رأي.. بشار جرار يكتب عن قمة الرياض العربية الإسلامية: أمّا بعد ماذا بعد؟
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
من نافلة القول، إن القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في الرياض لم تحقق أولى أولوياتها، وهي إنقاذ أو أقله إغاثة أبرياء حرب السابع من أكتوبر.
ولا هي أيضا تمكنت من وقف إطلاق النار أو تحقيق هدن شاملة أو مطولة. ما زلنا نخوض في تفاصيل هدن سويعات وافقت عليها إسرائيل بضغوط أمريكية وعربية، لتأمين ممرات آمنة لما يتم السماح له من العبور باتجاهين: الأول يسمح بتدفق يخضع لتفتيش دقيق لمواد إغاثية وطبية من الجنوب إلى الشمال (قد يتم تفعيل الخيار البحريّ برعاية أوروبية-أطلسية). أما الاتجاه الثاني -وهو مرصود بالطائرات المسيرة الإسرائيلية- شجّع على نزوح مدني جماعي -راجلا أو في عربات نقل مكشوفة- باتجاه واحد فقط، هو من شمال القطاع إلى جنوب وادي غزة.
استنادا إلى نجاحات دبلوماسية حققتها المملكة العربية السعودية في استضافة قمم غير مسبوقة في السنوات القليلة الماضية، من أبرزها القمم الأمريكية والصينية والروسية مع دول الخليج وقادة الدول الأعضاء في الجامعة العربية، تلك الاستضافة حققت إنجازا دبلوماسيا غير مسبوق، تمثّل بلم شمل ممثلي الأمتين العربية والإسلامية المعترف بهم رسميا على الصعيد العالمي. لذا كان من المعلوم مسبقا، أن الإطار العام لما ستخرج به القمة من قرارات، لن يجافي طبيعة العمل الدبلوماسي المؤسسي والتقليدي المتعارف عليه عالميا. عمليا، لا فرق بين جميع المحافل التي تعاطت مع "طوفان الأقصى" و"السيوف الحديدية" بصرف النظر عن موقفها من العمليتين الحربيتين أو الرؤى الخاصة بتسوية هذا الصراع المتواصل منذ عقود، والبعض يصر -انتحاريا- على جعله صراعا مستمرا منذ قرون من خلال إضفاء هالة أو لعنة أو خرافة "الحرب الدينية" على ما يجري من سفك للدماء البريئة، أيا كانت هويتها.
المعضلة في جميع تلك القمم، من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، إلى كل ما صدر عن قادة الأطلسي والاتحاد الأوروبي وحتى موسكو وبكين، أنها جميعها وكأنها تحاور نفسها أو تحاور حلفاءها! ثمة تغييب دائم للطرف المعني وهو العدو أو الخصم أو حتى الصديق الذي لديه وجهات نظر أخرى جديرة بالأخذ. وهذا هو الإنجاز الأهم لقمة الرياض ولقادة الدول الموصوفة بالمعتدلة والملتزمة بخيارات السلام والتنمية، خاصة من أقرب الدول العربية والإسلامية للغرب، كالأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر وعمان والبحرين والمغرب من الجانب العربي واندونيسيا وبروناي و-نظريا باكستان- من الجانب الإسلامي.
وقد خدم توقيت انعقاد القمة كشف تصدّع فتهاوي مواقف وخطابات من يطلقون على أنفسهم محور المقاومة والممانعة، وجماعات وميليشيات "وحدة الساحات". اتضح للجميع -أقله لطرفي هذه المواجهة الأخيرة- اتضح أن لا فرق في سيادية وخصوصية القرارات والأولويات بصرف النظر إن كانت صادرة عن نظام أو تنظيم. حتى المجاملات الكلامية وحفاوة الاستقبال في الرياض لقادة الأمتين العربية والإسلامية، كانت لافتة للانتباه حيث تصافح من يقتتل التابعون لنفوذهم، ويتعانق من تتراشق بعض الجهات المنتسبة أو التابعة إليهم بالاتهامات أو المزايدات من عيار "وينكم يا عرب وينكم يا مسلمين"!! ها هي الأصوات تتعالى من داخل غزة وفي كثير من المحافل المعنية بإنقاذ المدنيين بأن الطرفين المسؤولين عن أحوال القطاع منذ استيلاء حماس على السلطة في انتخابات (الذهاب بلا إياب) هي دوامة من الأفعال وردود الأفعال بصرف النظر عن البادئ فالمظلوم في الحالتين هم المدنيون: فلسطينيون وإسرائيليون.
