كيف تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع كاميرات الصحافة في غزة؟
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
سلّط العديد من الصحفيين الضوء على ما يحدث في غزة إثر الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع، ويوما بعد يوم تكثر صور الأشلاء ومقاطع القصف والدمار وأجساد الأطفال الملقاة على الأرض.
وأقلق هذا النشاط الصحفي جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير معهود، مما دفعه إلى ارتكاب الجرائم بحق الصحفيين أو ارتكاب المجازر بحق ذويهم، ظنًا منه بأن التخويف بالموت هو السبيل الوحيد لإسكات أصوات الصحافة المنبعثة من منابرها المختلفة.
استخدم الاحتلال الإسرائيلي أعنف الأساليب لإسكات الصحفيين، واستمر بالاعتداء على الكثير منهم على مدى 8 عقود وبشتى الطرق والأساليب، فأصيب عشرات الصحفيين، وتم اعتقال العديد منهم خلال تغطياتهم في الضفة الغريبة والداخل المحتل والقدس، ومنهم من تعرض للاعتداء والعنف والضرب.
أشد الشهور دموية على الصحفيين
رصد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" خلال شهر أكتوبر 2023 رقماً قياسياً غير مسبوق في الجرائم والانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي لقمع الحرية الإعلامية في فلسطين، وتركزت معظمها وأشدها عنفا وخطورة في قطاع غزة، فمنذ بداية العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف31 صحفيا بالقتل.
ولفت المركز الفلسطيني إلى أن هذا الرقم مرشح للارتفاع في كل يوم، فضلا عمّا تعرض له العديد من الصحفيين من الإصابة بشظايا الصواريخ والقنابل الناتجة عن عمليات القصف المستمرة ضد المدنيين.
ووصف المركز الفلسطيني هذا الشهر بأنه أشد الشهور قسوة ودموية على الصحفيين، وأن هذه الاستهدافات المباشرة للصحافة تشكل أشد ضربة تتعرض لها الحرية الإعلامية في فلسطين.
ويرى الدكتور بلال الخصاونة، أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة الزرقاء الأردنية بأن هذه الاستهدافات تشكل ضغطا كبيرا على الجسد الصحفي في غزة.
ويضيف الخصاونة في حواره لـ"عربي21": بأن "الصحفي ليس إلا ناقلا للخبر، ولكنّ الصحفي الغزيّ معرّض لأن يكون هو الخبر الذي يُنقَل، وكان استشهاد أفراد من عائلة الصحفي وائل الدحدوح أحد الأمثلة الحيّة على ذلك، فقد دفع الدحدوح ثمن كلمته وثمن نقله للحدث والحقيقة"
ويعلّق الخصاونة على القمع الذي يتعرض له الصحفي في قطاع غزة بأن "في غزة تحديدًا يتعامل الصحفي مع كيان صهيوني مغتصب للأرض وبعيد كل البعد عن الإنسانية والرحمة، ولا يتحلّى بأخلاق الحروب، ويضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية، ويتجاهل كل ما يكفل للصحفي حمايته وأمنه خلال الحرب."
انتهاكات مستمرة
تصاعد العنف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على القطاع، فقصف الاحتلال المراكز الطبية والمستشفيات، والمساجد والكنائس ودور العبادة، والمدارس التي تضم آلاف النازحين المدنيين، فضلاً عن تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها من المدنيين الأبرياء، وعمل الصحفيون على نقل مثل هذه الجرائم الوحشية والتي تنتهك الحقوق الإنسانية للأفراد، ولجأ الفلسطينيون إلى استخدام منصاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي كالإنستغرام والتيلغرام وإكس لنشر هذه الجرائم، فيمارس الشخص الواحد بالفيديو الواحد أكثر من دور واحد، فيأخذ دور المواطن والصحفي والمتطوّع كأحمد حجازي وصالح الجعفراوي، وقد يكون أحد طلاب الطب الذين يتطوعون في المستشفيات كعزّ الدين لولو في مستشفى الشفاء.
فحين يعيش الصحفي الحدث وينقله في آنٍ واحد، يصبح الخبر الصحفي محفوفًا بأنين الفقد وتوجّس المكروه وصدى التشريد والتهجير وغصة الحزن.
واستخدم بعض الصحفيين اللغة الإنجليزية أثناء نقلهم للخبر، كمعتز عزايزة وبليستيا العقاد وهند خضري، وهذا ما ساهم بنشر الحقائق للعالم أجمع وليس فقط للعالم العربي، وهو ما أحدث فارقا واضحا في مواقف الشعوب تجاه القضية الفلسطينية، حيث تضامنت الشعوب العربية والغربية والعالمية مع فلسطين، وشارك العديد منهم في المظاهرات والمسيرات الحاشدة والداعمة لأهالي غزة، وهو الذي أفشل ما كان يأمله الاحتلال الإسرائيلي في إبقاء الرأي العام العالمي في صفه.
تصعيد بالغ الخطورة في الاعتداء على الحرية الإعلامية
لم تقتصر جرائم الاحتلال على حالات الحرب فقط، بل وقعت العديد من الانتهاكات خلال الأحداث والفعاليات السلمية، إذ كان هناك عرقلة واضحة خلال تغطية الأحداث الميدانية، كدفع الصحفيين بعنف، أو تغطية كاميراتهم والاعتداء على الطاقم الصحفي خاصة في القدس.
