صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-22@14:51:59 GMT

الكواكب تهوى تباعا

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

الكواكب تهوى تباعا

 

الكواكب تهوى تباعا

وجدي كامل

مثلما مضى كثر من مبدعين وكتاب ومثقفين سودانيين اثناء هذه الحرب، مضى الساحر، ورحلت الاسطورة الفنية والموسيقية النادرة. رحل الصوت الذي لطالما علمنا سماع الغناء الآخر. الغناء المتجاوز، الغناء الذكي،الرصين. رحل انسان صديق واخ جميل جمعتني به الحياة عن قرب فعرفت فيه انبل الصفات واقوى مشاعر الاخلاص والحب للناس والبلد الذي لم يرجع له ولم يدفن تحت تراب عشقه ايما عشق وغنى له اجمل الاغنيات والاناشيد.

الموسيقار محمد الأمين

جاء ليتفرد ويخلد فصعد سلم الموسيقى والغناء من اسفله عندما حضر من عاصمة الجزيرة – ود مدني حتى تربع على عرش الغناء بعد معاناة لا يتحملها الا ذوي النفوس الكبيرة. راى في اكتوبر ثورته وفاتنته ومخلصته من القهر الشخصي والعام فخرج للناس وتحول الى ايقونة للاناشيد الوطنية والثورية التي ورثها السودان الحديث جيلا بعد جيل. حاضرا ومتابعا كان لكل التفاصيل السياسية والاجتماعية واحوال الاصدقاء والمبدعين حيث شارك معنا في الصندوق الاهلي لدعم المبدعين وواتسابه فكان سباقا في السؤال عن احوالهم. وكم كان يجهش بالبكاء عند سماع مرض احدهم او موته. لا انسى حار بكائه يوم ان هاتفني وانا بالدوحة في رحيل مبارك بشير ومحمد طه القدال حتى اشفقت عليه من الحزن ومرارة الفقد. يوم وفاة القدال وبعد ما لاحظته من انهيار عليه اقترحت له ان يخرج في الحال من منزله ويذهب لاستقبال الجثمان في المطار وان يكون في مقدمة المستقبلين وكنت اتابع عن طريق قناة النيل الازرق وصول الجثمان لمطار الخرطوم فرايته بالفعل تحت سلم الطائرة وبحانب رئيس الوزراء ( انذاك) عبد الله حمدوك. محمد وبقدر ما كان ساخرا وفكها وصاحب طرفة كان حنينا قريبة دمعته الى العين. غاب العبقرى، وحيث لا تزال النكبة حاضرة، والاحزان تخيم، والسودان تحت النيران وفي اكف عفاريت، وسلطة اوغاد، وتوقيت حرب طاحنه وظالمة- حرب تجرد حتى من اغلى الرموز الوطنية الفخمة والباسلة. بموته تنطوي حقبة من الموسيقي والغناء المتفرد والمواهب العظيمة التي نادرا ما تتكرر في تاريخ الشعوب. وداعا محمد الامين حمد النيل الطاهر الازيرق، والتعازي لزوجته الاستاذة سعاد مالك وابنائه معز وغسان وياسر، والتعازي لكل شعوب السودان في فقدها الجلل ولا نقول الا ما كتب الله لنا وانا لله وانا اليه راجعون.

الوسومالباشكاتب الموت د. وجدي كامل محمد الأمين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الباشكاتب الموت محمد الأمين

إقرأ أيضاً:

الشهيد المساعد/ محمد علي عبدالمجيد

لا تكتمل زينة المجامع العسكرية ، وأعراسُ الوطن ، ومحافلُ ( الرجالة ) الا بحضور الفتى الذي ( تَرمّز ) أي أصبح رمزاً يحمل ملامح هذا الجيش العنيد ، فارداً ساعد العطاء الأخضر ، كأنه يحصدُ الثريا بعزمه ، ويغزلُ من خُيوط الضياء الوانَ العلم ، الذي يغرِزه في هام العز من أم رأسه ، ويشتملُ شبكة التمويه كأنها عباءة قُدّت من ديباج الأساطير في بلاط العز الأثيل ، والمجد الموروث ، يطلُ على المجامع من على منبرِ صوته الذي صِيغَ من رعدِ العواصف ، وقصف مدافع المرابطين ، وصفير نسور الجو في مغارات الهجيع على أوكار الخيانة ،

يغمسُ سهم الكلمة في ( إكسير الحياة ) فتنتفض ، حتى تملأ مدى السامعين ، وتشمخُ كأنها غيمةٌ معصرةٌ ثجاجٌ ، تغسلُ ما ران في قلوب التردد ، وتجلو كل رجسٍ ، وتوطّنُ الأقدام ثباتاُ لا تزحزُح بعده .
رجل ذكي الفؤاد ، حاضر الذهن ، نقي التوجه والإنتماء ، لا شِيّةَ فيه ،

عظيمُ مذخورِ الكلام ، يملك نواصي التصوير ، بليغُ المفردات ، ثريُ الوجدان بالمعارف والمكونات للثقافة الوطنية ، يحملُ خريطة الوطن بين جنبيه ، بطول تدفق الأنهار ، وبعرض كل مستخفٍ بليلٍ أو ساربٍ بالنهار ، ممن يعمرُ دروب الحياة ، في سهول الطين ، وقيزان الرمل ، وحصحاص الحجر ، وآكام الشوك في نطاق السافنا ، وبعمق التاريخ ، الثاوي تحت طِباق الأرض في الإهرامات ، والقباب ، وسوح المعارك ، والمزارات ، وحيث تفرقت أشلاءُ الشهداء ، كأنها أوتادٌ تشدُّ خيمة البقاء أن تهوي بها الريح في مكان سحيق ، أو كأنها نجوم نزلت على أديم الأرض علاماتِ هدايةٍ للسالكين في البر ، والبحر ، والجو .

شامخٌ كأنه يطٍلُّ من على صهوة صافناتٍ جياد ، أو راكباً حَوية ( كلساً جرايده كُبار ) ما رأى الناس للكاكي الأخضر منظراً ، أروع مما رأوه ممتلئاً حماسة ، وفُتوةً ومهابةُ ، وتحدياً ، يسري كالندي في عروق اليباب ،

لا يختاله الشك أبداً في ما يقول ، يُغدقُ على كلماته من ( لغة الجسد ) ما يجعل لها دوياً لافتاُ كصوت نداءات المآذن للصلاة .
صاغ الجيش نثراً وشعراً ، خلد أمجاده ، وعدد مناقبه ، وأحصى تشكيلاته ووحداته ، وعلق عُقود الكلمات على أعناق القيادات ، وثقّ عُرى التواصل الوجداني مع رفد الشهداء ، تلا على الناس وصاياهم ، وقسم ميراثهم بالسوية ، وهو المضي على ذات الدرب حتى بلوغ إحدى الحسنيين .

المساعد ( الشهيد بإذن ربه ) محمد علي ، ظل يدفع حمم الحماسة من عمقه كأنه بركان ( كاني نوي اوهامو ) في جزيرة هاواي ، لا يستكين .
وظل يدور بين الوحدات ، والمتحركات ، والمدن ، وحيث ما انعقدت للجيش راية ، كان هو ( أبو العريس ) هاشاً ، مبشراً ، حَفياً ، يمشي بين الناس مطيباً الخواطر .

يرفع القيادات الى مقاماتها ، ويٌنزل الرجال منازلهم ، يَحُدُ السيوف ، ويٌصَفّر السلاح ، ويبري السهام ، ويُزودُ المجاهدين بزاد المعنويات الذي لا يَتَسنه ، يتبعهم صداه كأنه جُنةٌ تحميهم من هواجس مما يخافه الناس ، يتراءى فوقهم قوس قزح النصر في سماء السودان العصية على تَسمُع الشياطين .

