غازل الثوار ودعا للمصالحة.. ما وراء إطلالة الساعدي القذافي على المشهد السياسي؟
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
طرحت تصريحات الساعدي نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي حول المصالحة ودور الثوار فيها بعض الأسئلة عن أهداف وتداعيات هذا الظهور من قبل نجل القذافي المتواجد في تركيا حاليا.
وقال الساعدي عبر صفحته الرسمية: "الليبيون الحقيقيون ليسوا "جرذانا" والانتقام لا يبني الأوطان، والمصالحة الشاملة لا تعني ضياع الحقوق"، وهو ما لاقى ردود فعل وانتشارا واسعا، كون لفظ "الجرذان" هو وصف والده وشقيقه سيف القذافي للثوار ضد نظامه في 2011.
"مغازلة وبديل"
مراقبون لملف القذافي وأبنائه رأوا أن "هذا الظهور في هذا التوقيت له دلالة وهي أن الساعدي، وهو لاعب كرة سابق، أراد أن يقدم نفسه بديلا عن أخيه سيف الإسلام بعد إعادة المحكمة الجنائية مطالبها باعتقال سيف وتسليمه للمحاكمة، وحظوظ الساعدي أكبر كونه لم يتورط في الصراع مع الثوار"، وفق تقديراتهم.
وأفرجت السلطات الليبية عن الساعدي القذافي في سبتمبر 2021 بعد حبسه في أحد سجون العاصمة طرابلس قرابة 7 سنوات، وذلك بعد حكم المحكمة وقتها ببراءته من التهم الموجهة إليه ومنها القتل العمد للثوار، كون الساعدي فر إلى دولة النيجر خلال أحداث 2011 ضد نظام والده.
"وساطة ولجوء سياسي"
وفور إطلاق سراحه من طرابلس، غادر الساعدي إلى دولة تركيا بعدما حصل على لجوء سياسي من الرئيس أردوغان ليقيم في مدينة اسطنبول ويختفي عن الأنظار تماما حتى ظهر في تصريحات مساء أمس حول المصالحة ورفض الانتقام.
فهل يقدم الساعدي القذافي نفسه مرشحا بديلا عن سيف المطلوب دوليا؟وما فرص الساعدي للقبول به في المشهد السياسي؟.
"تحريك ملف الإفراج عن المعتقلين"
من جهته، قال المتحدث السابق باسم مجلس الدولة الليبي والمحلل السياسي، السنوسي الشريف إن "الساعدي القذافى دخل في صفقة سياسية كانت بمثابة خطوة من خطوات المصالحة التي تتضمن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من رموز النظام السابق حال حصولهم على إفراج قضائي ولكن تلك المصالحة تعثرت ولم تكتمل بإطلاق سراح باقي المعتقلين الثلاثة المنتمين للجنوب وهم عبدالله السنوسي وأحمد ابراهيم ومنصور ضو ولذلك تجمد مسار المصالحة".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "الساعدي القذافي يحاول بهذه الخطوة والتصريحات الإيجابية تحريك هذا المسار وتخفيف التوتر بين مؤيدي الثورة وأتباع النظام السابق وهي تحية يجب على "الثوار" أن يردوا بأحسن منها باتخاذ خطوات عملية بإطلاق سراح المعتقلين المتبقين والسماح بمشاركة الجميع في بنا ليبيا"، وفق قوله.
وتابع: "يجب عدم النظر إلى الماضي الذي لا يمكن تحقيق العدالة الأرضية فيه بالنظر للتعقيدات ولوجود مشاكل كثيرة لا يمكن للقضاء الليبي أن يحلها فهي مرحلة معقدة فيها انتهاكات كثيرة جدا قبل الثورة وبعدها من جميع الأطراف، ويتعين على الدولة الليبية بشخصيتها الاعتبارية أن تتكفل بمعالجة حقوق الضحايا بجبر الضرر والتعويض والاعتذار والعفو العام"، حسب وجهة نظره.
"خداع والتفاف على الشعب"
في حين، أكد السجين السياسي خلال الثورة الليبية والمرشح لانتخابات البرلمان المرتقبة، عاطف الأطرش أنه "معروف عن الساعدي القذافي صفة الخداع التي ورثها عن أبيه ومن شابه أباه فما ظلم، وكان الأجدى به الاعتراف بحجم الظلم وفداحة التركة الثقيلة التي تركها نظام القذافي والاعتذار عن تلك الحقبة السيئة".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "تلك الخطوات التي يمارسها الساعدي ومن فلكه ما هي إلا محاولة إلتفاف على طموحات الشعب الليبي للعب دور سياسي في ظل المراهنة على اعتقاده باحتمالية فوز شقيقه "سيف" في انتخابات الرئاسة"، كما صرح.
