رأي الوطن: خطاب وطني يستعرض الحاضر ويرسم ملامح المستقبل
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
جاء خِطاب حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه اللهُ ورعاه ـ الذي ألقاه لدى تفضُّله بافتتاح دَوْر الانعقاد السَّنوي الأوَّل للدَّوْرة الثَّامنة لمجلس عُمان بمبنى المجلس بمحافظة مسقط، لِيضعَ الأُسُس النهضويَّة للحاضر والمستقبل الَّذي يليق بمكانة سلطنة عُمان الإقليميَّة والعالَميَّة، ويستعرض أمام شَعبه الوفيِّ رؤيته السَّامية لتلبية طموحات وتطلُّعات أبناء عُمان على كافَّة الأصعدة، حيث كان خِطاب عاهل البلاد المُفدَّى خريطة طريق ترسم ملامح العمل الحكوميِّ، وتستعرض ما تمَّ إنجازه في مسار التنمية الشَّاملة، وفق الرؤية السَّامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ والَّتي تهدف في المقام الأوَّل إلى النُّهوض بالقِطاعات الاجتماعيَّة، والحفاظ على ما تحقَّقَ من مكتسبات.
إنَّ التجربة العُمانيَّة هي دائمًا محلُّ إشادة وتقدير، والَّتي سَعَتْ إلى الارتقاء بكُلِّ شيء، وتجديد شباب النَّهضة المباركة، وفق أُسُس ومبادرات جديدة تُواكِب العصر، وتمتلك أدواته الجديدة، بشكلٍ يُحقِّق الأهداف الراسخة عَبْرَ بناء إنسان عصريٍّ يمتلك أدوات العصر مع الحفاظ على هُوِيَّته الوطنيَّة وأخلاقه المُنطلِقة من دِيننا الإسلاميِّ الحنيف، وهو ما تجلَّى في حرص جلالته على رصد التحدِّيات الَّتي يتعرض لها المُجتمع ومدى تأثيراتها غير المقبولة في منظومته الأخلاقيَّة والثقافيَّة، وتأكيده على ضرورة التصدِّي لَها، ودراستها ومتابعتها؛ لتعزيز قدرةِ المُجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِيَّة الوطنيَّة، والقِيَم والمبادئ الأصيلة، إلى جانب الاهتمام بالأُسرة؛ لِكونِها الحصن الواقيَ لأبنائنا وبناتنا من الاتِّجاهات الفِكريَّة السلبيَّة، الَّتي تُخالف مبادئ دِيننا الحنيف وقِيَمنا الأصيلة، وتتعارض مع السَّمْتِ العُمانيِّ الَّذي يَنْهَلُ من تاريخنا وثقافتنا الوطنيَّة.
ولعلَّ هذا الاهتمام القِيَميَّ يأتي لِيُكملَ ما حقَّقته الجهات الحكوميَّة والقضائيَّة والنيابيَّة، من تكامُل يُعزِّز فاعليَّة العمل الوطنيِّ، منطلقًا من دعمٍ سامٍ يُلبِّي الاحتياجات ويُذلِّل الصِّعاب، بما يُعِين على بُلوغ المنجزات المُستهدَفة، الرَّامية لِتحقيقِ الرَّفاهيَّة للمواطنين العُمانيِّين في كافَّة رُبوع سلطنة عُمان، والَّتي تجلَّت بما تَحقَّق من إنجازات خلالَ الأعوام الأربعة الماضية في مسار التنمية الشَّاملة، على الصَّعيد الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ والأداء الماليِّ بالرغم من التحدِّيات الَّتي واجهها الاقتصاد العالَميُّ والَّتي انعكست سلبًا على اقتصادنا وبرامجنا الوطنيَّة، ما يؤكِّد أنَّ الخطط الَّتي نُفِّذت قَدْ رُسمَتْ بشكلٍ مدروس بعناية، عمدت على إدارة مواردنا الإدارة السليمة؛ لِتخفيفِ أعباء الدَّيْنِ العامِّ، وتوجيه جزءٍ من الفوائض الماليَّة؛ لِدَعمِ القِطاعات الاجتماعيَّة، وتحفيزِ النُّموِّ الاقتصاديِّ.
