عدن الغد:
2024-11-24@16:56:14 GMT

هل حان وقت وقف الحرب في اليمن؟

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

هل حان وقت وقف الحرب في اليمن؟

كتب/ مصطفى النعمان:

توقفت طويلاً عن الحديث والكتابة حول الأوضاع في اليمن بسبب الانشغال بمتابعة الأحداث الدامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكني رأيت أن أعود إلى الملف اليمني بسبب التطورات التي تتواصل بحيوية بتحرك مشترك سعودي – عماني لوضع حد نهائي للحرب الدائرة منذ 2015، كخطوة أساسية قبل التوجه للبحث في الملف السياسي.

كان من الطبيعي أخلاقياً توقع أن يكون البحث في الملف الإنساني يسيراً وسريعاً ومدعوماً دون شروط من الأطراف اليمنية لولا أن بنوده المتعلقة بالاحتياجات الأساسية تحولت إلى قضايا للابتزاز السياسي، تقدمت على المصلحة الوطنية العامة، ولهذا طاولت المفاوضات والمشاورات بسبب تفاصيل صغيرة.

حين يطلع المرء على بنود مشروع الاتفاق سيكون من السهل تفهم الانحدار الأخلاقي الذي أصاب اليمنيين في تعنتهم ورفضهم لكل المساعي الإقليمية والدولية لحلحلة قضايا ما كان من المفترض أن تصبح تعقيداتها عقبة أمام وقف الحرب نهائياً.

كيف يمكن أخلاقياً وانسانياً التفاوض على قوائم أسرى ومحتجزين يمنيين يقبعون في سجون يمنية؟ وكيف نفهم أن جماعة أنصار الله الحوثية كما جماعة المجلس الانتقالي يصرون على إثبات تخليهم عن إنسانيتهم، وذلك باستمرار قطع الطرقات في مناطق سيطرتهم؟ وهل من المقبول أخلاقياً وضع القيود لإعادة فتح المطارات لتسهيل حركة المواطنين؟

تبرهن المماطلة في إنجاز الملف الإنساني على تخلي أطراف الحرب اليمنية عن حقوق المواطن الأولوية التي لا يجوز أن تكون قضايا للنقاش والجدل والعبث وتحويلها إلى مجرد نقاط في معركة يسعون إلى كسبها، وهذه القضية تخلق انطباعاً قوياً حول الآثار التي خلفتها الحرب وكيف تحولت حقوق اليمنيين البسطاء إلى أوراق للمساومة عليها من كل الأطراف.

التقيت في العاصمة الأردنية عمان قبل أيام عدداً من الدبلوماسيين الغربيين المعنيين بالشأن اليمني، وكذا أصدقاء يمنيين عابرين بالأردن أو مقيمين فيها، وبطبيعة الحال فقد اختلفت الآراء حول السبل الممكنة بعيداً من الأوهام والأحلام لإحداث اختراق في الملف الإنساني، بحكم أن إنجازه سيفتح أبواباً واسعة للتهدئة والبدء في تنقل الناس والبضائع دون عراقيل، وهذا في حد ذاته سيشكل تطوراً إيجابياً يجب تأكيده والسعي لتحويله إلى واقع.

من القضايا المثارة التي تقف عائقاً على الاتفاق لوقف الحرب تقفز إلى السطح مسألة رواتب موظفي المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين لأن "الشرعية" و"الجماعة" ترفضان تحمل مسؤوليتها ويتبادلان الاتهامات حول الطرف الذي يجب أن يسددها.

وفي الواقع فإن تخلي الطرفين عن التزاماتهما الأخلاقية والقانونية، وكذلك حجم الأحقاد التي تراكمت خلال السنوات التسع الماضية، تجعل التفكير بالاقتراب من عودة السلم الاجتماعي مسألة معقدة تحتاج إلى سنوات طويلة من المعالجات القانونية والسياسية، وقبل كل ذلك إلى قيادات تؤمن بالشراكة الوطنية التي لا تعني مجرد المشاركة في الحكم، بل في تقبل فكرة المواطنة المتساوية البعيدة من الانتماء العرقي والمناطقي.

إن تجاوز ما فعلته هذه الحرب من تدمير وسفك دماء وتشريد في الداخل والخارج تجعل المرء في حيرة عن المسارات التي من الضروري السير فيها وإقرارها للتخفيف من المآسي التي تراكمت، وأنا على ثقة أن اليمنيين لم يشاهدوا فواجع الحرب الحقيقية، ولن يتضح لهم حجم الدمار الذي لحق بهم وببلادهم إلا بعد وقفها نهائياً.

إن القدرة على الإسراع بالاتفاق على الملف الإنساني ستسهم في تقليص حجم المعاناة ووقف التدهور في حياة الناس اليومية، وسيفضي تنفيذه والالتزام ببنوده إلى الدخول في المرحلة الثانية من خطة الأمم المتحدة المتعلقة بالمشاورات السياسية التي من المقرر أن تبحث في مستقبل البلاد، وهنا يجب التركيز على ما سيواجه هذه العملية.

حين تم تبني فكرة الحكم الجماعي بدلاً من الرئيس عبدربه منصور هادي في السابع من أبريل (نيسان) 2022، كان الغرض تجميع قادة الفصائل المسلحة، وتوحيد المواقف السياسية والميدانية هو تهيئة للاتفاق السياسي النهائي، ولكن هذه الصيغة أثبتت صعوبة تحقيق الهدف لأسباب كثيرة.

يضم مجلس القيادة الرئاسي قادة كيانات مسلحة لا تخضع لسيطرة وزارة الدفاع ولا رئيس المجلس الذي لا يعلم تفاصيل تكويناتها ولا خططها العسكرية ولا أهدافها النهائية، وبسبب ذلك فقد عجز عن تسوية هذا المشهد العجيب المربك والمقلق في آن.

وفي المقابل فإن ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي يعانون العجز عن تبيان موقفهم من الخطة التي تعمل الرياض ومسقط على جلب الأطراف للتوقيع عليها، ويمارس رئيس المجلس عيدروس الزبيدي خطاباً مزدوجاً، فهو حيناً يلبس عباءة عضوية مجلس القيادة الرئاسي الذي يفترض أن أعضاءه يعملون بموجب دستور الجمهورية اليمنية، وحيناً نجده يقوم بمهام رئيس الانتقالي الذي يدعو إلى قيام دولة جنوبية مستقلة، وهذا مشهد مثير للشفقة وللسخرية.

من الضروري أن يتفهم المجلس الانتقالي الجنوبي أنه لا يمكنه الاستمرار والمشاركة في الحكومة ثم الوفد التفاوضي المقترح، بينما يواصل استهلاك خطابه المكرر والممل والمزدوج ويخسر معه قاعدة شعبية تمكن من تكوينها حين كان معارضاً خارج السلطة، أما اليوم فعليه اختيار الموقع الذي يناسب توجهاته السياسية الحقيقية، أي خروج وزرائه من الحكومة التي لم يعد له الحق ولا المبررات لانتقادها أو الاعتراض على قراراتها، مع الأخذ بالاعتبار أن شبهات الفساد والمناطقية صارت ملازمة لهم والتصقت بهم وبكثيرين غيرهم من أعضاء الحكومة الحالية.

إن الجهود المستمرة التي تقوم بها الرياض ومسقط تقترب من حصاد نتائجها بفضل إصرار العاصمتين على فتح آفاق تعاون واستقرار في المنطقة، ويبقى على الذين يمثلون الأطراف اليمنية أن يتحلوا بشيء من المسؤولية الأخلاقية والوطنية بتقديم التنازلات الكبرى عن المصالح الشخصية التي تضخمت على حساب مصلحة الناس والوطن.



 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الملف الإنسانی

إقرأ أيضاً:

معهد أمريكي يسلط الضوء على القاذفة الشبحية B-2 ونوع الذخائر التي استهدفت تحصينات الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)

سلط معهد أمريكي الضوء على أهمية نشر القاذفة الشبحية   B-2في اليمن ونوعية حجم الذخائر التي قصفت أهدافا محصنة لجماعة الحوثي في البلاد وكيف يمكن لها أن تساعد في تعزيز الرسائل الأميركية إلى إيران.

 

وقال "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" في تحليل ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن "الأهمية الاستراتيجية لضربة دقيقة على اليمن باستخدام زوج من الأصول الوطنية الأميركية بقيمة 2.2 مليار دولار أميركي توضح التزام واشنطن القوي بمكافحة التهديدات للأمن الدولي".