حتى أصبح المساعد محمد علي ، ظاهرةً تجاوزت مداه ( الفرداني ) الى روح من تجليات حرب الكرامة ، لها من مُرِّ الصبر على الأذي صمتٌ عبوس ، ولها من فرحة النصر ، نغم الزغاريد المتدفقة من ينابيع الحمد والشكر لله .
ظاهرة المساعد محمد علي ، لها سهم في كل جحفل متحرك ، ومدافع متربص ، هو في وعي كل قائد ، وعزم كل مجاهد ، ووعد الثبات عند اللقاء .

ما ( رطن رشاش ) الا وتشبث وقعُ رُصاصه بما أمضاه من حروف ، ولا انفلقت دانة الا وجوازها المسافة على إشارته ، ولا توسد الثري شهيد إلا وانتظم بيتاً في قصائده .
اجتهد في استفراغ جهده ، ونثر ما في كنانته ، كأنه على موعد مع الشهادة ، التي خاطب فيها الشهيد ( مكاوي حبيب الشعب )

يوصيه أنه إذا قام في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن يبلغه شوقاً بات لا يُحمل ).
وهكذا ظل الرجل مرابطاً متنقلاً بين محافل العز وطُبول النداء ، ومجامع الأبطال ، ومتحركات الفتح المبين ، حتى غيض الله النصر ، للجيش ومن أعان الجيش ، ولم يبقى من المليشيا إلا بضعة أجحار تضيق بها كل ساعة ، ولات حين مناص ومهرب ، وبدأت وفود عودة الناس الى الديار ، التي ظن الجنجويد أنهم إمتلكوها كما قال المأفون ياجوج وماجوج ( دا حَقِنا ) وعادت سنار الولاية ، والجزيرة الخضراء ، وسائر عيون أم در ، وربوع بحري ، وخصر الخرطوم الجميلة .
هنا كأن الشهيد قد اطمأنت نفسه المسكونة بالقلق ، أن الأمر قد استقر ، وأن الشعب وجيشه قد عبروا مخاض التحدي ، وأن المؤامرة قد غرقت في اليم كما غرق سلطان فرعون .
عندها كان قدر الله اللطيف بحسن الختام ، حيث وقف الشهيد كالعهد به ، خطيب حفل قرية الكمر بمحلية المتمة ولاية نهر النيل ، وهم يكرمون أسر شهداء معركة الكرامة ، ويحتفون بالعسكريين الذين رابطوا في الوحدات بالخرطوم منذ أبريل عام ٢٠٢٣م ،

وهو من أكارم المرابطين ، و ليس بينه والشهادة الا كيلومترات حتى بوابة مدينة الحقنة .
إنّ ألسنةَ الخلق أقلامُ الحق ، وشهادة العلم من الناس عدلٌ ، ولا يحفظ الغيب الا الله
اللهم إنا نتوجه اليك وندعوك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى ، أن تقبل شفاعة الشافعين في المجاهد الشهيد محمد علي ، نُشهدُ اللهم على أنه بذل نفسه ، ووُسعه ، ولسانه ، وعقله ، محرضاُ على القتال ، حاضاُ على المكارم ، رافعاً رايات التوحيد ، مؤذناُ صادحاً بالفلاح ، فتقبل شهادته ، وأعلي درجاته في الجنات ، وأخلفه في أهله بخير
التعازي للسيد الرئيس القائد العام للقوات المسلحة
ولكل القيادات على كافة المستويات ، الى وحدته المهندسين ، الى إخوانه ، وزملائه ، ولشعب السودان الذي أحبه ، وأنصت اليه ، وتفاعل معه.
إنا لله وإنا اليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محجوب محمد صالح .. قليلا عرفته
  • عماد محمد يعلن تشكيلة منتخب العراق للقاء استراليا
  • قلبي ماكلني !!
  • محمد بن زايد: الإمارات والسعودية تربطهما علاقات أخوية وثيقة
  • الشهيد المساعد/ محمد علي عبدالمجيد
  • الحلقة الأخيرة
  • تشعرها بالدفء.. 4 أبراج فلكية تهوى الرسائل الغرامية المكتوبة بخط اليد
  • أحمد فهمي يعود بعد غياب بأغنية “فيك سر” من مسلسل “في لحظة”
  • سرايا القدس تزف الشهيد محمد شحادة
  • تعازينا للزميل الصبحي