إنَّ التَّوجيهات السَّامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أبقاه الله ـ كان لها أثَرٌ فعَّال فيما وصَلنا إِلَيْه الآن في المحافظة على المركز الماليِّ للبلاد، ورفِع كفاءة الإنفاق، كما أسْهَمتْ في تعزيز الاستثمار في القِطاعات الواعدة، ما صبَّ في تحقيق الأهداف المرجوَّة المُنطلِقة من رؤية «عُمان 2040»، وعلى رأسها تنويع مصادر الدخل الوطنيِّ، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطيَّة، وذلك بشهادة مُعْظم المؤسَّسات الماليَّة والاقتصاديَّة والائتمانيَّة العالَميَّة ذات الموثوقيَّة العالية، حيث تقاطعت تلك الجهود مع مساعي القائد الأب نَحْوَ إقامة نظام الحماية الاجتماعيَّة الشَّاملة الَّذي يستهدف كافَّة فئاتِ المُجتمع؛ لِيَنْعَمَ الجميع بالعيش الكريم، لِتُوازنَ الحكومة العُمانيَّة ومؤسَّسات الدَّولة المختلفة بَيْنَ تطلُّعات بناء التنمية المستدامة المطلوبة، وإقامة منظومة اجتماعيَّة تحمي الفئات الأشدَّ ضعفًا وهشاشةً في الواقع العُمانيِّ الاجتماعيِّ.
حفظ الله جلالة عاهل البلاد المفدى، ومتَّعه بالصحَّة والعافية على ما تفضل من كريمِ توجيهٍ، وسدادِ رأيٍ، وصوابِ فِكْرٍ، ووفَّقه سبحانه لِتحقيقِ ما يصبو إليه أبناء عُمان الأوفياء.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: امیة ل
إقرأ أيضاً:
الحكيم يقترح تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد
1 مارس، 2025
بغداد/المسلة: اقترح رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد، يقوده المجتمع المدني”.
وقال الحكيم في الملتقى الاستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني، ان “منظمات المجتمع المدني ليست مجرد مؤسسات خيرية أو خدمية، بل هي ركيزة أساسية في بناء الدولة العصرية وترسيخ الديمقراطية وتعزيز التنمية المستدامة.
وأضاف انه “وفي ظل التحديات التي تواجه العراق اليوم، أصبح دور هذه المنظمات أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تتطلب المرحلة شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدني لتحقيق الإصلاح، وتحفيز التنمية، وتعزيز السلم المجتمعي.
وتابع الحكيم انه ” وانطلاقًا من هذه الرؤية، أطرح أمامكم مجموعة من النقاط الجوهرية التي نرى أنها تشكل إطارًا عمليًا لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني وجعلها أكثر تأثيرًا واستدامة:
أولاً: مؤسسة العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والدولة
لا يمكن تحقيق الإصلاح المجتمعي والمؤسساتي دون علاقة استراتيجية بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني. نحتاج إلى *قانون عصري متكامل ينظم هذه العلاقة، ويحافظ على استقلالية المنظمات، ويضمن لها آليات تمويل شفافة، ويتيح لها المشاركة في صناعة السياسات العامة وتنفيذ برامج التنمية المستدامة بالشراكة مع الدولة، وفق رؤية واضحة تحقق التوازن بين استقلال المنظمات ودعمها
ثانياً: إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لمنظمات المجتمع المدني
في ظل الحاجة إلى توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين منظمات المجتمع المدني، نقترح إنشاء مجلس وطني استشاري لمنظمات المجتمع المدني، يكون هيئة مستقلة غير حكومية تمثل المنظمات العاملة في مختلف القطاعات
الحكيم: هذا المجلس لا يمنح التراخيص ولا يمارس الرقابة، بل يعمل كمنصة لتنسيق الجهود، وتقديم التوصيات للحكومة، وتوحيد الرؤى، وتمكين دور المنظمات في صناعة القرار، كما يسهم في اقتراح الإصلاحات التشريعية، وإصدار تقارير دورية عن واقع المجتمع المدني، وتطوير مدونات السلوك ومعايير الشفافية، بالتعاون مع دائرة منظمات المجتمع المدني التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء، لضمان تكامل الأدوار بدلاً من التعارض.
ثالثاً: صندوق وطني لدعم وتمويل المشاريع التنموية
تطوير صندوق وطني لدعم وتمويل منظمات المجتمع المدني يدار بشفافية عالية، ويمول المشاريع التنموية والاجتماعية والثقافية التي تخدم الأولويات الوطنية. يتم تخصيص نسبة من الموازنة العامة لهذا الصندوق، إضافة إلى تعزيز شراكات مع القطاع الخاص لدعم التمويل المستدام، وتشجيع التنافس الإيجابي بين المنظمات لتقديم أفضل المبادرات وأكثرها تأثيراً.
