لجريدة عمان:
2024-12-26@02:54:45 GMT

«الدلالة» في عيون أحد روّادها

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

«الدلالة» في عيون أحد روّادها

منذ 35 عامًا وتحديدًا منذ أن وطئت قدماه عرصة المناداة بسوق نزوى عام 1988 لم تفقد عرصات السوق الدلال سالم بن خلفان بن صالح البطراني أشهر منادٍ أو دلّال بالولاية إلا فيما ندر، حيث حفر اسمه كواحد من أبرز ممارسي هذه المهنة وأصبح مضربًا للأمثال بتفانيه في هذه المهنة التي يكتسب منها عيشه ووفّرت له ولأسرته الرفاهية والاستقرار على مدى هذه الفترة الطويلة.

ولمهنة الدلالة قواعد وأعراف لمن يمتهنها فهي ليست مجرد مزايدة على سلعة بل يتعدّى ذلك إلى أخلاق وقيم عليا وأمانة لمن يمتهنها حفاظا على حقوق الناس نتعرّف عليها من خلال هذا الحوار مع سالم البطراني الذي قال: بدايتي مع هذه المهنة كانت في عام 1988 وكان عمري في ذلك الوقت 8 سنوات، وامتهنتها بحثًا عن بعض المال نظرًا لضيق ذات اليد حيث شجّعني الدلال سالم بن علي الرميضي (رحمه الله) بعد أن توسّم فيّ النباهة وكان ذلك خلال فترة الإجازة الصيفية وحثّني على امتهانها مؤقّتًا لمساعدة نفسي وأهلي بما تجود به هذه المهنة من دخل وفق قدراتي رغم أنني كنت أول شخص من الأسرة يمارس مهنة الدلالة، مضيفًا إنه بدأ فعليًا في ممارسة المهنة بعد متابعة الدلالين في عرصات السوق كثيرًا ومراقبة أدائهم وكيفية عرض البضائع للمشترين.

مهنة قديمة

وتابع قائلا: الدلالة مهنة معروفة وقديمة قدم الأسواق وتعتبر بمفهومها البسيط وساطة بين البائع ومن يرغب في الشراء حيث يجلب البائع بضاعته للسوق ويقوم الدلال بمعاينتها وتقدير قيمتها ثم يعرضها على العامة، وللدلالة في سوق نزوى أهمية كبيرة نظرًا لحركته القوية وما تتوفر فيه من أصناف المعروضات بشتّى أنواعها كذلك وجود الكثير من الباعة والمشترين من خارج الولاية ومن ولايات عديدة يعرضون بضائعهم ومنذ القدم كانت البضائع تتوارد على السوق وكان يعجّ بالحركة والنشاط طيلة أيام الأسبوع، ثم بدأت أيام المناداة والمزادات تتقلّص حيث تنشط يومي الجمعة والسبت وتنخفض باقي الأيام بل إن بعض العرصات لا تعمل سوى يومين كعرصة مناداة الأبقار والأغنام عدا الأيام التي تسبق عيدي الفطر والأضحى بينما باقي أيام العام تقام يومي الجمعة والسبت.

وعن رأيه في أهمية الدلالة وهل لها ذات الجدوى السابقة قال: نعم لا يزال لديها القوة نفسها والمستوى نفسه، فالمناداة أو ما يعرف حديثًا بالمزايدة تعطي للبضاعة قيمتها الحقيقية غالبًا، كما أنها تمنع الاحتكار وتتاح لكافة الناس المزايدة وفق إمكانياتهم ورؤيتهم للبضائع المعروضة وتعرّف الناس بمميزات البضاعة وجودتها، كما تتيح للراغب في المزايدة النظر في البضاعة وتمعّنها خاصة إذا كانت من أصناف الفواكه والخضار والتمور والمواشي ليكون على بيّنة من أمره قبل رسوّ المزاد عليه.

معاملات أفضل

وتطرّق البطراني، في حديثه إلى تطوّر حالة المهنة منذ بدايتها وحتى الآن فقال: في السابق كانت المعاملة أفضل بين الجميع وكان الباعة والمشترون أكثر حرصًا على حقوق الناس وغالبًا لا تتم المزايدة الكيدية بمعنى قيام شخص برفع السعر بغية الاحتكار أو غمط حق الآخرين وكذلك التفاهم بالمعروف والطيب لكي نصل لحل وسط في حالة حدوث أي خلاف وغالبًا ما يتم الاتفاق بين البائع والمشتري وفق الأعراف والتقاليد ولا يتم اللجوء للتشريعات إلا في آخر الحلول وكانت قلوب الناس أصفى من الوقت الحالي حيث نجد خلال هذه الفترة لا مبالاة من المزايدين، إذ يقوم البعض بالمزايدة لرفع السعر ثم يختفي من المشهد ونضطر للبدء من جديد كذلك يقوم البعض بعد رسو المزاد عليه بدفع جزء من السعر ثم يماطل في تسديد ما يتبقى عليه من حقوق إضافة إلى عدم اقتناع بعض المشترين بالبضاعة عند رسو المزايدة عليهم وفي هذه الحالة نقوم بإعادة المزايدة من جديد في حالة كان البائع موجودا وبرضاه أما في حالة عدم موافقة البائع أو مغادرته لمكان المزايدة يلتزم من رسا عليه المزاد بالوفاء بالتزامه.

بدايته وتطوّره

يستعيد سالم البطراني ذكرياته الأولى حيث يقول: كانت بدايتي مع الأغنام لسهولة اقتيادها ثم انتقلت إلى الأبقار وظللت فترة طويلة قرابة ثماني سنوات في مناداة المواشي والمردود في السابق كان قليلًا لكنه كافٍ في ذلك الوقت حيث يصل بين عشرة ريالات وخمسة عشر ريالًا في اليوم ويزيد قليلًا وقت الذروة خلال نهاية الأسبوع أو الأعياد، أما عن النسبة التي يحصل عليها الدلال فهي حسب المتعارف عليه قانونًا 6% من قيمة الشراء لكن ينخفض المبلغ قليلًا وفق الاتفاق بين الأطراف الثلاثة البائع والمشتري والدلال لتيسير عملية البيع؛ بعد ذلك ونظرًا لتقلّص حركة المناداة على المواشي واقتصارها على يومي الإجازة والأعياد بدأت في العمل في قاعات أخرى حيث انتقلت إلى الخضروات والفواكه ثم مارست المناداة في بعض الأصناف الأخرى كالأسلحة «السيوف والخناجر والبنادق» وأحيانًا المزايدة على البيوت وخلايا العسل وغير ذلك حيث إن عرصات سوق نزوى متنوعة وتنقسم إلى أربعة أقسام رئيسية هي مناداة المواشي والأسماك والخضروات والفواكه والأسلحة كذلك هناك ساحة لمناداة السيارات ولكن تم إلغاؤها حاليًا وتتم بطريقة ودية وغير معتمدة كساحة مناداة.

مواسم مختلفة

تحدّث البطراني عن أهم ما يميّز سوق نزوى من خلال ما يعرض فقال: سوق نزوى مقصد للجميع من كل ولايات سلطنة عمان وشهرته خرجت إلى خارج الحدود حيث يرتاد السوق خلال هذه الفترة وخاصة أيام الجمعة مرتادون من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وأحيانًا من البحرين وقطر إضافة إلى الكثير من المقيمين في البلاد حيث يشتهر بوجود البضائع الموسمية فمثلًا خلال شهر يناير ومع بدء موسم الطلع في النخيل يتم عرض عذوق النبات بمختلف أنواعها وهي عديدة ولا تتوفر غالبًا بأنواعها إلا في سوق نزوى حيث تجلب من خارج الولاية كذلك موسم بداية القيظ وجلب أصناف من الرطب ثم موسم الأمباء الأخضر «المانجو» الذي يجلب من ولايات شمال الباطنة وولاية قريات والموز من شمال الباطنة والفيفاي من محافظة ظفار وقريات وكذلك خلايا النحل من ولاية الرستاق وما جاورها ومنتجات ولاية الجبل الأخضر حيث يعتبر سوق نزوى مكانًا مثاليًا لتسويقها وخاصة الرمّان كذلك منتجات الثوم والبصل من جبل شمس بولاية الحمراء والتمور من ولايات الداخلية والظاهرة وبالتالي أصبحت للسوق قوة كبيرة ناهيك عن الأغنام التي تجلب من شتى الولايات بالمحافظة وولايات شمال الشرقية وعبري كذلك هناك مناداة للأسلحة كالسيوف والخناجر والبنادق المتنوعة «الكند والصمع والسكتون» وهي ترفد السوق بمزيدٍ من المرتادين ويقومون بالمزايدة حيث يعرفون الطريقة والسوق مفتوح ومتاح للجميع.