"مرحلة جديدة"
الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشأن الليبي، بشير الجويني قال من جانبه إن "أغلب الشعب الليبي يريد المصالحة ويعتبرونها سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة الراهنة غير أن الاختلافات الطبيعية تظهر في الجانب التنفيذي وهو أمر طبيعي لم تخل منه تجارب الانتقال الديمقراطي والمصالحات الوطنية في كل الأزمات والحروب الأهلية عبر التجارب والتاريخ".
وأوضح لـ"عربي21": "يبقى التسامي عن الجراح والآلام التي خلفتها العشرية الأخيرة في ليبيا أمرا مرحبا به من الجميع وبقطع النظر عن النية المبيتة سواء من تصريح الساعدي القذافي أو من يوظفه من هذا الجانب أو الجانب الآخر فإن ليبيا تحتاج جميع أبنائها من أجل بناء دولة تجمع شتات الكل على قاعدة أن ليبيا لكل أبنائها بعد استيفاء الحقوق التي لا تسقط بالتقادم والاتفاق على مرحلة جديدة يتم القطع فيها مع الممارسات السابقة"، وفق تعبيره.
"تدليس وإعادة تدوير"
بدوره قال الباحث والأكاديمي الليبي، عماد الهصك إن "المصالحة الوطنية أمر ملح وضرورة في المرحلة الراهنة ولكن ليس بين أبناء الشعب الليبي فلا توجد صراعات ولا حروب بينهم، المصالحة يجب أن تكون بين المتصدرين للمشهد السياسى فهم سبب حالة التوتر التي نعيشها".
واستدرك قائلا: لكن المصالحة أصبحت مؤخرا مطية لمن يريد إعادة تدوير نفسه أو حزبه في المشهد السياسي، فهي كلمة حق يراد منها في الكثير من الأحيان الخداع والتدليس، ولم نسمع هذه العبارة من أنصار النظام السابق زمن توليهم للحكم"، حسب رأيه.
وتابع لـ"عربي21": "لذا أعتقد أن الساعدي القذافي يريد الآن مغازلة بعض التيارات السياسية، وكذلك دغدغت مشاعر القلة من الشعب الليبي، لكن الحقيقة تقول إن الساعدي متورط في الكثير من الجرائم وخروجه من السجن لم يكن بحكم قضائي، فإذا أراد المصالحة فبوابتها القضاء العادل ورد المظالم إلى أهلها، فلا مصالحة وطنية دون عدالة انتقالية"، حسبما قال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية ليبيا انتخابات ليبيا انتخابات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب اللیبی
إقرأ أيضاً:
محاكمة ساركوزي.. ماذا جرى تحت خيمة القذافي في 2005؟
ماذا حدث تحت خيمة معمّر القذافي في طرابلس عام 2005 عندما زاره نيكولا ساركوزي الذي كان يومئذ وزيرا للداخلية الفرنسية ومرشحا للرئاسة؟ خبايا هذا اللقاء حاولت كشفها أمس الأربعاء محكمة باريسية تنظر بالاتهامات الموجهة للرئيس الأسبق بتلقي تمويل سري غير مشروع لحملته الانتخابية من الزعيم الليبي الراحل.
وفي المحاكمة التي انطلقت في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري ويفترض أن تنتهي في العاشر من أبريل/نيسان المقبل، يحاكم الرئيس الفرنسي الأسبق مع 11 متهما آخر للاشتباه بضلوعهم في عملية تمويل غير مشروعة لحملة ساركوزي الانتخابية في 2007 من قبل القذافي الذي قُتل عند الإطاحة بنظامه في 2011.
ويتهم الرئيس الأسبق بأنه عقد، بمساعدة قريبين منه هما مدير مكتبه آنذاك كلود غايان والوزير السابق بريس أورتوفو، اتفاقا مع القذافي "ينطوي على فساد"، يتعهد بموجبه الزعيم الليبي بتوفير "دعم مالي" لساكوزي لكي يصل إلى قصر الإليزيه.
لكن الرئيس الأسبق ينفي كل الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدا أن القضية برمتها يقف خلفها بعض الليبيين الراغبين في "الانتقام" منه بسبب دعمه الثورة التي أطاحت بالقذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011.
شهادة السفيرومثُل أمام المحكمة أمس شاهد رئيسي في القضية هو جان-لوك سيبيود، الذي كان سفيرا لفرنسا في ليبيا حين زارها ساركوزي.
إعلانواستدعت النيابة العامة سيبيود الذي كان سفيرا في طرابلس بين عامي 2004 و2007 للإدلاء بشهادته عن تلك الفترة التي يقول إنها شهدت "عودة ليبيا إلى الأسرة الدولية"، بعد أن رُفع الحظر عنها في 2003.
وفي شهادته أكد السفير السابق أن انتخاب ساركوزي في 2007 رئيسا أعطى "دفعة جديدة" للعلاقات الفرنسية الليبية من خلال "استكمال الديناميكية" التي بدأتها زيارة سلفه جاك شيراك لليبيا في 2004.
