصل بين الغرب وروسيا التي تعاني من عزلة دولية.

وأشار المحلل السياسي إلى تراجع اهتمام كازاخستان برابطة الدول المستقلة، معدا أن ذلك يشكل دليلا واضحا على أنها تعتزم أن تكون صديقة لروسيا وتعزز التعاون الاقتصادي معها، ولكن ليس بأي حال من الأحوال مع تلك الهياكل التي "بدأت تلتقط أنفاسها الأخيرة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: آسیا الوسطى مع روسیا

إقرأ أيضاً:

تفاصيل أكبر معرض دولي لسياحة المؤتمرات والحوافز في كازاخستان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للسياحة، عن استعدادات المنظمة والأعضاء البارزين للمشاركة بمعرض كازاخستان الدولي للسياحة والسفر 2025، الذي يعد أكبر فعالية دولية سنوية متخصصة في قطاع سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض خاصة في آسيا الوسطى، والذي يرسم ملامح مستقبل صناعة السفر من خلال مناقشات رفيعة المستوى، وابتكارات الذكاء الاصطناعي، واستراتيجيات الجيل القادم.

ويُقام معرض KITF للسفر 2025، في الفترة من 23 إلى 25 أبريل 2025 في العاصمة ألماتي، وقالت المنظمة: "يُعد هذا المنتدى، الذي يُركز على الأعمال التجارية، أحد أهم فعاليات الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض في آسيا الوسطى، وسيضم حلقات نقاش رفيعة المستوى، ومحادثات حول الطيران، وابتكارات السفر القائمة على الذكاء الاصطناعي، واستراتيجيات سياحية متميزة، مما يُعيد تعريف مستقبل صناعة السفر".

وتابعت المنظمة: "مع ازدهار قطاع السفر العالمي، وتوقع نمو سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض (MICE) بشكل هائل في عام 2025، يأتي KITF 2025 في لحظة حاسمة، مما يرسخ مكانة كازاخستان كوجهة رائدة للمعارض التجارية، وشبكات الأعمال، والابتكار في هذا القطاع".

ومع نمو قطاع السياحة في كازاخستان بمعدل غير مسبوق يبلغ 25% في عام 2024، سيجذب KITF 2025 قادة عالميين، وشركات طيران، وهيئات سياحية، ورواد تكنولوجيا يتطلعون إلى اغتنام فرص جديدة في قطاع تجارة السفر.

وسيقدم منتدى KITF للسفر رؤى معمقة، ومناقشات استراتيجية، وجلسات تفاعلية مصممة خصيصًا لمحترفي سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض، ومستثمري السياحة، والمشاركين في المعارض التجارية، وستكون النقاشات مركزة في "ما وراء السفر"، حيث تغطي كل شيء من نمو صناعة الطيران والسياحة الرقمية إلى التخصيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي وتجارب السفر المتميزة.

ولا يعد KITF 2025 مجرد حدث آخر في مجال صناعة السفر، بل هو تجمع لا بد من حضوره لصناع القرار والمسؤولين الحكوميين ومنظمي الرحلات ومحترفي السفر الذين يهدفون إلى الاستفادة من أسواق جديدة واستكشاف الاتجاهات الناشئة في صناعة تجارة السفر.

ويشهد سوق معارض السفر تحولات سريعة بفضل الرقمنة، وتغير متطلبات المسافرين، واتجاهات التعافي بعد الجائحة، وسيكون منتدى KITF للسفر 2025 في طليعة هذه التغييرات، حيث سيساعد خبراء السياحة وشركات الطيران ومنظمي المعارض التجارية على التكيف مع تقلبات القطاع، ويتيح التواصل مع رواد السياحة العالميين، وخبراء قطاع المعارض والمؤتمرات والمعارض، وأبرز علامات السفر.

ويمكن للمشاركين اكتساب معرفة مباشرة بالذكاء الاصطناعي والأتمتة والتخصيص في السياحة، وفتح آفاقًا جديدة لشراكات تجارية في قطاع المعارض والمؤتمرات والمعارض سريع النمو في كازاخستان.
ويحظى منتدى KITF 2025 بدعم رسمي من وزارة السياحة والرياضة في كازاخستان، وشركة أكيمات في مدينة ألماتي، وشركة السياحة الوطنية الكازاخستانية، وشركة كومباس، وجمعية السياحة الكازاخستانية، وبالإضافة إلى ذلك، تعد Trand Buro وSuccess Travel Academy شريكين في برنامج الأعمال، وهو ما يعزز من مكانة منتدى KITF للسفر باعتباره الحدث الأكثر تأثيرًا في مجال المعارض والمؤتمرات والمعارض في آسيا الوسطى.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل أكبر معرض دولي لسياحة المؤتمرات والحوافز في كازاخستان
  • بوتين يعلن التوصل إلى اتفاق شراكة استراتيجية وتعاون بين روسيا وفنزويلا
  • ترامب يتوقع أخبارا جيدة من روسيا وستارمر يشكك في جدية بوتين
  • بوتين: ترامب يسعى بشدة لاستعادة العلاقات مع موسكو
  • الشيباني: الهدف من زيارتنا تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وإزالة العوائق التي تحول دون ذلك وفتح الحدود بين بلدينا سيكون خطوة أساسية في تنمية العلاقات
  • مينسك تطلب من موسكو بناء محطة طاقة كهروذرية ثانية
  • مينسك تطلب من روسيا بناء محطة كهروذرية ثانية في بيلاروس
  • الأم التي أبكت السوريين تطل ثانية .. (كلكم ولادي)
  • بوتين ولوكاشينكو يوقعان على اتفاقية بشأن الحماية المتبادلة لمواطني روسيا وبيلاروسيا
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي