استثمار وسائل التواصل الاجتماعي في الحرب الإعلامية.. ما المحتوى الأكثر نجاعة؟
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
لم يعد خافيا مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على وعي الناس، والدور الذي تلعبه في تكوين آرائهم، وتشكيل قناعاتهم، ومع أن تلك الوسائل تحظى بمكانة هامة في الأيام العادية، إلا أن مكانتها تلك تزداد أهمية في أوقات الأزمات والحروب، بسبب متابعة عامة الناس الحثيثة لأخبار المعارك، وتفاعلهم معها.
صناعة المحتوى علم ومهارة، فتقديم محتوى جيد وجاذب ومؤثر يتطلب الإلمام بجملة من المعايير والمواصفات التي تساهم بشكل أساسي في صناعة المحتوى المطلوب بجودة عالية، وهو ما لا يتوافر في كثير من المواد المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يغلب على تلك المواد عدم التدقيق والعفوية والارتجال.
وفي أوقات الأزمات والحروب يكثر تداول الأخبار الكاذبة، ونشر القصص الملفقة، وتُكثف الدعاية المغرضة، ما ينتج عنه انعكاسات سلبية كثيرة في سياق الحرب الإعلامية والنفسية المصاحبة للمعارك الدائرة في ميادين القتال، وهو ما يتطلب جهدا إضافيا لتنقية المحتوى من الأكاذيب والشائعات والخرافات.
ومن الأهمية بمكان معرفة معايير المحتوى، لا سيما في الحروب والأزمات، والتي من أهمها وأبرزها "أن يكون المحتوى بلغة القطاع المستهدف، أو من يؤازره، كما يجب أن يكون المحتوى حقيقيا، نسبة الشك فيه صفر" وفق رائد سمور، مدير ومؤسس مركز ريفليكت لدراسات التحول الرقمي وأثره على حقوق الإنسان.
رائد سمور، خبير في نظم وأمن المعلومات.
وأضاف "ولا ينبغي أن يكون المحتوى معدا من قبل الذكاء الصناعي على الإطلاق، لأن التشكيك في هكذا محتوى يكون سهلا، ويجب أن يكون المحتوى صادقا 100%، وفي حالات الحرب يجب أن يكون تناوله للخسائر المادية والبشرية دقيقا، وهو ما أبدع فيه أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام، فمحتواه عادة ما يكون مباشرا ومختصرا ومؤثرا في الخصم".
وردا على سؤال "عربي21" بشأن إمكانية ضبط المشاركين من رواد التواصل الاجتماعي، قال سمور "من الصعب ضبط أداء المشاركين في الإعلام الجديد، لا سيما أن إيقاع المعارك على الأرض غالبا ما يتحكم بالمشاعر، وردود الفعل عادة ما تكون متفاوتة بين الناس بحسب مستوياتهم الفكرية والسياسية، ومعرفتهم بالقضايا العسكرية، وأساليب الحرب النفسية، وكل ذلك يؤثر في أداء الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
وأردف "في الواقع نحن بحاجة إلى صناعة وعي في كيفية صناعة المحتوى والتعامل معه ونشره، حتى نكون داعمين للمقاومة على الأرض، ولا نكون معيقين لها، فالإعلام والعمل العسكري توأمان لا ينفصلان، فلا بد من توعية الجماهير بخطورة المحتوى، وخطورة تناقله وتداوله، فقد يقوم بعضنا بتداول رواية الخصم ونشر محتواه بلا علم ولا دراية".
وعن المحتوى الذي يخصصه أصحابه لممارسة النقد والنقد الذاتي أثناء احتدام المعارك، رأى سمور "ضرورة تأجيل ذلك كله إلى ما بعد الحرب، فثمة متسع من الوقت للنقد والاستفادة من الدروس والعبر، أما في وقت المعركة فيجب أن يكون الجميع يدا واحدة، يتعاونون ويتعاضدون، وبخصوص العيوب والأخطاء فيؤجل الحديث عنها إلى ما بعد انتهاء المعركة، لأن النقد أثناء المعركة قد يكون عاملا سلبيا في أداء المقاومة على الأرض".
من جهته قال الكاتب والأديب اليمني، خالد بريه "على المرء أن يدرك أن المعركة في الميدان تحتاج إلى سند وظهير على كل المستويات، ومن أهمها الجبهة الإعلامية التي تتصدى لأكاذيب العدو، وتفند الافتراءات التي تساق كحقائق للعالم، ومن ثم تقديم محتوى ينتصر للقضية وعدالتها، يسهم في تعضيد الجبهة الداخلية، ويراعي نقل المعلومة بشكل دقيق وموثوق، ويفهم بعمق السياق الثقافي والاجتماعي للجماهير المستهدَفة للإسهام في توجيه الرسالة بشكل مثمر وفعال".
خالد بريه، كاتب وأديب يمني.
وحذر بريه في تصريحاته لـ"عربي21" من "إرخاء الحبل للعاطفة أثناء للحروب من غير إحكام، ففعل ذلك خطير، للمآلات التي يتسبب فيها، لأن الأفعال الناشئة عن عاطفة جارفة بلا حقائق ساندة؛ يكون ضررها النفسي أشد وطأة على المتلقي حينما ينقشع الغبار، ولو كانت بقصد حسن".
وأضاف: "ولهذا يحسن برواد وسائل التواصل الاجتماعي السير وفق ميزان دقيق، ينفخ في المتلقي روح النصر والإباء، والتفاعل الاجتماعي البناء، وتشجيع الروح الجماعية، وتعزيز قيم الانتماء، والهم الواحد، والمصير المشترك، وتداول كل ما يقوي شوكة المقاومة، ويعزز حضورها في ضمير العالم، دون الانجرار وراء الأكاذيب، والمبالغات الزائفة، حتى لا نصاب في نهاية المطاف بنكسة يصعب الخلاص من آثارها".
وبخصوص ما ينشره بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي من توجيه النقد للمقاومة وقت المعركة، أكدّ بريه أن "كلمة الحق ينبغي أن تقال دوما، وإذا كان قولها لصالح المعركة؛ فليقلها صاحبها ولا خوف، أما إضعاف الرجال، والفتُّ في عضدهم، وخذلانهم وتركهم لمصيرهم، بحجة (قول الحق) فهذا ضرب من التخلي والخذلان، وإلباس العجز جبَّة الحكمة، ومن كان له رأي في مسألة ما، فليوصله إلى أصحاب الشأن ليفيدوا منه".
وتابع "أما التشهير والنقد تحت ذريعة قول الحق في الوقت الذي يواجه فيه رجال المقاومة عدوا مغتصبا، يقف خلفه العالم فهو ضعف في المروءة، وحمق، وسوء تقدير، وذل يواريه صاحبه بالنقد، للنفاذ من واجبات الاستحقاق، ولا ينبغي لصوت أن يرتفع إلا صوت المعركة، وتكبيرات الرجال، وتلاوة ملاحم الأبطال التي تسطر كل يوم، وما عدا ذلك فلا معنى ولا قيمة له في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الأمة".
وفي ذات الإطار أوضح الباحث السياسي، الدكتور وليد كايد الفقهاء أن "الحرب الإعلامية النفسية التي تمارس بأشكال وأدوات مختلفة، ومنها ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، عادة ما تستهدف ثلاث فئات، الأولى: الجبهة الداخلية، ويراد منها شحن الهمم وبث الأمل، ورفع المعنويات وتمتين أواصر التماسك الاجتماعي، إضافة إلى تحقيق شرعية القرار الشعبي والقانوني للحرب".
وليد كايد الفقهاء، باحث سياسي أردني.
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول "الفئة الثانية هي الرأي العام العالمي، ويراد منها تحقيق التعاطف العام الشعبي والمؤسسي للمنظمات الإنسانية والدولية، بالإضافة للشركات العابرة للقوميات، ولا شك أننا نشهد اليوم معركة مستعرة بين المؤيدين للقضية الفلسطينية، والمدافعين عن غزة، وبين المؤيدين للعدوان الإسرائيلي في كثير من شوارع العواصم الغربية".
وتابع "ولا شك أن إسرائيل بعد 37 يوما من طوفان الأقصى خسرت كثيرا من التأييد الذي حظيت به في السابع من أكتوبر، وكان للصور والفيديوهات المنشورة على تطبيق توك توك الأثر الأكبر في ذلك وفقا للمصادر الأمريكية، ولا ننسى كذلك تأثير موقع (X) تويتر سابقا في هذا المجال، وقد جاء في دراسة غير موثقة أن 52% من الشباب الأمريكي ضمن الفئة العمرية (18 – 24) هم ضد العدوان الإسرائيلي على غزة".
أما الفئة الثالثة المستهدفة في الحرب الإعلامية النفسية، فهي، حسب الفقهاء "الجهة المعادية، والتي يرمي كل طرف من وراء استهدافها نشر الوهن والضعف في أوساطها، وإضعاف الروح المعنوية للمقاتلين ومن يؤازرونهم، والتأثير على الشرعية الشعبية للحرب، وتفكيك الجبهة الداخلية".
ولفت إلى "أهمية إدراك المشاركين في الحرب الإعلامية والنفسية، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك، لأدوات ومفاتيح الفئة المستهدفة، إذ لا تكفي اللغة وحدها لزعزعة قناعات الآخرين، واكتساب القلوب والعقول، فالرسالة الخالية من الصورة لا تؤثر كثيرا، ولا تصمد طويلا".