ورصد مركز "مدى" ما مجموعه 180 جريمة وانتهاكا للحريات الإعلامية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية خلال شهر أكتوبر 2023، ارتكبت قوات وسلطات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه 179 منها.
وما انفكت اسرائيل ترتكب هذه الجرائم، ومما لا شك فيه أن إفلات مرتكبيها يشجع الاحتلال على الاستمرار بهذه الممارسات التعسفية بحق الصحفيّ الفلسطيني ومحاولاته لنقل الصورة الحقيقية للواقع المعيش.
وقال الخصاونة: إن "الصحفي في غزة اليوم يبحث عن السبق الصحفي وسط ظروف إنسانية صعبة، وكل هذه الضغوط يحملها الصحفي الغزيّ على عاتقه للوصول إلى الخبر"
وأضاف في حديثه لـ"عربي21: "أن "المجتمع الدولي مقصر في حماية الصحفي الفلسطيني أثناء الحروب، وتحديدا في هذه الحرب التي يغلق العالم أعينه عن التجاوزات التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين ومن ينقل معاناتهم"
وفي الحديث عن غياب الرقابة العالمية ومساهمتها في تزايد العنف تجاه الصحفيين، أوضح الخصاونة أن "إسرائيل دولة قامت على القمع والوحشية والاعتداء وانتهاك حقوق الإنسان، وسلبت الأراضي والخيرات من شعبها على مدى عقود، وهي مستمرة بانتهاك كافة القوانين والأنظمة الدولية التي تعطي للشعوب حريتها وتعطي للصحفي مساحته الآمنة، وهذا الصمت العالمي المؤذي تجاه ما يراه من اعتداءات هو السبب الرئيس في استمرار هذا الكيان في عدوانه واعتدائه وقتله للأبرياء"
وأضاف أن "هذا التمادي الذي يمارسه الاحتلال تغطيه الدول العظمى بستارها، حيث قامت إسرائيل بخرق كل الاتفاقيات، وكل القوانين الدولية، ولم يتبقَ قانونا وميثاقا دوليا لم يخرقه الاحتلال"
ورغم كل هذا الأذى يرى الجيل الجديد من الإعلاميين أن منصات التواصل الاجتماعي لها أثر كبير في نشر الحقائق ودحض الأكاذيب، وأن خوف الاحتلال من أن تكشف جرائمه هو المفسّر الوحيد لأساليبه الممنهجة في قمع الصحفيين، وأن هذه التهديدات والاعتداءات التي يتعرض لها الصحفي إنما تدل على ضربة إعلامية موجعة تلقّاها الاحتلال الأيام الماضية.
ويقف حاليًا ضد المنصات الإعلامية الغربية التي تضلل جماهيرها إعلامٌ عربي يستميل الجمهور الغربي ليريه الحقائق المدعّمة بالصوت والصورة، وينقلها الصحفيون على اختلاف أعمارهم، من الطفل الفلسطيني عبود إلى الشبان في مقتبل العمر.
فرغم سياسة القتل التي يمارسها هذا الاحتلال إلا أن أصوات المكلومين وصرخات الفاقدين تستمر بالعلو عبر حناجر الصحفيين لتلمس قلوب الإنسانية وتدب الرعب في قلوب الاحتلال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير غزة الاحتلال الإسرائيلي الاحتلال الفلسطيني الاحتلال فلسطين غزة فلسطين غزة الاحتلال تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی العدید من فی غزة
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال الإسرائيلي يتكبد خسائر فادحة في غزة ولبنان.. 26 مصابا خلال ساعات
أصيب 26 عسكريًا إسرائيليًا بجروح خلال الساعات الـ24 الماضية، بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي. من بين هؤلاء، أصيب 11 عسكريًا في قطاع غزة، وآخرون في جنوب لبنان، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
خسائر في صفوف الاحتلالوارتفع عدد الجنود الإسرائيليين المصابين خلال الحرب الجارية إلى 5325، بعد أن أُصيب 26 جنديًا إضافيًا خلال الساعات الـ24 الماضية، وفقًا لبيانات موقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي تم نشرها في 24 أكتوبر 2023. وأظهرت البيانات زيادة في عدد المصابين مقارنةً بـ5299 جنديًا في 22 أكتوبر.
وارتفع عدد الجنود الإسرائيليين المصابين في المعارك البرية بقطاع غزة إلى 2420، مسجلًا زيادة قدرها 11 جنديًا خلال الساعات الـ24 الماضية.
﷽
{إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}
موشک باران سنگین شهر کریوت در شمال حیفا #رعب_الشمال pic.twitter.com/11ufQplfbb
رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي الكشف عن مواقع إصابة باقي جنوده، لكن بياناته تشير إلى إصابة جنود في جنوب لبنان. وبحسب بيانات الجيش، قُتل 782 جنديًا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، من بينهم 368 جنديًا قتلوا في المعارك البرية التي بدأت في 27 أكتوبر.
وتشمل هذه المعطيات العسكريين الذين قتلوا وأصيبوا في قطاع غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل وفي جنوب لبنان.
وتواصل إسرائيل حربها على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ما أسفر عن كارثة إنسانية هائلة، حيث أسفرت الحرب عن استشهاد وإصابة أكثر من 146 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. كما انضم أكثر من 10 آلاف شخص إلى قائمة المفقودين، وأدت الحملة العسكرية إلى دمار هائل، بالإضافة إلى مجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين.