ما لم تستخدم الولايات المتحدة نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لضبط سلوك إسرائيل خلال الحرب الراهنة، وتحديد مستقبل غزة والدفع نحو إقامة دولة فلسطينية، فإن القطاع في طريقه إلى حرب دائمة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ذلك ما خلص إليه بول بيلار، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب متواصلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

بيلار أضاف أنه "لم يتم التفكير كثيرا في كيفية إدارة غزة بعد التدمير العسكري الإسرائيلي للقطاع، وما تم اقتراحه لا يبشر بالخير للتوصل إلى حل طويل الأمد".

وتابع أن "هذا الغياب ملفت للنظر في ضوء حجم الهجوم العسكري الإسرائيلي والمذبحة التي أحدثها".

ولليوم الـ39، يواصل جيش الاحتلال الثلاثاء شن حرب مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفا و240 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية مساء الإاثنين.

بيلار قال إنه "يبدو أن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن أنفقت كل وقتها واهتمامها الكبير تقريبا على هذه الأزمة في محاولة إظهار الدعم لإسرائيل أولا، ثم في معالجة الهجوم الإسرائيلي المميت على غزة، قائلة إنها تحاول كبح التجاوزات الإسرائيلية".

اقرأ أيضاً

حرب عزة.. 30 منظمة تحث البنتاغون عن وقف تزويد إسرائيل بإمدادات مدفعية

السلطة الفلسطينية

ردا على أسئلة بشأن مستقبل قطاع غزة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخرا إنه يجب توحيد غزة مع الضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية.

وهذه "السلطة تؤدي، في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وظائف محدودة في أجزاء من الضفة الغربية"، كما أضاف بيلار.

واعتبر أن "هذه الرؤية غير قابلة للتنفيذ لأسباب، أهمها أن السلطة الفلسطينية، باعتبارها البقايا البالية لما كان من المفترض أن يكون ترتيبا انتقاليا مدته خمس سنوات بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، لا تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين".

واستطرد: "خسرت (حركة) فتح، التي تسيطر على السلطة الفلسطينية، أمام حماس في الانتخابات الأخيرة في عام 2006، ومنذ ذلك الحين فقدت مصداقيتها باعتبارها مجرد أداة أمنية مساعدة للاحتلال الإسرائيلي".

ورأى أنه "من المشكوك فيه ما إذا كانت السلطة ورئيسها محمود عباس قد يرغبان في تحمل مثل هذه المسؤوليات".

وزاد بأن "الفوضى والدمار الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي على غزة من شأنه أن يشكل تحديا هائلا لأي هيئة حاكمة، وإن رؤيتهم يدخلون غزة، مجازيا، على ظهر دبابة إسرائيلية من شأنه أن يزيد من تشويه سمعة السلطة في عيون الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً

عباس: مستعدون لتسلم السلطة في غزة ضمن حل سياسي شامل

احتلال أجنبي

ولم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه حتى الآن أكثر تحديدا بشأن ترتيبات ما بعد الحرب من بلينكن، إذ قال فقط إن إسرائيل ربما تحتفظ بـ"المسؤولية الأمنية" عن غزة لفترة غير محددة، بحسب بيلار.

وشدد بيلار على أن "حماس تمثل الإدارة المدنية بحكم الأمر الواقع لإقليم يسكنه نحو مليوني نسمة.. وإذا كان من الممكن حقا تدمير حماس، وهو أمر مستحيل كحركة وطموح قومي، فذلك من شأنه أن يترك تساؤلات ضخمة حول الإدارة اليومية في غزة لمسائل تتراوح بين الرعاية الصحية وتوليد الطاقة الكهربائية".

وقال إن "المناقشات بدأت داخل الحكومة الأمريكية وأماكن أخرى حول إمكانية الاستعانة بقوات حفظ سلام دولي أو وجود آخر في غزة، ولكن أي ترتيبات من هذا القبيل ستكون على المدى القصير وستتضمن خدمات محدودة، وحتى التواجد الدولي للأغراض الخاصة قد يكون من الصعب ترتيبه".

وأضاف أن "الدول العربية ستتردد في تحمل المسؤوليات في غزة للأسباب ذاتها الخاصة بالسلطة الفلسطينية، كما أن أي وجود أمريكي أو غربي، خاصة في ظل السياسات الغربية الداعمة للحرب الإسرائيلية، سيُنظر إليه على أنه احتلال أجنبي".

اقرأ أيضاً

تقارير: أمريكا تناقش دخول قوات حفظ سلام وتمويل سعودي لإدارة غزة ما بعد حماس

تقرير المصير

شدد بيلار على أنه "مهما حاولت إسرائيل جاهدة تدمير حماس، فإن الإسرائيليين لن يكونوا في مأمن من غزة إلى أن تسمح إسرائيل بتقرير المصير للشعب الفلسطيني".

وتابع: "إذا تم تدمير حماس في شكلها الحالي بطريقة أو بأخرى، فإن المظاهر العنيفة لهذا الغضب في المستقبل ستأتي من شكل آخر من أشكال حماس أو من مجموعات أو أفراد آخرين".

وأضاف أن "البديل سيكون بمثابة القياس الحقيقي لما يحدث منذ سنوات (من مجازر) في فلسطين، بما في ذلك غزة، والذي سيستمر في الظهور في غياب أي خطط".

"وتساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على خيار الحرب الدائمة في غزة ما لم تستخدم نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لإضافة المزيد من القوة ليس فقط إلى دعواتها إسرائيل لضبط النفس في الجولة الحالية من الحرب، ولكن في الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، كما ختم بيلار.

