نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن توحّد الدول العربية والإسلامية في مطلب واحد لوقف إطلاق النار في غزة، والجهود المشتركة للضغط على الأطراف المعنية بهدف وقف التصعيد وتحقيق السلام في المنطقة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن زعماء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الذين اجتمعوا يوم السبت في المملكة العربية السعودية دعوا بالإجماع إلى وقف إطلاق النار في غزة وأدانوا "العدوان الإسرائيلي" في القطاع و"جرائم الحرب والمجازر الوحشية واللاإنسانية المرتكبة" من قبل حكومة الاحتلال.



وبينت الصحيفة أن العودة القوية للقضية الفلسطينية إلى الوعي العربي والإسلامي وموقف الانتظار والترقب الذي يتبناه المعسكر الغربي المنغلق على الدعم غير المشروط لإسرائيل، استدعى ردا قويا منهم. مع ذلك، تظل التصدعات القديمة في منطقة الشرق الأوسط أهم سبب يحول دون صياغة رؤية مشتركة لإنهاء الحرب ورسم أفق دبلوماسي "لليوم التالي".



وأضافت الصحيفة أن القمة المشتركة الاستثنائية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت تحت رعاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعد في حد ذاتها خطوة غير مسبوقة. وتماشيا مع النشاط الدبلوماسي الذي يمارسه في العديد من القضايا، تولى الأمير الشاب دوره كزعيم للعالم العربي الإسلامي من خلال دعوة حلفائه - العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - ومنافسيه - الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني - للتعبئة والتحرك من أجل غزة.

في الأثناء، أدان عشرات الزعماء العرب والمسلمين في البيان الختامي "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال"، وطالبوا بوقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما رفض الجميع التهجير القسري للفلسطينيين من القطاع إلى مصر أو من الضفة الغربية إلى الأردن ودعوا إلى وقف صادرات الأسلحة إلى الكيان الصهيوني ودعوا إلى إعادة إطلاق عملية السلام للسماح بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

الاختلافات

وجّه هؤلاء القادة كلمات قاسية تجاه إسرائيل ومؤيديها الغربيين. فقد ندد محمد بن سلمان، الذي كان متفائلا في أيلول/ سبتمبر بالتقدم في التطبيع مع إسرائيل، "بالحرب الهمجية" وقال إنه يحمّل "سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني"، مستنكرًا "عدم قدرة مجلس الأمن والمجتمع الدولي على وضع حد للانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية التي ترتكبها إسرائيل". وأضاف: "نحن على يقين بأن السبيل الوحيد لضمان الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستعمار".

في المقابل، لا يمكن مقارنة إداناته بخطابات الرئيس الإيراني رئيسي، الذي حث الدول الإسلامية على قطع علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الاحتلال وفرض عقوبات على النفط. وقال في كلمة له: "لا يوجد سبيل آخر سوى مقاومة إسرائيل، نحن نُقبّل أيدي حماس لمقاومتها ضد إسرائيل". كما دعا إلى وصف الجيش الإسرائيلي بأنه "منظمة إرهابية" مع ضرورية تسليح الفلسطينيين.



وأشارت الصحيفة إلى أن تعنت إيران، رأس حربة "محور المقاومة" لإسرائيل، ليس مفاجئا. ودعواته لعزل الكيان الصهيوني سياسيا واقتصاديا تتشاطرها بعض الدول العربية.

خلال الاجتماعات التحضيرية للجامعة العربية التي عقدت بين وزراء الخارجية نهاية الأسبوع، برزت خلافات بين هذه الدول، وهي نحو عشر دول بقيادة الجزائر، وبين الدول التي تريد الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل والوساطة الأمريكية في القضية الفلسطينية. ومن بين هذه الدول الإمارات العربية المتحدة والبحرين، الموقعتان على اتفاقيات إبراهيم لسنة 2020 مع إسرائيل، وكذلك المملكة العربية السعودية. وقد دفعت الخلافات العربية الرياض إلى دمج قمتي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، في اللحظة الأخيرة، اللتين كانتا من المقرر أن تعقدا بشكل مستقل.

الرياض تقف بعيدة عن النزاع

أدت هذه الاختلافات إلى تعقيد صياغة رؤية عربية مشتركة لفترة ما بعد الحرب. وقد دعا كافة الزعماء العرب المجتمع الدولي إلى اغتنام الفرصة التي تتيحها هذه الحرب لفرض تسوية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن لا يبدو أن أيا منهم يرغب في أخذ زمام المبادرة على المستوى الإقليمي. وحسب عالم السياسة ستيفان لاكرو "ترددت المملكة العربية السعودية، في بداية الصراع، في لعب هذا الدور القيادي لكنها قررت المماطلة لأن هناك الكثير مما يمكن خسارته. ولا أحد مستعد للقيام بهذا الدور: فمعظم هذه الدول لا تهتم، في أعماقها، بالفلسطينيين، وتريد أن ترى حماس في حالة ضعف. إنهم يقدمون الحد الأدنى من الخدمات لأن القضية الفلسطينية لا تزال مهمة بالنسبة لشعوبهم".