مشاهير الدلالين

تناول سالم البطراني في حديثه أشهر من مرّ على السوق من الدلالين والمزايدين فقال: الناس ما زالت تتذكّر الكثير من الدلالين ذوي السمعة الطيبة والمعاملة من أمثال سالم بن علي الرميضي وسالم بن حمد الحوسني وعزيز بن مسعود الرميضي ومسلّم بن محمد العفيفي (رحمهم الله جميعًا) وكذلك ممن على قيد الحياة سالم بن عامر الرميضي ومسلّم بن محمد الرميضي وخلفان بن حمد أمبوسعيدي وغيرهم وللكثير منهم ذكريات ومواقف مع مهنة الدلالة وبعض هؤلاء الدلالين أورثوا المهن لأبنائهم ولكن الغالبية لا يمارس المهنة بصفة مستمرة بل موسمية ويترفّعون عنها رغم أنها تحقق عائدًا مجزيًا وخاصة في البضائع ذوات الأثمان الغالية كالبيوت حيث يحدث أحيانًا أن يتم بيع منزل بـ50 ألف ريال عماني فيكون نصيب الدلال قرابة ثلاثة آلاف ريال عماني كذلك في حالة الخناجر الثمينة ذوات القرن الهندي التي تصل قيمتها إلى ستة آلاف ريال عماني فيكون نصيب الدلال ما يزيد على 250 ريالا عمانيا وهكذا.

مواقف وحكايات

ينتقل بنا الحديث إلى أهم المواقف والحكايات التي يصادفها الدلال فيقول: هناك الكثير من المواقف التي تحدث من بينها تراجع المشتري عن إتمام عملية الشراء وهروب بعض المشترين بسبب عدم توفر النقد لديهم والدفع بالآجل حيث يقوم الدلال بدفع المبلغ للبائع ثم يقوم المشتري بالتقسيط وأحيانًا يتهرّب كذلك عرض سلع ثم يتراجع أصحابها عن بيعها أو عرض سلع وخروج أصحابها وعدم التعرّف عليهم ومن بين المواقف التي تثير الدلال هو تفاهم البائع والمشتري بعد مدة من الدلالة حيث يبقى الدلال خارج اللعبة ولا يستوفي حقه وهذا يحدث كثيرا في السيارات حيث يضع الباعة أرقام هواتفهم في السيارات ويقوم من له رغبة بالتواصل مع البائع ويبقى الدلال دون حقّه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه المهنة الکثیر من سالم بن فی حالة

إقرأ أيضاً:

“الدكاكين الإعلامية .. تهديد لمصداقية الإعلام وتفريغ للمهنة من قيمها”

بقلم : سمير السعد ..

