مسئولة أممية تصف الوضع في غزة بـ "الخراب والدمار الكارثيين"
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
وصفت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة "لين هاستينجز"، الوضع في فلسطين بـ "الخراب والدمار الكارثيين" اللذين حدثا في غزة ويستعصي على الكلمات وصفهما.
وقالت المسؤولة الأممية، بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة ـ " إن عدد القتلى في غزة، خلال الأسابيع الخمسة الماضية، يعادل تقريبا عدد الأشخاص الذين قتلوا في أوكرانيا خلال 18 شهرا".
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف بمقتل 4،324 طفلا في غزة منذ بدء الأعمال العدائية، ويعادل ذلك مقتل 400 طفل بصورة يوميا.
وذكرت "لين هاستينجز"، أنه وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن 55 في المئة من البنية التحتية لإمدادات المياه بحاجة إلى إصلاح أو إعادة تأهيل، وأن نسبة المياه التي يستهلكها الأشخاص في غزة تقل بنسبة 90 في المئة عن نسبة الاستهلاك في فترة ما قبل السابع من أكتوبر، ولا تعمل محطات تحلية المياه؛ ما يضطر الناس إلى استخدام مصادر مياه غير صحية؛ الأمر الذي من المتوقع أن يفاقم الأزمة الصحية في القطاع بالتزامن مع إغلاق العديد من الخدمات، بما في ذلك المستشفيات.
وقالت إن الأمم المتحدة لم يكن بإمكانها إدخال كل شيئ يحتاج إليه الأشخاص في غزة بسبب الإغلاق الصارم من جانب القوات الإسرائيلية.
وأشارت "لين هاستينجز"، إلى النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة وشركاؤها بقيمة 1.2 مليار دولار لمساعدة 2.7 مليون شخص يشملون جميع سكان قطاع غزة و500 ألف شخص في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأكدت الحاجة إلى الوصول الآمن والمستدام إلى كل المحتاجين، أينما كانوا، إضافة إلى الحاجة إلى كميات كافية من الوقود.
وذكرت "لين هاستينجز" أن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية كان حرجا بالفعل حتى قبل الأحداث الحالية، مشيرة إلى أنه لا توجد تجارة وهناك عمليات إغلاق في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتم تعليق 200 ألف تصريح للعمل، وتشير التقديرات إلى فقدان 150 ألف وظيفة أخرى، محذرة من أن كل هذه المواقف ستجعل من المستحيل تماما على السلطة الفلسطينية الاستمرار في تقديم الخدمات في الضفة الغربية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فلسطين الامم المتحده الضفة الغربیة الأمم المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بين نواح حسين خوجلي وعويل الأمهات: من الذي فقد الوطن؟
ذات نحيب، لا ناي فيه ولا وتر، كتب حسين خوجلي مرثية باذخة بمداد الدموع، لا بمداد الضمير الذي مات، يرثي فيها بيته الذي دمرته الحرب.
كتب، كمن دخل عليه الشاعر العباسي بشار بن برد فقال له: قمْ فابكِ بيتكم يا فتى، فقد نُهبت حيطانه كما نُهبت أعصابك. غير أن الفارق أنّ بشار كان ضريرًا لا يرى الخراب، بينما حسين يراه في بيت أسرته ولا يراه في ميدان القيادة.
يا لتعاسة البصيرة حين تقرر أن ترى ما يخصّك فقط، وتدير ظهرها لنداءات من بقوا تحت الركام.
يا حسين، إن كان منزلك يبكي، فقد بكته فقط كاميراتك، أما نحن، فنبكي منازلًا بلا جدران، مات فيها الأمل مرتين: مرة حين أتت عليه قذائفكم، ومرة حين جئتم تبكون على أطلالٍ لا تعني لغيركم سوى رماد ممتد فوق ذاكرة منسية، بينما أمهات الشهداء يمسحن صور أبنائهن من على جدران القيادة المحترقة.
ما قيمة مكتبة حيدر خوجلي أمام دماء محمد عبد السلام؟ ما قيمة وثائقكم العائلية أمام بقايا جمجمة البندقية عند بوابة الوطن؟
هل أصبح تاريخ الوطن أرشيفًا خاصًا تخزنونه في متحف الذات المنتفخة، المحروس بعسس الحنين الكاذب، لا ليبقى في ذاكرة الناس، بل ليستعرضه الحنين الأرستقراطي تحت إضاءة أستوديو لا يعرض سوى العداء لأحلامنا؟
وما هذا الذي تردده كختام؟ أهو رثاءٌ أم نشيد تمجيد طبقي؟
“لك يا منازلُ في القلوبِ منازلُ…”
دعنا نُكملها لك:
“لكنّ في صدورنا قبورًا
قبورٌ لم يزرها خطابك، ولم يجرؤ حبرك المدجّن أن يلامسها،
لأنك لا تكتب إلا حين تُسرق خزائنك، لا حين يُسفك الدم ويُغسل بالصمت الرسمي.”
