jولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للعمل على تخفيف تداعيات المناخ على التجارة الدولية، لإيمانها بأنه محفز للتنمية الاقتصادية المستدامة، الأمر الذي دعاها إلى اعتماد استراتيجية اقتصادية ذكية ودائرية، تتبنى أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة وتشجع التدفق الشامل للتجارة، وكفاءة سلسلة التوريد.

وحجزت الإمارات لنفسها موقعاً رائداً على صعيد حركة التجارة الدولية بما أنها محطة عالمية لسلاسل التوريد، نتيجة موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب، فضلاً عن امتلاكها إحدى أقوى شبكات الربط مع الموانئ البحرية واستثمارها على مدار عقود في بناء موانئ عملاقة، تتيح لها تلبية متطلبات حركة التجارة العالمية بأعلى درجات المرونة والانسيابية في التنقل بين الدول ضمن منظومة نقل بمواصفات عالمية ومميزات احترافية.


وتملك الإمارات تاريخاً طويلاً في تحفيز التجارة الدولية، كما تدعم العديد من اتفاقيات تيسير التدفقات التجارية، مثل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، وممرات التجارة الافتراضية، ومنصة أبوظبي المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية لتسهيل التجارة. 
وتدرك الإمارات أهمية التعاون الدولي لاستدامة قطاع التجارة الدولية عبر الاعتماد على الأفكار التي تتبنى حلولاً مبتكرة لتطوير نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة، حيث طالت تداعيات التغير المناخي شتى أنحاء العالم وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على حركة التجارة العالمية، ما يفرض الاهتمام بها في أي تناول لدراسة شكل الاستجابة للتغير المناخي، وهو ما أكدته الدكتورة نغوزي أوكونغو إيويالا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية التي أشارت إلى أن التجارة يجب أن تكون عنصراً أساسياً في أي محادثات حول تغير المناخ، مؤكدة أن التجارة كانت في أغلب الأحيان الحلقة المفقودة عند الاستجابة لأزمة المناخ.


توافق دولي

كانت استجابة الإمارات لتحذير منظمة التجارة العالمية، استباقية وفاعلة حيث أدرجت، ولأول مرة في تاريخ مؤتمرات COP، موضوع التجارة الدولية ضمن أجندة مؤتمرCOP28 الذي تستضيفه من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 12 ديسمبر(كانون الأول) حيث تشارك وزارة الاقتصاد ورئاسة COP28، في قيادة لجنة التجارة خلال المؤتمر، إلى جانب أمانة منظمة التجارة العالمية، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد، وغرفة التجارة الدولية، والمنتدى الاقتصادي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية–أبوظبي، حيث ستتبلور المناقشات حول التجارة وبناء توافق دولي واضح لضمان تكامل سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن بلورة نظام تجاري أكثر ذكاءً وسرعة وشمولاً واستدامة، خاصة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في الدول النامية.
وحظيت الرؤية الاستشرافية لدولة الإمارات وريادتها في التركيز على التجارة خلال قمة المناخ  بإشادة دولية، حيث يعتبر COP28  فرصة للارتقاء بالمناقشات حول دور التجارة الدولية في الحد من الانبعاثات، وبناء المرونة المناخية في سلاسل التوريد العالمية، ودعوة شبكات شركاتنا الكبيرة والصغيرة للمشاركة في النقاش.
كما تستضيف الإمارات المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، حيث تلتقي الهيئة التشاورية للمنظمة، التي تجتمع مرة كل عامين، في أبوظبي في الربع الأول 2024، بعد مؤتمر COP 28، ما يتيح للدولة دوراً فعالاً في قيادة الحوار والعمل على القضايا العالمية الملحة، كما يضع الإمارات في قلب المحادثات التي ستشكل مستقبل التجارة العالمية.
وتعكس استضافة الإمارات للمؤتمر مكانتها بوصفها داعماً رئيسياً لحرية تدفق التجارة والاستثمار بين دول العالم، ويوفر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية منصة مثالية للدولة لإشراك المجتمع التجاري الدولي في توفير سلاسل إمداد تتسم بالمرونة وسهولة الحركة، كما يؤكد مركزية الدولة في التدفق الحر للسلع حول العالم.
وتنسجم هذه المبادرات مع الأهداف المنشودة لحملة استدامة التي أطلقت بالتزامن مع قرب مؤتمر COP28، والتي تهدف إلى نشر الوعي بقضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي.