رابعاً: دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز السلم المجتمعي
في ظل التحديات التي تهدد النسيج الاجتماعي العراقي، تقع على منظمات المجتمع المدني مسؤولية قيادة مشاريع تعزز الهوية الوطنية الجامعة، وبناء جسور الثقة، ونشر ثقافة التعايش والتسامح. لا يمكن بناء عراق قوي دون مجتمعات متماسكة، والتجربة أثبتت أن المبادرات المجتمعية الناجحة قادرة على احتواء الأزمات وتقليل الفجوات الاجتماعية والمذهبية والقومية
خامساً: الحاضنات المجتمعية وتمكين الشباب
الشباب العراقي ثروة وطنية هائلة تحتاج إلى استثمار منظم. لذا، فإننا ندعو إلى إنشاء حاضنات مجتمعية متخصصة توفر برامج تأهيل وتدريب للشباب، تزوّدهم بالمهارات المطلوبة لسوق العمل، وتساعدهم على دخول ميادين ريادة الأعمال، والابتكار، والمشاريع التنموية، مما يقلل البطالة ويمنع هجرة الكفاءات العراقية
سادساً: شبكات التخصص كبديل عن العمل الفردي
الانتقال من العمل الفردي إلى شبكات تخصصية ضرورة لتنظيم القطاع المدني. نحتاج إلى تشكيل شبكات متخصصة تجمع المنظمات العاملة في مجالات مثل الصحة، والتعليم، والبيئة، وحقوق الإنسان، والمرأة…، مما يعزز التراكم المعرفي، ويسمح بتقديم مبادرات أكثر عمقاً وتأثيراً، ويمنح المجتمع المدني صوتاً أقوى عند مخاطبة صناع القرار
سابعاً: المرصد الوطني لمكافحة الفساد، فالفساد خطر يهدد بنية الدولة وثقة المواطنين بالمؤسسات، ومنظمات المجتمع المدني يجب أن تلعب دورها كمراقب مستقل
واقترح الحكيم “تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد، يقوده المجتمع المدني، ويعمل على رصد الانتهاكات، وتحليل البيانات، وتقديم تقارير دورية، واقتراح سياسات إصلاحية. هذا المرصد سيكون شريكاً إستراتيجياً مع الجهات الرقابية لتعزيز النزاهة والشفافية”.
ثامناً: مساهمة المنظمات المدنية في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة
إعادة إعمار العراق تحتاج إلى مشاركة جميع الفاعلين، ومنظمات المجتمع المدني قادرة على لعب دور رئيسي في مشاريع الإعمار والتنمية المستدامة، خاصة في المناطق المحررة والمناطق الأكثر تضرراً. من المهم تطوير نماذج مبتكرة تستفيد من الخبرات الدولية، وتعتمد مقاربات اقتصادية، واجتماعية وبيئية متكاملة لتحقيق إعادة إعمار مستدامة
تاسعاً: دبلوماسية المجتمع المدني لتعزيز مكانة العراق دولياً
منظمات المجتمع المدني يمكن أن تكون قوة ناعمة فاعلة في تحسين صورة العراق عالميًا، عبر ممارسة “الدبلوماسية الشعبية”
عاشراً: بناء ثقافة المواطنة الفاعلة
ترسيخ قيم المواطنة يجب أن يكون مشروعاً مجتمعياً شاملاً، لا مجرد شعارات. منظمات المجتمع المدني مدعوة لتطوير برامج توعوية وتثقيفية تعزز ثقافة المشاركة والمسؤولية، وتنمي الحس النقدي والتفكير الإبداعي لدى الأفراد، مما يخلق جيلاً قادراً على صناعة التغيير الإيجابي، بدلًا من انتظار حدوثه
الحادي عشر: دور التكنولوجيا في دعم المجتمع المدني
نحن في عصر الثورة الرقمية، ومنظمات المجتمع المدني مطالبة بالاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تفاعلية، وأنظمة رصد إلكترونية، وتطبيقات مبتكرة لمراقبة الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية، وتمكين المواطنين من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار، مما يرفع مستوى الوعي والمساءلة الاجتماعية.
الثاني عشر: استحداث برامج الحماية الاجتماعية من خلال المجتمع المدني*
الأزمات الاقتصادية تتطلب حلاً مجتمعياً مشتركاً، لذا يجب أن تساهم منظمات المجتمع المدني في تصميم برامج حماية اجتماعية تشمل الفئات الهشة، وتوفر حلولاً عملية لمكافحة الفقر، ودعم المرأة، وتمكين الفئات المهمّشة، بالتعاون مع الدولة والقطاع الخاص، وبما يضمن استدامة هذه البرامج
وفي الختام قال الحكيم إن منظمات المجتمع المدني العراقي أمام فرصة تاريخية لتثبت أنها ليست مجرد كيانات داعمة، بل شريك أساسي في صنع المستقبل. هذه المنظمات تمثل الرئة التي يتنفس بها المجتمع، وهي النبض الحي الذي ينقل هموم الشعب وتطلعاته، ويحولها إلى مشاريع ومبادرات ملموسة تساهم في بناء عراق قوي، موحد، ومستقل ومستقر ومزدهر
وتابع ” نحن هنا اليوم لنؤكد التزامنا المشترك بالعمل معًا، حكومةً وشعبًا ومنظمات، من أجل وطنٍ يستحقه العراقيون، ومستقبل يليق بعراقة العراق وحضارته”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts