دعم أميركا العسكري لأوكرانيا مرشح للتراجع لصالح إسرائيل
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن أوكرانيا تعاني من نفاد المال والوقت، في وقت تراجع فيه اهتمام الكونغرس بتمويل حربها ضد القوات الروسية إلى أقل مستوى من أي وقت مضى، وقد تكون المنافسة المتزايدة مع أولويات الأمن القومي الأخرى -بما في ذلك إسرائيل والحدود الجنوبية للولايات المتحدة- ناقوس الخطر لاستمرار المساعدات الأميركية لحليفها الأوروبي المحاصر.
وأكدت الصحيفة أن الديمقراطيين والجمهوريين قد ألمحوا إلى هذا الاحتمال في الأيام الأخيرة، بينما يندفع الكونغرس نحو إغلاق الحكومة ولا يملك أي فرصة تقريبا لربط مساعدات أوكرانيا بأي إجراء يهدف إلى منع ذلك. وفي الوقت نفسه، حذر البنتاغون من أن مخصصاته الخاصة بكييف أصبحت "أصغر فأصغر".
ونقلت واشنطن بوست عن السيناتور كريستوفر كونز (ديمقراطي عن ولاية ديلاوير) قوله لزملائه في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، خلال جلسة استماع الأسبوع الماضي، "نحن معرضون لخطر الإخفاق، ومنح بوتين النصر عندما كان على وشك الهزيمة".
وقالت الصحيفة، إن أمام الكونغرس أقل من أسبوع لصياغة مشروع قانون قصير الأجل لتجنب إغلاق الحكومة، قبل انتهاء التمويل الفدرالي بعد منتصف ليل السبت المقبل. وحتى ذلك الحين، تضيف الصحيفة، ربما يتعين على المشرّعين قضاء الشهرين المقبلين في محاولة التوفيق بين الخلافات العميقة لتمرير خطط تمويل أكبر للعام المقبل.
وذكرت واشنطن بوست أن الكونغرس خصص حتى الآن حوالي 113 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022، لأجل توفير المركبات المدرعة وأنظمة الدفاع الجوي والمدفعية والطائرات دون طيار والذخائر وغيرها، التي استخدمتها القوات الأوكرانية لمواجهة القوات الروسية.
وأوضحت الصحيفة أن طلب الرئيس جو بايدن لأوكرانيا هو جزء من حزمة الأمن القومي بقيمة 106 مليارات دولار التي ستوفر -أيضا- تمويلا طارئا لإسرائيل وهي تشن حربا انتقامية في قطاع غزة، بعد أن هجم مسلحو حماس عبر الحدود الشهر الماضي، ولمبادرات الردع الصينية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومعالجة الزيادة في الهجرة غير القانونية عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وأشارت الصحيفة إلى أن شهية المشرعين الجمهوريين لتقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا ظلت تتراجع لأشهر عدة، حتى قبل أن يخفق هجوم أوكرانيا الصيفي في تحقيق أي اختراقات دراماتيكية، كما أظهرت استطلاعات الرأي انخفاضا في الدعم الشعبي الأميركي الذي كان قويا ذات يوم.
ونقلت الصحيفة عن السيناتور الجمهورية سينثيا لوميس قولها، إن ناخبيها الجمهوريين "يرون أن إسرائيل، في الوقت الحالي، تمثل أولوية أعلى، وأنه إذا احتجنا لاحقا إلى إعادة النظر في بعض هذه الأمور الأخرى والأولويات السابقة، سيكون من المناسب القيام بذلك".
وذكرت واشنطن بوست أن مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون وافق في وقت سابق من هذا الشهر على مشروع قانون لدفع مبلغ 14 مليار دولار طلبته الإدارة لإسرائيل من خلال تخفيضات في دائرة الإيرادات الداخلية، لكن مشروع القانون لم يكن مقبولا في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، وقال البيت الأبيض، إن بايدن سيستخدم حق النقض ضده. لكن العديد من الجمهوريين يقولون، إنهم ما زالوا غير مستعدين لتمرير المساعدات الإسرائيلية –الجانب الأكثر شعبية في طلب بايدن– كونها الصفقة الشاملة التي كان البيت الأبيض ومؤيدو أوكرانيا يأملون في رؤيتها.
وقال النائب مارك ألفورد (الجمهوري عن ولاية ميسوري)، "أعتقد أن تمويل أوكرانيا، إذا كان يستحق القيام به، يجب أن يقدم بمفرده لا ينبغي له بأي حال من الأحوال أن يكون مرتبطا بإسرائيل".
وقالت الصحيفة، إن المسار المحتمل للمضي قدما الذي هو قيد المناقشة بمجلس الشيوخ قد يكون الجمع بين المساعدات لأوكرانيا مع الأموال لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وهي أولوية قصوى للحزب الجمهوري.
ونقلت الصحيفة عن سابرينا سينغ، المتحدثة باسم البنتاغون قولها، إن حالة عدم اليقين في الكونغرس دفعت وزارة الدفاع إلى "تقليص" الأموال المخصصة التي لا تزال متاحة للمساعدة الأمنية لأوكرانيا، التي بلغت حتى يوم الخميس الماضي حوالي مليار دولار. وبلغ مجموع حزم المساعدات الأخيرة أقل من 200 مليون دولار مقارنة مع شحنات أسلحة سابقة بلغ مجموعها مليار دولار أو أكثر. وقالت سينغ، "سنواصل طرح الحزم لكنها أصبحت أصغر".
وقال مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، أمس الاثنين، إن قدرة الولايات المتحدة على "التمويل الكامل" لاحتياجات أوكرانيا "تصبح أصعب فأصعب" مع مرور كل أسبوع. وقال للصحفيين، "النافذة تغلق".
الرئيس الأوكراني يتفقد قوات بلاده على إحدى جبهات القتال (رويترز)
وقالت واشنطن بوست، إن أوكرانيا تواجه -كذلك- عجزا هائلا في الميزانية يبلغ 35 مليار دولار للعام المقبل، ومن المتوقع أن يغطي الداعم الرئيس الآخر لها، الاتحاد الأوروبي، ثلث هذا المبلغ فقط. واعتمدت الدولة السوفياتية السابقة على التمويل الأميركي لتحافظ حكومتها على العمل بينما تحاول روسيا ضربها اقتصاديا.
وقد حذر مسؤولون أميركيون المشرعين الأسبوع الماضي من أن الإخفاق في إقرار مساعدات اقتصادية أميركية إضافية لأوكرانيا، ربما يجبر البلاد على خفض أعداد كبيرة من العاملين والخدمات الحكومية.
ونقلت الصحيفة عن إيرين ماكي، المدير المساعد لأوروبا وأوراسيا في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قولها، إنه "دون المزيد من الاعتمادات، ستحتاج حكومة أوكرانيا إلى استخدام تدابير الطوارئ؛ مثل: طباعة النقود أو عدم دفع الرواتب الحرجة، الأمر الذي قد يؤدي إلى التضخم المفرط، ويلحق أضرارا جسيمة بالمجهود الحربي".
وقالت الصحيفة، إن المسؤولين الأوكرانيين يكثفون اتصالاتهم مع المشرعين الجمهوريين ويأملون في إثنائهم عن تجاهل بلادهم. وقال أندريه ييرماك، أحد كبار مساعدي الرئيس فولوديمبر زيلينسكي، إن انتصار أوكرانيا "ليس مصلحتنا الإستراتيجية فقط، إنها مصلحة الولايات المتحدة أيضا". وحذر من أن "نقاط عدم الاستقرار ستنشأ في جميع أنحاء العالم حتى تنتصر أوكرانيا"، في إشارة إلى الصراع في الشرق الأوسط والتوترات في البلقان.
كما نفّذ وفد من الزعماء الدينيين الأوكرانيين بجولة في الولايات المتحدة للمطالبة بالتمويل، حيث يأمل بعضهم في كييف أن تلقى رسالتهم الدينية صدى لدى رئيس مجلس النواب مايك جونسون (جمهوري من لوس أنجلوس) على وجه الخصوص، وهو معمداني متدين الذي أعرب عن شكوكه بشأن استمرار المساعدات لأوكرانيا. وقال لصحيفة نيويورك بوست الأسبوع الماضي، إنه سيكون "مسؤولا بشكل كبير" عن تمويل المساعدات باستخدام 300 مليار دولار من الأصول الروسية، التي استُولي عليها، وهي فكرة قال، إنها تحظى بشعبية لدى الجمهوريين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة واشنطن بوست ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
في المحاضرة الرمضانية الـ 12 للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أشار إلى حقيقة صارخة لا يمكن إنكارها: الفرق الشاسع بين الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وبين تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية، هذه المقارنة تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول طبيعة المواقف السياسية، ومعايير “الإنسانية” التي تُستخدم بمكيالين في القضايا الدولية.