ووفقا للفقهاء فإن بعض المواد المنشورة، والتي جرى تداولها بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تقع في دائرة الأهداف الإعلامية والنفسية الإسرائيلية، كالجدل حول غدر إيران لحماس في طوفان الأقصى، والمقصود منها زعزعة الثقة بحماس والمقاومة، كما أن التشكيك العلني في أسباب وتوقيت عملية طوفان الأقصى، يقع في ذات الإطار".
وشدد في ختام حديثه على أهمية "التفاف الجميع حول المقاومة، وتأجيل مناقشة أو انتقاد كل ما يتعلق بخططها وعملياتها علانية، حتى يتم على الأقل ضبط محتوى وأداء ومسار مواقع التواصل الاجتماعي بما يخدم المقاومة، ومن لديه نصيحة أو نقد مفيد لمجريات المعركة ضد العدو الصهيوني فبإمكانه إيصال ذلك للمعنيين عبر الطرق المناسبة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير وسائل التواصل الحرب الفلسطينية غزة فلسطين غزة حرب دور وسائل التواصل تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وسائل التواصل الاجتماعی مواقع التواصل الاجتماعی الحرب الإعلامیة
إقرأ أيضاً:
انتبه.. سب وقذف مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يعرضك لعقوبات صارمة
نص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر برقم 175 لسنة 2018، على عقوبات رادعة بشأن التهديد والابتزاز إلكترونيًا، والتي تتراوح فيها العقوبة ما بين الحبس والغرامة، وذلك لمعاقبة كل من يحاول ابتزاز شخص ما، كما عاقب كل شخص قام بسب وقذف شخص آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت أهداف قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية كالآتي:
١- حفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتي أو أي وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يوما متصلة.
٢ - مكافحة الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وتقنيات المعلومات، وما يرتبط بها من جرائم، مع التزام الدقة فى تحديد الأفعال المعاقب عليها، وتجنب التعبيرات الغامضة بوضع تعاريف دقيقة لها، وتحديد عناصر الأفعال المجرمة بكثير من العناية، ومع مراعاة الاعتبارات الشخصية للمجنى عليهم، والاعتبارات المتعلقة بالمصلحة العامة وحماية الأمن والاقتصاد القوميين.
٣ - ضبط الأحكام الخاصة بجمع الأدلة الإلكترونية وتحديد حجيتها فى الإثبات.
٤- وضع القواعد والأحكام والتدابير اللازم اتباعها من قبل مقدمى الخدمة لتأمين خدمة تزويد المستخدمين بخدمات التواصل بواسطة تقنيات المعلومات، وتحديد التزاماتهم فى هذا الشأن.
٥- حماية البيانات والمعلومات الحكومية، والأنظمة والشبكات المعلوماتية الخاصة بالدولة، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، من الاعتراض أو الاختراق أو العبث بها، أو إتلافها أو تعطيلها بأى صورة كانت.
٦_ حماية البيانات والمعلومات الشخصية، من استغلالها استغلالا يسيئ إلى أصحابها، وخاصة فى ظل عدم كفاية النصوص التجريمية التقليدية المتعلقة بحماية خصوصيات الأفراد، وحرمة حياتهم الخاصة فى مواجهة التهديدات والمخاطر المستحدثة لاستخدام تقنية المعلومات.
٧ _ وضع تنظيم إجرائى دقيق ينظم إجراءات الضبط والتحقيق والمحاكة المتعلقة بتلك الجرائم، بالإضافة إلى تحديد حالات التصالح وإجراءاته، وتنظيم عمل الخبراء المتخصصين العاملين فى محال جرائم مكافحة تقنية المعلومات، والقرارات والأوامر الجنائية المتعلقة بتنفيذ أحكام القانون.
ونصت العقوبات على الآتي:
نصت 7 مواد أن عقوبة السب والقذف عبر الإنترنت تراوحت ما بين الحبس والغرامة، وهي التي نصت عليها 7 مواد منها 6 مواد في قانون العقوبات وهي 166 مكرر و306 و306 مكرر «أ» و306 مكرر «ب» وو308 و308 مكرر من قانون العقوبات ومادة سابعة رقم 76 في قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003.
وتنص المادة 306 من قانون العقوبات عقوبة السب عبر مواقع التواصل الاجتماعي «كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشًا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن 2000 جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه».
وأشارت المادة 306 مكرر (أ) بأنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز أربع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق باتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى، كما وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجاني يحمل سلاحًا أو إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه».
كما نص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة 25 أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصرى أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته».
وذكرت المادة (26) أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية في معالجة معقطيات شخصية للغير لربطها لابمحتوى مناف للأداب العامة أو لاظهارها بطريقة من شانها المساس باعتباره أو شرفه».
وتناولت المادة (27) في غير الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا».
والمادة 166 مكرر على عقوبة السب والقذف عبر الإنترنت «كل من تسبب عمدا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على 100 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».