واشنطن – (أ ف ب) – يتحتم على جو بايدن التوفيق بين مهمتين معقدتين خلال قمة الحلف الأطلسي الثلاثاء والأربعاء، الأولى تقضي بتعزيز دعم الدول الحليفة لكييف، فيما تتطلب الثانية الحفاظ على موقف حازم بشأن طموح كييف للانضمام سريعا إلى الناتو. ويعتبر بايدن الذي يصل الى ليتوانيا في ساعة متأخرة الإثنين، مسألة تحقيق التوازن تلك أكبر إنجازاته في السياسة الخارجية، أي تَمكنه من جمع دول الغرب ضد روسيا وفي الوقت نفسه تفادي حرب أوسع نطاقا مع قوة عظمى نووية.

ورغم مخاوف من أن أوروبا أصبحت تعتمد بشكل كبير على موسكو، وأن الكونغرس الأميركي غير فعال بدرجة كبيرة، سارع بايدن لفرض عقوبات واسعة ضد روسيا ورصد مساعدات عسكرية كبيرة لكييف عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. والآن مع انطلاق الهجوم المضاد الصيفي لأوكرانيا، سينضم بايدن إلى سائر قادة دول الناتو في اجواء حازمة. وقال مستشار الأمن القومي جيك ساليفان الجمعة “بفضل قيادة الرئيس جو بايدن إلى حد كبير … سيُظهر الرئيس وحلفاؤنا وحدتنا وحزمنا في دعم أوكرانيا”. يبدأ بايدن جولته بتوقف سريع في بريطانيا الإثنين ويختتمها بزيارة فنلندا العضو في الناتو الخميس. وثمة بند إضافي على جدول أعماله يتمثل في دفع تركيا للتخلي عن معارضتها لانضمام السويد إلى الحلف. وسيستخدم فيلينيوس الأربعاء خلفية لخطاب بشأن “رؤيته لأميركا قوية وواثقة بنفسها يحيط بها شركاء وحلفاء أقوياء واثقون بأنفسهم”. – لا عضوية لأوكرانيا في الناتو بعد – حتى في الوقت الذي يحفز فيه الحلف بشأن أوكرانيا، سيسعى بايدن لإبداء نوع من ضبط النفس. ويظهر هذا الحذر في كل مرة تتصاعد الضغوط من كييف، عادة بدعم من بولندا ودول البلطيق الثلاث، لتزويدها بأسلحة أقوى وأكثر تطورا، سواء دبابات أو مقاتلات إف-16. وتتعلق آخر نقطة شائكة بامتناع واشنطن عن إرسال صواريخ (ATACMS) التكتيكية البعيدة المدى والتي تريد أوكرانيا استخدامها ضد قواعد روسية خلفية. ويعتبر بايدن إن بعض الأسلحة تغير قواعد اللعبة إلى حد أنها قد تؤدي الى رد روسي يمكن أن يجر القوات العسكرية الغربية للنزاع. وذلك كما قال مرارا “يسمى الحرب العالمية الثالثة”. يتبع بايدن في لحظات مماثلة النهج نفسه تقريبا. يرفض في البدء ثم يلين موقفه. فإما يأذن بتسليم معدات مثل دبابات ومنظومات باتريوت المضادة للصواريخ، وإما يعطي حلفاء الضوء الأخضر على الأقل لإرسال معدات عسكرية من ترسانتهم. الجمعة أعلنت الولايات المتحدة الجمعة قرارها تزويد أوكرانيا قنابل عنقودية، للمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأراضيها. وقال بايدن إن اتخاذه القرار كان “صعبا للغاية” إلا أن “ذخيرة الأوكرانيين تنفد”. لكن عندما يتعلق الأمر بأحلام أوكرانيا الانضمام للحلف الأطلسي، لا يبدو أن بايدن سيغير موقفه في وقت قريب. أعلن الرئيس الأوكراني هذه الأسبوع أنه يريد دعوة للانضمام “الآن” وقال لشبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية إن بايدن هو “صانع القرار” في الناتو. – دعم استثنائي – يرى الباحث في معهد “أتلانتيك كاونسل” للأبحاث جون هيربست إن عدم تقديم نوع من التشجيع الملموس لأوكرانيا بشأن عضوية مستقبلية سيكون “هزيمة للناتو في فيلنيوس”. ويعتقد محللون في واشنطن أنه يمكن أن يقدَم لأوكرانيا ما يشبه الترتيب الأميركي مع إسرائيل التي تتلقى تمويلا سنويا ضخما للأمن، ما يسمح لها بوضع مخططات بعيدة الأمد. ويقول فيليب ريكر من مركز ويلسون إن “هناك مختلف الالتزامات والضمانات الأمنية المعقولة التي قد تسهم أكثر نحو مصالح أوكرانيا القصيرة الأمد وأهدافها البعيدة الأمد، بما يشمل عضوية كاملة”. وأوضح ساليفان أن مواقف البيت الأبيض الداعمة والحذرة في الوقت نفسه في معركة أوكرانيا ستستمر. وقال إن بايدن “كان واضحا أننا سندعم أوكرانيا طالما استدعت الضرورة ونوفر لها كمية استثنائية من الأسلحة والقدرات … لكننا لا نسعى لبدء الحرب العالمية الثالثة”.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