حشد الجهود الدولية

وسعت الإمارات إلى استنفار الجهود العالمية لوضع حلول عملية لتأثير التغير المناخي على حركة التجارة العالمية ومرونة سلاسل التوريد، وخلال مشاركتها في المنتدى العام لمنظمة التجارة العالمية، بجنيف في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت شعار “حان وقت العمل”، جددت الإمارات الدعوة إلى حشد الجهود الدولية لابتكار وتبني حلول تجعل التجارة العالمية أكثر استدامةً وصداقة للبيئة، وترفع مساهمتها في معالجة تحديات التغير المناخي، عبر رقمنة سلاسل الإمداد واعتماد التقنيات الحديثة.
وأكدت الإمارات التزامها بالعمل مع الشركاء العالميين لتطوير سلاسل إمداد ذكية قائمة على التكنولوجيا لتزيد كفاءة عمليات شحن ونقل البضائع، وتقلل استهلاك الطاقة، في ظل إلحاح تحديات التغيرات المناخية، ما يستلزم تكاتف المجتمع التجاري العالمي، لخفض البصمة الكربونية لهذا القطاع الحيوي حول العالم.
كما نظمت الدولة خلال المنتدى جلسة حوار بعنوان “العلاقة بين التجارة والاقتصاد العالمي وتغير المناخ”، شارك فيها مسؤولون من منظمة التجارة الدولية، والمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد، وجددت فيها الدعوة إلى تبني حلول جديدة لاستدامة سلاسل الإمداد منها تسريع الاعتماد على المركبات الكهربائية ووسائل النقل التي تعمل بالطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية والعمليات التشغيلية لنقاط الدخول.
إلى ذلك، وقعت الإمارات مذكرة تفاهم مع المنتدى الاقتصادي العالمي لدعم مبادرة “تكنولوجيا التجارة” التي أطلقتها الدولة،لتسريع رقمنة سلاسل التوريد الدولية، وتحسين الإجراءات الجمركية، وتعزيز وصول الدول النامية إلى نظام التجارة العالمي، تمهيداً لحقبة جديدة من النمو التجاري.
وتشكل “مبادرة تكنولوجيا التجارة” خطوة بالغة الأهمية لتحديث التجارة العالمية باستخدام أدوات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، والحد من العمليات الورقية غير الفعالة التي تهيمن على سلاسل التوريد،  ولتوفير مزيد من الفرص بين مختلف الأسواق الدولية الرئيسية ودعم مرونة التجارة العالمية وقدرتها على تخطي التحديات وتحقيق النمو المستدام.
ونجحت الإمارات في السنوات الماضية في قيادة وحشد الجهود الدولية لحماية وتعزيز الأمن الغذائي العالمي عبر طرح الحلول،وإطلاق المبادرات ودعم المشاريع التي تسهم في تحسين إنتاج الغذاء، وتأمين استدامة سلاسل توريد المواد الغذائية ومكافحة الجوع في العالم.


حلول ذكية

بادرت الإمارات مبكراً  إلى اعتماد حزمة حلول اقتصادية ذكية تشجع التدفق الشامل للتجارة، وتعزز كفاءة سلاسل التوريد، وتبني أحدث ابتكارات تكنولوجيا التجارة، ما يوفر فرصاً جديدة للمصدرين والمصنِّعين والمستثمرين حول العالم.
ولعبت الدولة دوراً راداً فيئ تطوير سلاسل التوريد المستدامة، بالتركيز على استثماراتها بمليارات الدولارات في إزالة الكربون من سلاسل القيمة، كما رسخت مكانتها على أجندة الطاقة النظيفة في المنطقة، بعد التحول الكبير الذي شهدته قي السنوات العشر الماضية مقارنة مع دول أخرى.
كما وقعت حكومة الإمارات بالتعاون مع منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا مبادرة “تسريع الاقتصاد الدائري 360” ، لتكون أول دولة داعمة للمبادرة في العالم، وبما يعكس مكانتها مركزاً عالمياً ومختبراً مفتوحاً للابتكار الاقتصادي والتكنولوجي ونموذجاً في التنمية المستدامة، وتهدف المبادرة إلى إنشاء بيئة مؤهلة وبنية تحتية مستدامة لدعم نمو القطاعات الحيوية الاقتصادية،والاجتماعية، والبيئية بما يخدم الإنسان، كما تسعى إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في اقتصاد دائري بكفاءة وفعالية، حيث توفر هذه التقنيات إمكانات هائلة يمكن أن تحد من هدر الموارد، وتتبع استخداماتها وإعادة تدويرها.

أزمة كورونا

شكل أمن الغذاء إحدى الأولويات الاستراتيجية للإمارات، وقد أثرت جائحة كورونا على كفاءة واستمرارية سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي تعاملت معه الإمارات باحترافية عالية بتوسيع قاعدة سلاسل توريد الغذاء لضمان مرونتها واستمراريتها، وفق أعلى معايير سلامة الغذاء، وتحفيز التوسع في مشاريع الزراعة الحديثة التي تضمن زيادة الإنتاجية وكفاءتها.

ويمكن اعتبار تعامل الإمارات مع أزمة كورونا تجربة ناجحة في ضمان استمرارية سلاسل التوريد، فقد سارعت الدولة للانضمام إلى البيان الوزاري المشترك الذي أصدرته عدة دول حول العالم عن استمرارية سلاسل التوريد خلال الأزمة.
وتعهدت هذه الدول بالتزامها بضمان استمرارية وترابط سلاسل التوريد خلال أزمة تفشي الوباء، وتعزيز العمل والتنسيق بصورة مكثفة لتحديد ومعالجة العوائق التجارية التي تؤثر سلباً على تدفق السلع والبضائع الضرورية، كما أكدت العمل على ضمان إبقاء خطوط التجارة مفتوحة بما فيها عمليات الشحن الجوي والبحري، لتسهيل تدفق السلع بما فيها الاحتياجات الأساسية، وأهمية الامتناع عن فرض ضوابط رقابية تعيق سلاسة التصدير أو تطبيق حواجز تعريفية أو غير تعريفية على حركة التجارة، والعمل على إزالة أي تدابير تقيد توريد السلع الأساسية، ولا سيما الطبية خلال الأزمة. 
وخلال الجائحة شاركت الإمارات في الاجتماع الاستثنائي لمجموعة العشرين للتجارة والاستثمار على المستوى الوزاري، بحضور وزراء التجارة، والاقتصاد، والاستثمار في دول المجموعة، وممثلي عدد من المنظمات العالمية المعنية، وأكدت الإمارات أهمية تعاون دول المجموعة لضمان سلامة التجارة واستمرارية أنشطتها باعتبارها شرياناً لتوفير احتياجات الناس في مختلف مناطق العالم ومحركاً لعودة الانتعاش الاقتصادي.
  

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات لمنظمة التجارة العالمیة التجارة الدولیة سلاسل التورید حرکة التجارة حول العالم

إقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن شركة نكسبيريا التي هزت صناعة السيارات العالمية؟

تعود جذور شركة "نكسبيريا" (Nexperia) إلى بدايات القرن العشرين حين تأسست شركتا "مولارد" (Mullard) في لندن و"فالفو" (Valvo) في هامبورغ، اللتان استحوذت عليهما لاحقا شركة "فيليبس" (Philips) الهولندية الشهيرة، لتصبح نواتها في صناعة أشباه الموصلات.

