بريطانيا: الصراعات المسلحة حول العالم ترفع أسهم شركات تصنيع السلاح وتُنعش سوق الذخائر الحربية
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
أعلنت شركة "بي أيه أي" في أغسطس-آب عن سجل طلبيات قياسي وزيادة في صافي أرباح النصف الأول من العام بـ 57 في المائة، مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي بين الحكومات الغربية.
لقد زادت وتيرة إنتاج الأسلحة والذخيرة بمصنع "بي أيه أي" شمال شرق إنجلترا على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا والنظرة الجيوسياسية "السوداوية".
يتم نقل القذائف الفارغة إلى موقع غلاسكويد التابع لشركة "بي أيه أي" في ويلز، حيث تتم إضافة التركيبة المتفجرة قبل تسليمها للعملاء.
أعلنت شركة "بي أيه أي" في أغسطس-آب عن سجل طلبيات قياسي وزيادة في صافي أرباح النصف الأول من العام بـ 57 في المائة، مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي بين الحكومات الغربية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وارتفعت أسهم الشركة منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل الشهر الماضي.
ستيف كارديو، مدير تطوير الأعمال بالشركة البريطانية المصنعة للمعدات العسكرية، اعتبر أن العالم أصبح أقل استقراراً، وهذا ما يُشير إلى أن الطلب على الذخائر سيزداد وسيكون سيناريو مستداما بالنسبة للمؤسسة.
أوامر "غير مسبوقة"أصدرت شركة "بي أيه أي" يوم الاثنين توقعات أرباح إيجابية حول "تزايد تعرضها لأسواق الدفاع المتنامية هيكليا"، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تزايد "المخاطر الجيوسياسية". كما أن المجموعة ضخت المزيد من الأموال هذا العام في استثمارات جديدة في القدرة على تصنيع الذخائر.شاهد: هبطت على ساحل في غزة.. مروحية إسرائيلية تجلي جنوداً بينهم جرحىشاهد: إسرائيل تستخدم منظومة "آرو" الدفاعية لاعتراض صاروخ من غزةوقال كارديو إن إنتاج القذائف من عيار 155 ميليمتر سيرتفع بمقدار ثمانية أضعاف بحلول عام 2025 مقارنة بما كان عليه قبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا في أوائل العام الماضي، مضيفا: "ما شهدناه هذا العام لم يسبق له مثيل، هناك في الواقع طلبيات إضافية بقيمة 430 مليون جنيه. وهذا أمر استثنائي بالنسبة لنا، ومن الواضح أنه انعكاس للنوع العالمي من السوق الذي نواجهه الآن".
"الجيل القادم من الذخائر"ويتعلق اثنان من العقود في الغالب بعيار 155 ملم، المستخدم على نطاق واسع في الصراع الأوكراني. وآخرها بقيمة 20 مليون جنيه استرليني (24 مليون دولار) مخصص للذخيرة الصغيرة. وهناك عقد أكبر بكثير وطويل الأجل تم إطلاقه هذا العام، وهو العقد المعروف باسم حلول الجيل القادم من الذخائر، تبلغ قيمته 2.4 مليار جنيه إسترليني ويشهد قيام شركة "بي أيه أي" بتزويد وزارة الدفاع البريطانية بالذخائر على مدار 15 عامًا.
قالت حكومة المملكة المتحدة خلال سبتمبر-أيلول إنها سلمت أكثر من 300 ألف قذيفة مدفعية إلى أوكرانيا، ومن المقرر إرسال عشرات الآلاف منها بحلول نهاية العام.
لقد كانت منطقة شمال شرق إنجلترا، من المناطق ذات الثقل الصناعي، ومعدل البطالة أعلى من المتوسط الوطني، وفقا للبيانات الرسمية. ولهذا السبب لا يفكر البعض مرتين قبل الانخراط للعمل في مصنع لتصنيع الأسلحة. فقد قامت "بي أيه أي" بزيادة عدد الموظفين لتلبية الزيادة في الطلب على الذخائر، إذ توظف حاليًا أكثر من 93000 عامل في 40 دولة. ما يقرب من نصفهم في المملكة المتحدة.
الحرب بين إسرائيل وحماسوقد تضاعف سعر سهم شركة "بي أيه أي" تقريبًا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وبأكثر من 10 في المائة في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحماس التي بدأت في أوائل أكتوبر-تشرين الأول ومن المقرر أن تستمر شركة "بي أيه أي" وأقرانها في الاستفادة من التوتر الدولي، فمن المحتمل جدًا أن تستمر هذه الشركات في الاستفادة من تزايد الصراعات في العالم، على حساب المدنيين.
إذا كان دعم المملكة المتحدة لأوكرانيا في حربها مع روسيا يبدو غير محل اعتراض كبير من جانب الرأي العام البريطاني، فإن الأمر ليس كذلك فيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس. فقد قام عشرات النقابيين يوم الجمعة بإغلاق منشأة لشركة "بي أيه أي" في مدينة روتشستر جنوب شرق إنجلترا، متهمين الشركة بتصنيع مكونات الطائرات العسكرية التي تستخدمها إسرائيل في قصفها لغزة.
المصادر الإضافية • أ ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لحظة بلحظة| لا هدنة ولا صفقة لتبادل الأسرى.. إسرائيل تواصل قصف القطاع وتنفّذ عملية في الضفة الغربية "ليس باسمنا"..يهود أمريكيون يعتصمون قرب قنصلية إسرائيل في شيكاغو ويطالبون بوقف الحرب على غزة شاهد: طبيب من ديترويت فقد 20 من أقاربه في القصف الإسرائيلي على غزة المملكة المتحدة حروب صناعة الأسلحة الحرب الروسية الأوكرانية الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: المملكة المتحدة حروب صناعة الأسلحة الحرب الروسية الأوكرانية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل قطاع غزة طوفان الأقصى بنيامين نتنياهو قصف أسلحة جرائم حرب أطفال غزة حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل قطاع غزة طوفان الأقصى المملکة المتحدة یعرض الآن Next بی أیه أی
إقرأ أيضاً:
هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.
إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.
أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.
الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.
كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.
بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».
مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.
الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.
فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط