يقول آرون ديفيد ميلر كبير الباحثين في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن هناك 4 حقائق غير مريحة لإسرائيل ظهرت في ضوء هجومها العنيف على جنين الأسبوع الماضي.

ويرى ميلر في مقال بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية أن الإسرائيليين والفلسطينيين محاصرون في مأزق دموي مضطرب مع احتمال ضئيل للخروج.

وبعد وصفه لما جرى في جنين من الهجوم الإسرائيلي الأسبوع المنصرم، تناول الحقائق الأربعة التي قال إنها مزعجة لإسرائيل كما يلي:

1- لا يوجد أمن مع السلطة الفلسطينية أو بدونها

وقال ميلر إنه على مدى العامين الماضيين، واجهت إسرائيل مشكلة متكررة في مدن شمال الضفة الغربية مثل نابلس وجنين بشكل خاص، إذ ظهرت جماعات مسلحة منظمة بشكل فضفاض تدعمها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لمقاومة القوات الإسرائيلية.

وأضاف أن التأثير الذي تمارسه السلطة الفلسطينية وحركة فتح في جنين قد تآكل، وأن الغارات الإسرائيلية، خاصة منذ مارس/آذار 2022، قد أدت إلى تقليص نفوذ السلطة وعززت نفوذ حماس والجهاد الإسلامي.

وأوضح ميلر أنه مع تدهور السلطة الفلسطينية، ستواجه إسرائيل خيارا غير مستساغ؛ إما تولي قدرا أكبر من الأمن لمناطق الضفة الغربية التي تخرج عن سيطرة السلطة الفلسطينية أو مشاهدة حماس وغيرها تملأ الفراغ وتزيد من نفوذها. وقد لا يكون أمام إسرائيل خيار سوى إعادة احتلال أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، الأمر الذي يحمّلها مسؤولية التعامل مع السكان الفلسطينيين أو مشاهدة هذه المناطق وهي تنحدر إلى الفوضى.

2- المقاومة المسلحة لا تحتاج لرأس مال

وأورد الكاتب أن جيش الاحتلال ذكر أن أكثر من 50 هجوما مسلحا انطلق خلال العامين الماضيين من منطقة جنين، التي أصبحت "موقع إنتاج" لعمليات المقاومة، ونسب إلى "تمير هايمان" الرئيس السابق لمديرية المخابرات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، قوله إن عمليات المقاومة المسلحة ليست بحاجة لرأسمال.


وأضاف أن مكافحة عمليات المقاومة من قبل إسرائيل تولد المزيد من الغضب والاستياء وتؤدي إلى المزيد من الشهداء وروايات النضال البطولية التي من المؤكد أنها ستولد المزيد من العنف والمقاومة.

وأشار إلى أن أعدادا متزايدة من الشباب الفلسطيني يتركون رسائل وداع ترحب بالاستشهاد وتحض على الصراع مع إسرائيل في حالة مقتلهم. وتساءل عن سبب تفكير طفل يبلغ من العمر 13 عاما بوفاته قبل أن يفكر بمستقبله.

وذكر أن أحد مخاوف إسرائيل الرئيسية هو أن روح المقاومة المتزايدة في جنين قد تنتشر إلى مناطق أخرى من الضفة الغربية إلى الجنوب، مما يؤدي إلى المزيد من تآكل سيطرة السلطة الفلسطينية في أماكن أقرب إلى المقر الرئيسي للسلطة في رام الله وحيث يكون نفوذها أقوى.

3- الحكومة الإسرائيلية ليس لديها إستراتيجية سياسية

ونسب ميلر إلى مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة مجهولة المصدر إصرارها على القول للصحفيين إن الهدف من عملية جنين الأخيرة هو "تمهيد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى جنين".

وشكك الكاتب في أن يكون لدى إسرائيل تفكير جاد حول كيفية استعادة السلطة الفلسطينية السيطرة في هذه المناطق، أو تعزيز مصداقيتها السياسية، أو تحسين ظروف الاحتلال التي تقلل من جاذبية حماس والجهاد الإسلامي، ناهيك عن معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع.

وقال إن العكس هو الذي يحدث، إذ تجتهد إسرائيل لضم الضفة الغربية في كل شيء ما عدا الاسم، وتعمل الحكومة الإسرائيلية فعليا على تقويض السلطة الفلسطينية وتعزيز صورة حماس والجهاد الإسلامي.

4- سيسوء الوضع قبل أن يصبح أكثر سوءا

يقول الكاتب إن أميركا والأمم المتحدة وكثير من دول العالم رفعت يدها تقريبا عن قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإن الاختلاط القوي بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستضمن أن يزداد وضعهم سوءا قبل أن يصبح أكثر سوءا، وفق تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة المزید من

إقرأ أيضاً:

هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم

مرَّ أكثر من 40 يوما على بدء الفصل الدراسي الثاني في الضفة الغربية. وفي حين تحاول وزارة التربية والتعليم في غزة إنقاذ العام الدراسي، يحرم طلاب مخيمات شمال الضفة المحتلة الوصول إلى مدارسهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" التي بدأت أواخر يناير/كانون ثاني الماضي بمخيم جنين، ومنه توسعت لتطال مخيمات طولكرم وطوباس.

وإلى بلدة برقين غرب مدينة جنين حيث منزل أقاربها، نزحت عائلة أشواق محمد الطالبة بالصف العاشر قادمة من مخيم جنين. وفي البلدة التي استقبلت منذ بدء "السور الحديدي" نحو 5 آلاف نازح من مخيم جنين، تمكَّنت أشواق من الالتحاق بمدرسة البلدة الحكومية، بعد قرار من مديرية التربية والتعليم في جنين، سمح للطلبة النازحين حضور الحصص المدرسية في الأماكن التي استقبلتهم.

وتقول أشواق إن حظها جيد لأنها استطاعت تجاوز الأسابيع الأولى للاقتحام وعدم دوامها بالمدرسة، وهو ما ساعدها في التعويض ومتابعة ما فاتها من المواد الدراسية كافة.

"السور الحديدي" الإسرائيلي دمر شوارع مخيم ومدينة جنين وعطل الحياة (الجزيرة) شلل تام

حال أشواق لا ينطبق على آلاف الطلبة المسجلين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بالمخيم، والبالغ عددهم قرابة 1700 طالب، ممن أغلقت مدارسهم أبوابها منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد الأزمة بين أجهزة الأمن الفلسطينية والمقاومين داخل مخيم جنين.

وواجه الطلاب -الموزعون على 4 مدارس تابعة للأونروا داخل المخيم- صعوبة في انتظام الدراسة لنحو شهر، وأعلنت الأونروا حينها على لسان رولاند فريديتش مديرها بالضفة الغربية أن "التعليم بمخيم جنين أكثر القطاعات تضرراً بتلك الأحداث".
وأضاف فريديتش "يعيش مخيم جنين حلقة مفرغة من العنف، يجعله غير صالح للسكن أصلا، وقد أغلقت المدارس وتعطَّلت العملية التعليمية، مما يهدد مستقبل الطلبة بالمنطقة".

ومع دخول الفصل الدراسي الثاني، أجبرت إسرائيل الأهالي على النزوح من منازلهم بالمخيم، وعزَّزت وجودها العسكري بمدينة جنين ومختلف أحيائها، وفرضت حالة من عدم الاستقرار الأمني والخوف بين الناس، ودمَّرت البنية التحتية، وأعادت رسم خارطة المخيم الجغرافية، مما أصاب القطاعات الحيوية في المدينة ولا سيما التعليم بشلل شبه تام.

إعلان

ولم يفتتح الفصل الثاني بمدارس المدينة كافة، وخاصة مدارس المخيم الذي أخلي من ساكنيه وتحول إلى كتلة من الدمار والركام.

وفي "جمعية الكفيف" بمدينة جنين حيث نزحت المواطنة سلسبيل وعائلتها وعدد من أقاربها، تقول إن لديهم 5 أطفال ضمن المرحلة الأساسية قد حُرموا الدراسة منذ نزوحهم من المخيم في اليوم الثالث من الاقتحام الإسرائيلي.

وتضيف سلسبيل أن محاولات المدارس بالتعويض عبر حصص الكترونية "غير مجدية" لأن النازحين لا يملكون أجهزة حاسوب.

الاقتحام الإسرائيلي المستمر يحول دون مواصلة العملية التعليمية بمدينة جنين (الجزيرة) مخطط إسرائيلي

من جانيه، يقول محافظ جنين كمال أبو الرب إنه -ووفق آخر إحصائيات مديرية تربية جنين- فإن قرابة 15 ألف طالب وطالبة لا يستطيعون الوصول إلى مدارس المدينة والمخيم، ناهيك عن حوالي 6 آلاف من الطلبة الجامعيين من "فلسطين 48" الملتحقين بالجامعة العربية الأميركية في جنين، وذلك بسبب منع الاحتلال مرورهم عبر حاجز الجلمة إلى المدينة.

