معادلة روسيا وإسرائيل.. غزة توتِّر علاقتهما وإيران تمنع انهيارها
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
على الرغم من الانتقادات والخلافات بين روسيا وإسرائيل بشأن الحرب الإسرائيلية السمتمرة على بطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أن بين البلدين "مصلحة مشتركة" ستمنع انهيار علاقتهما.
تلك القراءة طرحها أنطون مارداسوف، عير تحليل في موقع "المجلة" (Al Majalla) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "العلاقات الإسرائيلية الروسية تتدهور مع تصاعد القتال في غزة".
وأضاف أن "إسرائيل كانت منزعجة بشكل خاص من زيارة وفد "حماس" (أواخر أكتوبر الماضي) إلى موسكو (....) وأصبحت المشاحنات بين الجهات الدبلوماسية في البلدين أمرا مألوفا على شتى المنابر، بما فيها اجتماعات الأمم المتحدة".
ولفت إلى أن "مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا نفى مؤخرا حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، فردّ عليه سفير إسرائيل جلعاد إردان بأن روسيا هي "آخر دولة" يحق لها أن تعلم إسرائيل كيفية احترام القانون الدولي".
ولليوم الـ39، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء شن حرب مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و240 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الإثنين.
فيما قتلت حركة "حماس" 1200 إسرائيلي وأسرت نحو 240، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
اقرأ أيضاً
رئيسي يتهم أمريكا بتشجيع مجازر إسرائيل في غزة.. السوداني يندد بفشل المجتمع الدولي
ملف سوريا
وعلى الرغم من الانتقادات المتبادلة بين موسكو وتل أبيب، "فمن المرجح أيضا أن تظل السياسة الإسرائيلية عملية للغاية ومنفصلة إلى حد ما عن الأزمة الروسية الأوكرانية"، كما أضاف مارداسوف.
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة (حليفة إسرائيل)، تهدد الأمن القومي الروسي.
وقال عضو الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي زئيف إلكين، الرئيس المشارك السابق للجنة الحكومية الروسية الإسرائيلية للتعاون التجاري والاقتصادي، إن العلاقات بين روسيا وإسرائيل "تتراجع بشكل سريع".
وعلى هذه الخلفية، أفادت وكالة "بلومبرج" الأمريكية مؤخرا بأن الجيش الإسرائيلي صار يوجه ضرباته في سوريا دون إخطار مسبق لروسيا؛ ما قد ينقل الأزمة في العلاقات إلى مستوى جديد.
ومن حين إلى آخر، يشن جيش الاحتلال غارات على ما تقول إسرائيل إنها أهداف إيرانية في سوريا. وعادة ما تنسق تل أبيب بشأن هذه الغارات مع موسكو، التي تمتلك سيطرة على المجال الجوي السوري، ضمن دعمها العسكري لنظام بشار الأسد منذ عام 2015.
اقرأ أيضاً
بوتين: ما يحدث في غزة مأساوي.. وإقامة الدولة الفلسطينية الحل الوحيد لسلام شامل
ورقة رابحة
ومنذ الحرب الروسية في أوكرانيا، "تغيرت أشياء كثيرة، وأبرزها السياسة الخارجية الروسية، التي أصبحت تميل على نحو متزايد نحو الدول العربية، وتميل في المقام الأول نحو إيران"، كما زاد مارداسوف. وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها.
ورأى أن "حرب غزة قدمت للكرملين، الذي يشن حربا في أوكرانيا، ورقة دعائية رابحة قوية لاتهام الغرب بازدواجية المعايير".
وأردف: "بينما تقوم إسرائيل بعملية عسكرية في غزة تؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين، تتراكم لدى موسكو المزيد والمزيد من الحجج لانتقاد سياسة العقوبات المطبقة عليها".
مارداسوف قال إنه "على الرغم من كل القضايا الراهنة التي لا يتطابق فيها موقفا روسيا وإسرائيل، فإن المصلحة المشتركة في الحفاظ على علاقات بناءة تظل قائمة، وتظل اتصالات تل أبيب مع موسكو عنصرا من عناصر استراتيجية تنويع العلاقات الخارجية".
وشدد على أنه "في هذا الصدد، تظل إيران أحد أهم العوامل؛ فمن خلال الحفاظ على اتصالات بناءة مع روسيا، تساهم إسرائيل في الحفاظ على دورها كدولة توازن بين مصالح الجهات الفاعلة المتعارضة في منطقة غير مستقرة تماما".
اقرأ أيضاً
دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين
المصدر | أنطون مارداسوف/ المجلة- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: معادلة روسيا إسرائيل غزة إيران حرب روسیا وإسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل تذهب المعاهدة الجديدة بالعلاقة بين روسيا وإيران إلى تحالف إستراتيجي؟
موسكو- وقّعت روسيا وإيران اتفاقية شراكة إستراتيجية غطت أوسع قطاع من التعاون على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين، بما في ذلك الدفاع والتجارة والطاقة والتمويل والنقل وكذلك الزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحية فضلا عن الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.
الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في الكرملين من قِبَل الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان، تتكون من 47 مادة وتغطي أكثر من 30 مجالاً للتعاون، من السياسة والاقتصاد إلى التكنولوجيا والأمن، ومن المقرر أن تستمر لمدة 20 عامًا مع تمديدات تلقائية لفترات مدتها 5 سنوات لاحقة.
الرئيس الإيراني (يمين) يلتقي بوتين ويناقش معه سبل تعزيز التعاون في جميع القطاعات (الفرنسية) عصر جديدوفي مؤتمر صحفي مشترك مع بزشكيان، وصف بوتين الاتفاقية بأنها "مهمة لأنها تسمح لنا بإضافة زخم جديد عمليا إلى النطاق الكامل لتعاوننا"، معتبرًا أنها تشكل "اختراقا" في العلاقات الثنائية، بينما قال بزشكيان إنها " فتحت عصرًا جديدًا في العلاقة بين إيران وروسيا".
وعلى عكس معاهدات روسية مشابهة مع الصين وكوريا الشمالية وبيلاروسيا، لم تحتوِ الاتفاقية مع إيران على بند الدفاع المتبادل، بل نصت على أنه إذا تعرضت إحداها للهجوم، فيجب ألا تقدم الدولة الأخرى "أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي من شأنها أن تسهل استمرار العدوان".
إعلانويأتي توقيع الاتفاق قبل 3 أيام فقط من أداء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية، والذي تعهد مرارا وتكرارا باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، رفض الربط بين توقيت الحدثين.
ونوقشت اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين لأول مرة في عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) واستمرت في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي (2021-2024)، قبل أن يتم التوقيع عليها أمس الجمعة في الكرملين.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، لا سيما بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، عزز البلدان علاقاتهما بما في ذلك المجال العسكري. واتهمت كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو بتزويد إيران بطائرات مقاتلة متطورة من طراز سو-35 التي تخضع لعقوبات غربية مقابل الحصول على طائرات إيرانية دون طيار من طراز "شاهد"، لكن موسكو وطهران قامتا بنفي هذه الاتهامات.
وفي تعزيز إضافي للعلاقات مع روسيا، انضمت إيران إلى كتلة البريكس وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أحد القلائل من زعماء العالم الذين حضروا قمة الكتلة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في قازان.
من الشراكة إلى التحالف
برأي المختص في الشؤون الدولية ديمتري كيم، فإن أهمية الاتفاقية الجديدة بين البلدين تكمن في أنها رفعت مستوى العلاقات بينهما من الشراكة إلى التحالف الإستراتيجي وأضفت طابعا رسميا على هذا التحالف.
ويضيف، في حديث للجزيرة نت، أن المرحلة الجديدة من العلاقات بين البلدين سيكون لها تأثير على مناطق عدة في العالم وإن بطرق مختلفة، ولكن بشرط أن يترجم البلدان ذلك بمتابعة نفس الأهداف والأنشطة في مسارات السياسة الخارجية الخاصة بهما.
ويعطي مثالًا على ذلك أنه في حال أوقفت روسيا صادرات الغاز إلى أرمينيا، فيجب على إيران أن تتوقف بالتوازي، وأن أي موقف تتخذه إيران فيما يتعلق بأذربيجان، يجب على روسيا أن تتخذ هذا الموقف أيضا.
إعلانويلفت في الوقت ذاته، إلى احتمال أن تنشأ بعض التناقضات بين البلدين، في هذه الحالة، لذلك، جرى التأكيد على أن هذا الاتفاق الإستراتيجي الشامل يتعلق أكثر بالتعاون الثنائي بين البلدين ويركز على التعاون العسكري والتكنولوجيا الذرية والبنية الأساسية للنقل، لأن كلا البلدين يعانيان من مشاكل كافية على الساحة الدولية ويخضعان لعقوبات مختلفة من الغرب واليابان وكوريا الجنوبية.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يسار) ينقلان العلاقة بين بلديهما لمستوى التحالف الإستراتيجي (الأناضول) تحديات مشتركةمن جانبه، يربط الخبير في العلاقات الدولية ديمتري بابيتش ما يصفه بـ"العهد الجديد" في العلاقات بين البلدين بتحولات جيوسياسية أوسع نطاقًا، بما في ذلك انهيار نظام بشار الأسد في سوريا حيث أدى ذلك إلى خسارة لكل من روسيا وإيران في المنطقة.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن روسيا كانت حذرة في السابق من وصف علاقاتها مع إيران بأنها "إستراتيجية" لتجنب إثارة استياء اللاعبين الإقليميين الرئيسيين وحتى الغرب، لكنها باتت تنظر إلى إيران حاليًا كحليف إستراتيجي ومهم في مواجهة العقوبات والتمدد الغربي.
ويتابع بأن الاتفاقية تدل على أن إيران وروسيا ستعملان معًا لمواجهة هذه الاستحقاقات وغيرها في مناطق مختلفة من العالم، من خلال رفع مستوى التنسيق والتفاهم بينهما وتثبيت ذلك في اتفاقيات مشتركة وملزمة وغير "خجولة".
ويشير في هذا السياق إلى أن معاهدة الشراكة الشاملة بين موسكو وطهران هي أكثر أهمية، على سبيل المثال، من ميثاق الشراكة بين الولايات المتحدة وأرمينيا الذي تم توقيعه مؤخرًا بالنظر إلى أنه تم توسيعها لتأخذ في الاعتبار حقائق العالم الجديدة، بما في ذلك تحول أرمينيا إلى مستعمرة أميركية جديدة في جنوب القوقاز -حسب تعبيره- وهو تحد مشترك لكل من روسيا وإيران.
إعلانوالاتفاقية في أحد أبعادها، يضيف المتحدث، تضعف إمكانية شن ضربات صاروخية أميركية على إيران في المستقبل بهدف منعها من تطوير الأسلحة النووية، وبالتالي تعتبر بمثابة إجراء وقائي وجزء لا يتجزأ من إعادة صياغة النظام العالمي بشكل عام، حيث فقدت الولايات المتحدة هيمنتها، ومن غير المرجح أن تستعيدها في شكلها السابق، حسب قوله.