ومع ذلك، برز العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كصوت مهم للفلسطينيين. ففي ظل تدهور وضعه وصورته على رأس المملكة، فإنه يتعرض لضغوط من السكان الذين يشكل الفلسطينيون ثلثيهم، كما أنه يخشى نقل الفلسطينيين من الضفة الغربية. ويدعو في الأثناء إلى تعزيز السلطة الفلسطينية وإعادة إطلاق عملية السلام.

استأنفت مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي دورها التاريخي كوسيط مع غزة ربما خوفا من رؤية الصراع يمتد إلى أراضيها، وتدفق مليوني لاجئ من غزة، ما يدفعها إلى النضال من أجل توصيل المساعدات الإنسانية إلى القطاع. ومن جهتها، تتولى قطر دور الوسيط مع حماس التي تستضيف مكتبها السياسي في مسألة الرهائن.

من جهته، تمكن الملك عبد الله الثاني والرئيس السيسي من إقناع عرابيهم الخليجيين بدعم مواقفهم ضد واشنطن. وبضغط من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لوضع سيناريوهات ما بعد الحرب، يطالبون أولا بفرض وقف إطلاق النار. وسيكون التورط في العواقب بمثابة انتحار لهذه البلدان. وفي هذا السياق، أكد دبلوماسي غربي: "إنهم يخاطرون بأن يُنظر إليهم على أنهم متواطئون في المنطق العسكري الإسرائيلي".



لا تزال الرياض تقف بعيدا عن النزاع، وتدعم مبادراتهم. لقد تبنى ولي العهد السعودي موقفا قويا بشأن هذه القضية التي أصبحت مرة أخرى أساسية، والتي كان الضامن لها ذات يوم، لكنه حريص على الحفاظ على الديناميكية التي بدأها قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر: انفراج العلاقات مع إيران من ناحية، والتطبيع مع إسرائيل وتعزيز الاتفاقية الأمنية مع واشنطن من جهة أخرى.

إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين

أكدت فاتحة دازي هيني، المتخصصة في شؤون الخليج في معهد البحوث الاستراتيجية بالمدرسة العسكرية، أن "القضية الفلسطينية أصبحت مرة أخرى تقريبا مسألة سياسة داخلية للمملكة العربية السعودية". وأطلقت المملكة حملة لجمع التبرعات لغزة جمعت بفضلها أكثر من 150 مليون يورو من التبرعات من السكان منذ الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر. وهي تدعو مرة أخرى إلى تطبيق خطة السلام العربية، التي وضعها الأمير عبد الله سنة 2002، قبل اعتلائه العرش، والتي تشترط تطبيع العلاقات مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية.

وحتى دولة الإمارات العربية المتحدة، الأكثر تحفظا، بدأت تؤكد نفسها أكثر بشأن هذه القضية. تركز حكومة الإمارات العربية المتحدة على الاستجابة الإنسانية وتعمل كوسيط للأصوات العربية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي تحتل إحدى عشرة مقعدا من المقاعد غير الدائمة. وحسب دبلوماسي عربي، فإن أبوظبي تريد أن تلعب دورا في غزة، لكن الرياض تحاول استعادة السيطرة عندما تبدأ مفاوضات إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن السعودية لا تريد السماح لإيران بالاستمرار في فرض وجهات نظرها بشأن هذه القضية، ولا ترى أن الفرصة سانحة للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن تسوية القضية الفلسطينية أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، خطوة أساسية. وعموما، وحدها الرياض تستطيع أن تنجح في توحيد الصف العربي لدعم الحل السياسي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة الاحتلال حماس الجامعة العربية احتلال حماس غزة الجامعة العربية طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة العربیة السعودیة الدول العربیة عملیة السلام إطلاق النار مع إسرائیل عبد الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

لوموند: الإمارات تكسر الجبهة العربية ضد خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة

يمن مونيتور/قسم الأخبار

نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا بعنوان “الإمارات العربية المتحدة تكسر الجبهة العربية أمام دونالد ترامب” أكدت فيه أن الإمارات تشق الصف العربي، الذي بدا موحدا ضد طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهجير القسري لمليوني فلسطيني من قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن.

وأشارت الصحيفة في إلى أنه عند سُؤال يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن منذ 2008، عن وجود مقترح عربي بديل لإعادة إعمار الجيب الفلسطيني، فإنه أعرب عن شكوكه قائلاً: “لا أرى بديلاً عما يُعرض، حقًا لا. وإذا كان لدى أحد اقتراح، فنحن على استعداد لمناقشته واستكشافه، لكنه لم يظهر بعد”.

وكشف العتيبة أن الإمارات ستسعى لإيجاد أرضية مشتركة مع إدارة ترامب، وقال: “أعتقد أن النهج الحالي سيكون صعبًا. في النهاية، نحن جميعًا في رحلة بحث عن حلول، ولا نعلم بعد إلى أين سيقودنا هذا الطريق”.

وأكد التقرير الذي أعدته مراسلة “لوموند” في بيروت، هيلين سالون، أن هذه الشكوك تتعارض مع عزيمة الشركاء العرب في مواجهة خطة ترامب. فقد خطت مصر والأردن –اللتان اعتبرتا نقل الفلسطينيين قسريًا على أراضيهما خطًا أحمر– خطوة مبكرة بعدما أدركتا أن اقتراح الرئيس الأمريكي ليس مجرد هوس. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أول من صعد إلى الميدان وبدا متوتراً في هذا التمرين الحساس، وأشار خلال لقائه مع ترامب في واشنطن يوم 11 شباط/ فبراير إلى وجود خطة عربية بديلة.

من جهتها، أعلنت مصر عن عقد قمة عربية طارئة في القاهرة يوم 27 شباط/ فبراير لعرض هذا المقترح. وفي الوقت نفسه، برزت المملكة العربية السعودية منذ اندلاع حرب غزة كحامية لحل الدولتين باستضافة مجموعة اتصال عربية لمناقشة خطط ما بعد الحرب لإعادة الإعمار والحكم، وانضمت إلى الموقف الرافض بشكل قاطع لخطة ترامب.

وقد أبدت السعودية معارضة شديدة خاصة بعد أن شكك الرئيس الأمريكي في التزامها بإقامة دولة فلسطينية، فيما تحدث (بشكل مستفز) رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن المملكة تمتلك مساحة كافية لاستيعاب الفلسطينيين.

وفي مقابلة على قناة “سي إن إن”، شدد الأمير تركي الفيصل – رئيس المخابرات والسفير السعودي السابق في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – على التزام المملكة بالقضية الفلسطينية، ما فتح المجال لمعلقين سعوديين لإطلاق انتقادات لاذعة على نتنياهو ووصفوه بأنه “متطرف”.

وبحسب حسين إيبيش، خبير شؤون الخليج في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، فإن الإمارات لا تعارض موقفًا عربياً موحدًا لكنها تتخذ نهجًا أقل حدة تجاه خطة ترامب لشعورها بأنها عالقة في اتفاق مع ترامب ونتنياهو؛ بينما تأتي اللهجة الأشد من مصر والأردن بدعم من السعودية.

وأشار تقرير “لوموند” إلى تناقضات المواقف، وذكرت أنه في إطار اتفاقيات “أبراهام” التي وُقّعت في سنة 2020 مع كلٍ من البحرين والمغرب وترامب ونتنياهو، قامت الإمارات بتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ اندلاع حرب غزة، شددت الإمارات نبرتها ضد “إسرائيل” دون إعادة النظر في سياستها تجاه الدولة العبرية؛ إذ أكدت أبوظبي في 5 شباط/ فبراير رفضها القاطع لأي انتهاك لحقوق الفلسطينيين الثابتة أو محاولة تهجيرهم، مؤيدةً بذلك التزامها بإقامة دولة فلسطينية.

وتلفت “لوموند” إلى أنه مع ذلك، فقد ألمح يوسف العتيبة، المخضرم في التحركات الدبلوماسية بواشنطن، إلى شكوك بشأن قدرة الدول العربية على طرح خطة تنال رضا ترامب.

ونقلت عن عزيز الغشيان، خبير الشؤون السعودية، قوله إن “السعودية والدول الأخرى لا تستطيعان فعل الكثير سوى التأكيد على رفضهما؛ إذ إنهم سيطرحون خطة لتحويل طاقة دونالد ترامب إلى عملية سياسية”.

وأشارت “لوموند” إلى أنه بحسب قناة العربية السعودية، تفكر مصر في إنشاء مناطق أمنية لضمان عودة سكان غزة، مع تكليف شركات دولية بإعادة الإعمار بدعم عربي وأوروبي. وقد أكدت دول الخليج مرارًا استعدادها لتقديم دعم مالي وسياسي ولوجستي كبير لإعادة إعمار غزة تحت الحكم الفلسطيني.

 

 

مقالات مشابهة

  • رئيس الكونجرس اليهودي يتطلع لمقترح مصر بشأن القضية الفلسطينية.. ويؤكد: السلام يتحقق بحل الدولتين
  • حدث ليلا| مدبولي يؤكد على موقف مصر الثابت بشأن القضية الفلسطينية.. وافتتاح معرض أهلًا رمضان
  • زيلينسكي يشترط الاتفاق على خطة مشتركة بين الحلفاء حتى يلتقي ببوتين وجها لوجه
  • وزير الصحة: جامعة الدول العربية شريك مهم لمصر في دعم القضية الفلسطينية
  • لوموند: الإمارات تكسر الجبهة العربية ضد خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • حركة فتح: الدول العربية تعمل على بلورة آلية لإدارة غزة بعد الحرب
  • وزير أردني سابق: الموقف المصري الأردني ثابت في دعم القضية الفلسطينية
  • مصطفى حسني: أساند بلدي قيادة وجيشا وكل أجهزة الدولة بشأن القضية الفلسطينية
  • رئيس الوزراء: القضية الفلسطينية تعد من أولويات مصر في العمل العربي والاقليمي
  • رئيس مجلس الوزراء: موقف مصر ثابت بشأن القضية الفلسطينية