ويضيف أبو الرب للجزيرة نت أن التعليم أكثر القطاعات حساسية بمستقبل الفلسطينيين بشكل عام وجنين خاصة، وأن إسرائيل عبر عدوانها تسعى لضرب هذا القطاع وتقييده، وإيصال رسالة للمواطن أنه "محروم" من أبسط حقوقه المكفولة بكل المواثيق الدولية.

ويتابع المسؤول الفلسطيني "هذا مخطط إسرائيلي لشلِّ حياة المواطنين هنا، وإقناعهم أنه لا مستقبل لهم، ولا لأولادهم".

وذكر أنه وفي الاقتحامات السابقة أصر الاحتلال، وفي كثير من المرات، على اقتحام المدينة والمخيم أوقات دوام المدارس، وحاصر الطلاب داخل مدارسهم، ولساعات طويلة "وكنّا نحاول التنسيق لإخراج الطلبة من مدارسهم، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والارتباط الفلسطيني".

ولم يقتصر الأمر على الاحتجاز داخل المدارس -حسب المحافظ- بل أطلق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع على كثير من المدارس، واقتحموها، كما حدث بمدرسة قباطية الأساسية جنوب جنين، وأطلقوا الرصاص الحي صوب مدارس أخرى أثناء وجود الطلبة فيها، وجرَّفوا الشوارع المؤدية لبعض المدارس، كما جرى في الحي الشرقي بجنين.

إعلان

وقد قتلت إسرائيل خلال عملية "السور الحديدي" المستمرة حتى الآن 3 طلاب في محافظة جنين وحدها، آخرهم إسماعيل أبو غالي (17 عاماً) الطالب بالمرحلة الثانوية، بعد محاصرة منزل في الحي الشرقي من المدينة.

آثار جرافات الاحتلال بشارع المدارس في الحي الشرقي (مواقع التواصل) محاولات العودة

وكان صادق الخضور، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم بفلسطين، قال في تصريح صحفي إن هناك تزايدا في نسبة "الفاقد التعليمي" بشكل مقلق في عدد من مدارس مدن شمال الضفة، وإن العملية التعليمية خسرت 15 يوما تعليميا في الفصل الدراسي الأول بفعل انتهاكات الاحتلال.

وأوضح الخضور أن نحو 90 مدرسة من مدارس طولكرم وجنين تحول الدوام فيها إلى النظام الإلكتروني (عن بُعد) لافتا الى أن الوزارة كانت تخطط لاستثمار عطلة بين الفصلين لصالح تعويض الطلبة "لكن عدوان الاحتلال عطَّل خطة التعويض".

ولا يقتصر "الفاقد التعليمي" -حسب الخضور- على ما يفوت الطلبة من حصص، بل هناك تداعيات نفسية تقع على الطلبة والمدرسين لا يمكن إهمالها، ومواد تعليمية يصعب إنجازها، وخاصة لدى طلبة الصفوف الأساسية، وأن التعطيل المتكرر للدوام يفقد الطلبة جزءا كبيرا من المادة التعلمية التي يجب إنجازها.

وأكد الخضور أن اللجوء للتعليم الالكتروني في بعض المدارس خلال الظروف الراهنة "غير مجد" لكنه "الخيار الوحيد المتاح حاليا ولا بديل عنه".

ووفق مصادر للجزيرة نت، توجد خلافات بالحكومة الفلسطينية حول عودة الدوام الوجاهي للطلبة بجنين، إذ تحاول وزارة التربية إصدار بيان لعودة الدراسة خلال الأسبوع القادم، وفق برنامج طوارئ وبواقع 3 أيام أسبوعيا في حين يعارض المحافظ خشية على سلامة الطلبة خاصة في ظل الاقتحامات المستمرة.

مقالات مشابهة

  • هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم
  • رمضان بطعم الحزن.. اليأس يخيم على الفلسطينيين فى جنين وطولكرم بالضفة الغربية.. عمليات جيش الاحتلال تؤكد قسوة الظروف فى ظل أوامر إخلاء المخيمات
  • كاتب إيطالي: إسرائيل تلعب ورقة الطائفية كما فعلت فرنسا قبل قرن
  • الخارجية الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرّك دولي لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مخيمات شمال الضفة الغربية
  • كاتب إسرائيلي: دعهم ينتصرون.. الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان وانتصار إسرائيل الكامل وهم خطير
  • من جنين وطولكرم ونورالشمس.. تشريد 40ألف فلسطيني من شمال الضفة
  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة قباطية جنوبي جنين بالضفة الغربية
  • إعلام فلسطيني: قوة من جيش الاحتلال تقتحم بلدة قباطية جنوبي جنين بالضفة الغربية