خصصت المملكة العربية السعودية مساعدات إنسانية لمساعدة المتضررين من الحرب في السودان المشتعلة بين الجيش و الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.

الخرطوم _ التغيير

كشف مفوض العون الإنساني بولاية شمال كردفان طارق أمين أبو البشر، عن تخصيص (48) ألف جوال دقيق قمح للولاية من جملة (435. 96) ألف جوال عبارة عن منحة سعودية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الانسانية.

وكان قد حذرت مسؤولة في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من أن القتال الذي يتزايد نطاقه ووحشيته “يؤثر على شعب السودان، والعالم صامت بشكل فاضح”.

و قالت مسؤولة في الأمم المتحدة إن الحرب التي اندلعت دون سابق إنذار حولت منازل السودانيين التي كانت تنعم بالسلام إلى مقابر، منبهة إلى أن أزمة إنسانية تفوق التصور تتكشف فصولها في السودان، بعيدا عن أعين العالم وعناوين الأخبار.

زارت دومينيك هايد، مديرة قسم العلاقات الخارجية لدى مفوضية شؤون اللاجئين السودان مؤخرا، وتحدثت للصحفيين في جنيف مؤخراً، حيث قدمت إيجازا حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.

وحذرت من أن القتال الذي يتزايد نطاقه ووحشيته، يؤثر على شعب السودان، “والعالم صامت بشكل فاضح، على الرغم من استمرار انتهاكات القانون الدولي الإنساني مع الإفلات من العقاب”.

وقالت دومينيك هايد إن “من المخزي أن الفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاما في دارفور يمكن أن تتكرر اليوم مرة أخرى في ظل عدم إيلاء الاهتمام الكافي”.

ونتيجة لذلك، اضطر ما يقرب من ستة ملايين شخص إلى ترك منازلهم- فر أكثر من مليون شخص منهم إلى بلدان مجاورة يعاني بعضها من الهشاشة. وتمثل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين.

وأفادت دومينيك هايد بحدوث مزيد من حالات النزوح بسبب النزاع الذي اندلع مؤخرا في دارفور، حيث يعاني الآلاف في سبيل البحث عن المأوى، وينام الكثيرون تحت الأشجار على قارعة الطرقات.

وأعربت عن قلق بالغ إزاء عدم تمكن هؤلاء الأشخاص من الوصول إلى الاحتياجات الضرورية الأساسية مثل الغذاء والمأوى ومياه الشرب النظيفة.

مستقبل ملايين الأطفال في خطر

 

وقالت مسؤولة المفوضية إنها زارت ولاية النيل الأبيض في السودان الأسبوع الماضي، حيث يعيش نحو أكثر من 433 ألف نازح داخليا. وكانت هذه الولاية تستضيف نحو 300 ألف لاجئ– أغلبهم من جنوب السودان– في 10 مخيمات.

 

أدى الارتفاع الحاد في عدد النازحين إلى فرض ضغوط كبيرة على الخدمات الأساسية في المخيمات، حسبما قالت دومينيك هايد.

 

وكما هو الحال في شتى أنحاء السودان، فقد أغلقت المدارس أبوابها على مدى الأشهر السبعة الماضية، حيث يتخذ النازحون من هذه المدارس مأوى مؤقتا لهم. ولذلك تحذر دومينيك من أن تعليم ومستقبل ملايين الأطفال في السودان في خطر.

 

أما الوضع الصحي فهو كارثي، حيث توفي أكثر من 1,200 طفل دون الخامسة من العمر في ولاية النيل الأبيض خلال الفترة بين مايو وسبتمبر، نتيجة لتفشي مرض الحصبة المقترن بالمستوى الحاد من سوء التغذية.

 

وحذرت دومينيك من وفاة أربعة أطفال على الأقل- أسبوعيا- في هذه الولاية مع عدم توفر الأدوية والطواقم والإمدادات الأساسية.

تزايد وتيرة اللجوء

وأشارت مفوضية اللاجئين إلى تزايد وتيرة لجوء السودانيين إلى دول الجوار بشكل كبير. ففي تشاد، يبلغ معدل عدد الواصلين حديثا إلى 700 شخص في اليوم الواحد.

وقالت دومينيك هايد إنها زارت مدينة الرنك الحدودية مع جنوب السودان، خلال الأسبوع الماضي، وقضت أسبوعا هناك، مشيرة إلى أن هذه المدينة شهدت ارتفاعا حادا في أعداد اللاجئين الواصلين إليها.

وخلال فترة الأسبوع الذي قضته في المدينة، قالت المسؤولة الأممية إن أكثر من 20 ألف شخص عبروا الحدود إليها من السودان، وبعضهم من اللاجئين جنوب السودانيين العائدين إلى ديارهم.

وقالت إن مركز الإيواء المؤقت– الذي أنشئ لاستقبال 3,000 شخص– يستضيف حاليا نحو 20 ألف شخص أغلبهم لاجئون من السودان.

“وأينما اتجهتم، ستجدون أشخاصا في كل مكان، والوضع يتدهور باستمرار. أما حالة المياه والصرف الصحي، فهي على درجة من السوء قد تؤدي إلى تفشي وباء الكوليرا. لقد قضيت 30 عاما وأنا أعمل في هذا المجال، وهذا من أسوأ الأوضاع التي شهدتها”.

 

وقالت دومينيك هايد إن الأرقام مهولة، مشيرة إلى عبور أكثر من 362 ألف شخص الحدود إلى جنوب السودان منذ بدء الصراع في السودان.

حاجة ماسة إلى التمويل لمواكبة الاحتياجات

وقالت مسؤولة مفوضية اللاجئين إن وكالات الإغاثة تبذل قصارى جهدها للمساعدة، إلا أن الاحتياجات تشكل ضغطا كبيرا عليها. “يصل فريق عملنا الليل بالنهار، إلا أن قدراتنا لا تكفي لمواكبة المتطلبات، ونحن بحاجة ماسة إلى التمويل لتنفيذ خطط استجابتنا”.

 

تغطي خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين الاحتياجات الإنسانية في الدول المجاورة التي تستقبل اللاجئين من السودان، وهي ممولة حاليا بنسبة لا تتجاوز الـ 39 بالمائة.

 

وأشارت دومينيك إلى إطلاق نداء للحصول على مليار دولار لتغطية العمليات التي يقوم بها 64 شريكا في خمسة بلدان. وبالتوازي مع ذلك، ما زال نداء التمويل المنفصل والمخصص للاحتياجات الإنسانية داخل السودان ممولا بنسبة لا تتجاوز ثلث المبلغ المطلوب، علما بأنه يسعى للوصول إلى 18.1 مليون شخص ويتطلب تمويلا بقيمة 2.6 مليار دولار.

 

وأكدت السيدة دومينيك على الأهمية الكبيرة للنداءين الإنسانيين، منبهة إلى أن الناس داخل السودان سيواصلون العبور إلى الدول المجاورة إذا لو تتوفر لهم المساعدة الإنسانية العاجلة. وأشارت إلى أن تشاد- على سبيل المثال- تعاني في سبيل الاستجابة للأعداد الكبيرة من الوافدين. واختتمت حديثها بالقول:

 

“في حال لم نتمكن من مساعدة هذه الدول على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين، فإن الناس سيحاولون إيجاد سبيل للأمان ومستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، حتى إن كان ذلك من خلال تعريض أرواحهم للخطر بوضع أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، والقيام برحلات خطيرة محفوفة بالمخاطر”.

 

الوسومالعون الإنساني المملكة العربية السعودية شمال دارفور مساعدات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العون الإنساني المملكة العربية السعودية شمال دارفور مساعدات

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اختفاء 2000 شخص فى السودان منذ بدء الحرب
  • السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
  • جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • ملك بريطانيا يكرّم عاملة إغاثة لمساعدتها متضرري فيضانات درنة
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • السلاح والغذاء في حرب السودان
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • اليونيسف: السودان يخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال، ويجب على العالم أن يتحرك الآن