اقرأ أيضاً

بوتين: ما يحدث في غزة مأساوي.. وإقامة الدولة الفلسطينية الحل الوحيد لسلام شامل

المصدر | بول بيلار/ ريسبونسبل ستيتكرافت -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: دولة فلسطينية غزة حرب أمريكا إسرائيل حماس السلطة الفلسطینیة اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

السلطة تبرر حملتها بجنين وحماس تصفها بالانتحار السياسي

قال الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب للجزيرة إن ما يحدث في جنين بالضفة الغربية حملة أمنية تستهدف من وصفهم بالخارجين عن القانون، في حين قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المرداوي إن السردية التي تقدمها أجهزة الأمن الفلسطينية هي انتحار سياسي.

وأفاد رجب -في وقت سابق- بأن الأجهزة الأمنية تعمل على إنهاء ما سماها حالة "الفوضى والفلتان الأمني" في مخيم جنين، وأن الأجهزة الأمنية تهدف إلى إفشال أي محاولات تخدم أهداف الاحتلال، مشددا على أنها تسعى "لمنع تكرار سيناريو غزة".

وأشار رجب إلى أن السلطة الفلسطينية تمكنت من "إحباط كارثة" في مخيم جنين، وذلك بالسيطرة على مركبة مفخخة أعدها من وصفهم بالخارجين عن القانون.

من جهته، أعرب القيادي في حركة حماس محمود المرداوي عن استنكاره للاتهامات التي توجهها السلطة الفلسطينية للمقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ووصف المرداوي -في مقابلة مع الجزيرة- الإجراءات التي تتخذها السلطة في حقهم بأنها خارجة عن القانون وعن قاموس المقاومة الفلسطينية، بحسب تعبيره.

وأوضح القيادي بحماس أن "المقاومة هي من أتت بالسلطة في انتفاضة الحجارة، لكنها لم تحسن المفاوضات وباعت تضحيات الشعب الفلسطيني باتفاق أوسلو الهزيل".

إعلان

وهي سلطة فاشلة تدافع فقط عن مصالحها وبقائها، ولم تقدم للشعب الفلسطيني شيئا على مدى 30 عاما.

وجاء ذلك في أعقاب إعلان حركة حماس نعيها القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي يزيد جعايصة الذي قضى برصاص أجهزة السلطة في جنين.

وفي وقت سابق، قال القيادي في حماس بالضفة الغربية عبد الرحمن شديد، في تصريحات للجزيرة، إن ما تنفذه السلطة بالضفة الغربية هو استهداف واضح للمقاومة المتصاعدة، داعيا إلى "تعزيز الحالة الوطنية لا تصفية القادة الميدانيين".

وأضاف أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قتلت 13 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

بدروه، ذكر الناطق باسم كتيبة جنين للجزيرة أن المبادرات لحل الأزمة في مخيم جنين تطلب منهم تسليم أنفسهم وهم يطلبون منها أن تحميهم من الاحتلال.

وأضاف أن الأجهزة الأمنية اغتالت مطاردا من الاحتلال منذ سنوات وطفلين بريئين، لافتا إلى أنهم مع القانون وفرضِه، وتساءل: أين القانون أثناء اقتحامات الاحتلال.

حماس: ننعى الشهيد القائد يزيد جعايصة الذي ارتقى برصاص أجهزة السلطة في #جنين#حرب_غزة pic.twitter.com/eb8BTaOKeF

— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 14, 2024

ويأتي ذلك، في حين تتواصل الاشتباكات في مخيم جنين بين قوات الأمن الفلسطيني ومقاومين، ضمن عملية "حماية الوطن" التي أطلقتها السلطة الفلسطينية وأسفرت عن مقتل يزيد جعايصة المطارد من الاحتلال الإسرائيلي.

وقد أقرّ الناطق باسم أجهزة أمن السلطة أنور رجب -الخميس الماضي- بمسؤوليتهم عن مقتل الشاب ربحي الشلبي (19 عاما) في مدينة جنين، مؤكدا الالتزام "بالتعامل مع تداعيات الحادثة بما ينسجم مع القانون، ويضمن العدالة واحترام الحقوق".

وجاء ذلك عقب مقتل الشلبي الاثنين الماضي خلال مواجهات بين عناصر أمن السلطة ومسلحين محليين، في حين قالت قوات الأمن في البداية إنه ضُرب حتى الموت بأيدي مثيري شغب.

إعلان

وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين وطولكرم، تزامنا مع تصعيد الاحتلال حملاته العسكرية واعتداءات المستوطنين في مناطق الضفة بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • السلطة تبرر حملتها بجنين وحماس تصفها بالانتحار السياسي
  • أميركا تطلب موافقة إسرائيل لمساعدة السلطة الفلسطينية عسكرياً
  • بايدن يطلب موافقة الاحتلال لدعم أمن السلطة الفلسطينية عسكريا
  • إسرائيل تبحث تفككا محتملا للسلطة الفلسطينية
  • مقاومة جنين في مواجهة مع السلطة الفلسطينية
  • قيادي في حماس: السلطة الفلسطينية بالضفة تستهدف المقاومة وستحدث فتنة داخلية
  • الأردن يدين استهداف إسرائيل مربعاً سكنياً في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
  • استشهاد أحد قادة سرايا القدس في جنين برصاص السلطة الفلسطينية
  • مقتل قائد بكتيبة جنين بمواجهات مع أمن السلطة الفلسطينية
  • استشهاد أحد قادة كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس برصاص السلطة الفلسطينية