أيها الباكي على “ديكور” وصور وتحف، أما رأيت دماءً على الجدران التي طلّيتَها بألوان الإنقاذ؟ أما رأيت وجوه الرفاق الذين قضوا تحت البوت؟ أم أنّك لا ترى إلا ما يصيب امتيازك الموروث؟
يا حسين، حين تُبكي البيوت، تُبكى معها أشياء الناس: ألعاب الأطفال، دفاتر المدارس، ثياب العيد التي لم تُلبس. أما بيتك، فقد كان رمزًا لامتيازٍ أعمى، لسلطة متغطرسة، لصفقة مع جهاز الأمن، لا لبيتٍ يُبكى عليه.
وما نحسبك إلا كما قال نيتشه: من بكوا على موت الأشياء، كانوا في الحقيقة يبكون على موت سلطتهم عليها.
أتعرف ما الفرق بين نواحك وعويل الأمهات؟
أنك تنوح على ذاكرة نُهبت من بيتٍ، بينما هن يصرخن من فراغٍ تمّ تجويفه بآلة التجاهل، فراغٌ لا يشبه الغياب بل يشبه القسوة وقد لبست قناع الأبدية.
أنت تبكي الصور، وهن يبكين من خرج من الصورة.
أنت تبكي الورق، وهن يُرضعن الحداد، يُسقين الحياة بالحليب الممزوج بالخذلان.
أنت تكتب، وهن يقرأن الصمت الذي لا يُرد، لأن من كتبوا الإجابة ماتوا.
إن كان لك بيتٌ، فقد كان لنا وطن.
وإن سرقوا أرشيفك، فقد سرقوا أكبادنا الغضة، أحلامنا الغضة، أسماءً لم تكتمل بعد في أفواه أمهاتها.
وإن أحرقت نيران الحرب خزانة كتبك، فقد أحرقت أعصاب الأمهات، وجفّ لبن المرضعات، وخجل التاريخ من نفسه.
إنها العدالة إذن، حين تُنهب بيوتكم وتُحرق. لا لأننا نريد لكم الأذى، بل لأنكم ما شعرتم قط بأذى الآخرين. لأنكم ورثتم بيتًا من الخراب وسمّيتموه مجدًا. بينما نحن، ورثنا الخراب نفسه وسمّيناه وطنًا.
ثم أأنت من يتغنى بسودان ٥٦؟ ذلك السودان الذي دفنتموه بأيديكم؟
أأنت من يبشر بالوسطية والاعتدال بعد أن تحوّلت قناتك إلى منبر تعوي فيه ضباع السلطان تحت إضاءة خشبة المسرح العسكري؟
أحقًا تريد أن تمزق أكذوبة المدني والعسكري، وأنت الذي كنت تسوّقها على أنها توازن العقلاء، بينما هي في حقيقتها تواطؤ الجبناء؟
النائحة ليست الأم الثكلى، بل من ينوح على سلطته وهو يتنكر لدم من ماتوا ليكتب اسمه.
وأخيرًا، لا تقل لنا إن المنازل تحس، لأنها لو كانت تحس لكتبت على جدرانها:
هنا سكن الكذب، وهنا بكى الفساد على نفسه.
ولو كانت تنطق، لقالت لك:
أخرس يا من جئت متأخرًا لتندب أثاثك، ونسيت أن تقرأ الفاتحة على الوطن.
حسين خوجلي يقول: “من كان يصدق أن حي ود نوباوي يُنهب؟”
ونحن نسأله: ومن كان يصدق أن الوطن كله يُغتصب تحت ظلكم الثقيل يا حسين؟
من كان يصدق أن تُعدم الخطى نحو المساجد، وأنتم من ملأها بخطب السلطان؟
من كان يصدق أن تكتبوا عن الخراب الذي زار بيوتكم، ولم تكتبوا حرفًا عن الخراب الذي حصد أرواح الأطفال في كولمبيا؟
دعك من البيت يا حسين،
واقرأ الفاتحة على الوطن.
وابكِ كما تشاء على بيتك،
وسنواصل دفن موتانا على صمت القناة.
zoolsaay@yahoo.com