وخلال الخمسينيات والستينيات، بدأت فيليبس تطوير وإنتاج المكونات الإلكترونية الدقيقة في مدينة "نيميخن" الهولندية، وأسهمت في ابتكار حزم تركيب المكونات السطحية الشهيرة مثل "إس أو تي 23" (SOT23) عام 1969، مما جعلها من أوائل الشركات التي أرست أسس الصناعة الحديثة للإلكترونيات.

ومع توسعها في الثمانينيات والتسعينيات، أنشأت فيليبس مصانع في الفلبين وماليزيا والصين لتلبية الطلب العالمي المتزايد على المكونات الإلكترونية.

وفي عام 2006، تم فصل قسم أشباه الموصلات ليُصبح "إن إكس بي لأشباه الموصلات" (NXP Semiconductors)، ثم استقل القسم عام 2017 تحت اسم "نكسبيريا"، وفقا لمنصة الشركة.

الصين تستحوذ على نكسبيريا

في عام 2019، استحوذت شركة الإلكترونيات الصينية "وينغتيك" (Wingtech) المملوكة جزئيًا للحكومة الصينية على نكسبيريا، لتدخل إلى قلب الصراع التكنولوجي والتجاري المشتعل بين الصين من جهة،  والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى.

وتتولى نكسبيريا تصنيع رقائق السيليكون في ألمانيا والمملكة المتحدة قبل أن تُرسلها إلى مصانعها في الصين وعدد من الدول الآسيوية لتقطيعها وتعبئتها في وحدات جاهزة بإنتاج يتجاوز 110 مليارات مكوّن إلكتروني سنويا، تُستخدم في قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات والإلكترونيات الاستهلاكية، بحسب وكالة رويترز.

وواصلت الشركة توسعها في آسيا وأوروبا، واستحوذت في عام 2022 على شركة التكنولوجيا الهولندية "ناوي" (NOWI) المتخصصة في حلول إدارة الطاقة، مما عزز مكانتها كشركة عالمية رائدة في الرقائق والمكونات الإلكترونية الأساسية.

إعلان

ووفقا لبيانات وكالة رويترز، بلغت إيرادات نكسبيريا نحو ملياري دولار عام 2024، لتؤكد حضورها بوصفها لاعبا محوريا في سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية.

نكسبيريا تنتج أكثر من 110 مليارات مكوّن إلكتروني من الرقائق سنويا (رويترز)الحكومة الهولندية تستولي على نكسبيريا

في 30 سبتمبر/أيلول 2025، فعّلت الحكومة الهولندية قانونا نادر الاستخدام يعود إلى حقبة الحرب الباردة، يُعرف باسم "قانون توافر السلع" (Goods Availability Act) لتتولى بموجبه السيطرة الفعلية على شركة نكسبيريا.

وجاء القرار، بحسب السلطات الهولندية، استجابة لـ"ثغرات كبيرة في الحوكمة والإدارة" داخل الشركة التي تُعد جزءا حيويا من سلسلة التوريد الأوروبية لأشباه الموصلات، محذرة من أن استمرار الوضع القائم قد يهدد استمرارية وحماية المعرفة التكنولوجية والقدرات الصناعية في هولندا وأوروبا، وفقا لشبكة "سي إن بي سي" (CNBC).

وفي السياق ذاته، أوقفت محكمة هولندية تشانغ شيويه تشن الرئيس التنفيذي لشركة نكسبيريا، وهو مؤسس شركة وينغتيك، عن عمله بتهمة سوء الإدارة والإخلال بواجبات الحوكمة، في خطوة تعكس تصاعد التوتر بين أمستردام وبكين حول مستقبل الشركة واستقلالية التكنولوجيا الأوروبية.

الرد الصيني المزلزل

ردت بكين في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بفرض ضوابط تصدير على منتجات نيكسبيريا المصنوعة في الصين إلى أوروبا، مما أدى إلى تصعيد التوترات وتأجيج المخاوف من صدمة أوسع نطاقا في سلسلة التوريد.