الصحيح أن قمما عربية سابقة، خاصة الرباط 1974 وبيروت عام 2002 كانتا سبّاقتين فيما يجسد أسباب الصراع والحل في آن واحد. كان من المفترض أن تبقى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، لم إذن اندلعت حروب لبنان ومن بعدها غزة؟ فضلا عن الاقتتال الفلسطيني في ساحات عدة، والتشظي الفصائلي على التراب الوطني وخارجه؟ وكان من المفترض أن تكون المبادرة السعودية ومن ثم العربية للسلام و"رؤية الدولتين" هما الأفق السياسي للحل، فبماذا أتى إسماعيل هنية عندما أعلن من مقر إقامته في الدوحة بصفته زعيم حماس-الخارج أو الجوّال، عندما طالب بوقف إطلاق النار والانفتاح على التسويات السياسية وتحقيق رؤية الدولتين؟
أمّا بعد، وهي عبارة لها استخدام تاريخي ما زال قائما في الخطابات، ماذا بعد بيان قمة الرياض، ولم لم يتضمن إجابات شافية وإدانة صريحة مباشرة كالتي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للأفعال المشينة يوم "السبت الأسود" كما يعرف بالصحافة الإسرائيلية، السابع من أكتوبر. ولم تعذّر على القمة طرح حلول عملية فيما يخص مزاعم إسرائيل بشأن اتخاذ حماس مخازن "تحت المستشفيات والمدارس والملاجئ".
من المعلوم أن سبب رفض وقف إطلاق النار إسرائيليا وأمريكيا وأطلسيا هو لتحقيق هدفين: تحرير الرهائن والقضاء على حماس. ليس فقط كميليشيا، بل كسلطة حاكمة للقطاع أو فيه. ماذا لو بادرت أو استجابت حماس أو طهران لإطلاق سراح الرهائن المدنيين؟ من الإنصاف أن يجيب كل من يريد تحميل القمة أو دولا بعينها فوق طاقتها على تلك الأسئلة التي سينجلي الكثير من إجاباتها مع أحد التطورين الميدانيين: تحرير الرهائن أو كشف ما تحت مجمّع الشفاء الطبي الذي سيظهر بطلان مزاعم إسرائيل أو حماس. حقن الدماء يستحق المحاسبة لا المكاشفة فقط.
بشار جرارباحث متخصص في قضايا محاربة الإرهاب وتعزيز حوار الأديانإسرائيلالسعوديةرأينشر الثلاثاء، 14 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: رأي
إقرأ أيضاً:
فتح تشير إلى "مباحثات إيجابية" مع حماس في القاهرة
أعلن قياديان في حركة فتح الفلسطينية، أن المحادثات التي تجمع الحركة مع وفد من حماس في القاهرة، تسير بخطى إيجابية، وهناك تفاؤل جيد وفرصة مواتية للتوصل إلى اتفاق.
وقال القياديان في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن التحدي الحقيقي يتمثل في إمكانية رفض إسرائيل لتمرير هذا الاتفاق، في حين يأتي دور المجتمع الدولي للضغط على حكومة نتنياهو في هذا الصدد، وأوضحا أن الحوار يدور حول تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وإغاثة المواطنين هناك.
وتواصل مصر جهودها مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، من أجل التوصل للتهدئة في قطاع غزة، والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
مصر تستضيف محادثات بين حركتي فتح وحماس لبحث الوضع في غزة بعد الحرب pic.twitter.com/Fdu3w5cHHG
— Reuters | عربي (@araReuters) November 2, 2024وقال مصدر مصري مطلع بحسب قناة "القاهرة الإخبارية"، أمس، إن حماس تتمسك بعدم تجزئة مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، خوفاً من تسليم الأسرى ثم عودة الجانب الإسرائيلي لإطلاق النار.