وردا على سؤال عما إذا كان يتذكر الزيارة التي قام بها إلى ليبيا بين 30 سبتمبر/أيلول والثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2005 كلود غايان الذي كان مديرا لمكتب وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، أجاب سيبيود "لا، لم تترك أثرا علي كما فعلت زيارات أخرى، على سبيل المثال تلك التي قام بها نيكولا ساركوزي" في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2005.
وأضاف أن "السلطات الليبية كانت تنتظره (ساركوزي) بفارغ الصبر، وقد قيل لي إنها زيارة مهمة للغاية بالنسبة لليبيا. لقد كان نيكولا ساركوزي مرشحا للرئاسة بالفعل. لا أعلم ما إذا كان قد ترشح رسميا أم لا، لكنهم (الليبيين) كانوا يريدون الترحيب برئيس جمهورية مستقبلي محتمل".
وأوضح أن تلك الزيارة "تم الإعداد لها بشكل جيد للغاية على المستوى الرسمي"، بما في ذلك نزهة "في الحدائق، مع الإبل وكل الفولكلور".
وعن تفاصيل لقاء وزير الداخلية الفرنسي يومئذ بالزعيم الليبي، قال السفير السابق إنه بمجرد وصوله دخل الوفد بأكمله "تحت الخيمة" وفقا "للتقاليد البدوية" و"دارت مناقشات عامة إلى حد ما لمدة ربع ساعة أو 20 دقيقة".
وأوضح أنه بعد انتهاء الاجتماع غادر القذافي وساركوزي الخيمة ثم "اختفيا".
وسألت القاضية ناتالي غافارينو الشاهد "هل تظن أنهما ابتعدا لفترة طويلة؟" فأجاب "نعم، نصف ساعة أو أكثر بقليل".
وبينما كان السفير السابق يدلي بشهادته كان ساركوزي الذي جلس على بُعد متر واحد منه مكتف اليدين يحدق به ولا يرفع ناظريه عنه.
إعلانوردا على سؤال عما إذا كان يعتقد أن المترجم قد حضر تلك المحادثة "الخاصة" بين ساركوزي والقذافي، رد السفير السابق بالقول إن "هذا الأمر لا يغيّر كثيرا".
لكن القاضية ردت على جوابه بالقول "بل إنه يفعل، لأنه بحسب النيابة العامة فإن (وجود المترجم) يعني أنه كان بإمكان ساركوزي أن يطلب من القذافي تمويلا".
وأضافت "المسألة التي تطرح هي معرفة ما إذا كان بوسعهما أن يقضيا بضع دقائق منفردين".
ورد الشاهد قائلا "لوحدهما؟ يبدو لي هذا الأمر مستبعدا للغاية إذ لا علم لي أن رئيس الدولة الليبية كان يتحدث الإنجليزية أو الفرنسية".
وجادلت القاضية الشاهد بأن عرضت عليه شهادات تفيد بأن القذافي كان قادرا على التحدث قليلا بالإنجليزية، فرد السفير السابق قائلا إنه "غير قادر على تأكيد أو نفي" هذا الأمر.
أما ساركوزي الذي لطالما نفى بشدة أن يكون قد دار بينه وبين القذافي أي نقاش بهذا الشأن، فكان جالسا في مقعده يستمع إلى أقوال الشاهد وأعصابه مشدودة.
الملحق الأمنيواستمعت المحكمة أيضا إلى أقوال الملحق الأمني في السفارة الفرنسية في ليبيا يومذاك جان-غي بيريه، لكن إجاباته أتت أكثر غموضا من إجابات سيبيود.
وإذ بدا واضحا عليه أنه لم يكن سعيدا بإدلائه بشهادته أمام المحكمة، أكد بيريه أنه لم يكن حينها قد مضى عليه في منصبه سوى "10 أيام" حين زار ساركوزي ليبيا.
ووصف المحلق الأمني السابق الخيمة الشهيرة بأنها كانت "مفتوحة على الخارج" من جانب واحد و"بالكاد كنا نستطيع سماع ما يقال" بداخلها.
وسئل الشاهد عما إذا كان قد رأى ساركوزي والقذافي يتحدثان على انفراد، على سبيل المثال في نهاية الاجتماع أو في الطريق إلى السيارات؟ فأجاب "كنت خلفهما بمسافة بعيدة".
وسألته القاضية مجددا عما إذا كان القذافي وساركوزي قد تمكنا من إجراء حوار سري؟ فأجاب الشاهد "يبدو لي ذلك مستبعدا.. لا أعرف".
إعلانوكان ساركوزي قال في التاسع من يناير/كانون الثاني أمام المحكمة "لن تجدوا أبدا يورو واحدا، ولا حتى سنتا ليبيا واحدا حتى، في حملتي"، مؤكدا أنه ضحية "10 سنوات من التشهير و48 ساعة من الاحتجاز و60 ساعة من الاستجواب".