وقالت شركات صناعة السيارات الكبرى إن اضطراب الرقائق الناجم عن النزاع بين الصين والحكومة الهولندية يمكن أن يؤثر بسرعة على الإنتاج، إذ إن رقائق نيكسبيريا مطلوبة بشدة لإنتاج السيارات، بحسب رويترز.

وشمل الحظر الصيني منتجات وخطوط تجميع في مصنعها بمنطقة "دونغقوان" بمقاطعة "غوانغدونغ"، مما أدى إلى تعطيل جزئي لسلسلة التوريد.

وأبلغت نكسبيريا عملاءها في قطاع صناعة السيارات أنها "لم تعد قادرة على ضمان الإمدادات" بسبب توقف الشحنات من الصين.

وألقت وزارة التجارة الصينية اللوم على ما وصفته بـ"التدخل غير اللائق للحكومة الهولندية في الشؤون الداخلية للشركات"، مما تسبب في "الفوضى الحالية في سلسلة التوريد العالمية".

تُنتج شركة نكسبيريا مليارات الرقائق الإلكترونية الأساسية سنويا، تشمل الترانزستورات والثنائيات ومكونات إدارة الطاقة (رويترز)أهمية رقائق نكسبيريا

تُنتج شركة نكسبيريا مليارات الرقائق الإلكترونية الأساسية سنويا، تشمل الترانزستورات والثنائيات ومكونات إدارة الطاقة، والتي تُصنع في مصانعها الأوروبية، ثم تُرسل إلى منشآتها في الصين للتجميع والاختبار، قبل أن يعاد تصديرها إلى العملاء في أوروبا ومختلف أنحاء العالم.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 70% من الرقائق المُنتجة في هولندا تُرسل إلى الصين لاستكمال عمليات التصنيع والتعبئة قبل توزيعها عالميا، وفقا لشبكة "سي إن بي سي" (CNBC).

ورغم أن هذه الرقائق تُعد بسيطة ومنخفضة التكلفة، فإنها تمثل العمود الفقري لكل منظومة إلكترونية تقريبا. ففي قطاع السيارات، تؤدي دورا حيويا في توصيل البطارية بالمحركات، وتشغيل الأضواء وأجهزة الاستشعار، والتحكم في المكابح والوسائد الهوائية، إلى جانب أنظمة الترفيه والنوافذ الكهربائية، مما يجعل أي اضطراب في إنتاجها أو توريدها كفيلا بشل سلاسل التوريد العالمية وتعطيل خطوط التجميع في كبرى شركات صناعة السيارات.

شلل يهدد صناعة السيارات

بحسب تقرير سابق للجزيرة نت، شكل تجميد صادرات الرقائق الصينية صدمة لصناعة السيارات العالمية، إذ أعلنت شركات كبرى مثل هوندا موتور وفورد وجنرال موتورز عن خفض أو تعليق الإنتاج في مصانعها بأميركا الشمالية وأوروبا.

إعلان

وقالت هوندا إنها أوقفت العمل مؤقتا في مصنعها في كندا، وخفضت الطاقة الإنتاجية في المكسيك بنسبة 50% بعد نفاد إمدادات الرقائق القادمة من نكسبيريا.

وفي أوروبا، حذرت رابطة مصنعي السيارات الأوروبيين من أن المخزون المتاح من رقائق نكسبيريا "لن يكفي سوى لأسابيع قليلة"، مشيرة إلى أن "توقف الإمدادات قد يؤدي إلى تعطل واسع النطاق في مصانع القارة".

وأوضحت شركة مرسيدس بنز أنها تملك احتياطا قصير الأمد يكفي "للمدى القريب فقط"، في حين أكدت فولكس فاغن أنها قد تواجه صعوبة في تحقيق أهدافها المالية لعام 2025 إذا استمر الحظر، رغم تأمين مكونات كافية للأسابيع الأولى من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

شركات السيارات العالمية أطلقت تحذيرا بشأن تأثير نقص صادرات الرقائق الصينية على إنتاجها (أسوشيتد برس)

وقال أرنو أنتليتز المدير المالي لفولكس فاغن إن شركته تتوقع "تحقيق ربح تشغيلي في النطاق الأعلى بين 2% و3% لهذا العام"، لكنه حذر من أن "استمرار أزمة الرقائق قد يعرض ذلك للخطر".