الإعلام، باعتباره السلطة الرابعة، يحمل على عاتقه مسؤولية نقل الحقيقة ومتابعة الأحداث بشفافية ومهنية. لكن ما نراه اليوم من انتشار واسع لما يُسمى بـ”الدكاكين الإعلامية” يهدد هذا الدور ويضرب مصداقية المهنة في الصميم.
هذه الظاهرة أصبحت تتفاقم بشكل كبير، حيث تحولت المهنة إلى تجارة تُباع فيها الألقاب الصحفية لمن يدفع. فمن يريد أن يصبح مراسلاً أو محرراً أو حتى كاتباً صحفياً، ليس عليه سوى دفع مبلغ من المال ليحصل على “باج” صحفي ودور إعلامي مزيف.
غياب الردع القانوني وبيئة حاضنة مشبوهة
المثير للقلق هو غياب الرقابة القانونية والرادع الأمني، ما سمح لهذه الممارسات بالنمو والانتشار. بل وأكثر من ذلك، هناك بعض المسؤولين الذين يوفرون بيئة حاضنة لهذه الظاهرة، ليس بدافع الإيمان بحرية الإعلام، بل لتحقيق مصالح انتخابية أو شخصية.
بعض هؤلاء المسؤولين يستخدمون هذه “الدكاكين الإعلامية” كأداة لتلميع صورتهم عبر ما يُسمى بـ”الذباب الإلكتروني”، حيث يتم توظيف هؤلاء “الإعلاميين المزيفين” لنشر الإشاعات أو تحسين صورة شخصيات معينة على حساب الحقيقة والمصداقية.

“تأثير خطير على المهنة”
إن هذه الممارسات لا تسيء فقط للمهنة، بل تؤثر سلباً على مصداقية الإعلام الحقيقي. فالناس باتوا يشككون في كل ما يُنشر، ويميلون إلى تعميم الصورة السلبية على كل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ما يخلق فجوة كبيرة بين الجمهور والإعلام.
المسؤولية على عاتق الجهات المعنية
السؤال الذي يطرح نفسه هو ، أين دور الجهات الأمنية والقانونية من هذه الظاهرة؟ ولماذا لا تتم متابعة هذه “الدكاكين الإعلامية” ومحاسبة القائمين عليها؟
المطلوب اليوم ليس فقط وضع حد لهذه الممارسات، بل العمل على تعزيز مكانة الإعلام الحقيقي من خلال ..
تشديد الرقابة القانونية لضمان عدم إصدار باجات أو تراخيص إلا وفق معايير مهنية دقيقة كما هو معمول في نقابة الصحفيين التي هي الخيمة الشرعية التي تحتضن الصحفيين الحقيقيين وواجب التعامل معها وملزم .
ايضا ملاحقة المتجاوزين قانونياً بما يشمل الأفراد والمؤسسات التي تروج لهذه الظاهرة.
وتعزيز الثقافة الإعلامية لدى الجمهور لتفريق الإعلام الحقيقي عن المزيف.
اخيرا ، الإعلام هو مرآة المجتمع وصوت الحقيقة، وأي عبث بمصداقيته هو عبث بمستقبلنا. على الجميع أن يدرك أن حرية الإعلام لا تعني الفوضى، وأن المهنة يجب أن تبقى قائمة على معايير أخلاقية ومهنية صلبة لا تقبل المساومة.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • فن «التقليم والتلقيح» على المرتفعات لكسب الرزق.. «يا طالع النخلة»
  • “الدكاكين الإعلامية .. تهديد لمصداقية الإعلام وتفريغ للمهنة من قيمها”
  • 14.5 مليون ريال لمشاريع خدمية وتنموية بالداخلية
  • أورمان الشرقية: تنفيذ 11,496عملية عيون للمرضى غير القادرين بالشرقية
  • تعرف على المهنة الأعلى أجرًا في تركيا
  • جامعة نزوى تسلط الضوء على "تقنيات أشباه الموصلات" بمشاركة خبراء من تايوان
  • بعد سقوط الأسد..عيون تركيا على الصفقات مع سوريا
  • "المهنة الموسيقية" تكتشف هويته أخيرًا .. من هو المطرب تووليت؟
  • محافظ السويس يتفقد مدرستي عيون موسى وعرب الشط بحي الجناين
  • رئيس بنما رداً على ترامب: هذه بلادنا وستظل كذلك