أوروبا وأوكرانيا.. دعم غير محدود
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الدول الأوروبية، مدعومةً من الولايات المتحدة، إلى تقديم كل أشكال الدعم لكييف، سواء عبر المساعدات العسكرية، الاقتصادية، أو حتى التغطية السياسية والإعلامية الواسعة، ولا تكاد تخلو أي قمة أوروبية من قرارات بزيادة الدعم لأوكرانيا، سواء عبر شحنات الأسلحة المتطورة أو المساعدات المالية الضخمة التي تُقدَّم بلا شروط.
كل ذلك يتم تحت شعار “الدفاع عن السيادة والحق في مواجهة الاحتلال”، وهو الشعار الذي يُنتهك يوميًا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين دون أن يواجه أي ضغط حقيقي من الغرب، بل على العكس، يحظى بدعم سياسي وعسكري غير محدود.
العرب وفلسطين.. عجز وتخاذل
في المقابل، تعيش فلسطين مأساة ممتدة لأكثر من 75 عامًا، ومع ذلك، لم تحظَ بدعم عربي يقترب حتى من مستوى ما قُدِّم لأوكرانيا خلال عامين فقط، فالأنظمة العربية تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، فيما تواصل بعضها خطوات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض صارخ مع كل الشعارات القومية والإسلامية.
لم تُستخدم الثروات العربية كما استُخدمت الأموال الغربية لدعم أوكرانيا، ولم تُقدَّم الأسلحة للمقاومة الفلسطينية كما تُقدَّم لكييف، ولم تُفرض عقوبات على إسرائيل كما فُرضت على روسيا، بل على العكس، أصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني سياسة علنية لدى بعض العواصم، وتحول الصمت العربي إلى مشاركة غير مباشرة في استمرار الاحتلال الصهيوني وجرائمه.
المقاومة.. الخيار الوحيد أمام هذه المعادلة الظالمة
في ظل هذا الواقع، يتجلى الحل الوحيد أمام الفلسطينيين، كما أكّد السيد القائد عبدالملك الحوثي، في التمسك بخيار المقاومة، التي أثبتت وحدها أنها قادرة على فرض معادلات جديدة، فمن دون دعم رسمي، ومن دون مساعدات عسكرية أو اقتصادية، استطاعت المقاومة أن تُحرج الاحتلال وتُغيّر قواعد الاشتباك، وتجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء.
وإن كانت أوكرانيا قد حصلت على دعم الغرب بلا حدود، فإن الفلسطينيين لا خيار لهم سوى الاعتماد على إرادتهم الذاتية، واحتضان محور المقاومة كبديل عن الدعم العربي المفقود، ولقد أثبتت الأحداث أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحداث تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بينما لم يحقق التفاوض والتطبيع سوى المزيد من التراجع والخسائر.
خاتمة
عندما تُقاس المواقف بالأفعال لا بالشعارات، تنكشف الحقائق الصادمة: فلسطين تُترك وحيدة، بينما تُغدق أوروبا الدعم على أوكرانيا بلا حساب، وهذه هي المعادلة الظالمة التي كشفها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حيث يتجلى التخاذل العربي بأبشع صوره، ما بين متواطئ بصمته، ومتآمر بتطبيعه، وعاجز عن اتخاذ موقف يليق بحجم القضية.
إن ازدواجية المعايير لم تعد مجرد سياسة خفية، بل باتت نهجًا مُعلنًا، تُباع فيه المبادئ على طاولات المصالح، بينما يُترك الفلسطيني تحت القصف والحصار. وكما أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي، فإن المقاومة وحدها هي القادرة على إعادة التوازن لهذه المعادلة المختلة، مهما تعاظم التواطؤ، ومهما خفتت الأصوات الصادقة.