أما في ألمانيا، فقد أعلنت شركة "أوموفيو إس إي"، المنفصلة حديثا عن "كونتيننتال"، أنها "تستعد لاحتمال تقليص ساعات العمل بسبب اختناقات الإمداد".

وفي الولايات المتحدة، قالت جمعية مصنعي السيارات والمعدات إن المصانع الأميركية "على بُعد أسابيع من مواجهة تأثيرات كبيرة" إذا لم يُحل النزاع.

أين وصلت الأزمة؟ أميركا تدخل على الخط

تطورت الأزمة سريعا مع دخول الولايات المتحدة على خط الوساطة بين بكين وأمستردام. فقد أفادت تقارير صحفية بأن واشنطن تعتزم الإعلان عن استئناف شركة نكسبيريا شحن الرقائق جزئيا ضمن اتفاق إطاري تم التوصل إليه خلال قمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية مؤخرا، بحسب مصادر مطلعة تحدثت لشبكة "سي إن بي سي".

وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة التجارة الصينية أنها ستُعفي بعض منتجات نكسبيريا من قيود التصدير التي فُرضت عقب استحواذ الحكومة الهولندية على الشركة، دون أن توضح طبيعة هذه الإعفاءات أو المنتجات المشمولة بها.

وقالت الوزارة "سندرس بشكل شامل الوضع الفعلي للشركة والصادرات المؤهلة للإعفاء".

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن "الصين -باعتبارها دولة كبيرة مسؤولة- تضع في اعتبارها بشكل كامل أمن واستقرار سلاسل الصناعة والتوريد المحلية والعالمية".

وأضاف المتحدث أن الصين "ترحب بالشركات التي تواجه صعوبات عملية للاتصال الفوري بالوزارة أو السلطات التجارية المحلية"، مشيرا إلى أن الوزارة ستأخذ في الاعتبار الظروف الفعلية وتمنح إعفاءات التصدير للشركات المؤهلة.

وإذا تم تفعيل هذه الإعفاءات، فمن شأنها تخفيف الضغط الفوري على شركات صناعة السيارات العالمية التي تواجه نقصا حادا في المكونات الأساسية.

لكن جوهر النزاع المتمثل في الملكية والتكنولوجيا والإشراف الأمني على الشركة، لا يزال عالقا دون حل، مما يُبقي الأزمة مفتوحة على احتمالات تصعيد جديدة في حرب الرقائق المُستعرة بين الشرق والغرب.

مقالات مشابهة

  • بوتين يعلن بدء انتاج أقوى منظومة صاروخية في العالم.. أوريشنيك تغير معادلة الردع
  • إطلاق المبادرة البيئية “العالم غير المرئي 2.0” لحماية الشعاب المرجانية في دولة الإمارات
  • تغير المناخ يهدد باندثار مهد الحضارات في العراق
  • ماذا تعرف عن شركة نكسبيريا التي هزت صناعة السيارات العالمية؟
  • منال عوض تستعرض جهود مصر نحو تحقيق مساهماتها المحددة وطنياً للتصدي للتغيرات المناخية
  • وزير الخارجية: مصر ستتخذ كافة الإجراءات التي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة لحماية أمنها المائي
  • “الدولية لحماية الصحفيين”: “إسرائيل” تفلت من العقاب على قتل الصحفيين منذ 24 عامًا
  • مدير إدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية: القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية تسعى إلى مواكبة التحديات والمتغيرات التي يشهدها العالم
  • رئيسة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين: واشنطن مارست ازدواجية في ملف شيرين
  • تقرير: إدارة ترامب لن تشارك بوفد رسمي في قمة المناخ العالمية