ثلثهم من الأطفال.. أحكام مشددة لمعتقلي احتجاجات فرنسا ودعوات لمعاقبة الآباء
تاريخ النشر: 8th, July 2023 GMT
باريس- بعد أسبوع من مقتل الفتى نائل (17 عاما) على يد شرطي في منطقة نانتير بضواحي باريس، بدأت المحاكم الفرنسية بإصدار أول قراراتها المتعلقة بالمحتجزين في أعمال الشغب التي انتشرت في كل أنحاء البلاد.
واعتبر محامون والأسر أن الأحكام الصادرة بحق الشباب المعتقلين قاسية، إذ تتراوح بين 4 أشهر و18 شهرا في السجن، فيما أعرب سياسيون عن دعمهم للعقوبات.
وقدّم وزير الداخلية جيرالد دارمانان تقييما للأضرار منذ بدء أعمال الشغب في 27 يونيو/حزيران الماضي خلال نقاشات بمجلس الشيوخ، مشيرا إلى أن الشرطة اعتقلت قرابة 4 آلاف شخص، 60% منهم لا يملكون ملفا جنائيا، وتتراوح أعمراهم بين 17 و18 سنة.
عقوبات قاسية
في هذا السياق، قالت المحامية الفرنسية كامي فانييه إن "العقوبات قاسية وثقيلة جدا مقارنة بما يمكن أن نراه عادة في المثول الفوري المنهجي"، مضيفة "تم تحويل كل المعتقلين إلى المحكمة للحصول على حقائق بشأن الاحتجاجات في إجراء طارئ وسريع يسمح للمدعي العام بمحاكمة الشخص فورا واحتجازه، وهذا الأمر لم يكن يطبق من قبل في حالات مشابهة".
وأشارت فانييه، التي تتابع ملفات معتقلين في منطقة سين سان دوني بضواحي باريس، إلى أنه على الرغم من أن بعض الشباب المعتقلين يملكون ملفات جنائية نظيفة، فقد ألقي القبض عليهم ومثلوا أمام المحكمة على الفور.
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت المحامية أنه "يتم اللجوء إلى المثول الفوري المنهجي عادة في قضايا السجن لمدة سنتين (أو 6 أشهر) وحتى 10 سنوات في حالة التلبس بالجرم، مع إمكانية إضافة غرامات بحسب الجرائم المرتكبة".
جدير بالذكر، أن ثلاثة قضاة يتخذون القرار بعد الاستماع إلى الأشخاص، ويطلب المدعي العام أحكاما مشددة، وذلك تطبيقا للأوامر التي تلقتها النيابة من وزير العدل الفرنسي إريك دوبون موريتي، بموجب تعميم أرسله بتاريخ 30 يونيو/حزيران الماضي.
وطالب موريتي في التعميم أن يتم فرض عقوبات صارمة، ولا سيما "على من ينهب ممتلكات الأشخاص الشرفاء وعلى كل من يعتدي على السلامة الجسدية لعناصر الشرطة".
وشدد وزير العدل على أن "المأساة التي حدثت في نانتير وموت هذا الصبي، لا يمكن أن تكون ذريعة لهذه الفظائع التي نحن جميعا ضحايا لها".
وأكدت المحامية فانييه أنهم "يريدون تسريع تنفيذ الأحكام من خلال أمر الإحالة، وطلب الوزير من المدعي العام أن يكون حازما للغاية"، معتبرة أن "السجن لم يكن الحل الوحيد لقضايا المعتقلين وفقا للملفات التي تمكنت من دراستها ومتابعتها".
ويعني أمر الإحالة في القانون الفرنسي: إرسال المتهم مباشرة إلى السجن، مما جعل عددا من محامي الأسر يطرحون تساؤلات جوهرية، على رأسها: لماذا السجن هو الحل الوحيد؟
القاصرون.. ملف شائك
يشكّل الأطفال القاصرون ثلث عدد المعتقلين المتهمين بإثارة الشغب، وتقدر أعدادهم بنحو 1120 قاصرا، وفق وزارة الداخلية الفرنسية.
وعن هذا الملف الشائك، أوضحت نادية بديار المختصة في قانون الأحداث الأستاذة في جامعة ليل الكاثوليكية أنه بعد احتجاز القاصرين في مراكز الشرطة، تم تقديمهم إلى النيابة العامة من أجل تقديم بديل للمحاكمة، مثل إجراء جبر الضرر أو الوساطة أو تركيبة جنائية.
من جانبها، قالت المحامية كامي فانييه إن القاصرين "لن يخضعوا لإجراءات قانونية مشددة، وسيتم النظر في قضاياهم من قبل قضاء الأحداث، لأن تقديم المثول الفوري لهم ممنوع في القانون".
ووفقا لأوامر وزير العدل، فقد تم إرسال القاصرين المعتقلين إلى المحكمة في نهاية فترة احتجازهم لدى الشرطة، على أن يحضروا جلسات استماع في وقت لاحق، وفي غضون ذلك سيكونون في منازلهم بدل مراكز الاعتقال.
في المقابل، أكد الحزب الجمهوري ضرورة تطبيق المثول الفوري للقاصرين، مطالبين الحكومة بتحميل والدي المعتقلين القاصرين المسؤولية الجنائية، في حالة عدم احترام الالتزام القضائي الذي سيخضع له أطفالهم.
كما طالب الحزب بإعادة تطبيق قانون "سيوتي" (Ciotti) لمحاربة التغيب عن المدرسة، الذي تم التصويت عليه في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، ويمكن أن يصل إلى حد "تعليق أو حتى إلغاء البدلات المدرسية".
وعن إمكانية اللجوء للاستئناف، أوضحت المحامية فانييه أن "الأحكام قابلة للاستئناف، لكن المشكلة تتمثل في أن مدة العقوبات تعتبر قصيرة نسبيا، أي أننا لا نتحدث عن استئناف حكم مدته 10 سنوات. كما أن الجلسات في محكمة الاستئناف غالبا ما تتم عندما تقترب مدة السجين من الانتهاء، مما سيثني المعتقلين عن تقديم هذه الطلبات".
دعم سياسي للعقوبات
بدوره، قال رئيس الحزب الجمهوري إريك سيوتي -في مؤتمر صحفي الخميس- إنّ "ما حدث يتطلب تغيير إطار العمل، وأي تقاعس سيُنظر إليه على أنه ضعف"، واصفا أعمال الشغب بـأنها "خطيرة وتهدد الجمهورية".
وفي سياق متصل، قدّم الجمهوريون سلسلة من 34 إجراء عقابيا وهجريا وتعليميا، من المقرر طرحها في شكل مشاريع قوانين في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في الأيام المقبلة، كما تضمنت مطالبهم تشديد قوانين الهجرة ووضعها على جدول أعمال الحكومة.
من جانبها، اعتبرت حليمة فوفانا الكاتبة السابقة في محكمة إيفري، في مقابلة تلفزيونية، أن العقوبات يجب أن تكون حازمة حتى يُقدَّم المعتقلون "مثالا" لمن يفكر في الشغب.
كما أرسل رون ألب رئيس المجلس الإقليمي في أوفيرني رسالة حازمة من روان، وهي بلدة متوسطة الحجم تضررت أيضا من أعمال الشغب في نهاية الأسبوع الماضي، قائلا "لقد أنشأنا ثقافة من الإفلات من العقاب في بلدنا، ومن الضروري أن يكون أي انتهاك للسلامة من الآن فصاعدا مرادفا لعقوبة تحرم الجناة من الحرية".
وفي حديثها للجزيرة نت، قالت المحامية كامي فانييه "نحن اليوم أمام عدالة سياسية وقمعية يقوم خلالها المدعون بتطبيق تعاميم لتنفيذ الأوامر الصادرة عن وزارة العدل، لكن المثير للدهشة في هذه القصة أنهم ينطقون بعقوبات ثقيلة جدا؛ امتثالا لتعليمات الوزارة".
وأضافت "وهذا يطرح مشكلة حقيقية بشأن استقلال العدالة في نظامنا الجمهوري الذي يقوم عادة على فصل السلطات لمعالجة القضايا بمعزل عن الحكومة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أعمال الشغب
إقرأ أيضاً:
شهادات قاسية لمعتقلي غزة في سجن عوفر
قالت مؤسستان حقوقيتان فلسطينيتان، الخميس 31 أكتوبر 2024، إن أسرى قطاع غزة في سجون عوفر الإسرائيلي غربي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة يعيشون ظروفا "صادمة ومذلّة"، في ظل تنافس السجانين على تعذيبهم.
جاء ذلك في بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، يستند إلى زيارة قام بها محامون لستة أسرى منهم.
وقال البيان إن آخر الزيارات التي تمت لمعتقلي غزة في معسكر عوفر "تعكس الأوضاع والظروف المأساوية والروايات الصادمة، وعمليات التنكيل والتّعذيب التي يتعرضون لها المعتقلون".
وأشار إلى "حرمان المعتقلين من حقوقهم والذي يندرج في إطار سياسات التعذيب التي أصبحت ممنهجة".
وأضاف البيان أن المعتقلين تحدثوا عن "أساليب الإذلال التي تنتهجها إدارة المعسكر، ومنها إجبار المعتقلين على الهتاف بكلمة شكرا للكابتن (مسؤول السجن) باللغة العبرية، ومن لا يمتثل لذلك يتعرض لاعتداء وعقاب".
بالإضافة إلى "استمرار حرمان المعتقلين من حقّهم في العلاج والرعاية الصحية، وإجبارهم على وضعيات جلوس مهينة ومذلّة، إلى جانب بدء معاناة المعتقلين من البرد خاصة في ساعات الليل، لعدم توفر ملابس وأغطية"، وفق المصدر نفسه.
وأوضح البيان أن "كل ما تم نقله عن معتقلي غزة على مدار الشهور الماضية وحتّى اليوم، يؤكّد أنّ رغبة الانتقام تسيطر على سلوك الجنود والسجانين، بل إنهم يتسابقون على من يكون أكثر وحشية بحقّ المعتقلين".
وأكد "استمرار فرض جريمة الإخفاء القسري بحقّ المئات من معتقلي غزة".
بيان المؤسستين أوضح أنه "حتّى اليوم (الخميس) ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية (على غزة)، لا يوجد تقدير واضح لعدد المعتقلين من القطاع في سجون ومعسكرات الاحتلال، والذين يقدرون بالآلاف، منهم عشرات النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب حملات الاعتقال التي طالت الطواقم الطبيّة".
وحذر من أن "هذه الجرائم أدت إلى استشهاد العشرات من المعتقلين، بالإضافة إلى عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحق آخرين"، في ظل استمرار منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم.
وأشار إلى أن "آخر معطى صدر عن إدارة السجون الإسرائيلية بشأن معتقلي غزة، يشير إلى أن عددهم بلغ 1618 حتى بداية أكتوبر الجاري، في حين لا تتوفر معلومات عن مصير من تم اعتقالهم مؤخرا في شمال غزة وما زالوا رهن الإخفاء القسري".
المصدر : وكالة سوا