خبراء أميركيون يفككون مستقبل أوكرانيا والناتو بعد انتصار ترامب

واشنطن- مع عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض رئيسا جديدا، يواجه الأوكرانيون خطر خسارة الولايات المتحدة أكبر حليف لهم.

ودفع اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل أكثر من عامين إلى بروز معضلة علاقة واشنطن بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ضمن قائمة قضايا سباق انتخابات 2024، لا سيما أن لترامب سجلا حافلا من العداء والتناقض والاستهتار بإرث الحلف العسكري الأكبر والأكثر قوة في العالم.

ويأتي فوزه في توقيت خطير لأوروبا مع استمرار تقدم روسيا في أوكرانيا، وعدم إخفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغبته في تقويض الناتو والاتحاد الأوروبي كذلك.

ويخشى الخبراء الأميركيون من اتجاه ترامب لفرض سلام "غير عادل" على كييف، في الوقت الذي تحدثوا فيه عن شكوك كثيرة حول مستقبل الحلف وبقائه.

نتائج كارثية

يقول ألكسندر داونز، مدير معهد دراسات الأمن والصراع بجامعة جورج واشنطن والخبير في الصراعات الدولية، إن وحدة الناتو قد تتأثر كثيرا بعد فوز ترامب، وسيكون ذلك كارثيا على أوكرانيا وربما بعض دول الحلف بالنظر إلى تصريحاته بأنه "سيشجع روسيا على فعل ما تريد لأعضاء الحلف الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع".

وسارع البيت الأبيض إلى تقديم مزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا فور تأكد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الثلاثاء الماضي. وبدأت إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات إخراج أكثر من 6 مليارات دولار متبقية لهذه المساعدات قبل حلول موعد تنصيب الرئيس الجديد يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل.

وكرر ترامب، الذي تجمعه علاقات طيبة بالرئيس الروسي، انتقاد طلبات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للحصول على مساعدات أميركية إضافية، قائلا "إنها لا تنتهي أبدا".

من جانبه، وفور الإعلان عن انتصار ترامب، سارع زيلينسكي إلى التهنئة وغرد على منصة إكس "نحن نتطلع إلى حقبة أميركية قوية تحت قيادة الرئيس ترامب الحاسمة".

ويقول ستيف بايفر، خبير الشؤون الأوروبية ونزع السلاح بمعهد بروكينغز، للجزيرة نت، إن على الحكومة الأوكرانية أن تحاول إقناع ترامب وكبار مستشاريه بالحفاظ على الدعم الأميركي، ولكن يجب عليها أيضا أن "تخطط لأفضل طريقة للدفاع عن نفسها ضد الحرب العدوانية الروسية دون مساعدة أميركية، والتي أخشى أن تنهيها إدارة ترامب في عام 2025".

وشهدت الأسابيع الأخيرة تطورات على خطوط جبهات القتال في شرق أوكرانيا؛ إذ يستمر تقدم القوات الروسية، ويتزامن ذلك مع تأكيد انضمام آلاف من الجنود الكوريين الشماليين للقتال مع الجانب الروسي.

ومع وصول ترامب من جديد إلى البيت الأبيض قد تتراجع أو تنعدم أي آمال لكييف في الحصول على عضوية الناتو، وقد يتخلى ترامب عن التعهد الأميركي بمساعدتها حتى تحقيق النصر وتحرير كل ترابها الوطني.

خبر سيئ

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك أن فوز ترامب هو "خبر سيئ" لأوكرانيا. وبرأيه، من المحتمل جدا أن يستخدم التهديد بوقف المساعدات العسكرية لها للضغط عليها لصنع السلام مع موسكو. وأما في روسيا، فقد يشجع هذا بوتين على تكثيف الحرب للحصول على اتفاق سلام أكثر ملاءمة له.

في الوقت ذاته، ستكون القارة الأوروبية على رأس المناطق التي قد تتأثر سلبا بوصول ترامب إلى سدة الحكم. وبعيدا عن غضبه من ارتفاع حجم الفائض التجاري لمصلحة أوروبا ورغبته في فرض تعريفات جمركية كبيرة على السيارات الألمانية، قد يصبح مستقبل التعاون الأمني المتمثل في الناتو على المحك.

ينظر ترامب إلى الناتو من منظور تجاري بسيط (الحماية بمقابل مادي)، وهو ما لا يشكل أساسا متينا لتحالف مثله. ولا يزال ينتقد الإنفاق الدفاعي المحدود لدول أوروبا الغربية على ميزانيات الدفاع بها. وفي لقاء تلفزيوني قبل شهور قال "لا، لن أحميكم. أود أن أشجع الروس على فعل ما يريدون. عليكم أن تدفعوا فواتيركم".

وتنص المادة الخامسة من ميثاق الحلف على أن الهجوم على أحد أعضائه هو هجوم عليهم جميعا.

وبرأي الخبير بيك، يجب على الناتو الشعور بالقلق أيضا بشأن ولاية ترامب الثانية لأن أميركا هي محور الحلف ولا يمكن لأوروبا دعم كييف، أو حتى الدفاع عن نفسها، دون مشاركة الولايات المتحدة. وقد لا يسحب ترامب أميركا من الحلف، لكنه سيصرّ على أن تنفق الدول الأوروبية المزيد على الدفاع وقد يحاول أيضا منع الناتو من التورط في صراعات مثل التي في أوكرانيا.

وكان الإنفاق الدفاعي للناتو موضوعا متكررا في حملات ترامب الانتخابية وصولا إلى سباق 2024، ويتسق ذلك مع أجندته "أميركا أولا"، ومع مهاجمة منافسيه الديمقراطيين لتركيزهم على التحالفات الدولية وتجاهل المصالح الأميركية.

إرادة سياسية

بدوره، أشار الخبير ستيف بايفر إلى ضرورة أن يشعر حلف شمال الأطلسي بالقلق. وقال إن ترامب أظهر مرارا وتكرارا أنه متشكك في مشاركة أميركا فيه، "ويجب على القادة الأوروبيين أن يحاولوا التواصل المبكر مع الرئيس المنتخب وفريقه الجديد، ولكن يجب عليهم أيضا أن يخططوا لكيفية بناء دفاع أوروبي ضد روسيا لا يعتمد كثيرا على الولايات المتحدة".

وتابع أن الأعضاء الأوروبيين في الناتو "لديهم القدرة الاقتصادية على القيام بذلك، والحلف بحاجة إلى الإرادة السياسية لتعبئة تلك القدرة".

وخلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بإنهاء الحرب "في غضون 24 ساعة"، ولم يوفر أي إشارات عن تفاصيل خطته للسلام، إلا أن أنصاره قدموا بالفعل خطتين للتعامل مع الحرب في أوكرانيا، وطرح نائبه جيه دي فانس رؤية تتضمن:

أولا: تجميد الصراع عند الحدود والخطوط الحالية، وإجبار أوكرانيا على أن تتحول إلى دولة محايدة مع تعهدها بعدم الانضمام للناتو. ثانيا: خطة وضعها وزير خارجية ترامب السابق مايك بومبيو في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال، حيث ركز على تعزيز الدعم العسكري والمالي لكييف كرادع لموسكو، مع إبقاء احتمال عضوية الناتو مفتوحا. ولا يُعرف بعد أي مسار سيسلكه ترامب.

من ناحية أخرى، لم تلبّ إدارة بايدن كل مطالب زيلينسكي وتتردد حتى الآن في الإذن باستخدام صواريخها البعيدة المدى لشن ضربات داخل روسيا، كما تؤخر متعمّدة إمداد كييف ببعض نظم التسليح المتقدمة.

ويأمل زيلينسكي أن يغير فوز ترامب هذه القواعد ويدعم أوكرانيا بصورة أكثر حسما وأقل ترددا، كما أشارت إلى ذلك مجلة الإيكونوميست البريطانية.

مقالات مشابهة

  • أوربان يدلي بتوقعات بشأن تعامل ترامب مع أزمة أوكرانيا
  • جوزيب بوريل يزور أوكرانيا لبحث دعم كييف
  • خبراء أميركيون يفككون مستقبل أوكرانيا والناتو بعد انتصار ترامب
  • أوربان: الاتحاد الأوروبي لديه شكوك بشأن استمرارية دعم أوكرانيا بعد فوز ترامب
  • واشنطن تعلن دعمها لأوكرانيا حال الدخول في مفاوضات مع روسيا
  • بوتين: روسيا مستعدة لإجراء مفاوضات سلام بشأن أوكرانيا ولكن ليس على أساس "رغبات" كييف
  • العاهل المغربي: هناك من يستغل قضية الصحراء لإيجاد منفذ على المحيط الأطلسي
  • صراع الكوريتين ينتقل لأوكرانيا.. سول تبحث تسليح كييف
  • تحليل لـCNN: عدم اليقين بشأن سياسة ترامب تجاه حرب أوكرانيا يحد من تفاؤل روسيا
  • المستشار الألماني: سنواصل العمل مع واشنطن لتحقيق الازدهار على جانبي المحيط الأطلسي