 

وأشار إلى الطائرة B-2 تتمتع بعدد من السمات المحددة التي تؤكد على أهمية نشرها في اليمن. لافتا إلى أن التصميم المتقدم في التخفي والقدرة على البقاء يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، استهداف وتدمير الطائرة B-2، مما يسمح للقاذفة باختراق المجال الجوي المحمي بشدة وتوجيه ضربات دقيقة على أهداف محصنة.

 

وتطرق التحليل إلى الأسلحة الموجهة بدقة التي يمكن أن تحملها الطائرة B-2 لهذا النوع من المهام وقال: قنبلتان خارقتان للذخائر الضخمة من طراز GBU-57A/B، يبلغ وزن كل منهما 13.6 طن، وقادرة على اختراق 60 قدمًا من الخرسانة المسلحة أو 200 قدم من الأرض؛ وقنبلتان من طراز GBU-28/B أو GBU-37/B بوزن 2.2 طن، قادرتان على اختراق أكثر من 20 قدمًا من الخرسانة المسلحة أو 100 قدم من الأرض؛ أوما يصل إلى ستة عشر قنبلة من طراز GBU-31 بوزن 907 كجم، كل منها قادرة على اختراق أكثر من 6 أقدام من الخرسانة المسلحة.

 

وتشير التقارير إلى أن القاذفات المستخدمة في مهمة اليمن استخدمت قنابل اختراقية من طراز GBU-31 فقط، وهو ما كان ينبغي أن يكون سلاحاً مناسباً نظراً للطبيعة غير المتينة للكهوف الجيرية والرملية حول صنعاء وصعدة التي يستخدمها الحوثيون لتخزين الأسلحة. كما تفيد التقارير بأن نحو عشرين قنبلة اختراقية فقط في الخدمة، مما يجعلها أصولاً ثمينة للغاية في مخزون B-2.

 

وأكد التحليل أنه لا يوجد أي دولة أخرى في العالم لديها ما يعادل بشكل مباشر مزيج B-2 من التخفي والمدى والقدرة على الحمولة. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد دولة تقترب في دعم مثل هذا الأصل لوجستيًا على مثل هذه المسافات الكبيرة.

 

وقال "يبدو أن الطائرة المشاركة في الضربة على اليمن انطلقت من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري. يبلغ مدى B-2 غير المزود بالوقود حوالي 11000 كيلومتر، واعتمادًا على الطريق، فإن اليمن ستكون رحلة حوالي 14000 كيلومتر في كل اتجاه.

 

وتابع المعهد الأمريكي "كانت هناك حاجة إلى عمليات إعادة تزويد بالوقود جواً متعددة حتى تصل الرحلة إلى وجهتها وتعود إلى الوطن. أيضًا، في حين أن المجال الجوي اليمني ليس محميًا بشكل كبير، فإن استخدام B-2 لا يزال يتطلب مستوى معينًا من السرية لحماية الإجراءات التشغيلية".


مقالات مشابهة

  • ظهور شاب عدني مختفٍ منذ أيام في سجون المجلس الانتقالي الجنوبي
  • مطالبات بتدخل البعثة لحل انقسام رئاسة مجلس الدولة
  • العبيدي يطالب البعثة الأممية بالتدخل لإنهاء أزمة مجلس الدولة
  • خلق حرب اقتصادية ضد القطاع المصرفي.. كيف دمر الحوثي اقتصاد اليمن؟
  • معهد أمريكي يسلط الضوء على القاذفة الشبحية B-2 ونوع الذخائر التي استهدفت تحصينات الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • لمنع انزلاق اليمن نحو المجهول .. رئيس المكتب السياسي السابق لحركة الحوثيين يوجه دعوة هامة لكافة الأطراف اليمنية شمالاً وجنوباً 
  • “بن دغر”: لقاء وفد من الإصلاح برئيس المجلس الانتقالي “بادرة نحو مصالحة وطنية شاملة”
  • الإصلاح يلتقي الزبيدي لأول مرة بنكهة سعودية والحوثي محور الزيارة وإعلام الانتقالي يتجاهل
  • لقاء نادر.. وفد من الإصلاح يلتقي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي